الذاكرة السياسية

نشوء وتطور التيار القومي المصري.. من الحملة الفرنسية إلى ثورة يوليو 1952

خاض المصريون نضالا شعبيا في صورة مظاهرات بالمدن الكبرى وعمليات عسكرية ضد معسكرات البريطانيين في القناة، إلى أن قامت ثورة 1952.. جيتي
خاض المصريون نضالا شعبيا في صورة مظاهرات بالمدن الكبرى وعمليات عسكرية ضد معسكرات البريطانيين في القناة، إلى أن قامت ثورة 1952.. جيتي
لا تزال فكرة القومية العربية أو العروبة القائمة على فهم أن العرب أمة واحدة تجمعها اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح، قائمة لدى تيار عريض من النخب العربية. وعلى الرغم من الهزائم السياسية التي منيت بها تجارب القوميين العرب في أكثر من قطر عربي، إلا أن ذلك لم يمنع من استمرار هذا التيار، ليس فقط كفاعل سياسي هامشي، بل كواحد من الأطراف السياسية الفاعلة في تأطير المشهد السياسي في المنطقة العربية.

ومع مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، الذي دشنته الثورة التونسية، عادت الحياة مجددا إلى الفعل السياسي وتجدد السجال التاريخي بين التيارات الرئيسية التي شكلت ولا تزال محور الحياة السياسية العربية، أي القوميين والإسلاميين واليساريين، بالإضافة لتيار تكنوقراط يحسب نفسه على الوطنية ناشئا على هامش هذا السجال.

وإذا كان الإسلاميون قد مثلوا الصوت الأعلى في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي؛ بالنظر إلى كونهم التيار الأكثر تعرضا للإقصاء في العقود الماضية، ولأنه كذلك التيار الأقرب إلى غالبية روح الأمة التي تدين بالإسلام، فإن ذلك لم يمنع من عودة الحياة مجددا للتيار القومي، الذي بدا أكثر تمرسا بأدوات الصراع السياسي؛ على اعتبار تجربته بالحكم في أكثر من بلاد عربية، وأيضا لقربه من دوائر صنع القرار، خصوصا العسكرية والأمنية منها.

"عربي21"، تفتح ملف القومية العربية، أو التيارات القومية العربية بداية من المفاهيم التي نشأت عليها، وتجاربها والدروس المستفادة من هذه التجارب، بمشاركة كتاب ومفكرين عرب من مختلف الأقطار العربية، والهدف هو تعميق النقاش بين مكونات العائلات الفكرية العربية، وترسيخ الإيمان بأهمية التعددية الفكرية وحاجة العرب والمسلمين إليها.

اليوم، يفتح الكاتب والباحث المصري محمد سالم ملف التيار القومي في مصر، ظهوره ونشأته ورموزه وأطروحاته.


تاريخ النشأة

نشأ التيار القومي في مصر في أواخر القرن الثامن عشر، واشتد عوده مع المقاومة المصرية الباسلة للحملة الفرنسية على مصر، وارتبط تطوره بالأحداث الفاصلة والمراحل التاريخية والثورات والانقلابات المتعددة التي مرت بها مصر في العصر الحديث. لذلك؛ يمكن تقسيم تاريخ تكوين وتطور وتنوع التيار القومي في مصر إلى مرحلتين رئيسيتين فيهما مراحل فرعية:

ـ حملة نابليون وحكم أسرة محمد علي حتى حركة الجيش في يوليو (تموز) 1952.
ـ من حركة الجيش 52 حتى الآن مرورا بثورة يناير (كانون الثاني).

أولا ـ حملة نابليون وفترة حكم أسرة محمد علي

الحملة الفرنسية على مصر

في أواخر القرن الثامن عشر، ومع ضعف الدولة العثمانية وتراخي قبضتها على الولايات بما فيها مصر، ومع تفشي المظالم الاجتماعية والاقتصادية، وقبل حملة نابليون على مصر، شهدت المدن المصرية، وخصوصا القاهرة، حراكا اجتماعيا واسعا عقب الأزمات الاقتصادية وأيام المجاعات، واشتداد وطأة الجباية التي كان يقوم بها المماليك لصالحهم الشخصي وللوالي العثماني، وكان للأزهر دوره في قيادة المصريين في هذه الأحداث.

وفي عام 1798، غزا نابليون مصر، وفي محاولة منه لاستقطاب المصريين وإضعاف قوة المماليك سياسيا بعد أن هزمهم عسكريا، طرح أفكارا جديدة مثل تأسيس الدواوين، التي بدت كأنها خطوة أولية لممارسة نوع من الحكم الذاتي، ولترسيخ احتلاله لمصر. لكن لم تحل هذه الأفكار والإجراءات دون انفجار غضب شعبي واسع، شمل أفراد الشعب كافة؛ كبارا وصغارا، رجالا ونساء، بل وحتى أطفالا، مسلمين وغير مسلمين باستثناء من رضي بالتبعية للمستعمر من كلا الطرفين. كانت المقاومة الشعبية مؤثرة وشجاعة، وانسحب الفرنسيون من مصر نتيجة ضغوط محلية ودولية، ونتيجة تحطم المشروع الإمبراطوري لنابليون على أسوار عكا.

الشعب يولي محمد علي حكم مصر

بعد انسحاب الفرنسيين، يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري: "برزت إرادة الرأي العام لتفرض إسقاط الحاكم العثماني الذي جاء بعد نابليون، ولتفرض تولية محمد علي مكانه حاكما باسم الإرادة العامة. وكان لرجال الدين دورهم الكبير في قيادة العامّة في فترة الانتفاضة الشعبية 1804 – 1805. وقد اقترف المشايخ خطأ تاريخيا غير يسير في هذه الفترة المبكرة، التي لم يصل فيها محمد علي إلى مرتبة الحاكم المطلق؛ إذ كان في وسعهم أن يفرضوا عليه مجلس شورى منهم ويحددوا صلاحياته".

بتولي محمد علي حكم مصر وتخلصه من المماليك والقادة المؤثرين شعبيا كعمر مكرم، تغير وجه المجتمع المصري، إذ زالت طبقة المماليك القديمة، وبرزت حكومة عسكرية مركزية وبيروقراطية جديدة.  لذلك، فإنه كما يقول د. جابر الأنصاري؛ "إن الفكرة الوطنية المصرية الحديثة، استمدت جذورها الاجتماعية والشعورية والفكرية الأولى من تكون هذه الطبقة في مطلع القرن التاسع عشر، ومن الظروف التاريخية التي أحاطت بنشأتها". كما أن المؤرخ عبد الرحمن الرافعي ـ في كتابه عن التيار القومي ـ،  يعد هذه اللحظة أولى بدايات تشكل الفكر القومي المصري في العصر الحديث.

إذن، فقد بدأ التيار القومي في مصر إسلاميا في قيادته وتوجيهه، شعبيا في إدارته وتشكيله، ومصريا في آماله وتطلعاته. لكن زعماء التيار من الأزهريين والشعبيين، أخفقوا في الاستمرار ومجابهة الأمر الواقع ومشكلات الحكم، ويرجع ذلك إلى ثقافتهم النظرية وخبرتهم المحدودة في الحياة السياسية.

فترة حكم محمد علي وإذكاء الشعور الوطني

قام محمد علي بتحديث النظم الإدارية، وبناء المدارس والمصانع، وتحديث الري وزيادة الرقعة الزراعية. واستفاد من المصريين في تحديث مصر وبناء جيشها. وأوفد النابهين من المصريين في بعثات علمية إلى أوروبا، واستقدم العلماء الأجانب. كل ذلك، ساهم في نشأة التيار القومي الذي كان هو الأول من نوعه في التاريخ العربي الحديث. لذا؛ كانت البذور الأولى للفكر القومي مصرية بامتياز قبل أي بقعة أخرى من عالمنا العربي المعاصر، وقبل ظهور فكر القومية العربية بما لا يقل عن سبعة عقود. تحدث الدكتور محمد عمارة في كتابه عن رفاعة الطهطاوي عن العاملين الرئيسيين في ظهور القومية والوطنية في مصر:

ـ ما حدث في فترة حكم محمد علي من تطورت كثيرة ازدهر بها المناخ الذي أطلق المشاعر الوطنية والروابط القومية من عقالها، ووصلت البلاد كما يقول جمال الدين الأفغاني إلى حالة تعارفت فيها أهاليها، وقوي فيهم معنى الأخوة الوطنية، وارتفعت بذلك أصواتهم بعدما جالت فيه أفكارهم.

ـ أما المفكر الذي تجسدت في فكره هذه الظاهرة الجديدة، وانعكست في كتاباته المشاعر الوطنية، فعرّف بها، ودعا إليها، وفلسفها، وابتكر لها المصطلحات والصياغات. فكان رفاعة الطهطاوي هو أبو الفكر الوطني في الوطن العربي على الإطلاق. وكان من بين كلمات الطهطاوي التي أرست الوطنية والمواطنة قوله: "يجب أدبا، لمن يجمعهم وطن واحد، التعاون على تحسين الوطن، وتكميل نظامه فيما يختص شرف الوطن وإعظامه وغناءه وثروته؛ لأن الغنى يتحصل من انتظام المعاملات وتحصيل المنافع العمومية، وهي تكون بين أهل الوطن على السوية، لاقتناعهم بمزية النخوة الوطنية".

تيار مصري فكرا، عروبي تصورا ومستقبلا

لم تكن بدايات التيار القومي مصرية الفكر فقط، بل كانت أيضا عروبية في تصورها المستقبلي وأفكار التطبيق، فلقد تحدث رفاعة الطهطاوي عن الدور الإقليمي لمصر ومدى تطلع العرب لهذا الدور، فقال عن مصر في فترة حكم محمد علي؛ "إن المتأمل في سيرها يحكم حكما ربما لم يكن بعيدا عن الواقع، أن عاصمتها لا بد أن تصير، في وقت قريب أو بعيد، كرسي مدنية لأعظم الممالك الشرقية، بل كان ذلك أمرا مقررا في أنفُس جيرانها من سكان البلدان المتاخمة لها، وهو أملهم الفرد كلما ألمّ خطر أو حل خطب". كما تحدث الطهطاوي عن موقف محمد علي من احتلال فرنسا للجزائر، وكيف أن الذين جاهدوا دفاعا عن عروبة الجزائر واستقلالها، كانت لهم مكانة بمصر وتقدير من حاكمها؛ على عكس الذين فرطوا أو قصروا ولم يسمعوا نصيحة النضال ضد الفرنسيين.  

النضال الدستوري قبل ثورة عرابي

أفاق المصريون بسبب الحملة الفرنسية على واقع مؤلم من التراجع الحضاري، فبرغم استبسال المماليك وعامة المصريين في مواجهة الحملة؛ إلا أن العلوم الحديثة جعلت للفرنسيين الغلبة على الشجاعة والكثرة، مما سرع بعد ذلك من أفكار التحديث والتطوير.

وكان من ثمار الحراك الشعبي واستمراره، أن شهدت مصر نضالا دستوريا مهما لوضع دستور أو لوائح منظمة للحكم والمجتمع. وهو بلا شك أساس مهم لتشكل الحياة والتيارات السياسية والتعبير عن الشعب والمشاركة في إدارة شؤون البلاد، وقد مر هذا النضال الدستوري بعدة مراحل، تؤكد وجود تيار وطني مصري شكل نواة قوية للتيار القومي المصري:

ـ انتزاع العلماء والزعامات الشعبية في أخريات القرن الثامن عشر "حجة" مكتوبة من الوالي العثماني والمماليك.

ـ  الأمر السلطاني الصادر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1824 بتأسيس المجلس العالي وطريقة إدارة مناقشاته. وكذلك قانون ترتيب المجلس العالي الصادر في تموز/يوليو 1833 .

ـ عرفت مصر أول نص ذي طابع شبه دستوري عام 1837، عندما صدر "قانون أساسي" عرف باسم "سياستنامه"، بمقتضاه تم تأسيس بعض الدواوين الجديدة، ونظم عملها واختصاصاتها.

ـ صدور لائحة مجلس شوري النواب في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1866 تحت وطأة الضغط الشعبي في عهد الخديوي إسماعيل، وهو أول نص منظم لمجلس نيابي تمثيلي في مصر الحديثة.

ـ مشروع دستور 1879 في أواخر عهد الخديوي اسماعيل في فترة أزمة خلع الخديوي عن حكم مصر؛ لكنه عُرِض على مجلس النواب؛ باعتباره جمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور، وبمقتضاه أصبح التشريع من حق مجلس النواب، فلا يصدر قانون إلا بموافقته.

ـ دستور 1882 الذي يعدّ أول دستور ديمقراطي صدر في الدول العربية كافة، وكان ميلادا طبيعيا للثورة العرابية التي أجبرت الخديوي توفيق على إصداره في 7 شباط/فبراير سنة 1882، ليحل محل دستور سنة 1879. ويعد محاولة متواضعة لتطبيق نظام ديمقراطي.

الثورة العرابية

امتدت الثورة العرابية من عام 1879 إلى عام 1882 حتى الاحتلال البريطاني لمصر، وقادها ضباط وطنيون مثل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي وعبد العال حلمي، وشارك فيها علماء الأزهر كالشيخ محمد عبده، كما شاركت فيها طوائف كثيرة من الشعب. كان الغرض من الثورة: نيل الضباط المصريين حقوقهم في الترقي، ورفع عدد الجيش إلى 18 ألف جندي طبقا للفرمان العثماني، وإنشاء مجلس شورى على النمط الأوروبي، والتصدي للتدخل الأجنبي البريطاني والفرنسي في شؤون مصر؛ إثر الديون التي أوقع فيها مصر الخديوي السابق إسماعيل، بل ارتفعت مطالبهم إلى المطالبة بعزل الخديوي توفيق عندما خالف الدستور ورفض تنفيذ حكم المحكمة العسكرية العليا بتحريض من بريطانيا. ورفعت الثورة شعار مصر للمصريين؛ ردا على التدخل الأجنبي السافر في شؤون البلاد، وعندما ضرب الأسطول البريطاني الإسكندرية في 11 تموز/يوليو 1882، هبت مصر لصد العدوان البريطاني والوقوف ضد الخديوي توفيق، فتم عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها في 17 تموز/يوليو 1882، وأجمع أعضاؤها على استمرار الاستعدادات الحربية، ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.

وفي  22 تموز/يوليو  1882م، عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود، والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة. وفي الاجتماع، أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف، ولم يكتفوا بهذا بل جمعوا الرجال والأسلحة والخيول من قرى وعزب وكفور البلاد.

الاحتلال الإنجليزي لمصر

نعم، نجح الإنجليز في بسط سيطرتهم على مصر، وتم نفي قادة الثورة العرابية خارج البلاد، لكنها كانت من أعظم اللحظات في تاريخ الحركة القومية المصرية، فقد وحدت الثورة بين كافة فئات وطوائف الشعب كافة، مصريين وغير مصريين، مسلمين وأقباط وحتى اليهود، وكذلك بين عامة الشعب وبعض أمراء أسرة محمد علي، مما كان له أبلغ الأثر بعد ذلك في الكفاح الوطني والشخصية المصرية منذ 1882 وحتى سقوط الملكية في مصر، التي إحقاقا للحق، كانت مصر في عهدهم أفضل بكثير عما حدث فيما بعد من 1952، باستثناء فترتي الخديوي توفيق وإسماعيل، وباستثناء بعض المظالم الاجتماعية، التي طالب رواد وزعماء الحركة الوطنية المصرية بالتصدي لها، فطالبوا بتحديد الملكية، وإعادة توزيع الأراضي، ورفع مستوى الحياة في الريف المصري.

وإحقاقا للحق أيضا، فقد دعم الحركة الوطنية بعض حكام مصر مثل الخديوي عباس حلمي الثاني والسلطان حسين كامل، وكان لبعض أمراء العصر الملكي ورجالاته أياد بيضاء كثيرة في تحديث مصر وإنشاء جامعة القاهرة وبناء المستشفيات ورفع المعاناة والمظالم عن المصريين. وكان البرلمان سلطة محاسبة الملك وتحديد نفقاته، وهو ما لم يستطع أي برلمان أن يفعله بعد 1952، حتى عندما لم يوافق 16 برلمانيا من أفضل رجالات مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل، حلَّ السادات مجلس الشعب.

النضال المصري ضد الاحتلال حتى سقوط الملكية

لم يهدأ للمصريين نضال في مواجهة الاحتلال، فتزعم الحركة الوطنية أسماء سياسية ودينية وأدبية لها مكانة وتاريخ في قلوب المصريين مثل: مصطفى كامل، محمد فريد، الشيخ محمد عبده، عبد الله النديم، عبد العزيز جاويش، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، عزيز المصري، وغيرهم كثير، ممن كان لهم دور كبير في إذكاء الروح الوطنية ليس في مصر وحدها، بل أيضا في المنطقة، وكان لمصر دور بارز في دعم جهاد الشعب الليبي ضد الغزو الإيطالي عام 1911، وصارت مصر مقصد الأحرار العرب، وبيت ثقافة العرب.

وأججت أحداث الشعور الوطني مثل حادثة دانشوي، والحرب العالمية الأولى، وسقوط دولة الخلاف العثمانية. وكان من أعظم الأحداث في تلك الفترة ثورة 1919، التي شهدت وحدة وطنية رائعة بين مكونات المجتمع المصري كافة، واصطفافا وطنيا خلف قادة الثورة، الذين شكلوا الوفد المتحدث باسم مصر لمطالبة إنجلترا بالجلاء عن مصر، ثم صدور تصريح 28 شباط/ فبراير الذي اعترف باستقلال مصر، وإن كان استقلالا منقوصا، وصدور أفضل دستور في تاريخ مصر حتى الآن وهو دستور 1923.

