صحافة دولية

الشيخ رائد صلاح لموقع بريطاني: أتوجه للسجن وأنا متمسك بقيمي

الشيخ رائد صلاح يعد واحدا من أبرز الشخصيات السياسية والدينية الفلسطينية- جيتي
الشيخ رائد صلاح يعد واحدا من أبرز الشخصيات السياسية والدينية الفلسطينية- جيتي

في لقاء له مع موقع "ميدل إيست آي" قبيل توجهه نحو السجن، أكد الشيخ رائد صلاح أنه متمسك بالتزامه تجاه المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية، وانتقد مساعي بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، معتبرا أن الجماهير العربية والإسلامية ترفض هذا التطبيع مهما كانت المواقف الرسمية.

ويقول الموقع البريطاني، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن رائد صلاح يعد واحدا من أبرز الشخصيات السياسية والدينية الفلسطينية، حيث أنه قضى كامل مسيرته في التردد على سجون إسرائيل. ويوم الأحد الماضي بدأ قضاء فترة محكوميته السابعة.

ويشير الموقع إلى أن صلاح سوف يقضي عقوبة مدتها 28 شهرا، على خلفية ادعاءات تتعلق بالتشجيع على الإرهاب. ولكن في الواقع فإن السبب هو خطاباته التي ألقاها في تموز/ يوليو 2017 ضد عملية تركيب البوابات الإلكترونية (أجهزة كشف المعادن) في البوابات الخارجية للمسجد الأقصى المحتل. وفي خطابه آنذاك ذكر الشيخ رائد الذي ينحدر من بلدة أم الفحم آيات من القرآن وأحاديث نبوية، إلى جانب بعض المقولات الشعبية الفلسطينية، وهو يتمسك بأن كلامه تم تحريفه من أجل الزج به في السجن.

ويذكر الموقع أن رائد صلاح المعروف بدفاعه عن المسجد الأقصى والحقوق الفلسطينية، كان رئيس الفرع الشمالي في الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، التي تم حظر نشاطها في العام 2015، إلا أن هذا الرجل رفض الصمت وتحدى هذا القرار الإسرائيلي.

وفي إطار مساعيها للانتقام منه، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد حاولت اغتيال الشيخ رائد أثناء عملية الإنزال الجوي التي قامت بها على متن السفينة التركية مرمرة ضمن قافلة الحرية التي كانت متجهة لكسر الحصار على قطاع غزة في العام 2010. وقد اعتقد الإسرائيليون في البداية أنهم أصابوه برصاصة في الرأس، ولكن تبين لاحقا أن المصاب شخص يشبهه.

وحول كيفية قضاء وقته في السجن، يقول الشيخ رائد في حديثه لـ"ميدل إيست آي": "لا أبالغ عندما أقول إن الوقت في السجن ضيق جدا، لأنني أضع لنفسي برنامجا يبدأ من صلاة الصبح وحتى وقت النوم، ولا أضيع أي لحظة. حيث أنني أقضي وقتي بين قراءة الكتب والقرآن والكتابة والشعر والصلاة."

"كما أنني أخطط لجلب دفتر رسومات، حتى أقوم بإنجاز رسم عن كل يوم أقضيه في زنزانتي، فهذا النشاط قد يمثل لغة انتصار مهمة جدا. أنا اليوم أشعر بالرضا التام والفرح والثقة وأنا أتوجه للسجن، وأتمسك بقيمي وليس لدي أي شعور بالندم. كما أعلم أنهم حال وصولي إلى زنزانتي سيشرعون في اختلاق قضية جديدة لإخضاعي لجولة جديدة من التحقيقات."

كما ذكر الشيخ رائد أنه تعرض للسجن في ست مناسبات، لفترات تتراوح بين الستة أشهر والسنتين ونصف، دون اعتبار عمليات الاعتقال والاستجوابات التي كانت تدوم ليوم كامل. كما أنه أخضع للإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات في ظروف خانقة، حيث أنه كان يمنع من رؤية أقاربه والتواصل معهم، وكان يعاني بسبب وجود طوق إلكتروني حول كاحله، تستخدمه سلطات الاحتلال لتعقبه طوال الوقت.

وذكر الشيخ رائد أن القضاء الإسرائيلي اتهمه بالتحريض على العنف، على خلفية استشهاده بالآية القرآنية التي نصها "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون". كما جرّمت المحكمة استشهاده بالأحاديث النبوية التي تحض على الرباط والدفاع عن الأماكن المقدسة.

