قضايا وآراء

أليس فينا من يحرق المصاحف؟!

جمال عبد الستار
كيف يتم الرد على الاعتداءات بحق المصحف الشريف؟- جيتي
كيف يتم الرد على الاعتداءات بحق المصحف الشريف؟- جيتي
من وقت لآخر يخرج شخص تافه هنا أوهناك فيعلن اعتزامه إحراق نسخة ورقية من المصحف، وهو لا شك اعتداء آثم على أقدس كتاب على وجه الأرض، وأنقى عقيدة، وأهدى سبيل.

ومع هذا فإن هؤلاء الموتورين، أو طالبي الشهرة، والذين أكل الحقد قلوبهم، يدركون يقيناً أن ملايين النسخ تملأ المساجد والمدارس والبيوت والمؤسسات، وتسكن القلوب وتضيء النفوس.

ولكن اليأس من نجاح باطلهم، وبوار سعيهم، أفقدهم عقولهم، فهي تصرفات تدل على ضعف وانكسار، وليس على قوة وانتصار، تدل على جبن وخسة، وليس على بطولة وشجاعة، وهي تدل على تخلف وجهل، وليس على تحضر أو علم!!

ولتكن غضبة المسلمين المبررة لهذه التصرفات الوضيعة فرصة مناسبة لأن نفكر بطريقة مختلفة، فنتساءل معاً في مرارة ربما أشد من مرارة هذه التصرفات الحقيرة:

ولتكن غضبة المسلمين المبررة لهذه التصرفات الوضيعة فرصة مناسبة لأن نفكر بطريقة مختلفة، فنتساءل معاً في مرارة ربما أشد من مرارة هذه التصرفات الحقيرة
أليس من قاموا بحرمان الأمة من التحاكم إلى كتاب ربها، وشرعة خالقها، واستوردوا لها قوانين وضعية، وفلسفات أرضية، وحرموها أن تحيا بهديه، أشد خطورة على عقيدتها ودينها وإيمانها، وأجيالها، وحاضرها ومستقبلها، من تصرف طائش هنا أو هناك، يقوم به فرد أو حتى تتبناه دولة أو منظومة؟!

والذين انتسبوا للعلم الشرعي، وقبعوا على رأس بعض المؤسسات الدينية في بلادنا، وتبوّأوا مناصب الإفتاء والتعليم والتوجيه، فأخذوا يلوون أعناق الآيات، ويحرّفون الكلم عن مواضعه، وذهبوا يبررون الفساد، ويشرّعون الطغيان، ويغرسون في الأمة الاستضعاف والهوان، والمذلة للأنظمة الفاسدة، والسمع والطاعة للطغاة والقتلة والسفاحين، باسم الشريعة زوراً وبهتانا حيناً، وبمسمي السمع والطاعة كذباً وتدليساً أحياناً.. أليس هؤلاء أخطر على الأمة، وأضر لدينها، من تلك الكلاب الضالة؟!

ألم يكن سقوط تيارات دعوية، ورموز علمية، ومؤسسات دينية في حمأة الزور والبهتان، وتأييدها للفساد والطغيان، من أبرز أسباب سقوط الكثير من الشباب والفتيات صرعى اليأس والإحباط، وفقدان الثقة في المتدينين والعلماء، بل كان سبباً لسقوط بعضهم في الإلحاد، بعد أن كانوا نماذج راقية في الالتزام الديني، والسمو الأخلاقي؟!

أليست تلك النماذج الموتورة في بلادنا، والتي صُنعت لها منصات إعلامية، وفُتحت لها مراكز بحثية، لا همّ لها ليل نهار إلا التشكيك في الوحي المنزل، والطعن في سنة النبي المطهر، وصناعة الشبهات، وغرس الشكوك، وتحريض الناس على الخروج من ربقة الإسلام، والإعراض عن هدي القرآن، والتشجيع المستمر على الانحلال والإلحاد، وإشاعة الفُحش والرذيلة، ومحاربة الفطرة السليمة، أخطر على الأمة آلاف المرات من تلك الهبائيات الشاذة؟!

أليس الذين يحرمون الأمة من علمائها الراسخين، ودعاتها الصادقين، أهل القرآن وعلومه، وحَمَلة السنة وأعلامها، فيعتقلونهم بغير جرم عشرات السنين، تحت وطأة التعذيب والإهانة، والحرمان والإذلال، هم الأشد جرماً، والأخطر أثراً، والأفدح ظلماً، من شخص تافه، هنا أو هناك؟!

أليست الأنظمة التي أغلقت مراكز تحفيظ القرآن في البلاد المسلمة، وضيّقت على أهلها، وفتحت الأبواب على مصراعيها لدعاة الفُحش والفجور والتخنث والخمور، وكل صور الانحلال، والتجريف والتحريف، أدعى للمحاربة والمظاهرة والمعارضة، من مجهول تافه، أو كلب عقور؟!

