قضايا وآراء

هكذا يتشعّب كورونا من أزمة صحية إلى كارثة غذائية

أحمد علوش
1300x600
1300x600
يقول الخبراء إن كل ما يحتاجه العالم لخلق أزمة في ظلّ تفشي فيروس كورونا هو أن يتجه مستوردون كبار، مثل المطاحن أو الحكومات، للشراء بدافع الذعر، فيما تصبح القضية تغيراً في السلوك المتعلق بالأمن الغذائي وليست قضية توريد.

إنه وفي ظلّ الأرقام المتصاعدة للإصابات بالعدوى التنفسية والتي تتضخّم يوماً بعد آخر إضافة لعدد ضحاياها، تخرج للعلن مخاوف من ارتفاع أسعار الغذاء على مستوى العالم بسبب عمليات إغلاق المحال التجارية والأسواق، وحتى التقييد الجزئي لحركة التجارة العالمية، إضافة للإقبال الواسع على شراء الأغذية.

جاءت المخاوف من مساهمة الإجراءات الحكومية الصارمة في إقبال المواطنين الشره على تخزين المواد الغذائية، خاصّة مع فرض الحجر المنزلي وحظر التجول بهدف منع انتشار الفيروس على مستوى أوسع، ليجد صنّاع القرار أنفسهم أمام طوابير طويلة من البشر اصطفّ واحدهم تلو الآخر، من سنغافورة إلى الولايات المتحدة، في الأسواق الكبرى خلال الأسابيع الماضية، وذلك لتخزين سلع مثل الأرز ومعقم اليدين والمحارم الورقية، وهو ما تسبب بارتفاع أسعارها وفي بعض الأحيان تسبب الأمر بفقدانها من الأسواق.

حمى الشراء الشره

الإقبال الكبير على السلع الأساسية وضع السلطات في دول عديدة أمام عقبة الحفاظ على المخزون الأساسي منها ومنع ندرتها في الأسواق، لتجنب عمليات احتكار من التجار لكسب أرباح أكبر، وهي عملية بدأت بالفعل في دولٍ تعدّ مؤسساتها فاسدة إلى حدٍّ كبير.

وهنا يشار إلى أنّ التغافل المقصود للمسؤولين عن حماية المستهلك مكّنَ التجارَ من رفع أسعارٍ واحتكار أسواق دون الخوف من ملاحقات ومساءلات، لتندرج المخاوف تحت بندين، البند الأول هو أنّ ارتفاع الأسعار قد يسرّع عملية فقدان السيولة الموجودة في الأسواق، وذلك بدوره سيسرّع وقوع أزمة سيولة على الرغم من الإجراءات الحكومية المُتّخذة في عديد الدول لضخّ أموالٍ وإرسال تطمينات مالية.

البند الثاني هو أنّ تضخم أسعار السلع الأساسية سيؤجج أزمة صحية وغذائية أخرى تتضرر منها فئات كبيرة من طبقة محدودي الدخل ومن هم تحت خطّ الفقر، لضعف قدراتهم الشرائية على مواكبة حجم الغلاء والتضخم، خاصّة وأنّ معظمهم موظفون بأجرٍ يومي وقد تضرر دخلهم جرّاء حظر التجول وشلّ عجلة العمل اليدوي في معظم الشركات.

تحذيرات أممية

مخاوف منظمات الغذاء العالمية تأتي بالتزامن مع تحذيرات خبراء في منظمة الأغذية والزراعة الأممية من تفاقم الأزمة إذا ما بقيت حمى الشراء الشره في تصاعد، على الرغم من وفرة إمدادات الحبوب الأساسية والبذور الزيتية في الدول المصدرة الرئيسية.

الوفرة التي يعشيها القطاع الزراعي هي الأخرى تبدو مهددة على المستوى الزمني البعيد، حيث إنه وفي الوقت الذي يبدو فيه العمل في القطاع الغذائي والزراعي أقل تضرراً عن غيره من القطاعات، فإن نقص العمالة جراء تفشي فيروس كورونا يضاف إليه توقف عمليات النقل، وإجراءات الحجر الصحي.. كل ذلك سيشكّل تهديداً على قدرة المصادر الرئيسية في الإنتاج بالوتيرة عينها، يضاف إليه تأثر الوصول للأسواق العالمية الأخرى ودوران سلسة التوريد.

كيف نكبحُ جماحَ الشراء الشره؟

إن كبح جماح حُمّى الشراء الحاصلة في الوقت الحالي هو إحدى مسؤوليات المستهلك بشكلٍ خاص والمُورّد بشكلٍ عام أي كان حجم عمله، إذ أن من واجبات المستهلك الوعي لتبعات تخزينه للمواد الغذائية على صعيد التّضخّم في الأسعار، إلى الفقدان، وحاجة غيره للسلع الأساسية كما هو. أمّا مسؤولية المورّد فتقع بالدرجة الأولى في خروجه عن سياق المصدر العادي لحثّ المستهلك على فهم واقع الأزمة بشكل أكبر، إلى جانب حملات جماعية قد تقوم بها منظمات المجتمع المدني ومتطوعون للعمل على توعية الفرد العادي وغيره من مخاطر التخزين بشكل كبير ولمدد زمنية طويلة، وانعكاس ذلك على المجتمع في المستقبل المتوسط إن لم يكن القريب.
التعليقات (0)