صحافة دولية

ما هو مستقبل "القاعدة" بشبه الجزيرة العربية بعد مقتل الريمي؟

من يخلف الريمي؟ - أرشيفية
من يخلف الريمي؟ - أرشيفية

نشرت مجلة "بابيلون ماغزين" الإيطالية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على السيناريوهات المستقبلية وأهداف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعد مقتل زعيمه، قاسم الريمي، بالإضافة إلى أبرز الأسماء المرشحة لخلافته.

وأشارت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تأسس سنة 2009 من قبل فرعين من تنظيم القاعدة، أحدهما في اليمن والآخر في المملكة العربية السعودية. وبعد خروج الرئيس اليمني صالح من سدة الحكم في أوائل سنة 2012، استفاد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من المشهد السياسي المتذبذب ليستقر بشكل دائم في جنوب اليمن.

ومع بداية الحرب في اليمن عام 2015، استغل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الفراغ السياسي لتطوير "دولته" في المنطقة الجنوبية. ويقع معقل القاعدة في شبه الجزيرة العربية في مديرية المحفد في محافظة أبين جنوب اليمن. كما أدت الحرب الأهلية في البلاد إلى تقوية التنظيم بشكل غير مباشر، بعد أن انتقلت القوات اليمنية الغربية والسعودية إلى مناطق أخرى للتركيز على خصومها المتمردين الحوثيين.

وأفادت المجلة أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو الفرع الأكثر نشاطًا وخطورة في تنظيم القاعدة، حيث ينتمي العديد من أعضائه إلى القيادة القاعدية الرئيسية، ولهم تاريخ طويل من التشدد صلب التنظيم، ويضطلعون بأدوار مزدوجة حيث كانوا قريبين من بن لادن في البداية والظواهري بعد ذلك.

ويختلف تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية عن "فروع" التنظيم الأخرى من ناحية دوره في التيسير والتمويل والتجنيد والتزويد بالاتصالات في شبكة القاعدة العالمية. علاوة على ذلك، تظهر أهمية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في حقيقة أن ناصر الوحيشي، أمير المجموعة السابق، كان ضمن خطة التنظيم لخلافة الظواهري في حال مقتل الزعيم المصري المسن.

 

اقرأ أيضا: من هو قاسم الريمي الذي أعلن ترامب مقتله مؤخرا؟ (إنفوغراف)

وأبرزت المجلة أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يتميز بتنظيم هرمي، مع تقسيم واضح للأدوار. وتجدر الإشارة إلى أن لديه فرعا سياسيا، مع زعيم يقدّم توجيهات عامة، وفرعًا عسكريًا يخطط لتفاصيل العمليات، وفرعا مختصا في الدعاية، ويعمل في مجال التجنيد، ناهيك عن فرع ديني يبرر الهجمات والعمليات المنظمة مع تقديم التوجيه الروحي للمتشددين.

ونوهت المجلة بأن تمويل التنظيم يأتي بشكل رئيسي من النهب والسرقة والتجارة غير المشروعة للنفط والغاز، والفدية التي يطلبونها مقابل عمليات الاختطاف، والتبرعات المقدمة من الجمعيات الخيرية الإسلامية وبعض الأفراد الداعمين، ومعظمهم من السعوديين.

وأضافت المجلة أنه في العديد من المناطق التي تسيطر عليها، تحكم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مع المحاكم الشرعية وتحاول تلبية الاحتياجات الأساسية والاندماج في السكان ومطابقة لهياكل الحكم المحلي. ومنذ البداية، قُدّمت الخدمات العامة للسكان، وحُفرت آبار جديدة في منطقة حضرموت، وبُنيت الجسور والطرق، كما قُدمت المساعدة الطبية في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأوضحت المجلة أن معظم الهجمات التي تشنها القاعدة في شبه الجزيرة العربية موجهة بشكل رئيسي ضد الميليشيات التي تدعمها الإمارات وخاصة تلك التي تنتمي إلى قوات الحزام الأمني أو قوات النخبة في حضرموت وشبوة. ومن المفارقات أنه بدلاً من تركيز الهجمات الأخرى على الحوثيين، أضحت موجهة ضد القوات اليمنية وتنظيم الدولة. وعموما، بدأت الاشتباكات المسلحة بين المجموعتين الجهاديتين في منتصف سنة 2018، بسبب الخلافات والمنافسات المحلية، مع التركيز بشكل خاص على منطقة البيضاء.