وقد ارتكب الادعاء العام الإسرائيلي والشهود العشرات من الأخطاء في تفسيرهم للقرآن والسنة واللغة العربية، فيما تعمد القاضي تجاهل هذه الأخطاء. أما الخبراء الذين تمت الاستعانة بهم فقد وقعوا في هفوات غريبة وكان بعض الحضور يضحكون بسبب ذلك، وقد أقر هؤلاء الخبراء في عدة مناسبات بأنهم أخطأوا في التفسير، ولكن المحكمة تجاهلت ذلك.


وأكد الشيخ رائد أن الإسرائيليين توعدوه بالملاحقة الدائمة، ولما رد عليهم بأنه يريد الخروج من السجن من أجل خدمة شعبه، قالوا إنه "بإمكانه القيام بهذا الدور من خلال الدخول للكنيست"، وهو أمر رفضه بشكل قطعي واعتبره غير مقبول.

وأوضح الشيخ رائد أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد من الأجيال المقبلة أن تحذو حذو النموذج الذي يمثله هو، ولذلك فإنهم يحاولون محاصرته ويبذلون جهدا كبيرا لدفع القيادات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة سنة 1948 نحو التحرك في مساحات يحددها الاحتلال بنفسه، وهو أمر مرفوض.

وقال الشيخ رائد إن الاحتلال الإسرائيلي لا يسعى فقط إلى إبعاده من الساحة السياسية، بل إنه يخطط لهدف أكثر خطورة وهو استخدام كل أدوات القمع من أجل إفراغ المسجد الأقصى من الفلسطينيين، حتى لا يكون لهم أي وجود هنالك. وقد شرعوا في تنفيذ هذا المخطط الذي يتم من خلاله ضرب المصلين وإبعادهم وإيقافهم وارتكاب المجازر ضدهم.

وأضاف أن الاحتلال انتقل بعد ذلك إلى تجريم العلاقة بين الفلسطينيين ومسجدهم الأقصى، من خلال تجريم المرابطة والعبادة في هذا المكان المقدس، حيث أن القضاء بات يعتبر المرابطة هناك تحريضا على العنف والإرهاب. وفي الواقع فإن مجموعة المرابطين والمرابطات هي مجموعة من الفلسطينيين الذين أخذوا على عاتقهم حماية المسجد الأقصى، من خلال طلب العلم وتوحيد الصفوف داخله، من أجل التصدي لاعتداءات المستوطنين المتطرفين، عبر رفع الأصوات بالتكبير ومنعهم من الصلاة داخل الحرم.

وحول موقفه من تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية والإسلامية، اعتبر الشيخ رائد أن فتح الباب أمام التجارة والرحلات الجوية يهدف لخلق بيئة ملائمة لإضفاء الشرعية على الاحتلال والمشروع الصهيوني.

وأكد الشيخ رائد أن هذه الشرعية في الواقع لا تتجاوز حدود ذلك الشخص الذي أقرها بناء على منصبه، والواقع هو أن ضمير الشعوب العربية والإسلامية لا يزال حيا، وهي ترفض كل ما يحدث الآن سواء لازمت الصمت أو عبرت عن أرائها وتحملت ما ينتج عن ذلك من ضرر وسجن.

وأضاف الشيخ رائد أن الجماهير هي الأساس وهي القانون، ورفضها لكل ما يحدث الآن يظهر أن ما تسمى "صفقة القرن" ولدت ميتة، ولن تذهب بعيدا مهما كان حجم تصفيق البعض لها. لذلك فإنه ما دام هناك فلسطينيون وعرب أحرار فإن هؤلاء الحكام لن ينجحوا في تمرير هذه الصفقة أمام الدعم الشعبي الكبير للقضية الفلسطينية.

وعبر الشيخ رائد عن ألمه من مشاهدته للاحتلال الإسرائيلي وهو يتبجح بأن له السيادة المطلقة على المسجد الأقصى، وأن له القدرة على سجن وضرب وإصابة كل من يدخل هذا المكان سواء كان رجلا أو امرأة، ثم يأتي البعض ليكافئ هذا السلوك عبر منح إسرائيل الشرعية من خلال خطاب التطبيع واتفاقات التجارة والسياحة. هذا الأمر بلا شك يشرع للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الاقصى والقدس والضفة الغربية، إلى جانب تشديد الحصار على قطاع غزة.

 

اقرأ أيضا: لحظات مؤثرة بوداع الشيخ رائد صلاح والدته.. ونشطاء يعلقون



التعليقات (0)