إن نُصرة المقدسات من أعظم أبواب الجهاد، ولكن يجب أن نُغير مفهوم المناصرة ليتحول من مظاهر دعائية، وبيانات نمطية، إلي منهجيات تربوية على مفاهيم القران، كما قال رب العزة والإكرام: "فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادَا كَبِيرَا" (الفرقان: 52).

أمتنا تحتاج إلى المناصرة حقاً، بأن نتترس في ميدان المعركة بقوانين القرآن ومفاهيمه، ونواجه بها كيد الماكرين وسحر الكهنة، وألاعيب المرجفين.

سيخرج عشرات هنا وهناك، يسلكون سبيل من سبقوهم من أراذل القوم، حتى يتعود البعض على وضعهم، ولكن إن أحسنّا الغرس، فإن قانون القرآن يبشر المتحققين به دائماً، يقول تعالى : فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ" (الرعد: 17).

النفير يبدأ بعزمة جادة على العودة إلى القرآن لاستلهام معانيه، واستجلاء مفاهيمه، والتحصن بقوانينه، وتحصين الأمة في كل مجال من مجالاتها بهديه، وإنارة أبصارهم وبصائرهم بحقائقه، ويومئذ ستتحطم رماحهم، وسيبور يقيناً مكرهم، وسيعود كيدهم حتماً بإذن الله إلى نحورهم
إن شراسة الحملة التي يقودها المجرمون لا تواجه برخاوة فكرية، ولا مساجلات بلاغية، وإنما هو الجهاد بمعناه العام: بذل الوسع، واستفراغ الطاقة، وقوة الإعداد، وصدق الانحياز.

وإن الحرب الشعواء التي يقودها عالم اليوم والمنظمات الدولية، على ثوابت الإسلام وقيمه، توجب على المسلمين النفير، والنفير المفلح يبدأ بالإعداد الجيد، ولن يتحقق كمال الإعداد إلا بما دلنا الله عليه، وأرشدنا إلى التسلح به، فلن يفلح إعداد بغير القرآن.

ومن هنا فإن النفير يبدأ بعزمة جادة على العودة إلى القرآن لاستلهام معانيه، واستجلاء مفاهيمه، والتحصن بقوانينه، وتحصين الأمة في كل مجال من مجالاتها بهديه، وإنارة أبصارهم وبصائرهم بحقائقه، ويومئذ ستتحطم رماحهم، وسيبور يقيناً مكرهم، وسيعود كيدهم حتماً بإذن الله إلى نحورهم.

والجهاد الكبير له خطوات يتحقق بها، ومنهجيات يجب تفعيلها، ومسارات يجب العمل عليها، ومن أبرزها ما يلي: إدراك مفاهيمه ومعرفة قوانينه، والبيعة على إمامته وكمال الاستجابة لهديه، والسمع والطاعة لأمره، والتحقق بمنهجيته وحقائقه، وإعداد جيل يحمل الرسالة نقية بيضاء، وحماية الحصون الإسلامية بالقوانين القرآنية، ومهاجمة حصون الباطل بقذائف الحق، والتحرك الجاد في كل الأجواء تبشيراً به وإنذاراً.

هكذا تكون المناصرة والمجاهدة، وهنالك يكون المدد والنصر، وحينئذ تولد الأمة من جديد، ميلاداً فتياً، وتبعث من جديد بعثا مباركا.
التعليقات (2)
أبو العبد الحلبي
الإثنين، 17-07-2023 04:40 م
أرى المقال في غاية الأهمية لكن سأقتصر في تعليقي على فقرة في منتهى الخطورة لمن يهتمَ بِأمْرِ أمتنا و هي فقرة "والذين انتسبوا للعلم الشرعي ..... من تلك الكلاب الضالة ؟!". في الآيات الكريمة 175-177 من سورة الأعراف ، يقول الله سبحانه و تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلى الأَرْضِ وَاتـَّـبَعَ هَوَاهُ * فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذيِنَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ سَاءَ مَثَلاً القَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ). إنها قِصَةُ من أنعم الله عليه بالعلم الشرعي فاختار لنفسه الانسلاخ من تبعات و التزامات هذا العلم الشريف فكان للشيطان صيداً ثميناً فأوقعه في فخَ الغواية " أي العمل بخلاف العلم" مع أنه لو أدى شُكْر النِعْمةِ بإتباع الحق و تبليغه لرفع الله منزلته مصداقاً لآية كريمة أخرى (‏‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ). لقد اختار هذا ،الذي لم ينتفع بعلمه ، الوضاعة بدلاً من الرفعة و رضي بالدنيا الفانية على حساب الآخرة الباقية و بما تهواه نفسه الأمَارة بالسوء. صار هذا الخاسر حريصاً على نوال رضا المتحكمين الفاسدين و باع نفسه بثمنٍ بخسٍ لهم فألقموه المنْصِب و المال و الشُهرة تحت شرط تحريف الدين و تبرير فساد الطراطير النواطير و نشر السمع و الطاعة لولي الأمر حتى و لو كان فاسداً مُفسِداً خائناً للأمة و لدينها. في دفاعه عن موافقة السُلطة على القبول بقانون سيداو الكافر - الذي أنتجته أمريكا خصيصاً لهدم الأسرة المسلمة و من ثمَ تحطيم المجتمع- قال " متعالم" منافق أن المعترضين لم يفهموا القانون . بعد الحصول على القانون و قراءة جميع بنوده ، تبيَن أنه قانونٌ يعتدي على حُرُمات الإسلام و يسعى لتدميره عند أتباعه أي الارتداد عنه. هؤلاء "العلماء العملاء" بالفعل مثلهم كمثل الكلب ، كما ذكرت آية سورة الأعراف ، أي هم كلابٌ ضالةٌ تسعى لجيف الدنيا لا إلى العلياء . هؤلاء المنافقون لأتعس الطغاة ، نشكوهم إلى الله و نرجو أن يعاملهم بعدله لا بفضله يوم لا ينفع مالٌ و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
نسيت إسمي
الأحد، 16-07-2023 06:33 م
'' إنّا له لحافظون '' .. نحن مذكرين في معركة أرض سماء .. كي يحي الله فينا أشواق الأفق الإنسان الطاهر .. و ليس في معركة أرض أرض .. التي تعكس لنا ألوناً مقلوبة و ننخدع في السير فيها .. السياسة خبتة المطامع و التضليل هو مرابط الفراس لكن أن تصل الحقارة إلى هذا المستوى المنحط و تعدي على مقدسات المسلمين بحرق المصحف الشريف يعتبر "استفزاز ووقاحة" و إستغلال اللاجئ بطريقة بشعة لكي يقوم بهذا الفعل الشنيع يجعلنا ندخل في قضايا عالمية .. تعريف اللاجئ هو الشخص الذي: ""كل شخص يوجد، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد " اللجوء إلى الله .. فكر بأطول ليلة مرت عليك تلك الأكثر تعقيداً ألم يأت الصباح بعدها ؟ ستدهب ظلمات أيامك لتشرق بعدها شمس أحلامك .. فقط ثق بربك .. الأدب زكاة .. ماذا أعطى الإسلام للبشرية ؟ الجواب : كتاب الإخلاص يلطف القلوب .. أول كلمة نزلت في القرآن الكريم إقرأ .. إن القرآن الكريم يزيد عن 77 ألف كلمة، ومن بين كل هذا الكمِّ من الكلمات، كانت كلمة: "اقرأ". هي الأولى في النزول، كما أن في القرآن الكريم آلافًا من الأوامر مثل: {أَقِمِ الصَّلاَةَ} [هود: 114]، ومثل: {آتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، ومثل: {وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} [البقرة: 218]، ومثل: {وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: 17]، ومثل: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 254]. وهكذا، ومن بين كل هذه الأوامر نزل الأمر الأول: "اقرأ". مع الأخذ في الاعتبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب، وقد تحلَّى بآلاف الفضائل والأخلاق الحميدة، وكان من الممكن أن يتحدَّث القرآن الكريم في أولى آياته عن أحد هذه الأخلاق العظيمة؛ لكن يبدو أن الإشارة واضحة من أن مفتاح بناء هذه الأُمَّة، وأول الطريق الصحيح هو "العلم"، وإحدى أهم وسائل التعلُّم كما أشار ربُّنا عز وجل هي القراءة، وبالتالي كرَّر الأمر بالقراءة في الآيات الخمس الأولى مرتين. وذكر كلمة العلم بمشتقاتها ثلاث مرات، وذكر القلم وهو وسيلة من وسائل الكتابة مرَّة، كل ذلك في خمس آيات؛ مما يدلُّ على أهمية العلم والقراءة في حياة أُمَّة الإسلام، ولَفْت النظر إليه كان ضرورةً؛ ليعلم المسلمون كيف يبدءون بناء أمتهم بعد ذلك، كما لفتت الآيات النظر إلى أن القراءة المطلوبة هي قراءة بسم الله عز وجل. ومعنى هذا أنها قراءة تُرضي الله ولا تغضبه، فهي ليست قراءة منحرفة، وليست قراءة تافهة أو ضالَّة أو مُضِلَّة؛ إنما هي قراءة كما أمر الله عز وجل باسمه تعالى، وعلى الطريقة التي علَّم بها الله عز وجل عباده المؤمنين. كذلك الآيات تتحدَّث عن صفة من صفات الله عز وجل لم يَدَّع أحد من المشركين أن هذه الصفة منسوبة لأحد الآلهة التي يعبدونها من دون الله، وهي صفة الخلق؛ حيث قال الله عز وجل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]؛ وهذا لكي ينتفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نوع من الالتباس في الذي رآه. فرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ زمن وهو يبحث عن خالق هذا الكون، وخالق الناس، وكيف يمكن أن يعبده، فيلفت الله عز وجل نظره إلى أن جبريل الذي جاءه بهذه الآيات يتحدَّث عن الإله الذي خلقه وخلق السماوات والأرض، وخلق كل شيء؛ ومن ثَمَّ يأخذ انتباه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجعل وعيه يُدرك أنه في موقف حقيقي، وليس في وهم أو خيال.