صحافة دولية

NYT: اختراق السعودية لتويتر يثير أسئلة حول أمن التكنولوجيا

نيويورك تايمز: موظفون سابقون في "تويتر" متهمون بالتجسس لصالح السعودية- جيتي
نيويورك تايمز: موظفون سابقون في "تويتر" متهمون بالتجسس لصالح السعودية- جيتي

تناولت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تقرير أعدته مجموعة من مراسليها، الاتهامات التي وجهتها وزارة العدل الأمريكية لعاملين سابقين في شركة "تويتر" بتهم التجسس لصالح السعودية، والبحث في حسابات المشتركين السعوديين عن المعارضين للنظام.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذه الاتهامات أثارت أسئلة حول أمن شركات التكنولوجيا، لافتا إلى أن علي الزبارة كان مهندسا تدرج في عمله في شركة "تويتر"، لدرجة منحته وظيفته منفذا على المعلومات الشخصية وحسابات ملايين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن أحمد أبو عمو كان مدير الشراكات الإعلامية في الشركة ويستطيع مشاهدة عناوين وأرقام الهواتف المتعلقة بحسابات "تويتر"، إلا أن وزارة العدل الأمريكية وجهت يوم الأربعاء اتهامات للرجلين باستخدام منصبيهما ومعرفتهما بالنظام الداخلي في شركة "تويتر" لمساعدة السعودية في الحصول على معلومات عن مواطنين أمريكيين ومعارضين للمملكة وقيادتها. 

 

ويذكر التقرير أنه تم اتهام الرجلين، الزبارة وأبا عمو، بالعمل بصفتهما عميلين لقوة أجنبية من داخل الولايات المتحدة، في أول دعوى قضائية تشهدها أمريكا وتتورط فيها السعودية، مشيرا إلى أن هذه القضية أثارت أسئلة حول أمن شركات التكنولوجيا التي تتعرض للمراقبة والتدقيق، لنشرها المعلومات المضللة، والتأثير على الرأي العام. 

 

وتجد الصحيفة أن القضية تكشف عن أن هذه الشركات يمكن اختراقها من الداخل أيضا، وتؤكد محاولات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والمستشارين حوله، التي قاموا بها لإسكات المعارضة سواء داخل المملكة وخارجها، فتم قتل وتقطيع جثة الصحافي السعودي والكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" في قنصلية بلاده في إسطنبول. 

 

ويبين التقرير أنه كجزء من هذه الحملة السعودية نشط عملاؤها على الإنترنت، وقاموا بتجنيد الزبارة حتى قبل توجيه الاتهامات يوم الأربعاء، حيث شكت المخابرات الغربية فيه وبأنه يقوم بتقديم معلومات عن مستخدمي "تويتر" للقيادة السعودية، واستخدم العملاء السعوديون "تويتر" لمضايقة نقاد النظام، خاصة أن "تويتر" يعد من أشهر منصات التواصل الاجتماعي في المملكة ومنذ الانتفاضات العربية التي بدأت نهاية عام 2010. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الزبارة وأبا عمو غادرا "تويتر" في عام 2015، وقال المتحدث باسم الشركة يوم الأربعاء: "نعترف بالمدى الذي يذهب إليه اللاعبون السيئون لتقويض خدمتنا، وتقوم شركتنا بتحديد المنافذ إلى الحسابات الحساسة والمعلومات الواردة فيها، ولا تسمح إلا لمجموعة محددة وتم التأكد منها، بالتعامل معها".

 

ويفيد التقرير بأن الشركة أكدت أنها ملتزمة بحماية مستخدمي الخدمة للتعبير عن الحرية وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن صحيفة "واشنطن بوست" قد كشفت أول مرة عن الاتهامات الموجهة للرجلين. 
وتقول الصحيفة إن شركات التكنولوجيا الأمريكية تعد هدفا جذابا للعملاء الأجانب، مشيرة إلى قول المدير السابق لقسم جرائم الحاسوب في وزارة العدل الأمريكية، مارك دي راستش: "تحظى الولايات المتحدة بمركز مسيطر على منصات التواصل الاجتماعي، بشكل يجعلنا هدفا طبيعيا من أعدائنا والأصدقاء- الأعداء". 

 

ويشير التقرير إلى أن وزارة العدل وجهت اتهامات لأحمد المطيري، الذي كان يدير شركة تسويق لوسائل التواصل الاجتماعي، عملت لصالح العائلة المالكة في السعودية، لافتا إلى أن المطيري والزبارة يحملات الجنسية السعودية، أما أبو عمو فهو مواطن أمريكي. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أنه بحسب المعلومات الواردة في الدعوى القضائية، فإن الاتصالات بين موظفي "تويتر" والمسؤولين السعوديين بدأت في عام 2014، ولم يتصل المحققون مع "تويتر" إلا في نهاية عام 2015، عندما أخبروا إدارتها أن السعودية تقوم بتجنيد موظفيها للحصول على معلومات حول مستخدمي الشركة، مشيرة إلى أنه بناء على وثائق المحكمة فإن المسؤول الحكومي الذي جند موظفي "تويتر" كان "الأمين العام" لمنظمة خيرية يملكها عضو في العائلة المالكة. 

