صحافة دولية

الكونفدنسيال: كيف تمارس إيران تعتيما إعلاميا على الاحتجاجات؟

العفو الدولية تقول إن أكثر من 100 شخص قتلوا على يد الأمن- تويتر
العفو الدولية تقول إن أكثر من 100 شخص قتلوا على يد الأمن- تويتر
نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن حرص السلطات الإيرانية التعتيم عن الاحتجاجات التي اندلعت منذ فترة في البلاد.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم في الاحتجاجات التي هزت إيران خلال الأيام الخمسة الماضية. ومع ذلك، بذلت السلطات الإيرانية جهودها لعدم وصول مثل هذه الأخبار للإعلام الأجنبي، الأمر الذي دفعها لقطع شبكة الإنترنت على الشعب الإيراني.

وذكرت أن خمسة بالمئة فقط من السكان بما في ذلك المسؤولين الحكوميين يمكنهم الوصول إلى شبكة الإنترنت اليوم، بعد مرور 75 ساعة على قطعها. ويبدو أن هذا الإجراء كان فعالًا، حيث أن إيران باتت منعزلة تماما عن العالم بشكل فعلي. ويوم الجمعة الماضي، جابت الاحتجاجات حوالي مئة مدينة في جميع أنحاء البلاد ردًا على سياسة التقشف والارتفاع الحاد في أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، وسط أزمة اقتصادية هي "الأسوأ منذ 40 سنة".

وأوردت الصحيفة أن السلطات الإيرانية قطعت شبكة الاتصالات الهاتفية يوم الجمعة الماضي لأول مرة في بعض المدن، بما في ذلك طهران وشيراز ومشهد. وبعد مرور أقل من 24 ساعة، أكّد النشطاء والشبكات التي تراقب أنشطة الإنترنت على غرار" نتبلوكس"، أن السلطات فصلت شبكة الإنترنت بشكل كلي على المشغلين الرئيسيين لشبكات المحمول والخطوط الثابتة للإنترنت والاتصالات.

وأشارت إلى أنه تم حظر الشبكات الاجتماعية مثل الواتساب والانستغرام، والتي يستخدمها الإيرانيون على نطاق واسع. كما منعت السلطات الوصول إلى تويتر بشكل تام. وفي الواقع، يعتبر فصل شبكة الاتصال العام بالإنترنت استراتيجية شائعة تستخدمها الحكومات لتجنب تنسيق المتظاهرين داخل البلاد ونشر مقاطع الفيديو على الشبكات الاجتماعية.

"العوامل الخارجية"

وأفادت الصحيفة بأن الحكومة الإيرانية والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، يرون أن الاحتجاجات "ذات طبيعة أمنية وليست شعبية" في إشارة إلى مشاركة عملاء خارجيين. ووفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية شبه الرسمية، اعتقلت السلطات آلاف الأشخاص في الأيام الأخيرة. وكان من بين القتلى الذين تم الإعلان عنهم رسميًا ضابطا شرطة على الأقل، وخمسة من أفراد الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج شبه العسكرية.

وأوردت أنه وقع حظر بعض مقاطع الفيديو على الإنترنت، حيث يمكن رؤية كيفية استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه ضد المتظاهرين. لكن منذ صباح يوم الأحد، بالكاد تم تسريب بعض المعلومات المتعلقة بالاحتجاجات من داخل إيران.

ونقلت الصحيفة أن الناشطين الإيرانيين في المنفى، على غرار الصحفية والناشطة في مجال حقوق المرأة مسيح علي نجاد، نددوا بحجب الإنترنت عن المواطنين، وإتاحتها فقط إلى المسؤولين الحكوميين وبعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة والبنوك والجامعات، ما يسلط الضوء على محاولة الحكومة الإيرانية إسكات الاحتجاجات وإخفاء القمع.

وأبرزت أن عدد الضحايا، الذي ارتفع حتى الآن إلى حوالي 106 متظاهر إلى جانب سقوط بعض أفراد قوات الأمن الإيرانية، لم يصرح به سوى بعض النشطاء والمنظمات الدولية، على غرار منظمة العفو الدولية. كما التزمت وكالات الأنباء شبه الرسمية الصمت بشأن حصيلة القتلى، التي وصلت في اليومين الأولين في حدود 12 ضحية. ووفقا لمنظمة العفو الدولية، لقي ما لا يقل عن 106 محتج حتفهم في حوالي 21 مدينة إيرانية، مع العلم أن بياناتهم تعتمد على مقاطع فيديو "تم التحقق منها"، وشهادات شهود عيان، والبيانات التي جمعها النشطاء.

وفي بيان أصدرته منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء، تبين أن "هناك نمطا يفطر القلب لعمليات القتل غير القانونية التي ارتكبتها قوات الأمن الإيرانية، التي استخدمت القوة المفرطة والمميتة لسحق الاحتجاجات التي كانت سلمية إلى حد كبير". ومن جهتها، أشارت الأمم المتحدة إلى أن عشرات الوفيات قد سُجلت منذ بداية الاحتجاجات، وأدانت الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات.

ونوهت الصحيفة بأن عدد الضحايا الناجم عن قمع الاحتجاجات ربما يكون أكبر، نظرا لأن قوات الأمن "منعت عائلات الضحايا من تشريح جثث ذويهم بشكل مستقل لتحديد ظروف الوفاة الحقيقية"، وذلك وفقا لمنظمة العفو الدولية. وحسب الصحفيين المحليين، وصل عدد القتلى إلى مئتي قتيل.

في المقابل، وصفت السلطات الإيرانية الأرقام التي قدمتها منظمة العفو الدولية بأنها "متضاربة وغير موثوق بها"، واعتبرتها "حملة تضليل". وفي تغريدة له على تويتر، انتقد المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة علي رضا مير يوسفي هذه الأرقام قائلا: 'إن أي أرقام حول عدد الضحايا لم تؤكدها الحكومة ليست سوى ضرب من التكهنات وليست موثوقة، وفي كثير من الحالات، تعد جزءا من حملة تضليل تُشن ضد إيران من خارج البلاد".

سبب الاحتجاجات

أوضحت الصحيفة أن الاقتصاد الإيراني تدهور بشكل كبير منذ أن فرضت الولايات المتحدة حزمة أخرى من العقوبات على البلاد خلال السنة الماضية، شملت قطاعي النفط والبنوك، وذلك بعد انسحابها أحادي الجانب من الاتفاقية النووية لسنة 2015. وقد انخفضت قيمة العملة الوطنية بشكل كبير، وارتفعت نسبة التضخم إلى أكثر من 36 بالمئة. ووفقا لصندوق النقد الدولي، سينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5 بالمئة في سنة 2019.

وأبرزت الصحيفة أن قرار التقشف ورفع سعر البنزين مثّل القطرة التي أفاضت الكأس في بلد يدعم الوقود بشدة ويعتقد سكانه، على الرغم من الأمل الواسع الذي انتشر بعد توقيع الاتفاق النووي في سنة 2015، أنهم "تحملوا الكثير".
0
التعليقات (0)