ملفات وتقارير

"الحد من المعقولية" يدخل الاحتلال في أزمة عميقة وصراع حقيقي.. ما تأثيراته؟

مظاهرات تعم دولة الاحتلال بعد المصادقة على القانون- جيتي
مظاهرات تعم دولة الاحتلال بعد المصادقة على القانون- جيتي
دخلت دولة الاحتلال الإسرائيلي في مرحلة متقدمة من الأزمة الداخلية، بعد تمرير قانون "الحد من المعقولية" في الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، والذي سينعكس على الكثير من الجوانب الأساسية، خاصة الأمنية والعسكرية، ويطال فلسطينيي الداخل المحتل.

وصادق كنيست الاحتلال ظهر الاثنين، على مشروع قانون "الحد من المعقولية"، ضمن حزمة تشمل ثمانية مشاريع قوانين تُعرف بـ"خطة التعديلات القضائية"، تعمل على تمريرها حكومة اليمين، وصوت لصالح القانون 64 نائبا (الكنيست يتكون من 120 عضوا) دون معارضة، بعد أن غادرت المعارضة قاعة الكنيست مع بدء التصويت.

تمزق إسرائيلي
وعن أهم التداعيات المترتبة على تمرير قانون "الحد من المعقولية" على الاحتلال، أوضح رئيس التجمع الوطني الديمقراطي في الداخل المحتل جمال زحالقة، أن "إسرائيل بذلك دخلت في حالة من المجهول غير مسبوقة، وهي لا تعرف ما الذي سيحصل في الأجهزة الأمنية والاقتصاد والجيش ومستقبل التمزق الاجتماعي في المجتمع الإسرائيلي، وأيضا ما الذي يمكن أن يحدث في العلاقة مع الولايات المتحدة ".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "غضب كبير جدا في الشارع الإسرائيلي، وهذا الغضب لن يبقى فقط مجرد احتجاجات، هناك هزة أرضة حقيقة في إسرائيل أصابت الجيش الإسرائيلي؛ مئات الطيارين وفنيي سلاح الجو الإسرائيلي الذي هو أهم قوة عسكرية في إسرائيل؛ هم من الاحتياط أعلنوا أنهم لن يخدموا، علما أن أكثر من 70 في المئة من الطيارين الفاعلين هم من قوات الاحتياط، ومعظمهم يقود أسراب الطيران".

ونوه زحالقة إلى أن "الكثير من وحدات الكوماندوز والنخبة (وأيضا أطباء) وغالبية الضباط من الاحتياط، خاصة من شعبة المخابرات المركزية والسايبر الهجومي، أعلنوا أنهم لن يخدموا، وهذا يقلق إسرائيل جدا جدا، وهذه هزة كبيرة غير مسبوقة لم تحدث في تاريخ إسرائيل العسكري".

اظهار أخبار متعلقة


صراع حقيقي
ومن بين تلك التداعيات السلبية، بحسب زحالقة، "التراجع الكبير جدا في الاستثمارات في إسرائيل، خاصة في قطاع الهايتك، الذي يشكل 51 بالمئة من الصادرات الإسرائيلية، وأكثر من ربع الضرائب في إسرائيل"، مضيفا: "هناك إضراب رجال الأعمال والمصالح الاقتصادية، كما يوجد احتمال لإضراب النقابات المهنية".

وأكد أن "إسرائيل تتعرض لهزة أرضية فعلية، وكل ذلك لأن هناك صراعا حقيقيا وفعليا حول الهيمنة بين التيار المركزي في الدولة الصهيونية؛ أي تيار الوسط، وبين اليمين المتطرف الذي يحكم إسرائيل حاليا، الذي يريد أن يستولي على كل مفاصل الحكم، والدولة العميقة تتمرد عليه".

وقال: "المتظاهرون اليوم في إسرائيل، هم عماد الدولة، من رجال الأكاديمية وأساتذة الجامعات وكبار الضباط في الجيش والنخبة العسكرية والاقتصادية والعلمية، وهؤلاء عمليا هم الذين يدفعون الضرائب، والاقتصاد الإسرائيلي يقف على أكتافهم"، على حد وصفه.