شهدت هذه الفترة تناميا للروح القومية فأنشأ مصطفى كامل الحزب الوطني، ورفع شعار مصر للمصريين، وبرز دعاة الفكر الإسلامي القومي كالشيخ رشيد رضا، وأنشئت جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، كما برز التيار الاشتراكي ممثلا في مصر الفتاة ثم الحزب الاشتراكي، وبرز أيضا خلال هذه الفترة تيار الليبرالية المصرية في صورتها المصرية العربية ممثلة في حزب الوفد، أو في صورتها التغريبية ممثلة في بعض دعاتها كطه حسين وعبد العزيز فهمي وأحمد لطفي السيد، وظهرت المنظمات النسوية ليبرالية وإسلامية وبرز دورها في الحياة العامة، كما ظهرت أيضا التنظيمات اليسارية والشيوعية.

في بدايات القرن العشرين، تم الدعوة للمؤتمر القبطي الأول، وأُنشئت بعد ذلك جماعة الأمة القبطية؛ لكن لم تلق هذه التوجهات قبولا لدى الرأي العام، أو حتى بين المسيحيين أنفسهم.

وكان من المعالم البارزة للدور العربي المصري، دعم ثورات الشعب الفلسطيني ضد العصابات الصهيونية، وإنشاء جامعة الدول العربية، ثم دخول حرب 1948.

وخاض المصريون خلال هذه الفترة نضالا حاسما ضد الاستعمار البريطاني أدى إلى معاهدة 1936 التي منحت مصر استقلالا جزئيا، وأدت إلى انسحاب الجيش الانجليزي خارج المدن المصرية إلى معسكراته في القناة. كما شهدت هذه الفترة نضالا مصريا ـ شعبيا ورسميا ـ في المحافل الدولية؛ لمحاولة الحصول على الاستقلال الكامل عن بريطانيا.

وفي عام 1951، وعلى إثر الضغوط الشعبية، أعلن النحاس باشا رئيس الوزراء إلغاء المعاهدة، وقال: "باسم الشعب وقعت المعاهدة، واليوم باسم الشعب ألغيها"، كما ألغيت اتفاقية الحكم الثنائي على السودان.

وخاض المصريون نضالا شعبيا في صورة مظاهرات بالمدن الكبرى وعمليات عسكرية ضد معسكرات البريطانيين في القناة، إلى أن قامت ثورة 1952، فانتقلت مصر بتياراتها وأحزابها وقواها السياسية إلى مرحلة جديدة نتناولها في الحلقة القادمة.

