صحافة دولية

أزمة ليبيا: الحلول الدبلوماسية تعرّي ضعف إيطاليا وأوروبا

أشارت المجلة إلى أنه على الرغم من مأزق حكومة الوفاق الوطني وجيشها إلا أن السراج يمكنه الاعتماد على تركيا- جيتي
أشارت المجلة إلى أنه على الرغم من مأزق حكومة الوفاق الوطني وجيشها إلا أن السراج يمكنه الاعتماد على تركيا- جيتي

 نشرت مجلة "إنترناسيونال" الإيطالية تقريرا تحدثت فيه عن الأوضاع في ليبيا والأدوار التي تضطلع بها مختلف الأطراف المتدخلة في النزاع، على غرار تركيا وروسيا من خلال حرب الوكالة والتسليح وإرسال المقاتلين.


وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو صرح في ختام زيارته الرسمية إلى ليبيا في 17 كانون الأول/ ديسمبر، حيث التقى برئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج والجنرال المتقاعد خليفة حفتر، بأن "الحل العسكري مستبعد".

وأضافت المجلة أن دي مايو أعلن من خلال تعيين مبعوث إيطالي خاص إلى ليبيا أن الطريق الوحيد لحل الأزمة هو الدبلوماسية الدولية.

 

وقبل أيام قليلة، تحدث مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، في روما عن فشل عملية السلام التابعة للأمم المتحدة مشيرا إلى الضعف الشديد الذي أبداه مجلس الأمن الدولي في السنوات الأخيرة.

كما صرح دي مايو صرّح عند عودته إلى روما، بأن إيطاليا مستعدة لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة، إلى جانب دول أوروبية أخرى، لكن الواقع يبدو أكثر تعقيدًا.

 

ويتمثل الحل الدبلوماسي في تنظيم مؤتمر برلين، الذي طالبت به الحكومة الألمانية تحت رعاية الأمم المتحدة، في نهاية كانون الثاني/ يناير 2020.

 

ويهدف المؤتمر إلى وقف إطلاق النار واستكمال مفاوضات السلام، لكن لم يتم تحديد موعده بعد. لكن المؤتمر بات مهددا بالإلغاء بعد أن أعلن الجنرال حفتر في الأسابيع الأخيرة عن شن الهجوم النهائي ضد طرابلس. وهذه إشارة صريحة، وفقًا للخبراء، إلى عدم استعداد حفتر للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

الدور الروسي والتركي

في الأشهر الأخيرة، اتخذ الصراع الليبي بعدًا دوليًا بشكل متزايد. فمن خلال الحرب بالوكالة، يمكن أن يتحول الصراع الليبي قريبًا إلى صراع إقليمي.

 

ومنذ نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، انضم الروس إلى الحرب بشكل مكثف لمساندة الجنرال حفتر من خلال تزويدهم بالمرتزقة والأسلحة.


اقرأ أيضا :  حكومة الوفاق الليبية تقترب من السيطرة على مدينة ترهونة


وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من المأزق الذي تواجهه حكومة الوفاق الوطني وجيشها إلا أن السراج يمكنه الاعتماد على تركيا، وذك بعد أن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، أنه سيرسل قوات تركية إلى طرابلس، إذا لزم الأمر، لنشرها جنبًا إلى جنب مع قوات الوفاق على أساس اتفاق التعاون العسكري المنصوص عليه في نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.

ونوهت المجلة بأن الاتفاقية أثارت احتجاجات في اليونان وقبرص اللتان شعرتا بالتهديد بسبب الوجود التركي في البحر المتوسط.

 

لهذا السبب، طردت أثينا المندوب الدبلوماسي لطرابلس في البلاد وأنهت اعترافها بالحكومة الليبية وبدأت المحادثات مع حفتر.

 

بسبب المخاوف ذاتها، يمكن للدول الأوروبية الأخرى أن تسحب دعمها للسراج، الذي حصل في نهاية الأسبوع الماضي على دعم من قطر مرة أخرى.

 

كما شارك أردوغان في قمة الدوحة مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني، الذي قال إنه مستعد لدعم طرابلس "اقتصاديًا وأمنيا" من أجل "استعادة الاستقرار" في الدولة الأفريقية.

