مقالات مختارة

القتال في ليبيا أوصى به طبيب

ظافر محمد العجمي
1300x600
1300x600

بعكس كل دول العالم هذه الأيام، تقتل الحرب في ليبيا الشقيقة أكثر مما يقتل كورونا (كوفيد -19)؛ فإجمالي الإصابات بفيروس كورونا في ليبيا وصل إلى 256 حالة فقط، حتى الأسبوع الأول من يونيو 2020. فيما وصل عدد قتلى الأسبوعين الأخيرين من المعارك حوالي ألف قتيل من كلا الطرفين. لكن «كورونا» رغم قلة عدد ضحاياه الليبيين، مقارنة ببقية دول العالم، هو في تقديرنا ذو أثر محرك للقتال الدائر هناك الآن.
فالمعارك التي حدثت الأسبوعين الماضيين أتت بناء على تقديرات وتوصيات من مطلعين على عمليات استشراف حركة وباء كورونا «كوفيد - 19»، مما يعني أنه في حال انحساره ستتسع ساحات القتال، ويكثر المشاركون الخارجيون في الشأن الليبي بتدخلاتهم السياسية أو القتالية أو الإمداد بالأسلحة والذخيرة؛ فالغاية من هذه القصدية العالية في توقيت التصعيد هو استباق تفرغ أطراف خارجية لها طموح عريض في الأرض الليبية.
وكما تنتظر الذئاب ذوبان الجليد فتنزل للسهول من جحورها في الجبال، تنتظر دول غربية عدة انحسار «كورونا» في بلدانها نفسها. ومخطئ من يعتقد أن ما يجري هو ضمن سكوت أوروبي مقصود، بل إن الأوروبيين مجبرون على ذلك، جراء تقييد الميزانيات العسكرية التي لا تحتمل العمليات الخارجية الكبرى. وتشير ملامح السلوك السياسي في واشنطن وباريس وروما وحتى لندن إلى أنها حكومات تنتظر إشارة طبية بتعافيها لتعود لتحقيق أجندتها المصلحية في ليبيا؛ فتعويض ما صرفه الأطباء على التصدي لوباء كورونا (كوفيد -19) لن يحققه إلا ما سيكسبه العسكر من حقول نفطية.
ورغم النزعة الفوضوية التي تطبع العمليات في ليبيا، لم ينتشر القتال أو كورونا على رقعة واسعة متصلة، ومرد ذلك كما يقول مختصون هو «عدم وجود مدينة حاكمة تستطيع أن تذكر أنه عند السيطرة عليها تكون قد احتلت الدولة أو قد حررتها»، فغياب مدينة ليبيا مركزية واحدة مترابطة جيداً مع المدن الأخرى كان «من أهم أسباب فشل استمرار احتلال ليبيا على مدار تاريخها»، كما قيل. فغياب مركز الثقل يعني غياب المعارك المفصلية في ليبيا، ويعني عدم وجود مركز يتركز فيه نمو الوباء ثم ينتشر منه لبقية الأطراف المتصلة بالمركز.
ويسابق الليبيون على طرفي النزاع وباء كورونا؛ لإنجاز ما يرجّح كفة مطالبهم على طاولة المفاوضات -التي لم يحالف أحد الحظ في ترتيب مقاعدها- ليس بتمني زوال وباء كورونا «كوفيد – 19»، كما يفعل معظم سكان الأرض، بل ربما تمني استمرار الوباء لأطول مدة ممكنة، فالسيناريو السوري ماثل أمام الليبيين، وجاهز للتطبيق، حال عودة تحرك النوازع الدولية الشريرة، ومن أوجه تطابق المشهدين أن المحرك هو الأطماع والمنفذ هم المرتزقة.

بالعجمي الفصيح
نكاد نجزم أن المحرك للقتال الجاري في ليبيا هو استباق تفرغ ذئاب دولية قيدت «كورونا» ميزانياتها الدفاعية، ومنعتها من الانخراط في الشأن الليبي. فنهاية «كورونا» ستزيد عدد اللاعبين هناك.

 

(العرب القطرية)

0
التعليقات (0)

خبر عاجل