كتاب عربي 21

ما بعد الفرحة بالإفراج عن السفير

ياسر أبو هلالة
1300x600
1300x600
لا شيء يعوض الأيام الصعبة التي عاشها السفير وذووه إلا فرحة الإفراج عنه. وهي فرحة شملت عائلته الصغيرة والعائلة الأردنية الكبيرة، وجاءت بعد جهود مضنية وتنازلات مؤلمة. وبمعزل عن الكلفة فقد تحقق الهدف الذي يسمو على سواه. ومنذ اليوم الأول كان واضحا أن الإفراج عن المعتقل الدرسي ثمن معقول ولو كان الثمن أكبر فالإنسان قيمة لا تعلو عليها قيمة.

حسنا، الإفراج عن السفير خلال فترة قصيرة نجاح كبير، ولكن ذلك لا يعفي من المحاسبة حتى لا يتكرر الخطأ. وأعيد هنا ما قلته من اليوم الأول. ويسجل للسفير العيطان شجاعته؛ أن عمل في ظروف كهذه، وبدون حماية. إذ لم تكن سيارته مصفحة، ولم يكن معه حارس؛ رفيقه كان السائق المغربي الذي تحدى الخاطفين بقوله: 'هل تروننا أميركان'؛ فأطلقوا الرصاص على رجله.

لا أولوية تتقدم على تحرير السفير. ودول عظمى تجري مساومات سياسية تفوق الإفراج عن سجين عليل. الفرنسيون دفعوا في العراق فدية بملايين الدولارات للجيش الإسلامي، والنظام الإيراني بكل جبروته أجبر النظام السوري على الإفراج عن معتقلين يتهمهم النظام بالإرهاب من أجل الإفراج عن الإيرانيين المخطوفين في سورية.

عندما قتل السفير الأميركي في ليبيا كانت بلاده قد اتخذت كل الاحتياطات لسلامته لكن الخلل كان في التفاصيل. لا تكتفي السفارات الأميركية بالتجهيزات العسكرية والأمنية والطبية بل تجري تمرينات حية لموظفيها. فهل نفعل ذلك؟

ما رشح عن تخفيض الحضور الديبلوماسي الى الحدود الدنيا أو إلغاؤه ان اقتضت الحاجة في ليبيا والعراق واليمن ولبنان يدل على استيعاب الدرس الليبي. فالأردن ليس دولة عظمى ويستطيع تأمين خدماته القنصلية من خلال موظفين محليين أو شركات. وان كان ولا بد تتخذ الإجراءات الأمنية القصوى.

ما حصل في ليبيا خطأ كبير ينبغي المحاسبة عليه، فحياة أي مواطن ليست عبثا. ولو كان مع السفير وحدة حماية أو سيارة مصفحة لما حصلت المأساة ، النهاية السعيدة لا تعفي من المساءلة والمحاسبة. ليس في موضوع السفير وإنما في موضوع المعتقل الدرسي، فقد أفرج عن رفاقه العراقيين وبقي هو على الرغم من توسط الرئيس عبد الجليل له، وكان حريا بنا وقتها ان نهدي ليبيا هذا العفو 'ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو' تماماً كما فعل العراق. خصوصا أنه من عائلة شهداء قدمت ثلاثة من أبنائها في الثورة على القذافي. ووضعه الصحي حرج ويحتاج رعاية يومية. وكان السفير كبيرا عندما تحدث بحب عن الدرسي، فالأردن ظل العفو من سجاياه 'ولا يحمل الحقد من تعلو به الرتب'.
التعليقات (0)