ملفات وتقارير

هل ينعش وقف إطلاق النار بإدلب المسار السياسي بسوريا؟

بيدرسون سبق أن أكد أنه لا داعي لعقد اللجنة الدستورية دون اتفاق مسبق على بعض النقاط- جيتي
بيدرسون سبق أن أكد أنه لا داعي لعقد اللجنة الدستورية دون اتفاق مسبق على بعض النقاط- جيتي

منذ سريان وقف إطلاق النار الأخير في شمال غرب سوريا، وآمال غالبية السوريين معقودة على تحريك المسار السياسي للحل، الذي من شأنه أن يقود إلى حالة استقرار مرحلية، بعيدة عن الحرب والدمار.

وعلى وقع الهدوء الحذر الذي لا يزال يسود جبهات إدلب، تثار تساؤلات عن ما إذا كان تراجع آلة الحرب، من شأنه إفساح المجال أمام العودة للحل السياسي، في حين أبدت أوساط المعارضة السورية تشاؤما حيال تحقيق ذلك، مؤكدة خلال حديثها لـ"عربي21" على عدم جدية النظام السوري في المضي بالمسار السياسي.

ونقلت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري، الثلاثاء، عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، تأكيدها وجود مساع دولية، لعقد جولة جديدة للجنة المصغرة لمناقشة الدستور، في جنيف قبل نهاية آذار/ مارس الجاري.

 

اقرأ أيضا: بظل عرقلة النظام للدستورية.. بيدرسون لا يرى سببا لاجتماعها

وكانت اللجنة الدستورية، قد عقدت أول اجتماعاتها في أواخر تشرين الأول/أكتوبر، وبدايات تشرين الثاني/نوفمبر الماضيين، حيث عقد اجتماع للجنة الموسعة استمر يومين، تبعته اجتماعات للجنة المصغرة استمرت أسبوعا.

لكن الجولة الثانية من اجتماعات "اللجنة المصغرة" انتهت في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، دون عقد أي جلسة عمل، وسط اتهامات متبادلة من طرفي الصراع بالتسبب في عرقلة عمل اللجنة المكلفة بإعداد دستور جديد للبلاد.

وكانت المعارضة قد رفضت مقترحا بنقل عمل اللجنة الدستورية من جنيف إلى دمشق، معتبرة أن الهدف من ذلك عرقلة عمل اللجنة، وشككت بنوايا النظام من الترويج لهذا المقترح.

وفي شباط/ فبراير الماضي، كان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، قد أكد تواصل الجهود الأممية لتضييق هوة الخلاف من أجل استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

 

وقال: "لدينا أمل في تسوية الخلافات، ودعوة اللجنة إلى اجتماع في القريب العاجل"، مؤكدا عزمه العمل على مواصلة الحوار مع النظام السوري وفصائل المعارضة، وكل الأطراف المعنية بالأزمة السورية.

النظام غير جاد

وفي هذا السياق، قال الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة السورية هادي البحرة، إن إصرار النظام على المضي بالسعي نحو وهم حسم عسكري وتصعيد أعماله العدائية تجاه المدنيين والسعي لقضم المزيد من الأراضي، يشير بشكل واضح إلى عدم جديته تجاه العملية السياسية.

وأكد البحرة في حديث خاص لـ"عربي21" أن "المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير يبدرسون، يبذل جهوده من أجل عودة انعقاد جلسات اللجنة الدستورية"، مستدركا: "لكن تبقى الأولوية هي تحقيق وقف إطلاق نار شامل في شمال غرب سوريا، فإن التزم النظام وداعموه، من الممكن حينها البحث في انعقاد اللجنة الدستورية وفق جدول أعمال محدد ومن ضمن حدود تفويضها".

 

اقرأ أيضا: تركيا تطالب بدعم المسار السياسي واللجنة الدستورية السورية

وقال البحرة، لا بد أن يتحول وقف إطلاق النار، إلى وقف شامل مع آليات رقابة وردع يحقق الهدوء ويؤمن البيئة المناسبة لتحريك العملية السياسية وكي تتحرك بشكل مجدي.

 

وتابع: "لا بد من التوصل إلى توافقات دولية وإقليمية تجمع على ضرورة التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254(2015) وفق الجدول الزمني الذي جاء فيه، ووفق التراتبية التي نص عليها".

صراع بخيوط أمريكية

من جانبه، قال عضو "هيئة التفاوض" التابعة للمعارضة، يحيى العريضي، إن "من الواضح أن إدلب التي تحولت إلى سوريا مصغرة، تشهد صراعا تركيا روسيا إيرانيا، تحرك الولايات المتحدة خيوطه، والنظام السوري في هذه المعادلة ليس إلا تفصيلا بسيطا".

وأوضح طبيعة الصراع في إدلب من وجهة نظره، فقال لـ"عربي21": إن "روسيا وتركيا تريدان إزاحة إيران، وكذلك الولايات المتحدة، من جانب آخر تريد روسيا وإيران إخراج تركيا، كذلك حاولت إيران قبل أسابيع سحب تركيا إلى جانبها من وراء روسيا، لكنهم فشلوا".

