صحافة دولية

لوبلوغ: هذا ما على السعودية فعله للخروج من مأزقها في اليمن

لوبلوغ: لإنهاء الحرب في اليمن على السعودية وضع الغطرسة جانبا وإحياء ولاء القبائل- جيتي
لوبلوغ: لإنهاء الحرب في اليمن على السعودية وضع الغطرسة جانبا وإحياء ولاء القبائل- جيتي

نشر موقع "لوبلوغ" مقالا لمستشار مجلس التعاون الخليجي نيكولاس دونيس، قال فيه إن مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مارتن غريفيث، نشر مؤخرا مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز"، دعا فيه إلى إنهاء لحرب اليمن قبل أن تتوسع إلى حريق إقليمي واسع النطاق. 

 

ويستدرك دونيس في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأن "الإرشادات التي وضعها طموحة جدا، ولا توفر النصائح البراغماتية لما يجب فعله بالضبط، يجب على القيادة السعودية أن تعيد الخبراء القدامى في اليمن، وتعيد إنشاء التأثير على القبائل في شمال اليمن، لكن قبل أن تفعل ذلك يجب عليها أن تعترف بفشلها في تدخلها الكارثي، وهو اعتراف صعب في وقت يقوم فيه النظام في السعودية بالعزف على وتر القومية".

 

ويشير الكاتب إلى أنه "عندما قرر محمد بن سلمان، الذي كان حينها وزير الدفاع البالغ من العمر 31 عاما، أن يتدخل في اليمن فإنه كان يتوقع أن يأخذ صنعاء خلال أشهر قليلة، فالسعودية واحدة من أكثر 5 دول في العالم من حيث النفقة على السلاح، ووجود المعدات العسكرية الرائعة يعني براعة عسكرية موازية، أو كان الأمل هكذا، وبسبب مزيج من قلة التخطيط وقلة الخبرة القتالية والتردد في التضحية بالدماء السعودية للتخفيف من معارضة الحرب، فإنه تم استدعاء قوات أجنبية للدعم، لكن حتى بمساعدة الإماراتيين والأمريكيين والبريطانيين والفرنسيين والسودانيين والأردنيين والمغاربة، وغيرهم الكثير، فإن الحوثيين ظلوا متخندقين في شمال اليمن". 

 

ويلفت دونيس إلى أن "اندلاع حملة جوية والبدء بحصار اقتصادي أديا إلى خسائر كبيرة في الأرواح، ودمار للبنية التحتية، ما دعا الأمم المتحدة للدعوة لوقف الأعمال العدائية، والعودة لطاولة المفاوضات، لكن في وقت تقوم به السعودية بالترويج لأجندة قومية، وتسعى لإثبات قوتها العسكرية، فإنها كانت ترى أن الدبلوماسية تعبر عن ضعف، ولم تعر تلك الدعوات اهتماما".

 

وينوه الكاتب إلى أنه "في آذار/ مارس 2018، عندما شن الحوثيون هجمات صاروخية متزامنة على السعودية، كنت أنصح الحكومة بإنشاء وحدة تقدير خطر للسعودية، وظيفتها هي التعرف على المخاطر والتخفيف منها حاليا ومستقبليا، بما في ذلك المخاطر الطبيعية والعرضية بسبب حوادث بشرية، وتلك الناتجة عن أفعال شريرة، وتجاوبت الوزارة المسؤولة عن هذه الوحدة بسرعة، وبدعم من عدد من الموظفين الحكوميين المبدعين والنشيطين، بدأنا في الاتصال بأصحاب المخاطر التي تم التعرف عليها بأنها تشكل خطرا قوميا".

 

ويستدرك دونيس بأنه "في الوقت الذي بدأت فيه الصواريخ الحوثية تصل إلى السعودية بانتظام أكبر، لم تكن السلطات قلقة أكثر من اللازم بشأنها، خاصة أن لدى المملكة دفاعات جوية فاعلة تعترض الصواريخ قبل سقوطها، ولم تخف تلك الصواريخ الناس، بل إن الناس كانوا يهتفون وهم يصورون الدفاعات الجوية تعترض تلك الصواريخ، وكان الناس قلقين أكثر من مرض إنفلونزا الطيور، الذي انتشر وقتل أعدادا كبيرة من الدجاج والطيور الأخرى". 

 

ويقول الكاتب: "تم تجاهل اقتراحاتي بالنظر إلى التهديد الصاروخي بشكل أكثر جدية، ومن خلال علاقاتي الأكاديمية في أوروبا اقترحت بسذاجة احتمال فتح مفاوضات غير مباشرة مع القيادة الحوثية، مفترضا أن قناة حوار خلفية لم تكن موجودة، فلم يتم إهمال الاقتراح فحسب، بل أدى إلى تساؤلات حول دوافعي ومصلحتي، وكأن محاولة حل خطر قومي عن طريق الحوار أمر بغيض، خاصة مع الثقة بأن القوة العسكرية وحدها كافية لسحق مجموعة من المسلحين من هناك، يحاربون بالكلاشنكوفات، وفي الأشهر التي تبعت ذلك استمرت الصواريخ في اختراق الأجواء السعودية، وأتبعت ذلك الطائرات المسيرة القاتلة، التي تسببت بدمار واسع في مناطق جيزان ونجران وأبها بالقرب من الحدود اليمنية، ثم بدأت تصل المنشآت النووية إلى الشمال، وآخرها منشأة بقيق في وقت سابق من هذا الشهر". 

