كتاب عربي 21

كهنوت "إسلاموي" يدافع عن القتلة ويُجرّم الدعاة!

حلمي الأسمر
1300x600
1300x600
لا يحتاج المسلم إلى أي واسطة بينه وبين خالقه، ولا يوجد في الإسلام مصطلح رجل دين ورجل دنيا، والمسلم او المسلمة يخاطبان ربهما في اليوم مئات المرات، عبر الصلوات المكتوبة، أو النوافل، فضلا عن الدعاء الذي يجري على ألسنتنا بعفوية حين نقول يا "رب" او "يا الله او يا ساتر" وحتى حين يرتكب المؤمن ذنبا لا يحتاج للاعتراف امام رجل دين للتطهر من خطاياه، بل بوسعه ان يستغفر لذنبه، أو يمحوه بعمل حسن، "واتبع السيئة الحسنة تمحها"، يعني ان الطريق سالكة بين المخلوق والخالق، بلا عوائق او وسطاء، وأنا هنا لا انتقد الديانات الأخرى بقدر ما أقرر حقائق بسيطة عن الاسلام غابت او غيبت على نحو متعمد، لاحتكار الحقيقة والنص، لممارسة نوع من الاستبداد الديني المتحالف في احيان كثيرة مع الاستبداد السياسي، لإطباق فكي كماشة التخلف على حياتنا وعقولنا، وإرهابنا أحيانا، كي لا نقترب من المناطق التي ينبع منها نهوضنا وكبرياؤنا، بمعنى آخر، إن المبالغة المقصودة او غير المقصودة في تحريم الاقتراب من النص الديني، وقصره على من يسمون انفسهم "علماء الدين" احدث نوعا من الارهاب الفكري، بحيث اقتصر النظر في النصوص الدينية على أصحاب العمائم، والعباءات والدشاديش، باعتبارهم الوحيدين المؤهلين للفتيى والحديث في الشأن الديني، وشيئا فشيئا تحول هؤلاء الى ما يشبه "الاكليروس" او طبقة رجال الدين المخولين هم فقط في أمر الدين، برغم أن بعضهم لا يملك من العلم الا زيه الشرعي، وبعض أحكام التجويد، وساعد على تجذر هذه الحالة  الجهل المطبق بالدين لدى العامة، إلى حد أن من يملك نصف عين وسط جمهور من العميان، أصبح يرى أكثر من زرقاء اليمامة!

ويكاد يغيب هنا عن أذهان من يتحدثون عن شروط الاجتهاد، والتأهيل الفقهي، إن أي طالب علم، ولو كان في المرحلة الثانوية، يملك من وسائل المعرفة، ما لم يكن متوافرا لبعض الأئمة الكبار، من محدثين وفقهاء ومجتهدين، لأن بوسع طالب العلم متى شاء وبكبسة زر، أن ينظر في جميع ما كتبه وجمعه هؤلاء، فضلا عن أي نص في القرآن الكريم او الحديث الشريف، وقواميس اللغة وكتبها المختلفة، ان وجود كل هذه النصوص على شبكة الانترنت، ألغى خاصية الحفظ، ولم يعد طالب العلم مضطرا لاستظهار آلاف الصفحات، كي يستخلص حكما شرعيا، او يقارن بين مجموعة من العمائم، جعلت من ظاهرة احتكار العلم الشرعي، ضربا من الماضي، وبهذا يستطيع أي طالب في كلية الشريعة، او العلوم حتى ان يضع امامه كل ما ورد حول قضية الخلع مثلا، ويستخلص وجهة نظر، في ضوء النصوص الشرعية المتوافرة، دون ان يضطر للذهاب الى "شيخ" لا يملك كل هذا الكم والنوع من المعلومات!

ان كلامنا هذا لا يعني بحال الدعوة لإزالة القداسة عن النص الشرعي، أو مجانية الاجتهاد، أو التجرؤ على الفتوى، أو نزع الاحترام عن علمائنا الأجلاء الحقيقيين الذين يتأسون بالسلف الصالح في تقواهم وأخلاقهم، فلا يخافون في الله لومة لائم، بل هو مجرد مداخلة لإعادة النظر في شروط المجتهد، وفتح باب النظر في النص الشرعي، وعدم قصره على من يحرصون على فرز أنفسهم كرجال دين وكهنوت، وهم موظفون برواتب عند السلطة، فقط لأنهم يرتدون العمائم والدشاديش، وسخروا علمهم في خدمة المال والسلطة، والأسوأ أنهم يأتمرون بأوامر وبيانات "وزارات الداخلية" فيكفرون من يكفرونهم، في محاولة بائسة لـ "تسييس" للدين، وتسخيره للدفاع عن الطواغيت، وإضفاء شرعيات لا يملكونها هم أصلا على قتلة ومجرمين!
التعليقات (1)
حيدر صبح
الأحد، 23-03-2014 05:07 ص
- معلومة جميلة :") ما هو السر في حذف “يا” النداء قبل الدعاء في القرآن؟ (ربِ أرني أنظر إليك) (ربنا أفرغ علينا صبرا) (ربِ لا تذرني فردا) (ربِ إن ابني من أهلي) في مواطن الدعاء لم يرد في القرآن العظيم نداء الله تعالى بحرف المنادى ” يا ” قبل (رب) البتة وإنما بحذفها في كل القرآن و السر البلاغي في ذلك : أن ( يا ) النداء تستعمل لنداء البعيد و الله تعالى أقرب لعبده من حبل الوريد فكان مقتضى البلاغة حذفها . “وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ”