ملفات وتقارير

لهذه الأسباب تتلاعب روسيا بالنظام المصري في عودة السياحة

السياحة الروسية في مصر
السياحة الروسية في مصر

أثار قرار الحكومة الروسية تأجيل إعلان قرارها الخاص باستئناف رحلات الطيران المباشر إلى مصر، لمناقشته في وقت لاحق من العام القادم، بسبب عدم ملاءمة المطارات المصرية لمعايير السلامة الروسية، الكثير من التساؤلات حول إصرار روسيا على التلاعب بالنظام المصري، رغم الامتيازات التي قدمها رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي للجانب الروسي طوال الأعوام الماضية.


وحسب وكالة "إنترفاكس" الروسية الرسمية، فإن قرار استئناف الرحلات تأجل؛ لعدم مطابقة مطارات المنتجعات المصرية لمعايير السلامة الروسية، رغم التجديدات التي أجرتها الحكومة المصرية، ونقلت الوكالة عن مصدر روسي شارك في عمليات المراجعة، أن وفد الخبراء الأمنيين الروس المعنيين بسلامة الطيران، عادوا إلى موسكو وهم متشككون في الإجراءات التي تتبعها الحكومة المصرية.

 

وربط الخبراء الذين تحدثوا لـ"عربي21"، بين القرار الروسي الأخير، والأزمة التي تشهدها صفقة الطائرات الروسية التي وقعتها مع مصر، بعد إعلان الولايات المتحدة عن فرض عقوبات على القاهرة، في حال أصرت على إتمام الصفقة مع موسكو.

 

ووفق الخبراء، فإن القرار متعلق أيضا بعدم بدء العمل في مشروع الضبعة النووي، الذي قدمته القاهرة للجانب الروسي كرشوة من أجل استكمال الرحلات السياحية الروسية للمنتجعات المصرية.

 

ابتزاز مستمر

 

ويؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري سابقا، محمد جمال حشمت، لـ"عربي21"، أن الضعف الواضح للانقلاب العسكري على الصعيد الدولي هو الذي أوقع مصر في هذه المهانة، خاصة أن نظام السيسي قدّم العديد من الرشاوي الواضحة للجانب الروسي من أجل عودة السياحة الروسية مرة أخرى لمصر، لكن الرفض والتلاعب الروسي كانا حاضرين في كل مرة.


ويشير حشمت إلى أن السيسي أبرم عشرات صفقات التسليح الغامضة، وسمح للخبراء الروس بتفتيش المطارات المصرية،  ووقع على عشرات الاتفاقيات الاقتصادية التي تصب في مصلحة الجانب الروسي، أكثر من الجانب المصري، وآخرها صفقة القطارات التي وقعها السيسي خلال وجوده قبل أسابيع بموسكو في القمة الروسية الأفريقية.

 

وحسب الوكيل السابق للجنة العلاقات الخارجية، فإن الدعاية المصرية عن قوة العلاقة بين بوتين والسيسي أثبتت عدم جدوها على أرض الواقع، وأنها لم تصبّ في صالح الشعب المصري أو الاقتصاد القومي، وإنما تصب في تثبيت نظام السيسي على الصعيد الدولي، وهو ما يجعل الشكوك تحيط بكل الصفقات التي أبرمها السيسي مع الجانب الروسي.

 

ويلفت حشمت النظر لنقطة أخرى، وهي أن نظام السيسي لم يستغل أوراق الضغط التي تمتلكها مصر، منها أن مصر أكبر مستورد للقمح الروسي، وأن القاهرة هي الثانية في قائمة الصادرات الروسية لأفريقيا، وهي أوراق تفاوض هامة، يمكن استخدامها لإنهاء ملف الطيران، لكن حالة الخوف التي يعيش فيها نظام السيسي من رفض المجتمع الدولي له، تجعله يقدم التنازلات دون الحصول على أي مكاسب.

 

ويتساءل حشمت عن سبب استباق قرار الحكومة الروسية الخاص بعدم عودة الطيران، لزيارة بوتين المتوقعة لمصر خلال أسابيع، وهل السبب هو غلق الباب أمام الجانب المصري، وعدم فتح الموضوع خلال الزيارة المرتقبة، وهو أمر يمثل في حد ذاته إهانة لنظام الانقلاب العسكري الذي يسيطر على زمام الحكم بمصر.

 

كشف المستور

 

وعن علاقة القرار الروسي بالرفض الأمريكي لصفقة الصواريخ والطائرات التي وقعتها مصر مع روسيا، يؤكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشوري المصري سابقا، رضا فهمي، لـ"عربي21"، أن حرص النظام العسكري في مصر على إرضاء الجانب الأمريكي أهم من أي صفقة تسليح مع روسيا، لأن رضى أمريكا دلالة على بقاء رأس النظام واستقراره، لكن هذا لا يمنع أن يُقدم السيسي المزيد من التنازلات لواشنطن فيما يتعلق بصفقة القرن، من أجل تمرير الصفقة الروسية بأقل الخسائر ضد مصر.

 

ويوضح فهمي أن مصر أنفقت أكثر من 60 مليون دولار على المرحلة الأولى لتدعيم منظومة تأمين المطارات بأحدث الأجهزة، كما صرح وزير الطيران المصري، ومع ذلك يعلن الجانب الروسي أن الإجراءات ليست كافية، وهي دلالة واضحة على أن موضوع عودة السياحة الروسية لمصر قرار سياسي لا أمني، ويخضع لمصالح روسيا دون النظر للمصالح المصرية.

 

وحسب فهمي، فإن الولايات المتحدة اعترضت على صفقة تسليح بعينها، وهي طائرات "سو-35"، رغم أن مصر أبرمت صفقات مع روسيا خلال الفترة من 2013 وحتى 2018، بقيمة 6.7 مليار دولار، ورغم ذلك لم تعترض الولايات المتحدة، بالإضافة لطائرات الرافال التي حصلت عليها مصر من فرنسا.

 

ويوضح رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق، أن الاعتراض الأمريكي يثير تساؤلات حول جدوى الصفقات العسكرية التي وقعتها مصر مع روسيا باستثناء "سو -35"، وهل كانت هذه الصفقات رشاوي من النظام المصري لروسيا، للحصول على الدعم المطلوب منها، في إطار خطة السيسي ترسيخ أقدامه على الصعيد الدولي.


ويعقد فهمي مقارنة بين تعامل الولايات المتحدة مع تركيا فيما يتعلق بصفقة الصواريخ "أس 400" الروسية، وبين موقفها العنيف من النظام المصري في صفقة طائرات "سو-35"، موضحا أن الفارق في ذلك هو طبيعة النظام الحاكم في البلدين، حيث يمثل الأول الشعب التركي، بينما نظام السيسي ما زال يبحث عن شرعية دولية لانقلابه ضد الرئيس الراحل محمد مرسي.

0
التعليقات (0)