 

ويرى دونيس أن "السعودية لا يمكن أن تكون قادرة على استمرار التصعيد، فبالرغم من الدعم الصوتي الذي يقدمه دونالد ترامب، إلا أنه ليس من المتوقع أن يغامر بحريق شامل في المنطقة، كما أن السعودية غير قادرة على ضرب إيران إن ثبت أن الهجمات كان مصدرها إيران، وكون إيران والحوثيين متشجعين بسبب نجاحهما، فإنه يمكن للوضع فقط أن يسوء، وللخروج من هذه الدوامة يجب أن يكون تركيز السعودية منصبا على التفاوض مباشرة مع الحوثيين، وإعادة نفوذ المملكة في جبال اليمن، وهو نفوذ كان موجودا، لكن المملكة خسرته بالتدريج بعد توقيع اتفاقية جدة عام 2000، وترسيم الحدود بين البلدين".

 

ويفيد الكاتب بأن "تدخل السعودية في اليمن يسبق الثورة اليمنية عام 1962، عندما دعمت الملكيين بقيادة الإمام الزيدي ضد القوات الجمهورية المدعومة من مصر، وكما قال الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز في 2007، بأنه لا يمكن فصل أمن اليمن عن أمن السعودية، وهو ما يبرر لما يسميه الآخرون تدخلا أجنبيا، وكانت السعودية تدعم شيوخ قبائل، وأكاديميين، وضباطا في الجيش، وسياسيين بدفع روات شهرية سخية، ما ضمن أمنها ومصالحها".

 

وينوه دونيس إلى أنه يقال إن شيخ قبائل حاشد، الشيخ عبدالله الأحمر، الذي كان رئيسا للبرلمان اليمني بين عام 1993 وحتى وفاته عام 2007، كانت تدفع له السعودية مليارات الريالات السعودية شهريا، مشيرا إلى أنه كانت في الرياض لجنة خاصة للشؤون اليمنية تراقب وتوجه التطورات السياسية، والتأكد من منع التدخلات الأجنبية الأخرى، خاصة من مصر وإيران.

 

ويشير الكاتب إلى أنه "مع اقتراب انتهاء العقد الأول من الألفية، حصل هناك تطوران مهمان أديا إلى خسارة السعودية لنفوذها شمال اليمن، في 2005 مرض الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي كان يرأس اللجنة الخاصة لأكثر من عقد، حيث تراجعت صحته العقلية واحتاج للعلاج في أمريكا، وفقد تركيزه على اليمن، وبدأ تمويل قبائلها يتراجع، وزاد من تفاقم الأزمة وفاة عبدالله الأحمر عام 2007، تاركا خلفه عشرة أولاد أدت خلافاتهم السياسية إلى إضعاف وحدة القبائل، ما جعل الأمر أصعب في تأمين المصالح السعودية، ومع وفاة الأمير سلطان عام 2011 بقيت اللجنة الخاصة بالاسم فقط، وكانت هناك تغيرات مزلزلة تقع في اليمن أدت في المحصلة إلى استيلاء الحوثيين على العاصمة، صنعاء".

 

ويجد دونيس أنه "بالرغم من فقدان السعودية للذاكرة المؤسساتية للشؤون اليمنية والحرب بين الإخوة في اليمن، التي مزقت نسيج القبائل، فإن هناك حاجة ملحة للسعودية لإعادة نفوذها، ومع أن المعروف أن أخ محمد بن سلمان، خالد، هو المسؤول الآن عن ملف اليمن، إلا أن من الضروري إعادة الخبراء السعوديين البارزين الذين أدوا دورا فعالا في اللجنة الخاصة، وهذا هو حال الدكتور مساعد العيبان الذي اكتسب خبرة لا مثيل لها في الشؤون القبلية، بفضل مشاركته في ترسيم الحدود بين السعودية واليمن عام 2000، والخبراء مثل العيبان يجب أن يشاركوا في جهود دبلوماسية موازية للجهود التي تبذل في الأمم المتحدة، حيث تتفاعل السعودية مباشرة مع الحوثيين، بهدف التوصل إلى وقف إطلاق كامل أو جزئي للنار".

 

ويرى الكاتب أنه "لينجح هذا الأمر، فإنه يجب على السعودية ضمان مكان للحوثيين في الحكومة اليمنية، والتزام بإعادة بناء البنية التحتية المدنية التي تم تدميرها، وتحتاج السعودية أيضا لتوفير ضمانات بأنها لن تقيم مدارس سلفية في المناطق الزيدية في شمال اليمن، في الوقت الذي يلتزم فيه الحوثيون بعدم شن هجمات عبر الحدود ضد السعودية، والأهم من ذلك إنهاء علاقتهم بإيران وحلفائها". 

 

ويختم دونيس مقاله بالقول إنه "بتفضيل الدبلوماسية على المواجهة، فإن السعودية ستثبت بأنها لاعب ناضج على الساحة الدولية، وفي الوقت ذاته تفند ادعاءات المنتقدين، وإن كانت العزة تمنع من حصول ذلك فيمكن تذكر ما قاله أتال فاجبايي: (الدبلوماسية الصامتة أكثر فعالية من الاستعراضات العامة)".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)