مقابلات فكرية

مخرج فلسطيني: ملاحقة عدّاد المشاهدات أخرج أفلاما عربية رديئة

التلاوي قال إن بعض المدارس الفنية ما زالت تحافظ على تقديم رسالة بأعمالها- عربي21
التلاوي قال إن بعض المدارس الفنية ما زالت تحافظ على تقديم رسالة بأعمالها- عربي21
قال المخرج الفلسطيني عمار التلاوي، إن مجاراة الأعمال الفنية عالميا وحتى عربيا، في الوقت الحالي، لعداد المشاهدات، وتوفر منصات عرض بعيدة عن مقص الرقابة بالمجمل، أدى إلى خروج أعمال بجودة فنية وقيمية منخفضة بصورة كبيرة عن السابق.

وأوضح في مقابلة مع "عربي21" أن وسائل التواصل الاجتماعي، ساهم في توجه الأفلام السينمائية، من ناحية المواضيع التي تطرح، ومحاولة المنتجين الاقتراب أكثر مما يطلبه المشاهدون، على حساب تقديم الأفكار أو الحكايات المؤثرة والهادفة.

وأشار إلى أن الكثير من الأعمال التي تخرج في الفترة الأخيرة، تواجه انتقادات ليست من ناحية الشكل الفني، بل يثور الجدل حولها بما تقدمه أحيانا من إسفاف، أو خروج عن قيم مجتمعية وأخلاقية ودينية، لم يكن أحد يتطرق إليها في السابق لكثير من الاعتبارات.

وشدد على أن المحتوى الحالي للأفلام، يخضع للتحكم من قبل شركات الإنتاج، إما لضرب مجتمعات بأكلمها أو لملاحقة السوق، رغم أن العديد من الأعمال الفنية ذات الجودة العالية، موجودة لكنها قليلة بالمقارنة بالطرف المقابل.

وفي ما يأتي نص المقابلة:


الأفلام العربية في الوقت الحالي تواجه الكثير من الاتهامات بالإسفاف وتعمد عرض الأفكار المرفوضة مجتمعيا، هل نحن أمام حالة جديدة فنيا أم إن الأمر تضخم عن السابق؟


على مدار تاريخ السينما كانت المدرسة الواقعية أو التي كانت تسلط الضوء على الحياة والمشاكل الواقع بشكل كبير في السينما، حاضرة وبشكل كبير، وتناول المشاكل المجتمعية وغيرها ليس بالجديد، لكن في الفترة الاخيرة انتشرت أعمال تواجه انتقادات حادة مجتمعيا بحكم وجود منصات تسمح بحرية عرض أكبر لهذه المدرسة.

ولنقل أن هذه المدرسة، تتبناها الكثير من المنصات مثل نتفليكس، وشاهد، وغيرها حول العالم، باتت أكثر قربا من المشاهدين، ووجودها على مواقع التواصل الاجتماعي كذلك سهل عملية الانتشار، والمسألة ليست بالقديم أو الجديد، لكن سرعة وصول المحتوى الفيلمي، إلى المشاهد دفع لزيادة هذه الأعمال وطغيانها على الكثير من الأعمال الأخرى التي تحمل محتوى أكثر جودة.

ما الفرق بين الأعمال الفنية سابقا وحاليا من ناحية المواضيع المطروحة؟


الأدوات الحديثة للنشر ومواقع التواصل، لعبت دورا كبيرا في تحديد ما هي الأعمال التي سيجري إنتاجها، فعلى سبيل المثال، السينما في الماضي، كان الشخص ربما يتوجه مرة في الشهر إلى السينما، لمشاهدة فيلم، وفي حال عرضه على التلفاز ربما مرة في الأسبوع، ما يعني أن الوصول إلى عمل فني لم يكن سهلا بصورة كبيرة، لكن اليوم نتحدث عن أعمال فنية بالعشرات وأكثر تصل إلى المشاهد في جيبه ومن خلال شاشة بمنزله ويتحكم بنوعية المحتوى الذي يريده، وفي كل بيت توجد سينما إن جاز التعبير.

إضافة إلى أننا الأعمال اليوم تعكس صورة عن الواقع، وفي السابق كان لدينا أعمال فنية وازنة كبيرة التأثير بسبب قوة النص والمحتوى، رغم أنها قليلة في العدد مقارنة بحجم الإنتاج الهائل اليوم، وحتى الانتقادات التي كانت توجه للأعمال الفنية في السابق، والملاحظات التي تحتوي عليها، إلا أنها أقل بكثير مما يجري اليوم.

هل اختفى مقص الرقيب في الأعمال الفنية الحالية؟


التجرؤ على مقص الرقيب، السبب وراءه وجود منصاب بعيدة عن الرقابة السابقة، وتسمح بحرية كبيرة في العرض، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي سمحت بالنشر دون قيود، وهي سلاح ذو حدين، ورغم أنها منحت الحرية في العرض، إلا أنها فتحت الباب أيضا، أمام منتج فني رديء في كثير من الأحيان.

الحرية ركن أساسي في العمل الفني، لأن الرقابة الشديدة وتعقيدات النشر في دور السينما تعرقل الأعمال والمنصات العالمية وكثير من المواقع عبر الإنترنت وفرت هذه القيمة، لكن هذا لا يمنع أن تخرج الأمور عن المقبول في كثير من الأعمال وتصل إلى الجرأة الزائدة.

الأعمال الفنية في السابق كانت الألفاظ فيها منضبطة، لكن حاليا باتت الشتائم والألفاظ النابية سمة لكثير منها، لماذا برأيكم؟


الخروج عن المألوف واللجوء للعبارات الخادشة والشتائم في النص، يتحكم بنسبة المشاهدات، وللفت النظر للعمل الفني، وبات الانجراف نحو الواقعية في رسالة الفيلم أو بالسينما، ونقل الواقع بكافة تفاصيله، وصوره السلبية، دون الاكتراث للرسالة أو جودة المحتوى، وبالتالي المنتجون يلاحقون التريندات، حتى لو أدت إلى المساس بقيم مجتمعية وأخلاقية.

لكن الأمر الأكيد، أن مثل هكذا أعمال فنية وأفلام لا يخلدها التاريخ ولا يخلدها المشاهد، فقط عبارة عن أفلام وقتية أو مرحلية ثم تنتهي ولا تبقى في ذاكرة السينما.

هل بات تحقيق الأعمال الفنية الهادفة نسب مشاهدات كبيرة مهمة مستحيلة؟


للأسف باتت شركات الإنتاج اليوم تتحكم بالأعمال الفنية، والأغلب اليوم مسيس وموجه من قبل أصحاب النفوذ وتقوده سياسات دولية، غابت إلى حد ما أمامه الأعمال القوية التي تبقى في الذاكرة.

في المقابل الأعمال المتزنة والهادفة، تعاني من ضعف التمويل، ونحن بحاجة ماسة إلى أفلام تقدم فكرة التسامح الحب أو السلام. لكن هذا لا يعني أن نفقد الأمل من إمكانية إنتاج هذا أفلام، وبقي العديد من المدارس التي تقدم هذا النموذج مثل المدرسة الكورية والإيرانية سينمائيا.

وكثير الأفلام وصلت للعالمية، سواء في مهرجان كان، أو غيره من الفعاليات الفنية العالمية، عبر نوع الأفكار والمحتوى المطروح فيها من جانب إنساني.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم