ملفات وتقارير

مغالاة في تكاليف الزواج بفلسطين ودعوات للتيسير

طالبات فلسطينيات في مدينة خانيونس بغزة - أ ف ب
طالبات فلسطينيات في مدينة خانيونس بغزة - أ ف ب
"إحنا بنشتري رجال مش مال"، بهذه الكلمات ابتدأت الفتاة المقدسية مريم أبو سنينة حديثها لـ"عربي21"، في الوقت الذي يعاني منه المجتمع الفلسطيني من تأخر سن الزواج بسبب ارتفاع تكاليفه.

أبو سنينة ذات العشرين ربيعا، كغيرها من الفتيات تحلم ببيت وأسرة، وتعتبر أن الأساس في الزواج هو الحب والمودة، وبالنسبة للمهر فهو يحدد حسب الحالة المادية للخاطب. وأضافت: "إذا ترك لي تحديد المهر فإن خير الأمور أوسطها، غير أن المهر شيء لا بد منه في الزواج".

ونوهت قائلة: "لا أقبل ترك موضوع تحديد المهر لي لأن لي أهلا واحترم كلمه أبي".

أما الشاب أيهم جابر فقال لـ"عربي21" إن تكاليف الزواج باهظة وتشكل معضلة تثقل كاهل الشباب ويعتبرونها كابوسا ، فالشاب ملزم بتأمين بيت الزوجية، بالإضافة لمصاريف حفل الزفاف.

ويضيف: "المشكلة الأهم التي تواجهني كشاب هي عدم وجود عمل ثابت وارتفاع الأسعار، فالأسرة تحتاج إلى مصاريف يومية، والأهل لا يراعون ذلك، لا أفكر بالزواج الآن".

وتتفاوت ظاهرة غلاء المهور من منطقة إلى أخرى، ففي منطقة الجنوب كمدينة الخليل، ترتفع نسبة المهور وتكاليف الزواج عن بقية المدن الفلسطينية، وكل ذلك يرجع إلى عادات أهل المنطقة.

بدوره قال الشاب علاء المدموج لـ"عربي21" إن غلاء المهور هو "غلاء فاحش جدا، وتكلفة الزواج مرتفعة في ظل انخفاض أجور العمال بشكل كبير مما يشكل صعوبة كبيرة على الشاب الفلسطيني من جمع المهر؛ وارتفاع سعر الشقق السكنية بشكل كبير، فيبلغ سعر شقة سكنية بمساحة 115 مترا مربع 27 الف دينارا، مما يشكل إحباطا كبيرا لأحلام الشاب الفلسطيني في الاستقرار و الزواج".

حملة الزواج الميسر

في ظل هذه الظروف انطلقت حملة الزواج الميسر والتي قال عنها أحد أعضائها جواد شلبي، إنها "مبادرة شبابية أطلقها الشاب علاء قلالوة عبر حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وقمنا نحن في صفحة (زوجونا قبل أن تفقدوا الإنسانية) برعاية الفكرة وتبنيها وإنشاء حدث خاص بها عبر (فيسبوك) داعين إلى تسهيل الزواج والتخفيف من مصاريفه وأعباءه التي تضيّق الوصول إليه، فتسبب نفور الشباب منه وما يتبع ذلك من ارتفاع سن الزواج وازدياد نسبة العنوسة وإصابة العديد منهم بالاكتئاب وما يلحق ذلك من سلبيات لرفض طلباتهم وعدم تحقيق أحلامهم".

وعن سبب تسمية الصفحة  بهذا الاسم قال لـ"عربي21" أشار شلبي إلى ربط الأديب مصطفى الرافعي بين الزواج والإنسانية وتحذيره من ضياعها بسبب تأخيره ما أوحى للقائمين على الصفحة باختيار (زوجونا قبل أن تفقدوا الإنسانية) اسما لها معتبرينها منبرا للدعوة إلى إصلاح الثقافة السوداء التي تسود المجتمع.

دعوة الأهالي إلى تخفيف المهور

بدوره قال مفتي محافظة نابلس أحمد شوباش: "تخفيض المهور أمر مطلوب من ناحية شرعية على اعتبار أن هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو لذلك، فمسألة الابتعاد عن المغالاة في المهور مسألة مقصودة شرعا على اعتبار أن المغالاة في المهور أو النفقات التي تتعلق بالزواج من قاعة الأفراح أو السهرة أو النفقات التي عادة ما يكون فيها نوع من المبالغة تؤدي إلى إثقال كاهل الأزواج والسعي المتواصل لمحاولة الحصول على هذه الأموال اللازمة لذلك، وهذا غالبا لا يتيسر لدى شريحة عريضة من الشباب، وبالتالي يؤثر في رفع سن الزواج، ويؤدي للوقوع في الفتنة أو المعاصي على اعتبار أن الزواج قد يصبح غير متيسر لكثير من الشباب والشابات وهذا يضر بالمجتمع في النهاية".

ودعا شوباش في حديث مع "عربي21"، إلى تيسير زواج الشباب باعتباره مقصدا شرعيا ووطنيا، وقال: "نتمنى على الأسر الفلسطينية في كافة أنحاء الوطن والأغنياء قبل الفقراء أن يحاولوا التقليل من نفقات الزواج وإلغاء بعض الأمور التي تعتبر كماليات ويمكن الاستغناء عنها، والالتزام بسقف محدد في المهر يمكن أن يكون متيسرا لكثير من الناس وعلى الأسر الغنية أن تساهم بذلك قبل الأسر الفقيرة حتى تكون قدوة للناس جميعا، ولأن الفقير إذا وجد الغني يقلل من المهر ففي الغالب سيلتزم، والغني إذا بالغ فالفقير لا يستطيع أن يلحق به إلى تلك النفقات المبالغ بها".
التعليقات (0)

خبر عاجل