ملفات وتقارير

السعودية.. إنفاق عسكري هائل وفشل في حماية أراضيها

السعودية احتلت المرتبة الثالثة عالميا في الإنفاق العسكري عام 2018- أ ف ب
السعودية احتلت المرتبة الثالثة عالميا في الإنفاق العسكري عام 2018- أ ف ب

لم تتوقف تأثيرات الهجمات على منشأتي النفط السعوديتين عند تداعياتها السياسية والاقتصادية، حيث أثرت في أسواق النفط العالمية، بل أثارت أيضا تساؤلات عدة حول جدوى الإنفاق العسكري للمملكة العربية، ومدى قدرته على حماية أراضي المملكة ومنشآتها الحيوية من الاستهداف.


وتضاعف إنفاق السعودية العسكري بشكل كبير خلال السنوات الخمس الأخيرة، خاصة منذ تشكيلها التحالف العربي بهدف التصدي لجماعة "الحوثي" في اليمن عام 2015، حتى أن المملكة احتلت المرتبة الثالثة عالميا في الإنفاق العسكري عام 2018 بعد الولايات المتحدة والصين، برصيد 210 مليارات ريال سعودي، والذي عادل 21% من ميزانيتها.


كما رصدت السعودية مبلغ 191 مليار ريال سعودي للإنفاق العسكري ضمن ميزانيتها لعام 2019م، مستحوذا هذا القطاع على الحصة الثانية من الإنفاق الحكومي بين القطاعات المختلفة.

 

اقرأ أيضا: السعودية تجري تجربة لصافرات الإنذار في الرياض.. وتساؤلات

ورغم امتلاك السعودية لأنظمة دفاع جوية متطورة تشمل منظومة "باتريوت" الأمريكية، إلا أن وزارة الدفاع الروسية قالت بأن نظام الدفاع الجوي للسعودية الذي يشمل 88 منظومة "باتريوت" اخترقته عشرات الطائرات بدون طيار وصواريخ مجنحة، خلال الهجمات على منشأتي النفط.


وجاء ذلك بعد اقتراح من الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين على السعودية بشراء منظومتي "أس300" أو "أس400" الروسيتان خلال  مؤتمر صحفي جمعه بالرئيس التركي والرئيس الإيراني في العاصمة التركية أنقرة.


كما أعلنت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية للأنباء، في أعقاب الهجمات، بأن ولي العهد السعودي طلب من سيئول المساعدة في تعزيز نظام الدفاع الجوي للمملكة.


وحول أسباب نجاح الهجمات الأخيرة في استهداف المنشآت النفطية السعودية، وفشل الأخيرة في التصدي لها وحماية مصالحها وأراضيها، يوضح الخبير العسكري العميد صبحي ناظم توفيق بأنه ومن الناحية العسكرية كانت "الضربات في غاية الذكاء سواء بانتقاء الهدف، والإتقان في التخطيط والتنفيذ، حيث أصابت المقذوفات 19 نقطة حساسة ومؤثرة على عمل تلك المنشآت البترولية الضخمة".


تحليل للهجمات
واستبعد نتوفيق خلال حديثه لـ"عربي21" بأن يكون "الحوثيون" تمكنوا من تنفيذ الهجمات بإمكاناتهم المتواضعة، وقال: "لا بد أن دولة كبرى بإمكانات ضخمة كانت وراءها".


ومن الناحية تقنية يرى الخبير العسكري بأن "المسافة الفاصلة بين صنعاء والدمام حوالي 1400 كلم، لا يعقل أن تقطعها طائرة مسيرة (درونز) بوقود سائل، إلا إذا حورت لتعمل بوقود صلب".


ويضيف: "الطائرات المسيرة تحلق عادة بارتفاعات متوسطة أو عالية كي تتم السيطرة عليها وتوجيهها نحو الهدف، وبذلك لا يعقل أن تقطع هكذا مسافة في سماء السعودية من دون أن ترصد".

 

اقرأ أيضا: إيران تحذر من "حرب شاملة" إن تعرضت لأي ضربة عسكرية

ويرجح أن الأجسام الطائرة التي ضربت هي من طراز "كروز" التي تحلق بارتفاعات دون 60 مترا عن مستوى الأرض، بحيث لا ترصدها الرادارات".


ويعتقد بأن "إيران وربما بتعاون روسي وكوري شمالي استطاعت تطوير مقذوفات "كروز"، كما أنها أعلنت عن ذلك مرارا"، معقبا "كنا نتصور أن الإعلان لأغراض إعلامية، ولكننا اليوم نصدق بذلك".


ويواصل تحليله العسكري للهجمات بقوله: "قد يكون من يزعمون إنطلاق هذه المقذوفات من أقاصي جنوبي العراق صادقين، كون العراق لا يمتلك كامل السيطرة على أراضيه وسمائه ومياهه، ولا يدري مجريات الأمور في وطنه، ولا بإمكانه أن يمنع من يقدم على هذه الأعمال".


ويعقب بأن "المملكة السعودية أصابها الخزي والعار على المستوى الإستراتيجي، وتحولت إلى موقف دفاعي مخز، وأن دفاعاتها لمقاومة الأجسام الطائرة قد تدنى أداؤها إلى مستوى أقرب من الصفر، وأن راداراتها لم تؤد أيا مما هو مطلوب منها، وكذلك ممتلكاتها من طائرات (AWACS)، ناهيك عن مقاوماتها الأرضية وبالأخص "باتريوت" وطائراتها المقاتلة من أفضل الطرز في عموم العالم، والتي لم تقدر على التصدي لمقذوفات تعتبر ضعيفة أمام قدراتها العملاقة المفترضة".


وينوه بأن "الولايات المتحدة برهنت أمام العالم أنها لا تلتزم بحلفائها ولا تدافع عنهم ولا يهمها أمن الخليج ومضيق هرمز وسواه في أحلك الظروف، وينبغي أن لا يعول عليها أحد".


ويرى بأن عدم إقدام "واشنطن ولندن والرياض" على اتخاذ أي موقف فعال ورادع حيال "طهران" في جميع الأعمال المستفزة تجاهها دليل على تخوفهم جميعا من إقدام "طهران" على خطوات أقوى وأبلغ تأثيرا على مجريات استراتيحية في المنطقة، ويكون لها تأثير على العالم.


أسباب الفشل


وتساءل الخبير العسكري حول أسباب "الفشل السعودي في التصدي لهذه الهجمات" بقوله: "كيف لهذه الدولة العملاقة أن لا تستطيع الدفاع ليس تجاه دولة كبرى بالمنطقة، بل حتى حيال ما تطلق عليها بـ"ميليشيات الحوثي"".


ويعتقد بأن أحد هذه الأسباب يرجع إلى حالة "التراخي المعروف لدى القوات المسلحة السعودية، ومن عظم الدلال والعيش الرغيد والمعسكرات الفارهة والطعام الفاخر".


كما يعزو ذلك إلى "الإهمال غير المتعمد وعدم الاكتراث بقوة الخصم وإمكاناته" وفق ما يراه الخبير العسكري.

 

اقرأ أيضا: ماذا قال سفير السعودية في ألمانيا عن احتمالية ضرب إيران؟

 

ويكمل حديثه "إناطة مناصب القيادات العسكرية والمخابراتية العليا إما للأمراء من العائلة المالكة أو ذوي المحسوبيات من دون أن يكون لهم تدرج وخبرات متسلسلة في العمل العسكري" هو أيضا من أسباب عدم قدرة السعودية على التصدي للهجمات.


كما أن "لغياب مبدأ العقاب في حالات التقصير، دور في نجاح الهجمات باستهداف مواقع سعودية حساسة" مضيفا "التجارب الأخيرة مع الحوثيين خير مثال، حيث لم نسمع أحدا من قادة الدفاع ضد الجو قد عوقب أو حوسب أو طرد أو أعدم أو حتى أحيل على التقاعد رغم تكرار عشرات الضربات الصاروخية والدرونزية التي انهالت على المناطق الجنوبية  من البلاد منذ 3 سنوات متواصلة".


ويشير أيضا إلى "أن الضباط والمراتب السعوديون الذين يوفدون للتدريب على الأسلحة المقتناة ليسوا بالمستوى الثقافي الذي يؤهلهم لاستيعاب أسس وتعقيدات الأسلحة والمعدات المتطورة المستوردة".

مراجعات واجبة
ومن جانبه أيد الناشط السعودي المعارض يحيى عسيري ما ذهب إليه الخبير العسكري بأن "الإنفاق العسكري السعودي قائم على الفساد والصفقات الفاسدة والأموال التي يكسبها من يوقع العقود وليس له علاقة بالعسكرية والتسلح".


كما أرجع خلال حديثه لـ"عربي21" سبب المأساة التي تمر بها السعودية اليوم إلى "التخبط السياسي الذي تنتهجه القيادة السعودية"، مشددا على عامل "التدخل العسكري في اليمن" وأنها "بدلا من دعم الديمقراطية في اليمن، ومساعدة الشعب اليمني في تحقيق المصالحة، زرعت بينهم مزيد من الصراعات، ودمرت بلادهم ودمرت كل الآمال في الوصول إلى حل ديمقراطي هناك".


ويضيف "يجب أن تتعلم القيادة السعودية الدرس أنهم غير قادرين على أن يحموا أراضيهم وحدودهم ومقدراتهم".


ووجه رسالته للشعب السعودي "إن هذه السلطات سوف تجلب الويلات لكم ولن تستطيع أن تحميكم".


ويختتم قائلا: "ما حدث درس للدول الداعمة السعودية، أن هذه السلطات التي تدعمونها من أجل النفط رغم انتهاكها لحقوق الإنسان وارتكابها الجرائم، حتى هذا النفط الذي تطمحون إليه لم يعد في مأمن بسبب تخبط السلطات السعودية".

التعليقات (0)