وتابع العريضي، بأن إيران التي استشعرت بوجود محاولات استبعادها من الملف السياسي، عمدت إلى تعطيل تلك المساعي بالعمل العسكري على الأرض، مؤكدا في هذا الصدد أن "إيران هي المسؤولة عن الرد التركي العسكري العنيف في إدلب"، وذلك في اتهام منه لإيران بالمسؤولية عن مقتل العشرات من الجنود الأتراك في إدلب.

وقال إن ما جرى في موسكو اتفاق معدل عن اتفاق "سوتشي"، والولايات المتحدة قطعت الطريق على المساعي الروسية في مجلس الأمن، لكسب دعم الأخير للاتفاق، ما يعني فشل روسيا في فرض حل وفق رؤيتها.

 

اقرأ أيضا: لماذا يصر النظام السوري على نقل جلسات الدستور لدمشق؟

وبحسب العريضي، فإن الخطوة الأمريكية تكشف عن رغبة منها، بالعودة إلى القرارات الأممية للحل في سوريا، ما يعني أن مسار جنيف هو المخرج الوحيد.

ورأى أنه مع اقتراب تطبيق الولايات المتحدة لقانون "قيصر/سيزر"، سيكون الحل السياسي أقرب نسبيا.

والجمعة، كانت الولايات المتحدة، قد عرقلت تبني مجلس الأمن الدولي إعلانا يدعم الاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية، بناء على طلب روسيا، حسبما ذكر دبلوماسيون بعد اجتماع مغلق.

وأفاد الدبلوماسيون من دون الكشف عن أسمائهم، أنه عندما طلب السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا من شركائه الـ14 في مجلس الأمن تبني إعلان مشترك بشأن الاتفاق الروسي التركي، قالت واشنطن "إنه لأمر سابق لأوانه".

مسار الحل السياسي لا زال معطلا

بدوره، رحّب عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض، عبد المجيد بركات، بإعلان وقف إطلاق النار، الذي يجنب ملايين السوريين المزيد من الكوارث.

وأعرب في حديثه لـ"عربي21"، عن أمله باستمرار وقف إطلاق النار، مشككا "بجدية النظام والمليشيات غير المنضبطة المساندة لقواته، بالالتزام".

وقال بركات: "نسعى في المعارضة السورية إلى التوصل إلى آلية دولية حقيقية، لمراقبة وقف إطلاق النار، منعا من انهياره كما حدث مع الاتفاقات السابقة".

وبسؤاله إن كان وقف إطلاق النار سيؤدي إلى الدفع قدما بالمسار السياسي للحل في سوريا، رد بركات: "لا نعلم إن كان الاتفاق التركي الروسي الأخير، قد تطرق في بنوده السرية إلى الحل السياسي".

وأضاف أنه "من الواضح أن مسار الحل السياسي لا يزال معطلا، لأن النظام السوري يربط التحرك العسكري بالحل السياسي، وسبق أن تهرب النظام من المسؤوليات السياسية في جنيف، وحتى في لجنة الدستور، بمواصلة العمل العسكري".

وقال بركات: "عودنا النظام أن يتعنت في المسار السياسي، عندما يحرز تقدما عسكريا على الأرض، لأنه يدرك تماما أن جوهر العملية السياسية لن يشكل له طوق نجاة"، مضيفا أن "النظام سيستمر بعرقلة أي حل سياسي، حتى يعيد إلى سلطته كل الأراضي السورية".

 

يذكر أن الجانبين التركي والروسي اعتبرا أن الاتفاق الجديد (اتفاق موسكو) ملحق إضافي لاتفاق سوتشي، حيث يشمل إنشاء ممر آمن عرضه 6 كلم شمالي الطريق الدولي "M4"، و6 كلم جنوبي الطريق ووقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس في منطقة خفض التصعيد وتسيير دوريات تركية وروسية مشتركة اعتبارا من 15 آذار/ مارس، على امتداد الطريق "M4" بين منطقتي ترنبة غرب سراقب وعين الحور.

وبعيد سريان وقف إطلاق النار، وتسجيل خروقات محدودة من جانب النظام، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، إن بلاده ستظل قوة ردع ضد انتهاك وقف إطلاق النار في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وأنه لم يحدث أي خرق منذ سريان الاتفاق المبرم مع الروس مساء الخميس.

وأشار الوزير التركي إلى أن بلاده اتخذت بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، خطوة مهمة بخصوص الحل السياسي في إدلب، على الطريق المؤدي إلى السلام.

التعليقات (1)
-
الأربعاء، 11-03-2020 06:36 م
ينعش الوعود الكاذبة الاميركية للشعب السوري الذي تتخذ منه موقف المترحم عليه بالصواريخ الروسية وتنعش الكذب الاميركي تجاه تركيا بالدعم مستقبلي.

خبر عاجل