صحافة دولية

عماد شاهين: عسكر مصر يستهدف الإناث بتظاهرات الطلبة

طلاب الجامعات بمصر في طليعة من يحاربون الحكم العسكري - (أرشيفية)
طلاب الجامعات بمصر في طليعة من يحاربون الحكم العسكري - (أرشيفية)
نشر موقع المجلة الأمريكية "كاونتر بانتش" الأكاديمي المصري عماد شاهين تقريرا يتناول أساليب وصفها بالـ"وحشية"، والتي تقوم بها قوات الأمن المصرية والجيش، من اعتداءات ممنهجة على الطالبات المتظاهرات ضد الانقلاب العسكري، من اعتقال واعتداء جسدي ولفظي، إلى جانب الاعتداءات الجنسية.

ويقول الأكاديمي إنه "منذ الانقلاب العسكري في مصر في تموز/ يوليو الماضي، كان طلاب الجامعات في طليعة من يحاربون الحكم العسكري.. والتصاعد في الاحتجاجات المناهضة للانقلاب من قبل الطلاب في الشهرين الأخيرين يؤكد أنهم هم المجموعة الأكثر حيوية وتصميما على مقاومة عودة الدولة البوليسية كما كانت في عهد مبارك".

ويتابع أن النظام العسكري في مصر استخدم تدابير قاسية ضد المعارضة من أجل غرس الخوف فيها وإسكاتها. 


ويشير شاهين  إلى أن الأساليب "الوحشية"، وما تقوم به قوات الأمن المصرية والجيش من السماح الممنهج لممارسات بغيضة، استخدمت لسنوات عديدة من قبل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، و"لكن مستوى هذه الاعتداءات ضد النساء والفتيات والمدى الذي وصلت إليه لا مثيل له"، على حد قوله.

"ففي الثالث من تموز/ يوليو اليوم الذي شهد الانقلاب العسكري على حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، تم اغتصاب أكثر من 100 امرأة على يد الموالين للانقلاب خلال احتفالاتهم ومباركتهم للانقلاب"، يقول شاهين، مضيفا أنه منذ ذلك الحين، أصبح استهداف المتظاهرات السلاح المفضل للقوات الأمنية والعسكرية، مع تسارع في حملات الاعتقال والاعتداءات الجنسية.

ويشير الكاتب إلى إحصائية موقع "ويكي ثورة" المستقل، حيث جاء فيها مقتل على الأقل 70 امرأة مصرية، وسجن 240 أخريات، خلال الأشهر الستة الأولى من الانقلاب، والأرقام في ازدياد. 

ومع أن المتظاهرين المؤيدين لمرسي تلقوا النصيب الأكبر من وحشية الشرطة، إلا أن مجال القمع اتسع ليشمل المتظاهرين الآخرين أيضا.

وقامت الشرطة في شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي بفض اعتصام لمجموعة "لا للمحاكم العسكرية"، بعنف، حيث تم الاعتداء على المحتجين بما في ذلك النساء، وتم ضربهن بوحشية في الشوارع، وبينما أدخل الرجال السجن قامت الشرطة باعتقال عشرات النساء واعتدوا عليهن جسديا، ثم أخذن إلى مكان بعيد وألقي بهن في منتصف الليل وسط صحراء خالية، بحسب المجلة.

ويتابع "شكلت جامعة الأزهر التي يزيد عمرها عن الألف عام ساحة رئيسية للصراع، ما تسبب في أكبر عدد من القتلى والمعتقلين (حيث قتل 184 طالبا واعتقل 1800 طالبا).. كما أن مشاركة الطالبات جعلهن هدفا للقمع الوحشي من قوات الأمن. وفي مظاهرة جرت قريبا قتلت ثلاث طالبات واعتقل 98 طالبة أخرى واحتجزن بانتظار المحاكمة".

ويرى الأكاديمي أنه لم يكن اعتقال ومحاكمة الناشطات السياسيات ممارسة شائعة أيام حكم مبارك الديكتاتوري، ولكن ومنذ الانقلاب أصبح روتينا يوميا تقريبا.