اقرأ أيضا: ما هي البيئة التي هيأت لنشأة التيار القومي في مصر؟ الجغرافيا والتاريخ
التعليقات (3)
قارئ عربي مثقف
السبت، 16-09-2023 05:53 ص
من مقال الكاتب يقول ان : (الثورة العرابية) امتدت الثورة العرابية من عام 1879 إلى عام 1882 حتى الاحتلال البريطاني لمصر، وقادها ضباط وطنيون مثل أحمد عرابي ومحمود سامي البارودي وعبد العال حلمي، وكان الغرض من الثورة: 1-(نيل الضباط المصريين حقوقهم في الترقي،) 2-( زيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي طبقا للفرمان العثماني) هنا نرى سقط كبيرة بل سقطات وليست سقطة واحدة،يضمنها كاتب المقال بأنه لا يميز بين بين الثورات والمطالب الفئوية الخاصة،والمظاهرات الفئوية،،ويسمي التمرد العسكري الذي حدث لمطالب خاصة ومنافع مادية ،وامتيازات خاصة بفئة معينة ،الى ان يقفز على الحقائق بغباء منقطع النظير ،وعدم فهم عميق وحقيقي لما حدث ،بأن يطلق عليها الثورة العرابية،مع العلم ان الوضع الذي حدث هو اقرب الى التمرد العسكري وتململ ومطالب وامتيازات خاصة للمذكورين اسماءهم اعلاه،و ليس ثورة عسكرية وطنية تطالب ب اجلاء المحتل ورص صفوف الجيش مع الشعب،ولا مقاومة المحتل الاجنبي، فكيف يطلق عليها كاتب المقال مسمى الثورة العرابية،من هنا نكتشف ان كاتب المقال وصل الى حالة يرثى لها في عدم التمييز والفهم والفرق بين الحالتين،ولا يعرف ان يسمي الاشياء بمسمياتها الصحيحة والسليمة والدقيقة،ويبدو انه ينسخ ماكتبه غيره ،واخذ به دون ان يعمل اعمال العقل ،فخلط بين الامرين بين التمرد الخاص بفئة معينة لاغراض معينة والامتيازات مادية معينة، الى ان يسميها ب اسم مخالف للواقع الحقيقي لما حدث ،ويقول عنها القورة العرابية،وهنا يدخلنا الكاتب في باب تزوير الحقائق التاريخية واعطاءها صبغة ثورية وطنية،ويسميها الثورة العرابية،لكنها لا تعدو اكثر من اكذوبة واستهبال ،لا تنطلي على اي عقلية باحثة مثقفة،ونرى غريزة تزوير الحقائق التاريخية والفئوية(تتملك نفسية الكاتب) الى تضخيمها وتفخيمها واعطاءها صيغة الثورات الوطنية،وهذا يدل على جهل الكاتب وعدم فهمه واستيعابه للفرق بين المظاهرات الفئوية والثورات الوطنية
قارئ عربي مثقف
السبت، 16-09-2023 03:31 ص
اولا: هناك خلط وحالة عدم فهم من كاتب المقال بأنه لا يميز الفرق بين التيار الوطني والتيار القومي فالمعلوم لمن لديه ثقافة وتدبر وفهم ،يميز بين التيارين :فالتيار الاول يختص بحالة القطر او الدولة وهوية شعبها واموره الحياتية الخاصة من حركات سياسية واقتصادية واجتناعية،بينما التيار الثاني يختص بحالة الفكر القومي لاقوام وشعوب ودول متعدد الاعراق والمذاهب واللهجات ولكن يجمعها رابط القومية الواحدة واللغة العربية الواحدة كما في التيار القومي او للحركة القومية الشاملة والجامعة ،وهو مايسمى مجازا بالقومية العربية او التيار القومي العروبي،يبدو ان كاتب المقال يخلط بين الاثنين ولا يميز بينهما ،فهل هو حول ثقافي اصاب قلمه ولم يعد يميز ويفرق بينهما، هذه مؤاخذات اولية على كاتب المقال،وسوف نتابع معه ،ان شاءالله ،نقيم بصره وبصيرته ،ونكمل المأخذ الاخرى على عدم اسناد مقاله ب ادلة تاريخية ولا وثائق ولا براهين تؤكد ماجاء في مقاله الذي يبدو انه كتب بسرعة سيارة تسير بسرعة 150 كيلو كل نصف دقيقة،دون النظر والتمهل ب احترام عقل المفكرين والمثقفين الذين سوف يتابعون هذه المقاله التي هي اقرب الى حالة الانتشاء والطيران ب اجنحة اللاوعي والا تعقل والا تعقيب بمن سوف يقراءها ويفند هشاشتها وعدم واقعيتها ولا تسلسلها التاريخي،فنرى هنا ان كاتب المقال تغلب عليه نزعة عنصرية مصرية تمجد كل ماهو افريقي مصري وتلغي كل ماهو قطر عربي وكل ماهو ثقافة عربية !!وتاريخ طويل ومخضب بالنضال والوعي والفكر العربي الذي كان يجتاح ويتشكل في الاقطار العربية،من المغرب العربي الى الشام الى العراق الى الجزيرة العربية، هو مقال اقرب الى حالة التقوقع وادعاء البطولات حتى لو كانت زائفة وتمجيد الذات حتى لو كانت من مهترئة، واذا يؤكد ان هناك من يرى مياة الوحل والمستنقعات اكثر عذوبة وصفاءه من الانهار والينابيع العذبة
