تستعد
الجزائر لترحيل قاطني المساكن الهشة المبنية من الصفيح في العاصمة، في أكبر عملية ترحيل منذ الاستقلال عام 1962. ويُنتظر أن تشرع السلطات في العملية مطلع شهر كانون الثاني/ يناير القادم، وسط مخاوف من احتجاجات من يتم إقصاؤهم من عملية الترحيل.
آمال الآلاف من "
سكان الصفيح" في العاصمة الجزائرية معلقة على قرار من الوزير الأول عبد المالك سلال؛ بشأن تاريخ القيام بأول عملية ترحيل، بعد أن أكد محافظ الجزائر العاصمة، عبد القادر زوخ، الأسبوع الماضي أن عملية الترحيل ستبدأ خلال شهر الشهر القادم.
ويعاني الآلاف من سكان العاصمة أزمة حادة في السكن، ويتمركز هؤلاء في إما في أحياء الصفيح وتجمعات سكنية قديمة تعود إلى العهد الاستعماري أو يقطنون سطوح العمارات، ويعانون ضنك العيش بسبب عدم ملائمة ظروف الحياة، وعدم توفر أبسط ضروريات العيش الكريم.
ويُعنى 14 تجمعا سكنياً من الصفيح، وتضم أكثر من 60 ألف عائلة، بعملية الترحيل. وأهم هذه التجمعات: حي باشة جراح والحراش وعين النعجة وجسر قسنطينة، بشرق وغرب العاصمة الجزائر، وكذلك تجمعات سكنية بحي باب الوادي العتيق وحي "مناخ فرنسا" المجاور له، وسط العاصمة.
ويعاني سكان الحيين الأخيرين من ظروف سيئة للغاية، إذ يقطنون بيوتا من غرفتين، ورثوها عن العهد الاستعماري، حيث أنها كانت مخصصة للجنود الفرنسيين العزاب، ولما غادر الجيش الفرنسي شغلها الجزائريون الذين كانوا يقطنون في أحياء "إسلامية" بالجوار. وتشبه هذه الوضعية واقع سكان حي باشة جراح وديار الشمس شرق العاصمة.
وكانت محافظة الجزائر قد عرفت عملية ترحيل كبيرة في حزيران/ يونيو 2011، طالت العديد من الأحياء، مثل حي النخيل ببلدية "بوروبة" الذي غادرته 200 عائلة نحو مساكن جديدة، فيما تأجل ترحيل 700 عائلة أخرى إلى الشهر القادم.
ويعتبر حي "السمار" بجسر قسنطينة شرق العاصمة؛ أكبر حي قصديري في العاصمة، حيث يضم 12 ألف عائلة، تتوق لأن تكون ضمن قوائم المرحلين الجدد.
وخصصت الحكومة أحياء سكنية جديدة، تقع على مخارج العاصمة من جهاتها الأربع، في كل من بئر التوتة والكالبتوس والشراربة وهراوة والسبالة وبابا أحسن.
وانتقد الوزير الأول عبد المالك سلال رؤساء المجالس البلدية، خلال لقاء مع محافظي الجمهورية في نيسان/ أبريل الماضي، لعدم توزيعهم السكنات الشاغرة للعائلات المحتاجة. ويستند رؤساء المجالس البلدية في تبريراتهم في عدم توزيعهم المساكن إلى "المخاوف من احتجاجات من يطالهم الإقصاء لأسباب مختلفة" على غرار ما كان يحصل خلال كل عملية توزيع للمساكن في المرات السابقة، حيث تضطر مصالح الأمن للتدخل وتفريق المحتجين.
وكان سكان حي "ديار الشمس" قد شنّوا احتجاجات متوالية، سخّرت لها الحكومة قوة أمنية معتبرة لتفريق لتفريقها، ولقيت العملية استهجان نشطاء حقوق الإنسان في الجزائر.
وقال رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان بوجمعة غشير لـ"عربي 21" انه" من المنطقي أن يحتج هؤلاء، لكنني أستغرب لكون السلطات لا تستجيب لمطالبهم ولا تفتح أبواب الحوار معهم، إلا عندما ينزل هؤلاء إلى الشارع للاحتجاج".
ودعت رئيسة حزب العمال اليساري لويزة حنون؛ الحكومة إلى "اتخاذ تدابير جديدة لمساعدة المواطنين على اقتناء سكنات من أجل تخفيف حدة الاحتجاجات، كتأجير السكنات بالنسبة للمتزوجين الجدد بأسعار تراعى فيها مداخيلهم الشهرية".
وتأخرت عمليات توزيع المساكن على مستحقيها، وكان ذلك متوقعا منتصف العام الجاري 2013، لكن محافظ العاصمة عبد القادر زوخ برر ذلك بعدم استكمال لواحق العمارات من مساحات خضراء وتعبيد الطرقات.
غير أن معارضين للحكومة ينتقدون تبريرات المحافظ، ويرون أن الحكومة أخّرت عمدا توزيع المساكن "حتى تتزامن مع الحملة الانتخابية لرئاسيات نيسان/ أبريل 2014، وهذا من أجل توظيفها في إطار الحملة الانتخابية للمترشح المفترض الرئيس عبد العزيز
بوتفليقة لعهدة رابعة".
ووضعت وزارة السكن برنامجا جديدا للسكن في إطار "الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره"، يضم 90 ألف وحدة سكنية بالعاصمة، من جملة 230 ألف وحدة على المستوى الوطني من أجل امتصاص
أزمة السكن، وشرعت في تشييد المشاريع السكنية في مواقع بالعاصمة.
ويُعنى بالعملية المواطنون متوسطو الدخل. وشددت وزارة السكن شروط قبول ملفات طالبي السكن وفقا هذه الصيغة، منها أن لا يكون طالب السكن قد استفاد من أي سكن أو إعانة مالية من قبل الدولة، على أن تسدد قيمة السكن على دفعتين.
واستعانت وزارة السكن بـ"البطاقية الوطنية للسكن" لغربلة ملفات الاستفادة، وتضم البطاقية أسماء كل من استفاد من السكن في السابق. وقال مستشار وزير السكن سليم بلقسام لـ"عربي21" إن البطاقية "أفادتنا كثيرا في عزل أصحاب الملفات الذين استفادوا من قبل".
وقال وزير السكن عبد المجيد تبون إنه "يُحتمل إضافة برنامج ثانٍ وفقا لهذه الصيغة يضم 150 ألف وحدة سكنية.
جانب من احتجاجات سابقة لسكان الصفيح في الجزائر
عمارات جديدة رُحل إليها سكان الصفيح