صحافة دولية

أتلانتك: ما الذي يكشفه اختراق هاتف جيف بيزوس عن الأثرياء؟

أتلانتك: يكشف اختراق هاتف بيزوس عن أن كبار الأثرياء مختلفون جدا عنا وعلاقاتهم عميقة- جيتي
أتلانتك: يكشف اختراق هاتف بيزوس عن أن كبار الأثرياء مختلفون جدا عنا وعلاقاتهم عميقة- جيتي

نشرت مجلة "أتلانتك" مقالا للصحافي أليكسيس مدريغال، يتحدث فيه عن قرصنة هاتف الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" جيف بيزوس من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

 

ويشير مدريغال في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى "الادعاء بأن رجلين من أثرى الناس في العالم، وهما مدير شركة (أمازون) وولي العهد السعودي، كان بينهما حوار جميل على (واتساب) في 2018، عندما بعث الأخير ملفا مصابا بفيروس قام بتسريب المعلومات من هاتف بيزوس، بحسب تقرير نشرته صحيفة (الغارديان)، التي فصلت في الرسائل المتبادلة، بحسب مصادر لم تذكر اسمها".

 

ويجد الكاتب أنه "في ظل ذلك كله فإن هناك مؤشرات على الواقع المظلم لشبكة كبار الأثرياء، وقد تكون المعلومات المسربة من هاتف بيزوس هي ما ألهم صحيفة (ناشيونال إنكويرر) للتطرق إلى حياة بيزوس الرومانسية، أو قد لا يكون الأمر كذلك، وقد يكون بيزوس استهدف لأنه المالك لـ(واشنطن بوست)، التي نشرت مقالات ناقدة للصحافي جمال خاشقجي الذي تم قتله لاحقا، وقد لا يكون الأمر كذلك".

 

ويقول مدريغال إن "هناك الكثير لا نعرفه حول الحقائق في هذه القضية، لكن فكرة أن شخصين من أغنى الشخصيات في العالم يتحدثان معا بشكل عادي في الوقت الذي يقوم فيه أحدهما باستخدام اختراق متطور على الشخص الآخر، تسببت باستغراب الكثير من الناس، وتبدو القصة كأنها خلفية لنكتة: في الوقت الذي كان فيه أغنى مدير شركة تكنولوجية في العالم وولي عهد (السعودية) يتبادلان الرسائل في يوم من الأيام...". 

 

ويستدرك الكاتب بأن "ما هو أبعد من طبيعة التبادل -لم يعلق أي من بيزوس ولا السفارة السعودية على التهمة- فإن الأثرياء الجدد يعرفون بعضهم، ويمكن الشعور بأن هذه القصص الإخبارية وكأنها قصص مرتجلة عن الأثرياء لملء صفحات صناعة نشيطة، حيث تملأ باسم الشخص ونوع الفضيحة لكنها ليست عشوائية، وقليل من الناس هم من يتمتعون بمثل تلك الثروات ومخالب هذه الثروة طويلة، فكما يظهر الصراع بين بيزوس و(أم بي أس)، فإن كثيرا من هؤلاء الناس لا يعملون معا، ناهيك عن عملهم لأجل هدف غامض، كما تحاول نظريات المؤامرة أن تظهر، لكن القصة مثل فضيحة جيفري أبستاين، تشير إلى وجود شبكة كثيفة من العلاقات في أعلى الهرم الاقتصادي".

ويلفت مدريغال إلى أنه "بالصدفة جاء هذا الكشف في بداية قمة دافوس، وهو مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي في سويسرا، ويشتهر مؤتمر دافوس بأنه يجمع الطائرات الخاصة التي تحمل النخبة ليستمعوا إلى حوارات ويحتفلوا معا، ودافوس هو إحدى المؤسسات التي تقوم بجمع الأثرياء معا". 

 

ويرى الكاتب أن "الزيادة الشديدة في عدم المساواة العالمية تعني أن قوة كبار الأثرياء تتنامى، وفي الوقت الذي تكون فيه هذه الحسابات معقدة، إلا أن الإحصائيات المختلفة تروي قصة شبيهة، فعلى مستوى العالم أضاف أغنى 500 شخص أكثر من 1.2 تريليون دولار إلى أرصدتهم العام الماضي، ومحليا يملك أغنى 400 مئة أمريكي ثروة تساوي ما يملكه أفقر 150 مليون شخص، وليس حتى أثرى 1% من الأمريكيين هم من حققوا أكبر نسبة من الثراء منذ الركود العظيم. لا، إنها أثرى 0.01% أو ربما حتى نسب أصغر، وبهذه المستويات نحن لا نتكلم عن مجموعة كبيرة من الناس -ما يسمى الطبقة المتوسطة العليا- لكن بعض آلاف الأشخاص المعروفين، ثرواتهم عظيمة، لكن الشبكات ليست كذلك".

 

ويبين مدريغال أنه "نتيجة لذلك فإن ذوي الثروة العظيمة انفصلوا عن بقية العالم، فحياتهم ليست حياة 99.999% منا، والجانب السلبي لانفصالهم عن بقية الكوكب تقريبا هو أنهم متصلون بعالم آخر، كما كانت العائلات المالكة في أوروبا (ولا تزال)، لكن من خلال وسائل أخرى". 

 

وينوه الكاتب إلى أن "الأمر ينتهي بأن أموالهم تتشابك مع عوالم مختلفة من الحياة الإنسانية، فمثلا عندما قتل جمال خاشقجي، وبحسب التقارير بناء على أوامر من محمد بن سلمان، تسبب ذلك بذعر في وادي السيليكون، (أم بي أس، كما يسمى، تحمل المسؤولية كاملة لكنه ينكر أن يكون قد أمر بالقتل)، فأموال السعودية كانت تتدفق بحرية عبر (فيجين فاند) في (سوفت بانك) إلى الشركات التكنولوجية مثل (أوبر)، التي كانت تحاول القيام بتجارة يمكن الدفاع عنها من خلال نمو يكلف أموالا طائلة، فماذا يمكن أن يحصل لذلك التمويل؟ عندما يكون عدد قليل من الناس يسيطرون على ثروات كبيرة فإن قراراتهم تؤثر على حياة ملايين بل مليارات الناس".

 

ويقول مدريغال إن "ذوي الثروات الكبيرة يبقون بشرا يعيشون على الأرض طبعا، فجيف بيزوس يقوم بالتمارين لكنه ليس الرجل العنكبوت الذي يملك التكنولوجيا السرية الخاصة به، وهو يستخدم (واتساب) مثل 1.5 مليار إنسان آخر، ومن هذه الناحية ربما تكون تلك النخبة كبقية الناس على الإنترنت -يغردون تغريدات غبية، ويتبادلون رسائل جنسية- بالمقدار ذاته الذي لا يمكن فيه استيعاب مدى ثروتهم ونفوذهم خارجها، ويمكنني أنا وأنت أن نتحادث على (واتساب)، لكن ليس لدينا فريق هجوم سايبري يصنع لنا فيروسا لاختراق أجهزة بعضنا، كما أن نزاعنا لن يتسبب بانهيار شركات في وادي السيليكون".

 

ويفيد الكاتب بأن "تطبيقات المراسلة قد تعمل بالأسلوب ذاته للجميع، لكن المال يعمل بشكل آخر، وما تملكه العائلة الأمريكية المتوسطة هو حوالي 100 ألف دولار، وما يملكه بيزوس حوالي 115 مليارا، فما يملكه بيزوس يساوي ما تملكه 1.15 مليون عائلة عادية في أمريكا، وأمواله لها مميزات مختلفة، فالشخص العادي يكون ماله مربوطا ببيت أو حساب تقاعد، وأشياء قليلة السيولة، أما شخص مثل بيزوس فيمكنه إرسال الأموال في أنحاء العالم كله؛ لأن لديه أموالا كثيرة وسلعا يمكن بيعها متى شاء".

 

ويختم مدريغال مقاله بالقول: "من الجميل أن نفكر بأن الاقتصاد هو مكان تستطيع فيه الأعمال الصغيرة أن تزدهر، ولكن تحتاج لبيع الكثير من ساندويشات التملي (المكسيكية) أو القيام بالكثير من خدمات السباكة، أو الكثير من جولات (أوبر)، أو الكثير من المقالات لتجميع مبلغ 100 ألف دولار، فمع أن الأمر مألوف بشكل غريب، بل إنه يبعث على الراحة أن نفكر في بيزوس يعبث بهاتفه ويبحث عن صورة ليرسلها لولي العهد السعودي، لكن الدرس هو ليس أن كبار الأثرياء يستخدمون تطبيقات مثلنا، لكن الدرس هو أنهم مختلفون جدا عنا وعلاقاتهم عميقة". 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)