هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقد خبير أمني بارز لدى الاحتلال الإسرائيلي "الثمن الذي دفعته" حكومة الاحتلال مقابل استرجاع المستوطنة التي تسللت إلى سوريا مؤخرا، مؤكدا أن الصفقة تشكل "سابقة خطيرة".
وأوضح الخبير الأمني الإسرائيلي، يوسي ميلمان، في مقال بصحيفة "هآرتس" العبرية، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، "سيكون مسرورا جدا لو أحضر عظام إيلي كوهين (جاسوس إسرائيلي) كي تدفن هنا قبل الانتخابات، وهو على قناعة بأن هذه الخطوة التي فشلت حتى الآن، ستزيد عدد مقاعده في الكنيست".
وذكر أن "الشخص الرئيسي" الذي استعان به نتنياهو لإتمام الأمر، هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأنه "فقط، هو الذي يستطيع أن يستخدم رافعة تأثيره، على فرض أن بشار الأسد يعرف مكان بقايا جثة كوهين، وربما يكون هذا هو التفسير لموافقة نتنياهو على صفقة التبادل المشكوك فيها مقابل الإسرائيلية (د) التي تسللت إلى سوريا".
وزعم أنها "المرة الأولى التي توافق فيها إسرائيل على دفع فدية مقابل إسرائيلي اجتاز الحدود بإرادته، وفي السابق وافقت على دفع عشرات ملايين الدولارات نقدا أو على شكل سلع مثل النفط، لإطلاق سراح الطيار رون أراد، وهناك واجب لدفع فدية حتى مقابل جنود تم أسرهم، ولكن لا يوجد أي مبرر لدفع أموال مقابل إسرائيليين؛ أفعالهم تسببت بضائقتهم".
وبين ميلمان، أن "تكلفة الفدية مقابل المتسللة، هي مليون دولار تقريبا، وهذا المبلغ سيتم دفعه للشركة الروسية التي تنتج لقاح سبوتنيك، ليوزع على الجيش وجهاز المخابرات السوري والمقربين من نظام الأسد".
ولفت الكاتب أيضا إلى سابقة ثانية، على حد تعبيره، قائلا إنه "هذه هي المرة الأولى التي صممت فيها الشرطة في إسرائيل والنيابة العامة على منع نشر اسم الفتاة، ومنذ الخمسينيات نشر دائما اسم كل إسرائيلي، مدني أو جندي، تمت إعادته من السجن أو الأسر في دولة معادية أو كان محتجزا في أيدي منظمة".
وأضاف: "هناك مئات الحالات الأخرى التي تم فيها نشر أسماء إسرائيليين تسللوا عبر الحدود لدول معادية".
ورأى الخبير، أن "حالة المتسللة (د) وسابقات من الماضي، تثير قضايا مهمة تتحدى حكومات إسرائيل، التي تجد صعوبة في التعامل معها".
وتساءل: "ما هي حدود مسؤولية إسرائيل تجاه جمهورها؟ هل حكم الجنود أو من تم إرسالهم من قبلها لمهمات مثل حكم المدنيين؟ هل من يخالف القانون من الجمهور يستحق أن تصر إسرائيل على إطلاق سراحهم؟ وهل يجب مطالبتهم بتعويض عن الأضرار المالية التي تسببوا بها؟".
اقرأ أيضا: خبير إسرائيلي يكشف تفاصيل حول صفقة التبادل مع دمشق
وأشار إلى أن "محاولة من المحاولات الجدية لمناقشة هذه الأمور، كانت في 2008، عندما أمر وزير الأمن في حينه، إيهود باراك، بتشكيل لجنة فحص برئاسة رئيس المحكمة العليا السابق مئير شمغار، وكل ذلك في أعقاب انتقاد حاد من قبل الجمهور لعدد من صفقات التبادل وعلى رأسها صفقة تننباوم".
وتابع: "في هذه الصفقة الفضائحية، وافقت حكومة أريئيل شارون على إطلاق سراح نحو 400 أسير، مقابل جثث ثلاثة جنود إسرائيليين، وبعد انتهاء عمل اللجنة في 2012 ناقشت حكومة نتنياهو التقرير، لكنها لم تَتبنَّ استنتاجاته"، مشيرا إلى أنه "على الرغم من أن التقرير سري ولم يتم نشره رسميا، لكن تسربت منه بعض التفاصيل".
وأفاد ميلمان بأن "التقرير يتحدث عن سلم أولويات وتناسب؛ فاللجنة تفرق بين المدنيين والجنود، وتوضح أنه يجب التمييز بين 4 سيناريوهات من خلالها يتم اشتقاق موقف الحكومة والتزامها، وهي حسب ترتيب تنازلي للأهمية؛ جندي تم أسره أثناء نشاط عملياتي، إسرائيلي تم أسره بعد عملية، إسرائيلي اجتاز بالخطأ الحدود وتم اعتقاله، إسرائيلي اجتاز الحدود بإرادته"، موضحا أن "الثمن الذي ستدفعه إسرائيل يتناسب مع هذا الترتيب".
وأوضح ميلمان أن "الجندي الإسرائيلي الأسير، يجب إطلاق سراحه مقابل عدد غير كبير من المعتقلين وجثامين قتلى العدو، وأما جثة الجندي، فيتم استعادتها مقابل الإفراج عن جثة أو معتقل واحد، والثمن المدفوع مقابل إعادة إسرائيليين اجتازوا الحدود بإرادتهم، يجب أن يكون أقل".
وقال: "إن من قام باجتياز الحدود بإرادته وهو مستقر نفسيا، لا يستحق أن تهب إسرائيل لمساعدته، ولكن عندما لا تقوم الحكومة بعملها في القضايا المصيرية مثل أزمة كورونا، المشروع النووي الإيراني، المفاوضات مع السلطة الفلسطينية أو الاتفاق مع حماس الذي سيسمح بإعادة الجنود، نتوقع أن تحاول تبني سياسة عقلانية في كل ما يتعلق بالأسرى والمفقودين والمتسللين بإرادتهم، تكاد تقارب الصفر".
وقدر الخبير الأمني أنه "عندما يتم اتخاذ القرارات حسب نزوة وبدون أي نقاش جذري ومعمق، يبدو أن (د) لن تكون المتسللة الأخيرة، علما بأن الثمن الذي دفعته إسرائيل مقابل إطلاق سراحها، هو سابقة لثمن أعلى بكثير ستضطر إلى دفعه في المستقبل".