هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى تقرير استراتيجي أن من شأن التنافس الدولي المستجدّ في عالم متعدِّد الأقطاب أن يتيح فرصاً أفضل نسبياً للقضية الفلسطينية على المدى البعيد، على الرغم من عدم اتضاح ما ستتمخّض عنه الأزمة الدولية الحالية، وما ستُفضي إليه مجرياتها الدقيقة على مستوى موازين القوى.
جاء ذلك في تقدير موقف أصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في لبنان اليوم السبت، بعنوان: "تأثيرات الأزمة الأوكرانية على القضية الفلسطينية وخيارات التصرف المتاحة"، من إعداد حسام شاكر، الباحث المتخصص بالشؤون الأوروبية.
وأكد التقدير أن من شأن التهاب صراع النفوذ بين الأقطاب الدولية في المنطقة، إن تحقّق في حالة احتمال روسيا هجمة العقوبات والعزل المسلّطة عليها، أن يتيح فرصاً لإعادة التموضع بالنسبة للأطراف الإقليمية، وأن يفتح أفقاً محتملاً لخروج القضية الفلسطينية من حالة الانسداد السياسي المزمن الذي شهدته في ظلّ هيمنة الولايات المتحدة على ما سمي "عملية سلام الشرق الأوسط"، وما تمخّض عنها من اتفاقات وأنظمة.
وأشار إلى أن ذلك لن يتّضح في الأمد القريب، لأنه متعلِّق أساساً بما ستؤول إليه الأزمة الدولية الحالية المرشّحة لمزيد من المفاجآت، ومدى تأثيرها على موازين القوى الدولية والإقليمية.
ولفت التقدير الانتباه إلى أنه قد يبدو للوهلة الأولى أنّ الأزمة الأوكرانية لن تعود بتأثيرات ملموسة على القضية الفلسطينية، وأنها ستصرف الاهتمام الدولي بعيداً عن فلسطين وعدد آخر من القضايا؛ لكنّ توفّر إرادة سياسية فلسطينية مصحوبة بهبّة شعبية أو انتفاضة، وجاهزية تَدَخُّل لدى المقاومة الفلسطينية كفيل بأن يُعيد فرض القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وتوظيف حرص واشنطن وحلفائها على التهدئة في هذه المرحلة الحسّاسة لأجل انتزاع مكتسبات معيّنة لصالح الشعب الفلسطيني وقضيّته، على الرغم من ضعف البيئة الإقليمية الرسمية الحاضنة لهذا التصعيد الفلسطيني المحتمل.
وأوصى التقدير القوى الفلسطينية بأن تسارع إلى اغتنام اللحظة في صياغة خطوط عريضة على الأقل لبرنامج وطني فلسطيني للتحرّر من الاحتلال، والسعي إلى فرض مطالب الشعب العادلة وتغيير بعض قواعد اللعبة المفروضة على الواقع الفلسطيني، مع تفويت الفرصة على إمكانية إفراغ هذا التوجّه من محتواه عبر مسارات تفاوضية مجرّبة سلفاً وأثبتت التجربة فشلها. كما دعاها إلى تشجيع إرهاصات هبّة شعبية فلسطينية جديدة وتعزيزها بخطاب واضح ومطالب محددة دفعاً في اتجاه إنهاء الاحتلال، واستثمار الأزمة الروسية الأوكرانية في تأزيم موقف الاحتلال على المستوى الدولي.
وختم التقدير بالإشارة إلى أن المستجدات الدولية تفرض صياغة خطاب فلسطيني جديد، على هذا الأساس، مصحوب بأداء فاعل يحدِّد مطالبه بصفة ضاغطة على المجتمع الدولي، ويحشد الشعب الفلسطيني وقوى أمّته وجماهير العالم معه، علاوة على محاولة استثمار المواقف الإقليمية والدولية في هذا الاتجاه. و
وأكد التقدير أن الأزمة الأوكرانية تفرض عناية خاصة من جانب الأطراف الفلسطينية، على صعيد المواقف ولغة الخطاب، ويشمل ذلك: إعادة تقديم قضية فلسطين بصفتها الطبيعية القائمة على الاحتلال غير المشروع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ودياره، والدفع باتجاه التخلّص من خطاب المواءمات مع أولويات الاحتلال الذي برز في مرحلة أوسلو.
كما تفرض هذه الأزمة، استثمار الخطاب الصاعد على المستوى الغربي الذي يصرِّح بدعم المقاومة المسلّحة لقوات الغزو والاحتلال، بالنظر إلى الحالة الأوكرانية، في تأكيد مشروعية مقاومة فلسطين وكفاح شعبها العادل.
كما دعا التقدير إلى الاستفادة من سياسات العقوبات ونزع الاستثمارات التي تقودها الولايات المتحدة وحلفائها ضدّ روسيا في مواجهة السياسات والجهود الدعائية المناهضة لمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، ونزع الاستثمارات منه وفرض العقوبات عليه.
كما دعا التقدير إلى تحاشي الظهور في موقف مؤيِّد للغزو الروسي والاحتلال الذي قد يترتب عنه في أوكرانيا، بالنظر إلى الأبعاد المبدئية في هذا الشأن، وتناقض موقف مفترض كهذا مع المطالبة بزوال الاحتلال في فلسطين.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
إقرأ أيضا: بايدن يهدّد روسيا مجددا.. وأوروبا تكشف عن حزمة عقوبات رابعة