ملفات وتقارير

الشهداء يعودون.. هكذا يحفظ الفلسطينيون أسماء شهدائهم

عبد الحميد أبو سرور سمي تيمنا باسم جده الشهيد ولحق به شهيدا في 2016- عربي21
عبد الحميد أبو سرور سمي تيمنا باسم جده الشهيد ولحق به شهيدا في 2016- عربي21

لم تدرِ سهير الحلبي أتذرف دموع الحزن أم الفرح حين احتضنت وليدها للمرة الأولى بعد مخاض قاسٍ، فشرعت تبحث في ملامحه عن صورة ابنها الشهيد الذي أعطت اسمه لطفلها الجديد كي يبقى يتردد في المنزل دون انقطاع.


وكان لصورة نجلها الشهيد مهند الحلبي (19 عاما) من مدينة البيرة وسط الضفة المحتلة التي لازمتها منذ استشهاده؛ عاملا جعلها تفكر في الإنجاب مجددا رغم أنها استبعدت الفكرة منذ سنوات، فحقيقة أن مهند قد رحل برصاص الاحتلال عام 2015 أوقدت في نفسها شعلة تحدً لقاتليه وإنجاب "مهند" آخر.


وتقول الحلبي لـ"عربي21" إنها حين استشهد ابنها لم تكن تفكر أبدا بالإنجاب لأن أصغر ابن لديها يبلغ من العمر 13 عاما، ولم تكن الفكرة مطروحة أصلا بين أفراد العائلة الذي فوجئوا باستشهاد مهند، وبقي تأثير ذلك عليهم طويلا، ولكن ممارسات الاحتلال بعد ذلك هي ما جعلتهم يؤمنون بضرورة وجود "مهند" جديد.


وتوضح بأن قوات الاحتلال احتجزت جثمان نجلها لأسبوع في محاولة لعقاب العائلة، ثم شرعت بهدم منزلها المكون من طابقين في بلدة سردا شمال رام الله، وبعد ذلك اعتقلت شقيق الشهيد ووالده وحتى والدته، مبينة بأن كل ذلك كان محاولات للتضييق على العائلة وكل أفرادها.

 

اقرأ أيضا: إحباطات الصهاينة المتتالية


وتتابع:" كان ضباط الاحتلال يخبروننا دوما بأن مهند قام بفعل كبير جدا حين نفذ عمليته الفدائية في القدس، هم يصفونه بالإرهابي ونحن نصفه بالبطولي، ولكن الإجماع أنه كان جريئا بالنسبة لعمره وأنه فاجأ مخابرات الاحتلال برمتها، ولذلك كانوا يضايقوننا وما زالوا حتى في ذكرى استشهاده، لذلك فكرت أنه يجب أن يكون اسم مهند باقياً ويتردد في المنزل".


وتعود الوالدة إلى صفات نجلها الشهيد معربة عن أملها بأن يحمل شقيقه مهند الصغير الصفات ذاتها، حيث كان حنونا محبا خلوقا مهذبا ومنتميا لوطنه فلسطين بشكل كبير ومختلف عمن تعرفهم.


وتشير إلى أن ولادة "المهنّدين" متشابهة إلى حد كبير حيث كان المخاض قاسيا ولكنه قصير نسبيا، كما أنهما يحملان الكثير من التشابه في الملامح ولون العينين، مبينة بأن الأهم هو أن يكون مهند الصغير فخورا بشقيقه الشهيد وأن لا تغيب صورته عنه.


وتحيط العائلة "مهند الصغير" بصور الشهيد منذ ولادته تيمنا ومباركة وأملا بأن يكون رسالة واضحة للاحتلال بأن "مهند لم يمت"، كما تقول.

 

أما والدة الشهيد معن أبو قرع من قرية المزرعة الغربية شمال رام الله فتعيش حياة منقوصة منذ استشهاد نجلها البكر عام 2016، وحين أنجبت "معن الصغير" شعرت بأن حياتها امتلأت من جديد نوعا ما.


وتقول لـ"عربي21" بأنها حين تزوجت أنجبت معن وشقيقا آخر له وشقيقة واحدة فقط، ولأسباب خاصة بها اكتفت بثلاثتهم أبناء لها، ولكن حين استشهد نجلها بدأت تفكر بالإنجاب من جديد رغم أن أصغر أبنائها يبلغ من العمر 20 عاما.


