حقوق وحريات

وسط صمت حكومي.. أسباب تصاعد حالات اغتيال الناشطين بالعراق

خلال أقل من أسبوعين جرى اغتيال 4 ناشطين واختطاف قرابة الـ100- تويتر
خلال أقل من أسبوعين جرى اغتيال 4 ناشطين واختطاف قرابة الـ100- تويتر

تزايدت وبشكل ملحوظ، خلال الأيام القليلة الماضية، عمليات الاغتيال والاختطاف بحق ناشطين عراقيين في بغداد والمحافظات المنتفضة، وسط صمت حكومي لافت، رغم وقوع أغلب تلك الحوادث بالقرب من نقاطها الأمنية المحيطة بساحات التظاهرات.

وخلال أقل من أسبوعين، جرى اغتيال 4 ناشطين، واختطاف قرابة الـ100، فضلا عن "مجزرة السنك" التي تعرض لها المعتصمون في قرب ساحة الخلاني وسط بغداد، وراح ضحيتها 25 قتيلا.

دوافع الاستهدافات

وفي حديث لـ"عربي21"، قال سرمد البدري، مدير إعلام "المفوضية العليا لحقوق الإنسان"، إن "حالات الاغتيال والاختطاف والإخفاء القسري بحق عدد من العراقيين زادت بالفعل في الفترة الأخيرة".

وأوضح: "من خلال تواصلنا مع الجهات الأمنية وزياراتنا إلى مراكز الاعتقال، اكتشفنا وجود أعداد من المعتقلين، الذين أغلبهم اعتقلوا وبقي مصيرهم غير معلوم، لكننا اتصلنا بأهاليهم، وأعلمناهم بأماكن تواجدهم".

وأشار البدري إلى أن "المفوضية" في تواصل دائم مع الجهات القضائية؛ لمنع عمليات الاعتقال دون مذكرات قبض صادرة من المحاكم بحق من تعتقلهم القوات الأمنية.

وبخصوص أسباب عمليات الاغتيال وتصاعدها مؤخرا، قال البدري: "الأسباب حتى الآن مجهولة، لكن من خلال الشهادات التي أدلى بها أصدقاء المجني عليهم، تبين أن غالبية من اغتيلوا هم ناشطون في ساحات المظاهرات".

وتابع: "المفوضية ستصدر إحصائية بعدد الذين تعرضوا للاغتيال، لكن بعدما تنتهي التحقيقات الأمنية والقضائية بخصوص الأسباب والدوافع وراء عمليات اغتيالهم".

"قضية مصيرية"

لكن الباحث السياسي نذير المشهداني رأى في حديث لـ"عربي21" أن "الاغتيالات التي جرت مؤخرا، تثبت أن مجاميع الناشطين في تطبيقات التواصل الاجتماعي مخترقة من المليشيات، إضافة إلى أماكن المظاهرات في ساحة التحرير، لأن من طالتهم عمليات الاغتيال والاختطاف هم قادة ومؤثرون في الحراك الشعبي".

وأشار إلى أن "المختطفين والمعتقلين من الناشطين وصلت أعدادهم إلى الآلاف، لكن هناك تعتيم متعمد على الإحصائيات، وإلا كيف نفسر إعلان القضاء بين حين وآخر الإفراج عن أعداد بالآلاف من المشاركين في المظاهرات؟".

وأعرب المشهداني عن اعتقاده بأن "السبب الأهم في تصاعد عمليات الاغتيال هو الصراع الأمريكي الإيراني على الأرض، وأن الأولى تحاول سحب طهران إلى طاولة مفاوضات".

وأكد أن "واشنطن لا يؤمن جانبها، ولا يعول عليها، لأنها بمجرد قبول إيران التفاوض معها، فإنها ستتخلى عن المتظاهرين والاحتجاجات، لذلك يجب أن يكون التعويل على المحتجين أنفسهم، وإخراج قيادة تمثلهم وتفاوض بالنيابة عنهم".

ورأى المشهداني أن "المتظاهرين في ساحة التحرير وسط ببغداد أصبحت قضيتهم مصيرية إما نكون أو لا نكون، لأنهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم؛ بسبب أنهم باتوا معروفين، خصوصا للجهات التي تتصيدهم بمجرد خروجهم من أماكن الاحتجاج، وعلى الشعب العراقي مساندتهم؛ لأن قضيتهم عادلة".

"عززت الاحتجاجات"

من جهته، قال القيادي في الحزب الشيوعي العراقي، الدكتور علي مهدي، لـ"عربي21"، إن "السبب وراء تزايد عمليات الاغتيال هو محاولة كبت الأصوات الداعية إلى التغيير والانتخابات المبكرة، والاستعجال في إقرار قانون الانتخابات".

ولفت إلى أن "الجهات التي تقتل الناشطين تسعى إلى تعطيل الحركة الجماهيرية، لأن من دونها يصعب إنجاز هذه القوانين، لذلك هم يغتالون شخصيات مؤثرة في الساحة، ولديها حضور وسمعة جيدة حتى يخيفوا بها الآخرين".

وفيما إذا كانت هذه العمليات تحد من الاحتجاجات أم لا؟ أجاب مهدي قائلا: "أعتقد بعد مقتل 500 شخص حلال المظاهرات، ما عاد الشعب يهمه شيء، لأن المجتمع العراقي بطبيعته يقدس الشهادة، أو التضحية من أجل قضيته، خصوصا في المدن المنتفضة، إذ أصبحت الشهادة بمثابة وسام إضافي لهم".

وأوضح: "لذلك نلاحظ أنه كل من جرى اغتياله، يأتي ذووه بجثمانه إلى ساحات الاحتجاجات، ويشيعه الآلاف، ويعزف له النشيد الوطني العراقي، وهذا يعطي زخما أكبر للاحتجاجات".

 

وتابع علي: "يبدو أن من يقف وراء سيناريو الاغتيالات هم من خارج المجتمع العراقي، لأنهم يتوقعون أن العراقيين ترهبهم هذه الأفعال، لكن ما يحصل هو العكس تماما".

وحول موقف القوات الأمنية من حالات الاغتيال والاختطاف بحق الناشطين، قال علي إن "العراق فيه شبكة من كاميرات المراقبة في الشوارع والمنازل، تمكّن الأجهزة الأمنية خلال دقائق من معرفة الجناة، لكن المشكلة تكمن في اختراق هذه الأجهزة من جهات خارجة على القانون".

وأكد على ضرورة أن "تعيد الحكومة المقبلة تشكيل القوى الأمنية بما يصب في مصلحة المواطنين واحترام الدستور، الذي يؤكد أن هذه الأجهزة الأمنية يجب أن تعمل على صيانة حقوق الإنسان".

وتابع: "لكن للأسف أن أول من يتجاوز عليها هم بعض القوى الأمنية. لذلك فإن الأخيرة تعرف كل صغيرة وكبيرة تجري على الأرض، لكنها تتعرض لضغوطات متعددة من الجهات التي تخترقها".

وكانت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عزت أسباب تنامي حوادث الاغتيالات والاختطاف إلى عدم وجود جهة "مؤسسة أمنية" تختص في مكافحة عمليات الخطف، خصوصا بعدما كان هناك مؤسسة معنية بذلك، محملة الجهات الأمنية مسؤولية ازدياد تلك الحالات.

اقرأ أيضا: مقتل 4 متظاهرين ببغداد.. ومحتجون غاضبون يُنكلون بالجاني

التعليقات (0)