سياسة دولية

الصين وروسيا تفتكّان الشرق الأوسط من قبضة الولايات المتحدة

"تسار غراد": السعودية لم تجاهر بالتخلص من التبعية الأمريكية والوقوع تحت وطأة التبعية الصينية - جيتي
"تسار غراد": السعودية لم تجاهر بالتخلص من التبعية الأمريكية والوقوع تحت وطأة التبعية الصينية - جيتي
نشر موقع "تسار غراد" الروسي تقريرا تحدث فيه عن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى السعودية، التي صنفت من بين الأحداث السياسية الرئيسية لهذا العام التي وجهت ضربة مدوية وغير متوقعة للولايات المتحدة ومثلت انتصارًا كبيرًا لموسكو.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن المملكة العربية السعودية باعتبارها لاعبًا رئيسيًّا في الشرق الأوسط تسترشد به معظم دول المنطقة تعمل حاليا على إعادة رسم خارطة تحالفاتها.

لماذا زار شي المملكة؟


ذكر الموقع أن شي جينبينغ حضر الجمعة الماضي اجتماع قادة مجلس التعاون الخليجي والقمة الصينية العربية التي شارك فيها العشرات من القادة العرب. إثر ذلك، وقّعت الصين والسعودية اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة وخطة تنسيق بين البرامج طويلة المدى تتعلق بخطة رؤية السعودية 2030 ومبادرة الحزام والطريق الصينية، فضلا عن عدد من مذكرات التفاهم في مجالات مختلفة. وقد وقّعت الشركات التابعة للبلدين 34 اتفاقية استثمار، تجاوزت قيمتها الـ 30 مليار دولار.

ووقّع السعوديون اتفاقية مع شركة هواوي بشأن الحوسبة السحابية وبناء مجمعات ذات تكنولوجيا متطورة في المملكة، وذلك رغم التحذيرات الأمريكية بشأن المخاطر الأمنية الناتجة عن استخدام تكنولوجيا هذه الشركة الصينية.

ماذا تضمنت الاتفاقات؟


بعد البيان المشترك الذي أدلى به قادة البلدين عقب المحادثات، بات مؤكدًا أن الطرفين عازمان على تطوير التعاون والتنسيق في مجال الدفاع وتعزيز التعاون لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.

ودعا الجانبان إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودعم نظام منع انتشار الأسلحة النووية، ورحبت الصين بدور المملكة العربية السعودية في الحفاظ على توازن سوق النفط العالمية واستقرارها؛ أي تعاون الرياض المثمر في هذا الشأن مع موسكو.

وأشار الموقع إلى اتفاق بكين والرياض على تطوير مشاريع مشتركة في قطاع الطاقة والنظر في سبل زيادة استثمار البلدين في مشاريع البتروكيماويات.

وتعهد الطرفان بزيادة وتوسيع التعاون في مجال استخدام الطاقة النووية السلمية ومصادر الطاقة المتجددة.

اظهار أخبار متعلقة


النتائج

وأورد الموقع أن الصين باتت تكتسب موطئ قدم في الشرق الأوسط وتأخذ مكانة الولايات المتحدة هناك في عديد المجالات، أهمها التجارة والاقتصاد والتكنولوجيا فضلا عن المجالات السياسية والعسكرية. وإلى جانب ذلك، فسوف تسير بقية الدول على خطى المملكة التي تغزو التقنيات الصينية العالية أسواقها.

سوف يتوسع تداول النفط باليوان مقابل تقليص التعامل بالدولار الأمريكي. وقد أبدت بكين استعدادها لمساعدة الرياض على التغلب على المخاوف النووية من طهران، التي تتعاون معها في مجالات مختلفة، الأمر الذي سيحبط الخطط الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط ومحاولات تحريض العرب ضد الإيرانيين والسنة ضد الشيعة. وعن طريق هذا، تنضم الصين إلى روسيا في القيام بالمهام ذاتها.

وبناء عليه، فسوف تصبح الصين أحد اللاعبين الرئيسيين في ضمان الأمن في الشرق الأوسط مدفوعةً برغبتها في تنويع إمدادات موارد الطاقة من أجل تقليل المخاطر في قطاع الطاقة باعتبار أن توريد الغاز والنفط والفحم من روسيا إلى الصين غير كاف.

 وبين الموقع أن هذه المعطيات الجديدة تتناقض مع موقف الولايات المتحدة والغرب ككل، الذي بات يزعج السعوديين والعرب بسبب تشدقهم بالأخلاق واستفزازهم ومحاولاتهم ترويج "قيمهم" وعدم بعث استثمارات جديدة وتجاهل الاهتمام بتطوير الدول العربية التي يعتبرها الغربيون مستعمرات غنية بالموارد ومجرد مشترية للمنتجات والخدمات.

وبناء عليه، فإن اقتراح الجانب الصيني للدول العربية المتمثل في بيع النفط والغاز في بورصة شنغهاي للأوراق المالية مقابل اعتماد اليوان هو بمثابة دعوة للانضمام إلى مجابهة دولرة الاقتصاد العالمي. وبحسب الخبير بالشؤون الصينية نيكولاي فافيلوف فإن بيع السعودية الصين موارد الطاقة مقابل اليوان يعني نهاية عصر البترودولار وبداية عصر البترو يوان.

اظهار أخبار متعلقة


المشاكل

أوضح الموقع أن التخلص من نظام البترودولار سوف يستغرق بعض الوقت، إن لم يكن سنوات، كون الولايات المتحدة سوف تستميت في تعطيل ذلك.

ويقول فافيلوف: "إن تحويل مدفوعات النفط إلى العملات الوطنية يعني توجيه ضربة تتجاوز خطورتها حجم خطورة غرق الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية بأكمله.

ويترتب عن انهيار نظام البترودولار فقدان الولايات المتحدة السيطرة على جزء كبير من التجارة العالمية. ففي بداية 2018، أطلق شي جينبينغ تداول العقود الآجلة للنفط مقابل اليوان في بورصة شنغهاي، واستخدمت العملات الوطنية في جزء من المعاملات التجارية مع روسيا وإندونيسيا، وأعد شبكة من الموانئ ذات الاستخدام المزدوج وزاد عن طريق ذلك حجم احتياطيات النفط في مخازن الدولة من 90 يوما إلى سنة".

وأشار الموقع إلى الدور الذي لعبته روسيا في إقامة وتطوير العلاقات بين الصينيين والعرب باعتبارها ورقة رابحة تتمثل في العلاقات طويلة الأمد والمثمرة مع العالم العربي، والتي عززت بشكل كبير من مكانتها في الشرق الأوسط بعد تدخلها العسكري الناجح في سوريا ودعمها التقليدي للعرب على وجه الخصوص في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

هذا بالإضافة إلى امتلاكها تكنولوجيا فريدة من نوعها ومتخصصين وأسلحة موثوقة يحتاجها العرب، فضلا عن كونها أكبر مصدر للغذاء في العالم.

وفي نهاية التقرير، أورد الموقع أن السعوديين لم يجاهروا بالحديث عن حقيقة تخلصهم من التبعية الأمريكية ووقوعهم تحت وطأة التبعية الصينية. ومع تطوير العلاقات مع الصين، التي لا بديل لها في الوقت الراهن فإنهم  سيبذلون قصارى جهدهم لتطوير العلاقات مع روسيا في محاولة لموازنة نفوذ بكين.
التعليقات (0)