سياسة عربية

الجزائر: جدل في الجيش حول ترشح بوتفليقة للرئاسة

تشبث بوتفليقة بالسلطة عرض الجيش والمؤسسات للانقسام - ا ف ب
تشبث بوتفليقة بالسلطة عرض الجيش والمؤسسات للانقسام - ا ف ب
تشهد الجزائر صراعا عبر وسائل الإعلام في هرم المؤسسة العسكرية التي تلعب دورا سياسيا مهما حول دعم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة، وذلك قبل شهرين من الانتخابات المقررة في 17 نيسان/ أبريل.

وخرج الرئيس بوتفليقة عن صمته، في وقت كثر فيه الحديث عن استمراره في السلطة، منددا بـ"التكالب" و"محاولة المساس بوحدة" الجيش، واستقرار البلاد.

وهذا أول رد فعل رسمي لرئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع، على اتهامات الأمين العام للحزب الحاكم لمدير المخابرات والرجل القوي في السلطة الفريق محمد مدين المكنى بالجنرال "توفيق".

وكان الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الداعم القوي، لاستمرار بوتفليقة في الحكم، طالب في مطلع شباط/ فبراير الجاري مدير المخابرات الجنرال توفيق، بالاستقالة، متهما إياه بـ"التقصير" في مهام حماية البلد كما في "هجوم تيقنتورين"، وبالتدخل في كل مفاصل الدولة.

وبحسب سعداني فإن هدف توفيق هو منع بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 1999، من الترشح لولاية رئاسية رابعة، بينما يدعم الفريق قايد صالح رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع ذلك.

وقال: "نحن في جبهة التحرير لا نريد أن يتدخل الجنرال توفيق في شؤون الحزب. في الحقيقة هو غير قادر على قول "نعم" أو "لا" لترشح بوتفليقة في الانتخابات المقبلة".

وبعد اتهامات سعداني ضد الجنرال توفيق، أصبحت الحرب غير المعلنة، حول بقاء بوتفليقة في الحكم بعد قضاء 80 يوما في باريس للعلاج من جلطة دماغية، ظاهرة للعيان.

وتسببت هذه التصريحات في إضرام النار في أعلى هرم السلطة، خاصة ان هذه أول مرة تتم فيها مهاجمة مدير المخابرات (دائرة الاستعلام والأمن) الذي لم يسبق له أن ظهر في العلن، كما أنه لم يدل بأي تصريح.

وبدأت ردود الفعل الرافضة لهذه التصريحات تتوالى عبر الصحف من شخصيات عسكرية ووزراء سابقين، للدفاع عن الجنرال توفيق في وجه اتهامات سعداني الذي يقود الحزب الحاكم منذ آب/أغسطس 2013.

ولم يتردد اللواء المتقاعد حسين بن حديد في دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الرحيل "بعزة وكرامة" وعدم الترشح لولاية رئاسية رابعة في الانتخابات المنتظرة في 17 نيسان/ أبريل.

وأكد بن حديد في مقابلة نشرتها جريدتا الخبر باللغة العربية والوطن بالفرنسية، أنه يتحدث باسم عدد من زملائه، دون أن يذكر أحدا منهم بالاسم.

وهاجم بن حديد على وجه الخصوص شقيق رئيس الجمهورية السعيد بوتفليقة الذي وصفه بأنه "أخطر شخص في حاشية الرئيس"، كما هاجم وائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع قايد صالح الذي "لا يحبه أحد في الجيش".

واعتبر أن حاشية الرئيس متهمة بـ"الخيانة" لأنها تقف وراء الهجوم على جهاز المخابرات باستخدام عمار سعداني.

وقبله خرج وزير العدل السابق محمد شرفي عن واجب التحفظ للدفاع عن دور المخابرات خلال الهجوم الدموي على منشأة الغاز بتيقنتورين في كانون الأول/ يناير 2013.

وحمل شرفي الذي كان في منصبه خلال الأحداث على سعداني "التنكر لدور الجيش" عند حديثه عن الهجوم الإجرامي ضد منشأة الغاز.

بدوره، أكد الوزير السابق خلال سنوات 1990 عبد السلام علي راشدي، أن "السعيد بوتفليقة هو من يسر البلد وعدوه الوحيد هو جهاز المخابرات.. هو يسير بهاتف الرئاسة والناس يأتمرون بأوامره ويدعمه في الجيش الفريق قايد صالح".

وبرأي الصحافي محمد سيفاوي الذي سبق ان قام بتحقيقات حول صراع الزمر في النظام الجزائري، فان "الثقة بين بوتفليقة والجنرال توفيق سقطت نهائيا".

كما اتهم الصحافي والضابط السابق في المخابرات هشام عبود، شقيق الرئيس بالضلوع في قضايا فساد، وذلك في كتاب لم ينشره بعد يحمل عنوان "جزائر عائلة بوتفليقة: سرقة، احتيال وفساد".

وكان عبود غادر الجزائر رغم قرار من المحكمة بمنعه من السفر بعد اتهامه في قضية نشر مقال في صحيفتيه "جريدتي ومون جورنال" حول دخول بوتفليقة في غيبوبة عميقة.

ومنذ استقلال الجزائر في 1962 كان الجيش هو من يقرر بالتعيين أو بالانتخاب من هو الرئيس. فمن أحمد بن بلة (1962) الذي جاء على ظهر دبابة بدعم من العقيد بومدين الذي انقلب عليه في 1965، إلى اللواء اليامين زورال (1994)، مرورا بالعقيد الشاذلي بن جديد (1979)، ومحمد بوضايف (1992) الذي اغتيل بعد ستة أشهر من عودته من منفاه في المغرب.

والرئيس الحالي بدوره، وصل إلى السلطة في 1999 بفضل دعم الجيش. وكذلك الأمر بالنسبة لإعادة انتخابه في 2004 و2009 عندما حسم الجنرال توفيق الأمر لصالحه ضد منافسه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، بحسب الصحف والمحللين.

وفي أيلول/ سبتمبر 2013، قام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتغييرات في المخابرات من خلال تجريدها من ثلاث مصالح أساسية، وهي أمن الجيش والصحافة والشرطة القضائية العسكرية، ووضعها تحت سلطة رئيس الأركان.

ولم يكتف بوتفليقة بذلك، بل أحال قبل أسبوعين على التقاعد العميد آيت وعراب عبد القادر المكنى بـ "الجنرال حسان" مدير مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات وأحد المقربين جدا من الجنرال توفيق.

واعتبر محللون أن ذلك يعتبر "إضعافا" للجنرال توفيق وجهاز المخابرات مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.

وكتبت صحيفة الخبر في تحليلها الخميس، أن "تشبث بوتفليقة بالسلطة عرض الجيش والمؤسسات للانقسام".
التعليقات (0)