ملفات وتقارير

السياسة وهاجس الأمن حاضران في "عيد القيامة" بمصر

قداس عيد القيامة في الكنيسة القبطية مساء السبت - الأناضول
قداس عيد القيامة في الكنيسة القبطية مساء السبت - الأناضول
سيطرت السياسة والمخاوف الأمنية على احتفال الأقباط المصريين هذا العام، في أول عيد قيامة في ظل الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وكان للأقباط مساهمة واضحة في الإطاحة به، بحسب مراقبين.

وشهدت كنائس مصر تواجدا أمنيا مكثفا بالتزامن مع احتفال الأقباط بعيد القيامة المجيد، حيث تمركزت قوات الشرطة والجيش أمام الكنائس ونصبت الحواجز الحديدية ومنعت السيارات من الوقوف في محيطها.

ويعتقد مناهضو الانقلاب أن الأقباط كانوا - وما زالوا - من أهم القوى الداعمة للإطاحة بالرئيس مرسي، بدءا بظهور البابا تواضروس في مشهد بيان الانقلاب خلف وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، وانتهاء بتأييده بشكل علني للسيسي في انتخابات الرئاسة المقبلة.

تواجد أمني مكثف 

وفي الكناس الشهيرة، مثل الكاتدرائية المرقسية للأرثوذوكس بالعباسية وكنيسة الدوبارة التابعة للأقباط الإنجيليين، شددت قوات الأمن من إجراءات التأمين وتم تثبيت بوابات إلكترونية أمام المداخل الرئيسية لتفتيش المترددين على الكنيسة.

وجاء العيد هذا العام عشية اشتباكات طائفية بين المسلمين والأقباط في حي "الخصوص" بمدينة القاهرة، راح ضحيتها قتيلان ونحو عشرة مصابين من الجانبين.

وكان التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، قد دعا إلى أسبوع ثوري، بدأ الجمعة تحت عنوان "مصر مشتكية"، لكن الدكتور مجدي قرقر المتحدث باسم التحالف طالب أنصاره بالتظاهر الأحد، بعيدا عن أماكن تجمع المسيحيين الذين يحتفلون بعيد القيامة.

وأشار قرقر إلى أن "أعضاء التحالف يرفضون وقف التظاهر، تزامنا مع احتفالات الأقباط بالعيد، لكنهم سيتظاهرون بعيدا عن أماكن تجمعاتهم حتى لا يتخذها المخربون ذريعة للوقيعة بين الطرفين".

وكان التحالف قد أصدر بيانا في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، هنأ فيه المسيحيين بمناسبة عيد "مولد المسيح"، معلنا استعداده لوقف المظاهرات احتراما لاحتفالات الأقباط المصريين بأعيادهم، إلا أنه تم سحب البيان سريعا، وقالت قيادات في التحالف إنه صدر بشكل خاطئ دون مراجعة.

الإسلاميون يقاطعون القداس

وفي قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية صباح الأحد، شاركت قيادات الدولة لتقديم التهنئة للأقباط، وكان من بينهم رئيس الوزارء إبراهيم محلب ووزير الداخلية محمد إبراهيم ووزير ا?وقاف على رأس وفد من العلماء والقيادات الدينية، ومعظم الوزراء ورؤساء الأحزاب والشخصيات العامة، بالإضافة إلى المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة حمدين صباحي. 

وتعرض صباحي لموقف محرج، حيث هتف عدد من الأقباط فى ساحة الكاتدرائية فور وصوله "السيسي رئيس مصر".

يذكر أنه غاب عن الحدث، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وجميع قيادات الإخوان المسلمين الذي شاركوا خلال السنوات الماضية في هذه الاحتفالية، ووزير الدفاع الجديد صدقي صبحي ورئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور.

وكان السيسي قد زار الكاتدرائية صباح السبت وقدم التهنئة للبابا تواضروس، مراعاة – فيما يبدو- للدواعي الأمنية.

وخلال زيارته لتهنئة البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة، قال محلب إن مصر ستعبر كل المشاكل الحالية، قائلا: "قيامة مصر" في القريب العاجل ولكن الطريق إلى تلك القيامة ليس سهلًا وعلينا أن نلجأ للأمانة والعمل.

وعندما تلا البابا تواضروس أسماء بعض الشخصيات لشكرهم على تهنئة الأقباط بعيدهم، كان من أكثر الأسماء التي نالت تصفيقا حارا من الحاضرين في الكاتدرائية، السيسي، ثم المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، وبعده المستشارة تهاني الجبالي، ثم الشيخ مظهر شاهين، ثم شيخ الأزهر، وأخيرا رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور.

كما رفعت صور السيسي في الكاتدرائية، وسط توقعات بتصويت الأقباط لصالحه في الانتخابات الرئاسية.

خلاف معتاد

وككل عام، دار خلاف بين الأحزاب الإسلامية حول جواز تهنئة الأقباط بعيد القيامة، حيث قدمت أحزاب الوسط والاستقلال التهنئة، فيما أعلن حزب النور السلفي والجماعة الإسلامية عدم جواز ذلك.

وقدم الدكتور مجدي قرقر المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية – القيادي بحزب الاستقلال - التهنئة للأقباط، لكنه قال إن هذه التهنئة شخصية، ولا تعبر عن موقف التحالف الذي اتفقت القوى المكونة له على أن يتخذ كل حزب موقفا مستقلا من هذا الموضوع.

من جانبها، أكدت دار الإفتاء المصرية بجواز تهنئة المسلمين للمسيحيين بأعيادهم، شريطة ألا تكون بألفاظ تتعارض مع العقيدة الإسلامية.

وقالت في بيان لها الأحد - تلقى "عربي 21" نسخة منه - إن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق، مذكرة بأن الله تبارك وتعالى لم ينهنا عن بر غير المسلمين، ووصلهم وإهدائهم وقبول الهدية منهم.

ويقول مراقبون، إن الحشد القبطي كان واضحا في تظاهرات 30 حزيران/ يونيو التي مهدت للانقلاب، كما أن الكتلة التصويتية للمسيحيين مثلت رهانا كبيرا للسلطة الجديدة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة. ويعول عليها كثيرا قائد الانقلاب المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما دفعه لزيارة الكاتدرائية المرقسية السبت، لتقديم التهنئة بنفسه لقيادات الكنيسة بمناسبة الأعياد.
التعليقات (0)