صحافة دولية

هل بدأت أولى المؤشرات السياسية لتفشي كورونا بالاتضاح؟

الأزمة الحالية تساهم في بروز بعض الاتجاهات السياسية غير المتوقعة على الصعيد الوطني- جيتي
الأزمة الحالية تساهم في بروز بعض الاتجاهات السياسية غير المتوقعة على الصعيد الوطني- جيتي

نشر المركز الإيطالي للدراسات الجيوسياسية والعلاقات الدولية تقريرا سلط من خلاله الضوء على التغييرات السياسية التي قد تحدثها أزمة تفشي فيروس كورونا على جميع الأصعدة.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته ''عربي21''، إنه من الممكن البدء في التفكير في المؤشرات السياسية الأولى لتفشي الوباء الناتجة عن الديناميات الجارية على نطاق عالمي وإقليمي ووطني. ففي لحظات الأزمة الحقيقية، يكون صناع القرار السياسي مدعوين إلى اتخاذ خيارات حاسمة ومصيرية في الأوقات الصعبة.

ونوه الموقع إلى أن التنبؤ بأي تغييرات سياسية قد تحدثها حالة الطوارئ التي أعلنت عنها العديد من البلدان لمجابهة تفشي الفيروس، يشكل تمرينًا محفوفًا بالمخاطر طالما أن الأزمة لا تزال تتطور؛ وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى الإنكار الفوري. ويبدو أن الأزمة الحالية تؤكد ميل الولايات المتحدة للتخلي عن دورها كقوة رائدة. كما أن تصوير الولايات المتحدة "كأمة ضرورية" على الصعيد العالمي، التي روجت لها إدارة كلينتون وأعادت اقتراحها إدارة بوش، تمثل فكرة قد عفا عنها الزمن.

وأصبح ذلك واضحا بعد أن أدى مشكل "التمدد المفرط" للإمبريالية أو الرغبة في تجنب توسيع الفجوة بين الموارد المتاحة والالتزامات التي تم التعهد بها التي أثارتها أزمة 2007-2008، إلى تغيير نهج إدارتي أوباما وترامب. ولم تقتصر جهود التغيير على الحد من التكاليف البشرية والاقتصادية للالتزام الدولي الأمريكي، وإنما أيضًا التقليص من حجم الصورة المرتبطة بفرط التعرض.

وأكد الموقع أن المسافة التي أخذتها الولايات المتحدة، كما يتصورها اليوم بعض حلفائها التقليديين، لا ترتبط بقناعات الرئيس الحالي وتفضيلاته الشخصية، بل بتغير الوضع الاستراتيجي للبلاد خلال العقد الماضي في مواجهة سياق دولي تغير بشكل كبير مقارنةً بتسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تخلت عن التزاماتها تجاه إيطاليا أو أوروبا بشكل عام، ولكنها على الأرجح تقدم أقل مما يتوقعه الأوروبيون من الأمريكيين (حربان عالميتان، خطة مارشال، و70 سنة من الإرث النفسي الذي تركه الناتو).

 

اقرأ أيضا: 2020 لن ينساه التاريخ.. هذه معالم أعمق أزمة اقتصادية منذ قرن

وأوضح أنه يجب دمج هذا العنصر الهيكلي مع آخر ذي طبيعة مشروطة ويرتبط بدونالد ترامب. وفي الواقع، لا تزال الجهود التي تبذلها واشنطن قيد الاستعراض لسببين. أولا، لا يستطيع الرئيس الحالي أن يتحمل المطالبة بالحصول على الفضل من الرأي العام الدولي، وإلا فقد تهتز شعبيته في الداخل قبل سبعة أشهر من الانتخابات الرئاسية. ثانيا، إن الرئيس الأمريكي بشكل عام هو ضحية نظام إعلامي جعله، في إيطاليا وأماكن أخرى، قادرا على الانحراف بدور بلاده واختزال سياسته الخارجية في ميولاته الشخصية المنفصلة عن الخيارات الاستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى.

وعلى المستوى الإقليمي، أكد الموقع أن هناك اتجاها يتشكل ومن المحتمل أن يتعزز بمرور الوقت. وإن استقرار عملية الاندماج الأوروبية، التي لم تكن في أحسن حالاتها حتى قبل الأزمة، أصبحت الآن معرضة للخطر وقد تكون ضمن حصيلة ضحايا هذه المأساة العالمية.