خلفاء الريمي المحتملون

أوردت المجلة أن قيادة التنظيم في شبه الجزيرة العربية لم تنشر أبدًا مخططًا تنظيميًا للمجموعة. لذلك، لا يمكن التأكد من هوية خليفة الريمي. في المقابل، يمكن تقييم ملفات تعريف العديد من قدامى المحاربين البارزين في تنظيم القاعدة وفرعه في شبه الجزيرة العربية الذين يمكن تعيينهم كبديلين له. ويمكن أن يكون خالد سعيد البطارفي، من خلفاء الريمي المحتملون، حيث يُعرف أيضا باسم أبي المقداد الكندي، أحد المقاتلين السعوديين، ومن قدامى المحاربين المهمين في شبكة القاعدة العالمية.

ظهرت صورة البطارفي ضمن مقاطع الفيديو التي أنتجتها فروع القاعدة ومقاطع فيديو أخرى لطالبان. وقاد البطارفي المقاتلين الجهاديين في التنظيم لغزو محافظة أبين في اليمن في سنة 2011. ومن بين الخلفاء الآخرين، نجد المصري، إبراهيم محمد صالح البنا، الذي كان عضوًا في مجموعة طلال الفتح، وهي فرع من الجهاد الإسلامي المصري، منذ سنة 1993. بعد ذلك، أُرسل البنا إلى اليمن للمساعدة على بناء علاقات مع القبائل اليمنية وبعض الأحزاب المحلية. قام البنا بتدريب عبد المنعم بن عز الدين البدوي، الذي يعتبر من مؤسسي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وتجدر الإشارة إلى أن إبراهيم أحمد محمود القوصي، سوداني الجنسية، الذي كان محتجزا في غوانتانامو منذ سنوات، يعد من أبرز المرشحين لخلافة الريمي. فضلا عن ذلك، برز اسم سعد بن عاطف العولقي، وهو قيادي يمني قديم، كان زعيما للقاعدة في شبه الجزيرة العربية في محافظة شبوة.

بينت المجلة أن "الحرب ضد الإرهاب" التي شنتها الولايات المتحدة في اليمن هي الأطول زمنيا، حيث لم تكن العمليات في اليمن كافية لهزيمة التنظيم. وتعود أسباب مرونة تنظيم القاعدة في هذه المنطقة إلى صعوبة اختراق جذور القاعدة المحلية القوية والعميقة فضلا عن قدرة التنظيم على تعديل وتكييف أهدافه بناء على الظروف المتغيرة على أرض الواقع بسبب النزاع.

استراتيجية ثلاثية الأبعاد في اليمن

تتمثل استراتيجية الولايات المتحدة في اليمن في قتال التنظيم على المدى القصير، وزيادة المساعدة وتطوير قوات مكافحة الإرهاب في البلاد بالإضافة إلى تنظيم جبهة دعم دولية لتحقيق الاستقرار في البلاد تتضمن حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بالسكان والقبائل المحلية إلى الاحتفاظ بالولاء للقاعدة في جزيرة العرب.

وفي الختام، أكدت المجلة أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أثبت قدرته على فهم الظروف على الأرض والتكيف معها، مما سمح له بالحفاظ على وجود قوي في العديد من مناطق البلاد، وخاصة في مناطق شبوة وأبين والبيضة وحضرموت.

التعليقات (0)

خبر عاجل