الاعتداء في الحجز

وما يحصل للمتظاهرين في محطات الشرطة والسجون أمر يبعث على القلق أيضا، يقول شاهين، ويضيف أنه  إلى جانب الاعتداءات الجسدية والشتائم، تعرضت المتظاهرات لفحوص العذرية والحمل من قبل الشرطة والجيش، وهذه الممارسة بدأها المجلس العسكري الذي تسلم الحكم عندما تخلى مبارك عن منصبه في شباط/ فبراير 2011، بحسب الأكاديمي.

ودافع عن هذه الممارسات المهينة رئيس الاستخبارات العسكرية آنذاك عبد الفتاح السيسي، الذي قاد الانقلاب فيما بعد، ثم ترشح للانتخابات.

ودافع السيسي في وقت سابق عن فحص العذرية، الذي أثار غضبا واسعا بأنه ضروري "لحماية" الجيش من اتهامات الاغتصاب، و"لذلك لم يكن غريبا أن عادت الممارسة بعد الانقلاب"، كما أكد ذلك عدد من الفتيات والنساء اللواتي أطلق سراحهن قريبا من السجن.

كما أن الطلاب الذكور يهانون في الاعتقال بإجبارهم بالوقوف مجردين من ملابسهم أمام زميلاتهم في الدراسة، وأكد الكثير منهم أنه تم ضربهم وتعذيبهم واضطروهم إلى "الاعتراف بأنهم نساء"، وللأسف لا تقف الانتهاكات عند هذا الحد، وفق شاهين.

في خط النار

يقول شاهين إن النظام العسكري يستهدف المتظاهرات كل يوم لكسر مقاومة الانقلاب. 

ويشير في تقريره إلى الفتاة المصرية القاصر علا طارق (14 عاما)، وهي أصغر السجينات السياسيات في مصر، ولا تزال في السجن بعد ثلاثة أشهر من اعتقالها، بسبب مشاركتها في مظاهرة ضد الانقلاب. 

وقبل أيام قليلة اعتقلت كريمة الصيرفي من بيتها، ونقلت إلى مكان غير معلوم، ولم تكن تتظاهر حين اعتقلت، ولكنها اعتقلت لأنها ابنة أحد قيادات الإخوان، والذي عمل مستشارا لمرسي، وكان اعتقالها بهدف الضغط على والدها بالٌإقرار بتهم "التآمر والخيانة" المفبركة، بحسب الأكاديمي.

وأضاف "الأشنع من هذا كان اعتقال أربع صديقات ذهبن ليزرن كريمة في سجنها.. وبعد اعتقالهن بفترة قصيرة، تم توجيه التهمة للخمس فتيات معا بعضوية منظمة إرهابية، وحكمن بالسجن لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق".


وازدادت اعتداءات الأمن والجيش ضد الطالبات المتظاهرات لتشمل الضرب من قبل شرطة بالزي المدني، والاعتداءات الجنسية، وحتى الدهس بالسيارات، ومع هذا بقي المتظاهرون أقوياء ومصممين. 

وقضت آيات حمادة (18 عاما) ثلاثة أشهر في السجن منذ اعتقالها من داخل حرم الجامعة بسبب تظاهرها ضد الانقلاب، وأرسلت رسالة لزملائها الذين يتظاهرون يوميا من أجل إطلاق سراحها، وقالت في الرسالة: "سأبقى دائما ثائرة حرة، ولن يكسر السجن عزيمتي".

ويقول شاهين: "تهدف الطغمة إلى إيذاء وتخويف النساء والفتيات لطردهن من الأماكن العامة اللاتي فرضن وجودهن فيها منذ ثورة كانون ثاني/ يناير 2011، ولإذلال المتظاهرين الشباب بإظهار عجزهم في حماية زميلاتهم، وتخويفهم وكسر إرادتهم.. ويبدو أن هذه السياسة فشلت في شقيها، حيث أن المظاهرات في الجامعات في ازدياد، وليس العكس".

واختتم شاهين تقريره قائلا إن "الغرب كان لسنوات طويلة من دعاة تمكين المرأة في الشرق الأوسط، ولكن ليس هناك أشد حرمانا للمرأة في مصر والمنطقة من الاعتداءات الجسدية والجنسية والنفسية، التي تتعرض له الطالبات يوميا على أيدي الجيش والشرطة، وبالمقابل ليس هناك أشد تمكينا من الوقوف بإصرار ضد قمع حكومة الانقلاب، للمطالبة بالحقوق والعيش في ظل ديمقراطية حقيقية".
التعليقات (0)