 

وعلى مر التاريخ، أظهر الاتحاد الأوروبي أنه غير قادر على تعزيز التعاون الفعال بين أعضائه، ويبدو أنهم عادوا للعمل وفقًا لمنطق فردي أشد قسوة.

وأورد الموقع أنه في المرحلة الأولى من الأزمة، كان افتقار الاتحاد الأوروبي لبروتوكول مشترك لإدارة الطوارئ ضربا من المفارقة بالنسبة لمنظمة تمثل الإنتاجية التنظيمية المفرطة إحدى نقاط ضعفها.

 

وفي المرحلة الثانية، ورغم تطمينات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من اتخاذ قرارات سريعة. كما حدث انقسام بشأن سندات اليورو بين البلدان التي تتطلب مرونة ضريبية أكبر (مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا) وتلك التي تقف على موقف يتسم بالتعنت المطلق (مثل هولندا والنمسا وفنلندا في المقدمة، مع ألمانيا وراء الكواليس).

وأشار الموقع إلى أنه من الصعب توقع إرث هذه الأحداث في المستقبل، لكنها لن تساعد في تعزيز المشاعر المؤيدة لأوروبا. ولعل ذلك ما دلت عليه الخطابات الأخيرة لشخصين رئيسيين في الجبهة المؤيدة لبروكسل في إيطاليا، مثل رئيس الجمهورية سيرجيو ماتاريلا، ورئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي الذي بدا عليه الإحراج من قضية التضامن الأوروبي خلال مقابلة مع شبكة "الراي".

ولكن الأمر الأكثر خطورة من مشكلة التدابير التي اتخذت لمجابهة الأزمة، هي أن الحدث الذي يهدد بترك بصمته على الصورة السلبية للاتحاد الأوروبي في إيطاليا وغيرها من البلدان المتضررة من الفيروس، يتلخص في عدم تعاطف القيادة الأوروبية مع معاناة مواطنيها.

وأشار الموقع إلى أن الأزمة الحالية تساهم في بروز بعض الاتجاهات السياسية غير المتوقعة على الصعيد الوطني، وهي مترابطة بشدة مع الاتجاهات السابقة ويمكن أن تعجّل في ظهورها.

 

وأوضح أنه من ناحية، أعادت حالة الطوارئ إطلاق دور الدولة بوصفها الجهة الرئيسية لتوفير الأمن والدفاع المزدوج ضد التهديدات الداخلية والخارجية، وإنشاء نظام رعاية اجتماعية على غرار نموذج أوروبا في القرن التاسع عشر ثم ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومن ناحية أخرى، هناك افتتان واضح - على الأقل بين وسائل الإعلام والسياسيين الإيطاليين - بنماذج بديلة للنموذج الغربي الليبرالي الديمقراطي.

التعليقات (1)
عبدالله
الأحد، 05-04-2020 12:36 ص
مشكله الغرب عموما هي انانيته المفرطه وتخليه عن القيم الانسانيه والتي نتج عنها وصول قيادات تعمل على الهاء الشعوب بسياسات شعبويه يمينيه متطرفه و حتى لوحكم اليمين او الااشتراكيين فان سياساتهم تقترب من التطرف اليميني زياده على راس المال المتوحش الذي لا يراعي اي اهتمام للخدمات الصحيه اوالاجتماعيه لانها تقلل من الارباح وهذا جليا في بلد مثل فرنسا و التي يحكمها ماكرون الكاره للفقراء و العمال البسطاء و مسلمي فرنسا و حتى العاطلين باختصار هو يكره كل شئ ما عدى الطبقه الغنيه والسبب انه مصرفي فاقد للمشاعر الانسانيه و مثل هذا لو حكم فاقراوا على البلد السلام ويتكررالمثال في. ايطاليا و اسبانيا و المانيا ناهيك عن الدول الاسكندنافيه المريضه بسياده العرق الابيض هذه اي المؤامره التي يصح ان تسمى بالرجل المريض كما سموا هم انفسهم الدوله العثمانيه في اواخرها اوربا والغرب بما فيه امريكا اثبت انها تافهه و وغير جديرهبالاحترام