وذكرت المجلة أن حفتر استحوذ على المجال الجوي للبلاد، في حرب أطلق عليها غسان سلامة "حربا بلا مقاتلين"، اعتمد فيها بشكل مكثف على الطائرات دون طيار، بفضل دعم روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية وفرنسا.

وقالت المجلة إن ليبيا تعيش حالة من الفوضى منذ سنة 2011، بعد الثورة التي أدت إلى سقوط الديكتاتور معمر القذافي.

 

وقد عزز حفتر وجيشه من نفوذه في بنغازي وشرق ليبيا، بينما يسيطر رئيس الوزراء فايز السراج على طرابلس بدعم من مجموعات عسكرية.

 

وفي الرابع من نيسان/ أبريل 2019 شن حفتر هجومًا على طرابلس. وعلى الرغم من السيطرة على المجال الجوي، إلا أنه لم يحقق سوى تقدم ضئيل في هذا المجال.

ونقلت المجلة عن الباحثة بالمدرسة العليا آنا بيزا - لوكا راينري قولها إن: "الجميع على علم أن هذا سيتسبب في حمام دم، ذلك أن القوات التي تدعم السراج على استعداد للتضحية بكل ما تملك لضمان عدم الوقوع بين أيدي حفتر الذي يعتبر تابعا للقذافي".

 

وأضافت راينري: "لقد دعت قوات بمصراتة قبل بضعة أيام إلى تعبئة عامة لمواجهة تقدم حفتر".

 

أوضحت المجلة أن الاتحاد الأوروبي هو الداعم الرئيسي لعملية السلام والاستقرار في ليبيا ضمن الإطار الذي حددته الأمم المتحدة.

 

وفي هذا الصدد، قالت راينري إن "المشكلة تكمن في أن هذه العملية الدبلوماسية لم تكتمل ناهيك عن أن التصريح مرارا وتكرارا بأنه لا يمكن اللجوء إلى حل عسكري يعادل عدم الاعتراف بالواقع.

 

إن حفتر لا يريد التفاوض، لقد وافق سابقا على المشاركة في طاولة المفاوضات فقط لربح الوقت، بينما شن هجومًا لإجهاض عملية السلام".

أما فيما يتعلق بحكومة الوفاق الوطني، فإنه من الصعب للغاية إيجاد حل دبلوماسي لأن حكومة السراج ضعيفة للغاية وعليها أن تتحاور مع قادة القوات التي تدعمها .


وحيال هذا الشأن، أفادت راينري: "لهذا السبب ركزت أوروبا وإيطاليا على جانبين هامشيين في السياق الليبي اللذين من السهل معالجتهما على المدى القصير، مثل مكافحة الاتجار بالبشر والإرهاب.

 

وترى هذه الباحثة أن المصالح الاقتصادية لإيطاليا في ليبيا في الوقت الحالي ليست في خطر، لأنه "بعد سقوط القذافي، وسعت شركة إيني نفوذها في ليبيا، وهي تحافظ على علاقات جيدة مع كل من حفتر والسراج".

ومنذ حرب صبراتة في أيلول/ سبتمبر 2017، أكد حفتر أنه لا وجود لخطر على شركة إيني في مصنع مليتة، الذي يقع بالقرب من صبراتة وعلى بعد ثمانين كيلومتراً غرب طرابلس.

 

وفي الحقيقة، "إن مماطلة روما في حل الصراع الليبي ترتبط بالضمانات التي حصلت عليها من جميع الأطراف.

 

وعلى هذا النحو، فإن أي طرف يفوز في النزاع لن يعتدي على المصالح الاقتصادية الإيطالية. وهذا هو السبب الذي يجعل إيطاليا تلعب دور الوسيط بشخصية ضعيفة"، وذلك حسب ما صرحت به الباحثة الإيطالية.

وفي الختام، أشارت المجلة إلى أن الحكومة الإيطالية من الممكن أن تكون قد أخطأت في حسابات، لأنه بالنظر إلى آخر الأخبار، فإن روسيا وتركيا على استعداد لإجراء مفاوضات ثنائية للتوصل إلى اتفاق في ليبيا.

 

وفي الوقت الحالي، يبدو هذا السيناريو الأكثر قبولا بعد تأكيد وزير الخارجية والشؤون الأوروبية التركي، مولود جاويش أوغلو في منتدى الدوحة أن "أردوغان وبوتين يتناقشان لوقف إراقة الدماء في ليبيا".


التعليقات (0)