سياسة دولية

"رويترز": تفاصيل "اتصالات مكثفة" بين تركيا والنظام السوري

لم تتجاوب المخابرات التركية والسورية للوكالة للتعلق على ما نشرته- عربي21
لم تتجاوب المخابرات التركية والسورية للوكالة للتعلق على ما نشرته- عربي21

نشرت وكالة "رويترز" تقريرا حصريا لها، تناولت فيه تفاصيل حول "اتصالات مكثفة" بين تركيا والنظام السوري، بتشجيع من روسيا.

 

ونقلت الوكالة عن أربعة مصادر، قولها؛ إن رئيس المخابرات التركية عقد اجتماعات عدة مع نظيره السوري في دمشق، خلال الأسابيع القليلة الماضية، "في مؤشر على تقدم جهود روسية لإذابة الجليد بين الدولتين اللتين تقفان على طرفي النقيض في الحرب السورية"، وفق تعبيرها.

وأوردت "رويترز" عن "مصدر إقليمي مؤيد لدمشق"، قوله؛ إن "رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركي هاكان فيدان ورئيس المخابرات السورية علي مملوك، التقيا هذا الأسبوع في العاصمة السورية".

 

اقرأ أيضا: كاتب تركي: أردوغان أبدى رغبته بلقاء الأسد في أوزباكستان

وقال مسؤولون أتراك والمصدر الإقليمي؛ إن هذه الاتصالات "تعكس تحولا في السياسة الروسية في وقت تعد فيه موسكو نفسها لصراع طويل الأمد في أوكرانيا، بينما تسعى لتأمين موقعها في سوريا، حيث تدعم قواتها بشار الأسد منذ عام 2015".

ومن شأن أي تطبيع في العلاقات بين أنقرة ودمشق أن يغير معالم الحرب في سوريا، المستمرة منذ عشر سنوات.

ويصطدم التقارب بين تركيا والنظام السوري بتعقيدات كثيرة من بينها مصير مقاتلي المعارضة وملايين المدنيين، الذين فر كثير منهم إلى الشمال الغربي هربا من جرائم نظام الأسد.

وتنشر تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، قوات على الأرض في جميع أنحاء المنطقة. ويصف الأسد من جانبه الوجود التركي بأنه "احتلال".

ووفقا لمسؤول تركي كبير ومصدر أمني تركي، للوكالة ذاته، فقد بحث مملوك مع فيدان، الذي يعد أحد أبرز المقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان، خلال الاجتماعات الأخيرة، "احتمال عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين في نهاية المطاف".

وقال المسؤول التركي: "تريد روسيا أن تتجاوز سوريا وتركيا خلافاتهما، وتتوصلا لاتفاقات محددة... تصب في مصلحة الجميع، بما في ذلك تركيا وسوريا".

وأضاف أن أحد التحديات الكبيرة، تكمن في رغبة تركيا في إشراك المعارضة السورية المسلحة في أي محادثات مع دمشق.

تحول في التركيز الروسي

وقال المسؤول الأمني التركي؛ إن "روسيا سحبت تدريجيا بعض مواردها العسكرية من سوريا للتركيز على أوكرانيا، وطلبت من تركيا تطبيع العلاقات مع الأسد لتسريع الحل السياسي بسوريا".

وقال المصدر المتحالف مع دمشق؛ إن روسيا حثت سوريا على الدخول في محادثات مع أنقرة، في الوقت الذي تسعى فيه موسكو لتأمين موقفها وموقف الأسد إذا اضطرت لنقل قوات إلى أوكرانيا.

وقال المصدر؛ إن الاجتماعات الأخيرة، ومن بينها زيارة قام بها فيدان إلى دمشق استمرت يومين في نهاية آب/ أغسطس الماضي، سعت إلى تمهيد الطريق لجلسات على مستوى أعلى.

وذكر المسؤول التركي البارز، أن أنقرة لا تريد أن تملأ القوات الإيرانية أو تلك المدعومة من إيران، التي تنتشر بالفعل على نطاق واسع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، الفراغ الذي ستخلفه عمليات الانسحاب الروسية.

