كتاب عربي 21

"كورونا" كل سنة مرة.. سبع ملاحظات مهمة!

فراس أبو هلال
1300x600
1300x600

(1)


هل يمكن الكتابة بشكل ساخر عن قضية جادة وتتعلق بحياة الناس؟ في الحقيقة إن السخرية هي جزء من الرد على المصائب التي لا يمكن للإنسان العادي أن يقاومها فقط بالجدية.. هي تعبير عن العجز أحيانا، ولذلك تكثر النكات والسخرية وروح الدعابة لدى الشعوب العاجزة عن مقاومة ظروفها وسوء إدارة حكوماتها واستبدادها. 


وأمام هذا "العجز" النسبي للإنسانية حتى الآن عن مواجهة "كورونا" وضعت عنوانا ساخرا لمقال قد يفشل بالسخرية، مع الاستئذان من زملاء وأساتذة كبار يكتبون بسخرية جميلة في "عربي21" لمزاحمتهم في فنهم.. جعفر عباس وأحمد عمر وسليم عزوز وغيرهم، مع حفظ الألقاب طبعا.

وقبل الاسترسال، فلا بد من الإشارة إلى أن العنوان هو مجرد خدعة لجلب القراء، وحتى لا نبالغ في الخديعة، فلك أن تعلم أيها القارئ العزيز أن المقال هذا لم ينجح تماما في السخرية، كما أن الملاحظات ليست سبعة، فهو مجرد رقم غريب لجلب مزيد من الاهتمام، كما أن الملاحظات هي ليست مهمة إطلاقا!

(2)

"إذا كبرت مصيبتك اضحكلها" يقول المصريون وبعض العرب في أمثالهم. وهناك عشرات الاقتباسات المنشورة في الكتب والمسرحيات العالمية التي تعتبر الضحك علاجا للمشكلات والآلام. 


هذا المثل هو الأكثر حضورا في ظل حالة الهلع من "فيروس كورونا" في العالم. وربما كان الشعب المصري المعروف أنه "ابن نكتة" أول من سخر من هذا القاتل الغامض، عندما التقط عدد من الناس صورة "سيلفي" مع أول مصاب بالفيروس في مصر. الصورة المنشورة بالطبع ليست مؤكدة، ولكن هذا المقال ساخر، فلا داعي للتدقيق كثيرا.. فماذا سيهمنا إذا قتلنا الفيروس واكتشفنا أننا لم نتحقق من هذه الصورة؟ لا شيء!


فيروس الضحك والسخرية، للمفارقة، انتشر عالميا أكثر من انتشار كورونا نفسه.. ثمة مئات الفيديوهات الساخرة والأغاني بكل اللغات، جعلت من الضحك لغة عالمية في مواجهة هذه الكارثة. 

(3)


الإيرانيون والإيرانيات ابتدعوا طريقتهم بالسخرية من المرض، وصار المثل بنسخته الفارسية على ما يبدو هو "إذا كبرت مصيبتك ارقصلها"! فيديوهات رقص الممرضين والممرضات الإيرانيات انتشرت على شبكة الإنترنت بشكل أسرع من انتشار الفيروس نفسه، وإذا تمكنت السلطات هناك من "السيطرة" على أخبار انتشار المرض بدلا من السيطرة على المرض نفسه، فإنها لم تتمكن من السيطرة على الرقص لمواجهة المرض.. الكمامة هنا كانت لإخفاء الوجه وهوية الراقصين والراقصات على ما يبدو وليس لمنع انتقال الفيروس، خوفا من الاتهام بإضعاف الروح القومية. تستطيع السلطة في أي بلد أن تسيطر على الأخبار وأن تمتلك الرواية ولكن لا يمكنها امتلاك السخرية.

(4)

بعض الدول والإعلام الذي تسيطر عليه بالريموت كونترول تزعم دائما أنها ترفض استغلال الدين لأجل السياسة، وهي كاذبة بهذا الزعم بالطبع، فهي أكثر من تستغل الدين لأهدافها. مع انتشار كورونا تحول الأمر من خلط الدين بالسياسة إلى خلط الفيروس بالسياسة. إعلاميون عرب "أفذاذ" مثلا أكدوا أن كورونا هو مؤامرة قطرية لنقل الأمراض لدول الحصار ولكنهم نسوا أن قطر قد تكون من أول المتضررين من انتشار المرض بسبب استضافة كأس العالم 2022.

 

بعضهم قرر أن المؤامرة تركية لإصابة السياح السعوديين والعرب بالمرض، ونسوا أن تركيا هي الخاسرة من تراجع عدد السياح إذا حصل هذا فعلا. بينما قالت إعلامية إن الأوضاع عادية في مصر وإن حديث البعض عن وجود كورونا فيها هو مؤامرة بدليل أنها لم تشاهد شيئا بالشوارع، وكأن المفترض أن تكون الجثث ملقاة بالطرقات لا قدر الله إذا وصل المرض لأي بلد، مع أن نسبة الوفيات هي بحدود 1-2 بالمئة، والحمد لله.