ونبه زحالقة بأن "إسرائيل تمر بأزمة عميقة، ولا نعرف إلى أين ستؤدي هذه الأزمة في نهاية المطاف"، مرجحا أنها "ستدخل في حالة أصعب بكثير مما نراها اليوم، في حال استمر نتنياهو في تمرير مشاريع القوانين، علما أنهم يتحدثون اليوم عن نبوءات الخراب، خراب البيت الثالث، وانهيار المجتمع والدولة في إسرائيل".

وعن مستقبل الاحتلال في الأيام القادمة في ظل هذه الأزمات المتشعبة، أشار إلى أن "الأيام القادمة ستشهد تصاعدا في المظاهرات ضد الحكومة، ورئيس الوزراء سيحاول تهدئة الأوضاع، لأنه يريد أيضا أن يقنع الضباط الذين أعلنوا أنهم لن يخدموا في الجيش، بالعودة إلى الخدمة، كما يريد أن يطمئن واشنطن بأن الأمور تحت السيطرة، وأنه سيعود إلى نوع من المفاوضات".

ولفت إلى أنه "لا أحد الآن يصدق نتنياهو في إسرائيل، لهذا فمن المتوقع أن تتصاعد المظاهرات، ويزداد عدد الضباط الذين يرفضون الخدمة في الجيش، وهذه ضربة كبيرة جدا للنظام الإسرائيلي بأسره".

اظهار أخبار متعلقة


العرب الأكثر تأثرا
من جانبه، رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أليف صباغ، أن "هذه إحدى المحطات الهامة في تغيير النظام الديمقراطي المحدود في إسرائيل إلى نظام لا ديمقراطي؛ لأنه بموجب هذا القانون، إلغاء بند "امتحان المعقولية" يصبح كل وزير في وزارته ملكا، يفعل ما يشاء، ولا يستطيع أحد أن يشتكي للمحكمة العليا لتغيير قرار الوزير، وكذلك يصبح رئيس الحكومة ملكا، يعين ويقرر ما يشاء، ولا تستطيع المحكمة العليا أن تلغيها أو توقفها أو حتى تلاحظ عليها".

ونبه في حديثه لـ"عربي21"، بأن "الأكثر من ذلك، أن هذه هي بداية لسلسلة تعديلات قانونية تقوض صلاحيات المحكمة العليا لدرجة كبيرة، بحيث يستطيع الكنيست اليميني أن يسن كل قانون، ولا تستطيع المحكمة العليا أن تلغي حتى لو كان قانونا صغيرا".

وأضاف صباغ: "إذا ما قرر الكنيست غدا سن قانون لإلغاء عضوية العرب في الكنيست، المحكمة العليا، لا تسطيع قول لا".

"وإذا قرر أي وزير أو الحكومة، أن لا تقدم ميزانيات أو تقلصها للسلطات المحلية مثلا في البلدات العربية، لا تستطيع المحكمة العليا رفض ذلك"، مضيفا أن الفلسطينيين في الداخل المحتل سيدفعون أولا ثمن هذا التغيير القضائي.

ولفت الخبير إلى أنه بعد تمرير هذا القانون، "لا توجد أداة يمكن أن تأخذ للمحكمة العليا، لتقول إن قرار الحكومة أو وزير ما هو قرار غير معقول، كما يمكن لوزير أن يعين مديرا فاسدا لوزارته، ولا تسطيع أن تذهب للمحكمة وتقول إن هذا تعيين غير معقول"، وهذا يعني أن المحسوبية والفساد سوف يعمان.

"وسيتم إقرار قوانين جديدة مثل "قانون الغلبة"؛ أي أن قرار الكنيست هو أعلى من قرار العليا مهما كان، كما سيسن قرار إلغاء صلاحيات المستشار القضائي للحكومة، وكذلك المستشار لأي وزارة، وسيتحول من مستشار له كلمة وازنة إلى مستشار لا يسمع له أحد".
التعليقات (0)