كتاب عربي 21

طُموح متزايد.. قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا

علي باكير
عدد الشركات العاملة في قطاع الدفاع في تركيا كان 57 فقط عام 2002 أما اليوم فبلغ 2500.. (الأناضول)
عدد الشركات العاملة في قطاع الدفاع في تركيا كان 57 فقط عام 2002 أما اليوم فبلغ 2500.. (الأناضول)
اختتمت يوم الجمعة الماضي أعمال المعرض الدولي للصناعات الدفاعية (IDEF-2023) بنسخته الـ16، والذي استضافته اسطنبول التركية على مدى عدّة أيام من 25 إلى 28 يوليو المنصرم برعاية رئاسة الجمهورية، وشارك فيه 1461 شركة صناعات دفاعية من 55 دولة حول العالم. يعدّ المعرض واحداً من أكبر أربعة معارض في العالم لناحية عدد الجهات الدفاعية المشاركة فيه، ويكتسب أهمية متزايدة مع صعود قطاع الصناعات الدفاعية التركية والمنتجات الدفاعية الجديدة التي تقدّمها من خلال المعرض.

شهدت نسخة هذا العام عقد 5 آلاف اجتماع عمل بين ممثلي الشركات المشاركة والوفود الأجنبية ومؤسسات التوريد التركية، نجم عنها مراسم توقيع بروتوكولات تعاون وعقود بلغ عددها حوالي 120عقداً. في نهاية المعرض، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أنّ المقاتلة المحليّة الصنع من الجيل الخامس "قان" التي تمّ الإنتهاء من تصنيعها قبل 3 أشهر، ستحلّق للمرّة الأولى في نهاية العام. وكان الجانب التركي قد أعلن مؤخراً عن إدخال أذربيجان في شراكة تطوير للمشروع، ومن المتوقع بحسب المسؤولين الأتراك أن تدخل المقاتلة من الجيل الخامس محليّة الصنع الخدمة فعلياً في العام 2028 مبدئيا.

ولفت الرئيس التركي خلال كلمته إلى أنّ عدد الشركات العاملة في قطاع الدفاع في تركيا كان 57 فقط عام 2002 أما اليوم فبلغ 2500، مشيراً الى أنّ تركيا ستواصل إنتاج المزيد من الأسلحة والأنظمة الدفاعية كما ستواصل مشاركة مهاراتها وقدراتها في مجال الصناعات الدفاعية مع الدول الشقيقة والصديقة، مؤكداً على أنّ الهدف خلال المرحلة الحالية يكمن في تعزيز الصناعات الدفاعية المحلية وزيادة صادراتها الى الخارج.

وشهد قطاع الصناعات الدفاعية المحلّي ثورة فعليّة في التصنيع والتصدير والتطوير منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002، برزت ملامحها بشكل بارز خلال السنوات القليلة الماضية، ومكّنت البلاد من الانتقال من كونها ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم إلى كونها المُصدّر رقم 12 الأكبر في العالم في مجال الأسلحة. وخلال أقل من عقدين من الزمن، تمكن الأتراك من تقليل اعتمادهم بشكل كبير على الواردات العسكرية الأجنبية من حوالي 80٪ في عام 2004 إلى حوالي 20٪ في عام 2022.