نسيت إسمي
الجمعة، 08-09-2023 07:56 م
'' كتّاب فلسطينيون نذروا أقلامهم للقضية مع نجم سيما بالفن تحيا الشعوب '' 1 ـ (كالشأن الشخصي.. كتّاب فلسطينيون نذروا أقلامهم للقضية) فرضت القضية الفلسطينية حضورها عربيًا على مختلف نواحي الحياة السياسية والاجتماعية، وأمام الاستمرار الزمني للقضية دون حل، وجد الفلسطيني نفسه مضطرًا لتنويع أساليب المقاومة، وزرع قضيته أمام أنظار العالم الذي يحاول غض الطرف عن السلب المستمر للأراضي الفلسطينية وتهجير أهلها لإيواء غيرهم دون حق. ومنذ النكبة الفلسطينية عام 1948، توالى على القضية شعراء وكتّاب تبنوها ودافعوا عنها وعن المدافعين عنها، وقدموا للقارئ العربي ثقافة المقاومة والرفض، للإسهام في تنشئة جيل لا ينسى ولا يفرط ببلاده، من خلال القصص والروايات التي حافظت على صلتها بالواقع وملامسته، مع خدش طفيف في المشاعر يمنحها صلابة أكبر. 2 ـ (كتّاب وراء القضبان) عناوين أغلفة لبعض الروايات التي أصدرها كتّاب أسرى: "رسائل إلى القمر" حمام زهري شاهين .. "خسُوف بدر الدِّين" باسِم خندّتجي .. "حكاية سرُ الزيت" وليد دقة .. "الخزنة الحب و الحرية" عصمت منصور .. في التاريخ الفلسطيني، وفي الواقع الحالي كذلك، يعدّ الاعتقال من المسلمات الحياتية اليومية، فوجود احتلال يعني وجود رفض له، وحين يُعبَّر عن هذا الرفض بأي شكل من الأشكال، يأتي الرد بالقتل او الاعتقال. وبما أن الكتّاب جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني، فإن بعض هؤلاء المعتقلين، سيكونون من فئة الكتاب بالضرورة، وهنا تبدأ المقاومة الفعلية لفكرة الاعتقال لدى الكتاب بالظهور، لتخرج على شكل كلمات من وراء الأسلاك الشائكة، وخفية عن بارودة الحرس. 3 ـ (في حادثة بطولية أشبه بالأفلام الهوليودية) تم تنفيذها بحذافيرها على أرض الواقع، وبشكل احترافي يفوق خيال أي مخرج سينمائي عالمي، نجح فجر الإثنين، 6 أبطال فلسطينيون من الأسرى في سجن "جلبوع" الصهيوني الشديد التحصين، من حفر نفق بواسطة "ملعقة طعام صدئة" سمي بـنفق الحرية وتمكنوا من الهروب منه، لتصبح قضية عالمية أذهلت العالم. وفي التفاصيل ما يثير الدهشة.. فبواسطة "ملعقة طعام صدئة" كٌسرت هيبة الكيان الصهيوني المحتل واهتزت صورته وتم تعريته أمام العالم، حيث تمكن الـ6 الأبطال من حفر نفق، وخرجوا من خلاله دون أن يلاحظهم أي شخص من سجن "جلبوع". يُعد الأسلوب الذي هرب به السجناء الفلسطينيين الأبطال طريقة مشابهة لأعمال سينمائية ودرامية جسدت وقائع مشابهة، نشر العديد من المصريين والعرب رسومات جسدت فضيحة الكيان الإسرائيلي التي رآها العالم. وذكر موقع "واي نت" الإخباري، التابع لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أن الأسرى الفلسطينيين استخدموا عمود السرير في حفر نفق سجن "جلبوع" من داخل "حمام الزنزانة"، وساعدتهم ظروف أرضية المرحاض لإتمام عملية الحفر بشكل جيد وسريع. أما صحيفة "جيروزاليم بوست" فقد أكدت أن الأسرى الفلسطينيين الـ6 الهاربين من سجن جلبوع، كانوا معاً في نفس الزنزانة، واستخدموا "ملعقة طعام صدئة في الحفر"، وقاموا بإخفاء هذه الملعقة خلف ملصق وكانت وسيلتهم في حفر نفقاً تحت حمام الزنزانة وتمكنوا من الخروج عبر بئر الصرف الصحي للسجن. في السياق ذاته تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة لـ"معلقة ملقاة وسط التراب"، حيث تردد أنها كانت وسيلة الأسرى الفلسطينيين في حفر نفق سجن "جلبوع". 4 ـ (برنس الشاشة العربية) حسين فهمي ممثل مصري جده محمد باشا فهمي رئيس مجلس الشورى، ووالده محمود باشا فهمي كان يعمل سكرتيرًا لمجلس الشورى، ولد في 1940/3/22 في القاهرة مصر، واكتشفه المخرج حسن الإمام، لديه العديد من الأعمال، يعمل في التمثيل وعمل أستاذًا للإخراج لفترة معينة في المعهد العالي للسينما لمدة 12 عامًا، وتخرج منه عام 1963 ودرس الإخراج في الولايات المتحدة الأمريكية. فيما يلي أبرز أعماله في المجال المسرحي: بداية ونهاية عام 1985. إمبراطور عماد الدين عام 1988. مطلوب للتجنيد عام 1991. سحلب عام 1992. كعب عالي عام 1996. أهلاً يا بكوات عام 2006. زكي في الوزارة عام 2008. 