وأشار المسؤول الأمني التركي إلى أن روسيا أيضا لا تريد للنفوذ الإيراني أن يتسع، لأن هذا من شأنه أن ينتقص من وجودها.

 

اقرأ أيضا: ما الذي تبقى أمام عودة العلاقات بين تركيا والنظام السوري؟

وقال دبلوماسي مقيم في المنطقة؛ إن روسيا سحبت عددا محدودا من القوات من جنوب سوريا، في وقت سابق هذا الصيف، لا سيما في المناطق الواقعة على طول الحدود مع إسرائيل التي شغلتها لاحقا قوات متحالفة مع إيران.

وبينما تحدث فيدان ومملوك بالفعل على نحو متقطع خلال العامين الماضيين، فإن وتيرة وتوقيتات الاجتماعات الأخيرة تشير إلى وجود حاجة ملحة الآن للتواصل.

وقال المصدر الإقليمي المتحالف مع دمشق، ومصدر آخر رفيع المستوى موال للأسد في الشرق الأوسط؛ إن الاتصالات التركية السورية أحرزت الكثير من التقدم، دون الخوض في تفاصيل.

وقال مصدر إقليمي ثالث متحالف مع دمشق لرويترز؛ إن العلاقات التركية السورية بدأت تتحسن وتتقدم إلى مرحلة "تهيئة الأجواء للتفاهم".

وتحدثت المصادر شريطة عدم الكشف عن هويتها، نظرا لحساسية اللقاءات التي لم يتم الكشف عنها علنا.

ولم ترد وزارة الخارجية الروسية على الفور على طلب للتعليق.

وامتنع جهاز المخابرات الوطنية التركي عن التعقيب، كما لم تدل وزارة الخارجية بتعليق على الفور. كذلك لم ترد وزارة إعلام النظام السوري على الفور على أسئلة عبر البريد الإلكتروني من رويترز.

المستحيل أصبحا ممكنا

وبدا التقارب التركي السوري في حكم المستحيل في المراحل المبكرة من الصراع السوري الذي خرج من رحم انتفاضة ضد الأسد في عام 2011، وأسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، واجتذب تدخلات من العديد من القوى الأجنبية وقسم البلاد إلى مناطق متشرذمة.

ووصف أردوغان الأسد بأنه "إرهابي"، وقال؛ إنه لا يمكن للسلام أن يتحقق في سوريا وهو على مقعد الرئاسة، بينما وصف الأسد أردوغان بأنه "لص"، بسبب "سرقته" الأراضي السورية.

لكن في تغير واضح في لهجته الشهر الماضي، قال أردوغان؛ إنه لا يمكنه استبعاد الحوار والدبلوماسية مع سوريا في المطلق.

ويواجه أردوغان انتخابات محتدمة العام المقبل، التي ستتتمثل ملفاتها الساخنة في طريقة إعادة بعض من اللاجئين السوريين في تركيا، الذين وصل عددهم الآن إلى 3.7 مليون.

وتأتي الاتصالات التركية السورية أيضا على خلفية سلسلة من الاجتماعات بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من بينها اجتماع مقرر الجمعة في أوزبكستان.

وفي تموز/ يوليو، ساعدت تركيا في إبرام اتفاق تدعمه الأمم المتحدة لرفع الحصار عن صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، الذي كان قائما منذ غزو روسيا لجارتها في 24 شباط/فبراير.

وبعد زيارة أخيرة لموسكو، قال أردوغان؛ إن بوتين اقترح على تركيا التعاون مع دمشق على طول حدودهما المشتركة، حيث شنت أنقرة عدة هجمات على المناطق التي تقيم فيها الجماعات الكردية السورية "حكما ذاتيا" منذ 2011.

وتهدد تركيا بشن هجوم آخر على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، التي تعتبرها أنقرة مصدر تهديد للأمن القومي. وأبدت روسيا معارضتها لمثل هذا التوغل.

التعليقات (0)