بخلاف الانطباع السائد عن أنّ صادرات تركيا من المسيّرات هي الأكثر تصديراً ربما قياساً بصادرات القطاعات الاخرى، إلاّ أنّ أرقام العام 2022، تشير إلى أنّه وبالرغم من تزايد صادرات تركيا من المسيّرات القتالية، إلاّ أنّ صادرات قطاع الأنظمة الدفاعية والمعدّات العسكرية الأرضيّة تصدّرت القائمة، تلتها صادرات تركيا من المعدات العسكرية البحريّة، ومن ثمّ الجويّة العسكرية.
خلال هذا الفترة، استمر قطاع صناعة الدفاع المحلي في النمو على الرغم من العقبات والتحديات التي واجهته علاوةً على الحظر الغربي المعلن وغير المعلن على التكنولوجيا الحساسة لتركيا. ووفقاً لوزير الدفاع يشار غولر، فإنّ الصناعات الدفاعية التركية أصبحت تلعب كذلك عنصراً هاماً على المستوى الاقتصادي إلى جانب دورها الدفاعي وأنّ عدداً كبيراً من الدول بات يستورد ويستهلك المعدات الدفاعية التركية. وقد أكّد غولر أن تركيا ستواصل جهود تطوير استراتيجيات وتقنيات الدفاع، بما يتماشى مع رؤية "قرن تركيا الجديد" وتزويد القوات المسلحة بالمعدات والذخيرة الحربية محلية الصنع لزيادة فعاليتها وقدرتها على الردع.

وبالفعل، ففي تقريره الأخير الصادر في آذار/ مارس 2023، أشار معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، SIPRI، إلى أن صادرات تركيا من الأسلحة زادت بنسبة 69٪ في الفترة من 2018 إلى 2022 مقارنة بالفترة من 2013 إلى 2017، مع زيادة كبيرة في حصتها من تجارة الأسلحة العالمية. وفقًا لأرقام المعهد، تضاعفت حصة تركيا في سوق الأسلحة العالمية خلال نفس الفترة المذكورة لتصل إلى 1.1٪ من صادرات الأسلحة العالمية.

أشار تقرير  يونيو 2023 لرابطة مصنّعي الدفاع والطيران في تركيا إلى زيادة بنسبة 20٪ في عائدات قطاع صناعة الدفاع والطيران في عام 2022 مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 12.2 مليار دولار. وفي ظل تزايد مبيعات الطائرات بدون طيار الخاصة بها، وخاصة طائرات بيرقدار "تبي بي-2"، سجلت صادرات الصناعات الدفاعية التركية رقما قياسيا بأكثر من 4.4 مليار دولار في عام 2022 ، بزيادة تفوق عن 36٪ مقارنة بعام 2021.

وتصنّع تركيا اليوم معظم المعدّات العسكرية المهمّة والأنظمة الدفاعية ذات الطابع الاستراتيجي بشكل محلّي وإن بدرجات مختلفة. ففي أبريل من هذا العام، دخلت أوّل حاملة مسيّرات في العالم ـ محليّة الصنع ـ الخدمة في القوات المسلحة التركية، وجرى تسليم نسختين أوّليتين من دبّابة القتال الرئيسية محليّة الصنع، كما تمّ الانتهاء من تصنيع مقاتلة الجيل الخامس "قان"، تبعه تطوير قدرات تركيا في محال الصواريخ البالستية وأنظمة الدفاع الجوي والرادار، وعدد كبير من الأنظمة البريّة والبحرية والجويّة المسيّرة.

وبخلاف الانطباع السائد عن أنّ صادرات تركيا من المسيّرات هي الأكثر تصديراً ربما قياساً بصادرات القطاعات الاخرى، إلاّ أنّ أرقام العام 2022، تشير إلى أنّه بالرغم من تزايد صادرات تركيا من المسيّرات القتالية، إلاّ أنّ صادرات قطاع الأنظمة الدفاعية والمعدّات العسكرية الأرضيّة تصدّرت القائمة، تلتها صادرات تركيا من المعدات العسكرية البحريّة، ومن ثمّ الجويّة العسكرية.

يبقى أن نشير إلى أنّ المسؤولين الأتراك يراهنون على تحقيق عوائد تبلغ حوالي 6 مليارات دولار من صادرات قطاع الصناعات الدفاعية التركي مع نهاية هذا العام 2023، ويبدو أنّهم متفائلون ليس في تحقيق هذا الرقم فحسب، وإنما في تعدّيه أيضاً.
التعليقات (0)