5 ـ (الفنان حسين فهمي نجم سيما) فيلم "أغنية على الممر" للمخرج الراحل علي عبد الخالق والفيلم إنتاج عام 1972، سيناريو وحوار مصطفى محرم، كما يقوم ببطولته كل من: محمود مرسي وصلاح قابيل ومحمود ياسين وأحمد مرعي وصلاح السعدني، وغيرهم من الفنانين. وتحكي أحداث الفيلم عن معاناة فصيلة مشاة مصرية يتم حصارها أثناء حرب 1967، أثناء دفاعهم عن أحد الممرات الاستراتيجية في سيناء ويرفضون تسليمها، وتتناول الأحدات قصص إنسانية عن هؤلاء النجوم حيث يبدأ كل واحدا منهم أن يحكي عن حياته ومعاناته الإنسانية وعثراته وفشله، ثم يتعرضون لهجوم بطائرات العدو ليستشهد ثلاثة منهم .. الفيلم الثاني"الرصاصة لا تزال في جيبي" يعود المجند محمد إلى الوطن بعد أن نجا وحده من إحدى المعارك في فلسطين، وبسبب نظرة أهل قريته له وتحميله مسؤولية مقتل أصدقائه، يمتنع عمه من تزويجه لابنته، لكن عندما يعود محمد إلى الحرب مجدداً تتكشف الحقائق. 6 ـ (حكاية أغنية عبد الحليم حافظ .. "خلي السلاح صاحي" كُتبت أثناء حرب الاستنزاف لحث الجنود على الاستعداد للثأر في أكتوبر) خلى السلاح صاحى صاحى صاحى .. لو نامت الدنيا صاحى مع سلاحى .. سلاحى فى ايدايا نهار وليل صاحى .. ينادى يا زوار عدونا غدار خلى السلاح السلاح صاحى صاحى صآآآآآآحى .. جاءت أغنية "خلي السلاح صاحي" لتوثيق المحطات التي تعبر عن النصر والاحتراس في مرحلة اللاسلم واللاحرب. كتبها الشاعر أحمد شفيق كامل، لحنها الموسيقار كمال الطويل، وغناها عبدالحليم حافظ، تاريخ الأُغنية عام 1968م في بداية حرب الاستنزاف التي استمرت ثلاث سنوات، بين مصر وإسرائيل بعد هزيمة حزيران 1967م، وهو اسم يُطلق على العمليات العسكرية شرق قناة السويس التي قام بها الجيش المصري بأوامر من الزعيم جمال عبدالناصر. كلمات الأغنية تدعو إلى الحذر وعدم الغفلة أمام عدو غدار، وأهم مظاهر الحذر وعدم الغفلة هو يقظة المُقاتلين، واستمرار جهوزيتهم لاستخدام السلاح، والاستعداد لأي طارئ يفرضهُ الميدان، وأي مفاجأة يقوم بها العدو. وهي من أشهر وأقصر أغاني حرب أكتوبر، حتى إن المصريين كانوا يستخدمونها في لغتهم اليومية كمثال للانتباه، وكُتبت أثناء حرب الاستنزاف من قبيل حث الجنود على الاستعداد للثأر في أكتوبر. 7 ـ (مشهد من مسلسل المال و البنون الجزء الثاني الحلقة 20) يقدم الفنان حسين فهمي أروع أدواره رغم أنها لم تكون في المستوى المطلوب لكنها أبرزت قضايا النخب و معاناتها في الداخل و الخارج لا لسبب سوى لممارسة أعمالهم في الأدب و الفن و الصحافة و الثقافة من مكتب جلال عنايت "ضحايا المرحلة" ماحدش يقول المفكرين المصرين يدخلو المعتقلات علاشن يحاولو يفكرو في بلدهم .. ماحدش يقول كتاب مصر يعذبون علاشن يحاولون يكتوبون وجهة نظرهم و كل شعب مصر و أولهم المثقافين و المتعلمين المطالبين بسيادة القانون و العدل .. إن النقد البناء و الموضوعي الهدف لا يمكن أن يخشاه أحد إلا الفاسدون لأن النقد المر كالدواء المر الذي فيه الشفاء أو كمشراح الطبيب الجراح الذي يشق بطن المريض بغرض إستأصال المرض و الداء و ليس بقتل المريض .. "خلاص يا عائلة عنايت عارفين أنكم وطنيين و مستفزين .. لم تغيب الرومانسية في حياة جلال عنايت بوقوف "ماري" إلى جانبه في أصعب الظروف مما جعله يرسل رسالة : بهدوء بحترام برفع مكانتها و مدحها "هي تلوح في سمائنا دوماً نجوم براقة، لا يخفف بريقها عنا لحظة واحدة، تترقب إضاءتها، و نسعد بلمعانها في سمائنا كل ساعة، فاستحقت و بكل فخر أن يرفع إسمها في عليانا، إن قلت شكراً فشكري لن يوفيكم، حقاً سعيتم فكان السعي مشكوراً، إن جف حبري عن التعبير يكتبكم قلب به صفاء الحبّ تعبيراً.