(5)


الدين حاضر بالطبع بتفسير المرض. كل طرف يعتقد أن الدين يلعب لصالحه، ولهذا فإن كورونا يستهدف أصحاب الديانات الأخرى، والمذاهب الأخرى داخل نفس الدين أيضا.


لا شك أن كل ما يجري في الكون هو سنة إلهية بحكمة ربانية، ولكن السؤال القوي: كيف يمتلك أي إنسان الجرأة ليعتبر أنه قادر على معرفة هذه الحكمة بالضبط؟ وكيف يمتلك الجرأة ليعتبر أن الحكمة الإلهية تعمل لصالحه حصرا؟!

(6)

"زرت بلاد أوروبا فوجدت إسلاما دون مسلمين".. هذه مقولة تنسب للشيخ محمد عبده رحمه الله، وتكاد تكرر كل يوم. ويقصد بها عادة أن الشعوب الأوروبية تطبق أخلاق الإسلام في الحياة العامة مع أنها غير مسلمة، بينما تغيب هذه الأخلاق في بلاد المسلمين.

لم أجد مقولة أسيء استخدامها مثل هذه العبارة، سوى المقولات المنسوبة زورا لآينشتاين ونعوم تشومسكي. الشعوب الغربية ملتزمة بأخلاق عامة بكل تأكيد أكثر من الشعوب العربية، بل أكثر من معظم شعوب العالم.

 

ولكن هذا الالتزام له علاقة بالرفاه الاجتماعي الذي يشمل الاقتصاد والعلم والمعرفة وحكم القانون وليس للعرق نفسه. لا يوجد شعب خلوق بالفطرة، بل إن البشر عموما يميلون للفوضى ولأخذ حقوق ليست لهم، وللكسب غير المشروع. والأديان والفلسفات عموما جاءت لتهذيب هذا الميل الفطري للفوضى والخطأ. والقانون والعلم والرفاه هو ما يحققها فعلا على أرض الواقع. 


مع انتشار "كورونا" بدأت بعض مظاهر الفوضى حتى في أرقيى الدول الأوروبية، لأن الخوف وقلة الرفاه تخرج حقيقة الإنسان، أو أسوأ ما في الإنسان. في أسواق لندن الكبيرة أو معظمها مثلا، هناك هجوم كبير هذه الأيام من المتسوقين، كأنهم يخشون نفاد البضائع بسبب انتشار الهلع من المرض. وفي حالة تشبه التهافت على شراء الخبز في البلاد العربية أيام "الثلجة الكبيرة" فإن الأرفف المخصصة للمعقمات والصابون السائل وأوراق "التواليت" في هذه الأسواق خالية تماما. وأسعار الصابون المضاد للباكتيريا زادت عشرات الأضعاف. "أين الإسلام بدون مسلمين؟".. ضاع مع "كورونا"!


وإذا استطعنا تفهم التهافت على شراء الصابون والمعقمات بسبب الفيروس، فلا أستطيع فهم شراء أوراق "التواليت".. هل لفيروس كورونا علاقة موضوعية بهذا الأمر؟ لا أدري.. يمكننا العيش بدونها على أية حال.

(7)

لو استطاع الثوم والخل والأعشاب أن تنطق لقالت للعرب "ارحمونا".. لا يوجد أي رابط علمي بين الثوم بفيروس كورونا.. الرابط الوحيد هو أن رائحته قد تبعد الناس عنك وتخفف انتقال العدوى لك منهم!

(8)

إذا صدقنا أن نشر فيروس كورونا هو مؤامرة، فمن هو المسؤول عنها؟ إذا كانت الصين وأمريكا ومعظم دول العالم قد تأثرت منه، وإذا كانت الأسواق العالمية ضربت بسببه، وأسعار النفط تهاوت، فمن المستفيد منه؟ إذا كان فعلا مؤامرة فالمسؤول عنه بلا شك هو الجهل!

(9)

أخيرا وجد العالم دليلا على أن كورونا مؤامرة، وهو أنه مذكور في كتاب نشر في عام 1981.


إذا كان هذا الكتاب دليلا على شيء فهو أن المرض هو أغبى مؤامرة، لأنها مؤامرة تم الإعلان عنها قبل أربعين عاما وبهذا تحقق فيها عنصر المفاجأة المطلوب لنجاح أي مؤامرة!

التعليقات (1)
مصري جدا
الثلاثاء، 10-03-2020 03:41 م
حضرتك بتكتب بسخرية لطيفة ورافية ،،، دمت استاذ فراس