وتضيف:" فكرة أن تنجب والدة الشهيد طفلا يحمل اسم شقيقه الشهيد هي معنوية بامتياز للعائلة بأن اسم الشهيد ما زال يتردد في البيت، ومحاولة لتجاوز أكوام من الحزن التي عشناها منذ استشهاده، فكأن الطفل الصغير يملأ حياتنا من جديد رغم أن منزلة معن لا يمكن أن يملأها أحد ولا يمكن أن أفكر بأحد آخر يستبدله من حيث الاسم أو حتى الشكل".


وتوضح الأم بأنها حتى الآن لا تستطيع أن تنطق اسم معن حين تنادي طفلها الصغير، فتسميه بألقاب عدة مثل "تعال يا حبيبي أو يا صغيري" مع تجنّب مناداته باسمه الحقيقي لما يحدثه ذلك في نفسها من حزن حين تستذكر نجلها الشهيد.

 

اقرأ أيضا: الأسس الموضوعية والذاتية لانعدام ديمومة إسرائيل


وتؤكد هي الأخرى بأن "الرسالة التي يحملها إنجاب طفل باسم الشهيد قوية للاحتلال بأن الشهداء لا يموتون وأنهم يورّثون بطولاتهم لمن بعدهم، فالإنجاب يكيد الاحتلال الذي يراهن على هزيمة الفلسطينيين ديموغرافيا" حسب تعبيرها.


وتتابع:" لم أفكر أبدا بأن أعود للاعتناء بطفل صغير فظننت أنني انتهيت من هذه المرحلة منذ زمن، ولكن بعد استشهاد نجلي قررت أن أعيد اسمه إلى بيتنا وأن يكون صداه دافئا كما كان اسم شقيقه الشهيد".

عبد الحميد وحسين


وربما كانت قصة الشهيد عبد الحميد أبو سرور هي الأكثر غرابة، حيث سمي تيمنا باسم جده الشهيد الذي اغتاله الاحتلال خارج فلسطين، ليلحق به عبد الحميد في قوافل الشهداء.


وتقول عائلته لـ"عربي21" إن عبد الحميد منذ أن كان جنينا حمل اسم جده الشهيد كي يبقى اسمه محفورا في قلب كل فرد منها، وتميز بانتمائه الشديد لوطنه وحبه لفلسطين الذي لم ينقطع أبدا.


وتبين بأن عبد الحميد كان مشروع شهادة منذ صغره فكان يردد أسماء الشهداء ويحفظهم ويقتدي بهم، حتى جاء اليوم الذي لحق فيه بركبهم فنفذ عملية فدائية في القدس المحتلة عام 2016 وما زال جثمانه محتجزا إلى الآن.


بدورها تقول والدة الشهيد حسين أبو غوش بأنه حين استشهد نجلها استذكرت الآلام التي صاحبت ولادته وحرصها عليه لأنه أول أبنائها الذكور، فكانت تخشى عليه من كل شيء، ولكن إرادة الله كانت أن يرحل مع الشهداء.


وتبين لـ"عربي21" بأن فكرة الإنجاب لازمتها منذ استشهاده حتى أنجبت طفلا جديدا أسمته باسمه، لافتة إلى أنه يحمل الملامح ذاتها وكأنه يعيد مراحل شقيقه الشهيد.


وتضيف: "أنظر إلى ملامحه فأقول هذه عينا حسين وهذا أنفه وشفتاه وحتى شعره الذهبي، ولكنه ليس حسين! أبكي قليلا ثم أعود لاحتضانه وأقول إنه أعاد ذكرى حسين في البيت وأضاء حياتنا من جديد".

 

 

 



التعليقات (1)
من سدني
الجمعة، 25-10-2019 11:09 م
لازالت أرحام الطاهرات المجاهدات الصابرات المرابطات تنجب لنا أبطالاً …فلا نامت اعين الجبناء …من عهد عبد الناصر وأسد وحثالات الخليج الى العميل السيسي وكل الخونه والعملاء.