 

ويكشف التقرير عن أن الوصف انطبق على منظمة "مسك" غير الربحية، التي تركز على التكنولوجيا، والتي أنشأها الأمير محمد بن سلمان، مشيرا إلى أن "مسك" يديرها بدر العساكر، الذي يحمل صفة "الأمين العام"، وبحسب شخص عارف بالقضية، فإن العساكر كان هو المسؤول الأجنبي الذي تواصل مع موظفي "تويتر".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الزبارة بدأ العمل مع "تويتر" في عام 2013، وتدرج في قسم الهندسة فيها، وأصبح مطلعا على أرقام هواتف المستخدمين وعناوينهم البروتوكولية على الإنترنت، وهي الأرقام الخاصة التي تربط الخدمة، لافتة إلى أنه الزبارة أصبح أثناء عمله في الشركة على علاقة قوية مع المخابرات السعودية. 

 

وينقل التقرير عن مصادر عدة، قولها إن عملاء المخابرات السعودية أقنعوه لاحقا بالتجسس على حسابات المستخدمين الذين كانوا يبحثون عن معلومات عنهم، بينهم المعارضون والناشطون الناقدون لولي العهد. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن شخصين عارفين بالموضوع، قولهما إن واحدا من 6 آلاف حساب دخل عليها الزبارة بطلب من المسؤولين السعوديين عام 2015 يعود للمعارض السعودي عمر عبد العزيز، وهو صديق خاشقجي، وعندما تم إخبار شركة "تويتر" عن الاختراق الأمني تم منح الزبارة إجازة إدارية في الوقت الذي تم التحقيق فيه.

 

ويستدرك التقرير بأنه مع أن الشركة لم تجد أدلة على تقديمه معلومات للسعودية، إلا أنه ترك الشركة في كانون الأول/ ديسمبر 2015، وعاد إلى السعودية وبدأ بالعمل مع مؤسسة "مسك"، مشيرا إلى أن المطيري عمل وسيطا بين الزبارة والمسؤولين السعوديين.

 

وتشير الصحيفة إلى أن هناك رسائل أرسلها لزوجته في 13 أيار/ مايو 2015، واشتكى فيها الزبارة من طلب المطيري له السفر إلى واشنطن ومقابلة أحد أفراد العائلة المالكة، لكنه سافر في اليوم التالي، حيث قضى 12 ساعة هناك، وظل على اتصال مع المطيري، كما ورد في الدعوى القضائية، لافتة إلى أنه بعد أسبوع من اللقاء بدأ يدخل على حسابات مستخدمي "تويتر" وبأعداد كبيرة. 

 

ويفيد التقرير بأن أبا عمو استغل عمله بصفته مديرا للتعاون، وقام باستغلال بيانات المستخدمين بعد أسبوع من لقاء مع مسؤول سعودي لم يكشف عن اسمه في عريضة الاتهامات، وقابله في لندن 2014، وكان أحد الأهداف هو معارض سعودي ناقد للعائلة المالكة ولديه مليون متابع على "تويتر"، مشيرا إلى أن أبا عمو قام بالنظر إلى عنوان بريده الإلكتروني، ثم قام بالنظر في عناوين وأرقام هواتف نقاد آخرين للنظام. 

 

وتذكر الصحيفة أن السعودية عوضت أبا عمو وعائلته من خلال مجموعة من التحويلات المالية، وأنشأ أبو عمو شركة محدودة ليتم تحويل 300 ألف دولار أمريكي إليها من الحكومة السعودية، مشيرة إلى أن أبا عمو استقال من عمله في "تويتر" في أيار/ مايو 2015، لكنه واصل مطالبه من الموظفين الذي عمل معهم سابقا، وبناء على طلب من المسؤولين السعوديين، ثم انتقل إلى سياتل للعمل في التسويق في شركة "أمازون" لكنه تركها قبل أكثر من عام، بحسب المتحدث باسم الشركة. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه عندما بدأ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية بمقابلته عام 2018، كذب على المحققين وقدم لهم وثائق مزيفة، مشيرا إلى أن أبا عمو اعتقل يوم الثلاثاء، بحسب ما قاله مسؤول في الشرطة. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن السعودية تهد خامس بلد ناشطة في سوق "تويتر"، ففي الستة أشهر الأولى من عام 2015، عندما اتهم الزبارة بالدخول على حسابات المستخدمين، تلقت الشركة 93 طلبا عاجلا للحصول على معلومات حول مستخدمي الخدمة السعوديين، وهو ما ورد في تقرير الشفافية للشركة. 

 

وبحسب التقرير، فإن تقرير عام 2019 لم يذكر أي مطالب سعودية، مشيرا إلى ان محاولات السعودية لملاحقة معارضيها في الداخل والخارج لم تتزايد إلا في الفترة الماضية، ففي حزيران/ يونيو 2018 قام مسؤولون سعوديون بالقرصنة على هاتف عبد العزيز، مستخدمين برمجية خبيثة اشترتها الحكومة السعودية من شركة إسرائيلية، هي "أن أس أو غروب".

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن عبد العزيز قدم دعوى ضد الشركة الإسرائيلية، وقبل أسابيع ضد "تويتر"، متهما إياها بعدم إخباره بما قام به أحد موظفيها من التجسس على حسابه. 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)