سياسة عربية

منصور يواجه مأزقا قانونيا بعودته لرئاسة الدستورية

عدلي منصور - أرشيفية
عدلي منصور - أرشيفية
انتقد عدد من الخبراء والكتاب عودة الرئيس المؤقت عدلي منصور إلى رئاسة المحكمة الدستورية العليا بعد أن ترك منصب رئاسة البلاد لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، نظرا للمأزق القانوني الذي سيواجهه، ومن جراء الحرج الكبير الذي قد يتعرض له نتيجة إصداره العديد من التشريعات في خلال فترة رئاسته للبلاد.

وفي أثناء مراسم أداء السيسي اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا الأحد، قال رئيس المحكمة، المستشار أنور العاصي، إن "الجمعية العمومية للمحكمة تجتمع اليوم في ظرف تاريخي، لكنها ترحب بعودة منصور لدوره كرئيس للمحكمة الدستورية". 

ومن جهته، أعلن نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار ماهر سامي، -في كلمته خلال المراسم- إن المستشار منصور يعود إلى منصة المحكمة الدستورية العليا لممارسة مهامه كرئيس لها بعد أن يسلم السلطة مساء الأحد للسيسي في حفل التنصيب. 

وقال نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار محمد الشناوي -في مداخلة مع إحدى الفضائيات السبت- إنه لا يوجد في قانون المحكمة أي شيء يمنع منصور من العودة لرئاسة المحكمة، حتى باعتباره أصدر تشريعات قد يُطعن عليها أمام المحكمة، مشيرا إلى أن القانون يبيح لأي قاض أن يتنحى عن نظر أي قضية في أي محكمة إذا استشعر الحرج أو سبق أن أدلى بأي رأي فيها. 

لكن خبراء قانونيين اعترضوا على عودة منصور لرئاسة المحكمة.

ورفض الرئيس بمحكمة اسئتناف القاهرة، المستشار أحمد الخطيب، من جهته عودة منصور لرئاسة المحكمة، مؤكدا على أن انغماس منصور في العمل السياسي، وما شهدته المرحلة الانتقالية من تناحر بين قوى مختلفة، وإصدار تشريعات محل انتقادات دستورية يفرض عليه عدم الرجوع إلى المحكمة مرة أخرى. 

وقالت نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا تهاني الجبالي -خلال لقائها ببرنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور"- إن عودة منصور إلى منصة القضاء مخالف لكافة الأعراف الدستورية، خاصة أنه تولى أسمى منصب في مصر، وهو منصب رئيس الجمهورية". 

وتابعت بأن منصور أصدر عددا من القرارات أثناء توليه منصب الرئيس، وهو ما يضعه في موقف محرج إذا كان هناك طعن على أحد القوانين التي صدرت في عهده، وهو قاض في المحكمة الدستورية. 

وقال الفقيه الدستوري الدكتور شوقي السيد -في تصريحات صحفية-  إن القانون يبيح للقاضي أن يتنحى، لكن هذا لا يعتبر مبررا كافيا لعودة المستشار منصور لرئاسة المحكمة الدستورية، لأنه سيكون في حالة استشعار للحرج لأغلب القضايا التي ستعرض عليه، وبالتالي لا قيمة قانونية حقيقية لعودته للمحكمة. 

وقال المحامي بالنقض عصام الإسلامبولي، -في تصريحات صحفية- إن الأفضل أن يكتفي منصور بالفترة التي قضاها في حكم البلاد كرئيس مؤقت، وألا يعود إلى المحكمة الدستورية لأن عودته ستجعله يعاود نظر قضايا سبق أن تدخل في إصدار تشريعات خاصة بها، وهو الأمر غير المحبذ في ظل الوضع الراهن. 

وقال أستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق الدكتور محمد نور فرحات -في مداخلة مع إحدى الفضائيات- إن هناك حرجا كبيرا قد يتعرض له منصور حال عودته للمحكمة الدستورية بسبب إصداره العديد من التشريعات خلال فترة رئاسته للبلاد، منها قانون التظاهر أو قانون الانتخابات الرئاسية، مؤكدا على أن الطعن بعدم دستورية بعض القوانين التي أصدرها سيجعل موقفه حرجا، وأن القانون يبيح لأي قاضٍ أن يتنحى عن نظر أي قضية في أي محكمة إذا استشعر الحرج أو سبق أن أدلى بأي رأي فيها. 

في السياق ذاته، استنكر الكاتب الصحفي أحمد الصاوي عودة منصور إلى رئاسة المحكمة الدستورية، قائلا: "إذا عاد منصور إلى رئاسة المحكمة الدستورية المختصة بالحكم في دستورية القوانين، فسيكون منصور القاضي في مواجهة منصور الرئيس، لأن الرجل بحكم صلاحياته الرئاسية مارس السلطة التشريعية، وأصدر حزمة من القوانين كثير منها يثير جدلا كبيرا، إلى جانب شبهات عدم الدستورية". 

وضرب الصاوي مثالا لذلك -في أحدث مقالاته بجريدة "التحرير"- بقانون تحصين الطعن على العقود الحكومية، "ومنع غير طرفي العقد من مباشرة الطعن، الذى أصدره منصور، إذا أُحيل إلى المحكمة الدستورية التى يرأسها، هل يستقيم الأمر؟ وهل يستقيم عند عرض قانون التظاهر وقانون مجلس النواب وغيرهما من قوانين أصدرها وتتعارض بعض موادها مع نصوص دستورية، أو هكذا يفترض معارضوها، ولا يمكن الفصل فى ذلك إلا أمام قضاة المحكمة الدستورية؟".

وتابع: "لا يكفي أن يستشعر القاضي الحرج، فيتنحى كفرد عن نظر أي دعوى تطعن على قانون أصدره، لأنه في النهاية واحد من سبعة قضاة في الدعوى الواحدة، لأن وجوده كرئيس للمحكمة الدستورية يخلق له نفوذا معنويّا، على الأقل يحرج زملاءه حال محاكمتهم قانونا أصدره رئيسهم، ويحرج المجتمع كله حال الحكم بعدم دستورية قانون أصدره رئيس المحكمة الدستورية حامي الدستور"، على حد قوله. 

خطبة الوداع في المنهج 

إلى ذلك، كرمت سلطات الانقلاب منصور بتضمين الخطبة التي ألقاها في وداع منصب الرئاسة بمناهج التعليم. 

وقررت وزارة التربية والتعليم وضع خطاب الوداع الذي ألقاه منصور، في منهج كتاب القيم والأخلاق، الذي تقرر تدريسه بالمدارس من العام الدراسي المقبل. 

وقال الدكتور علاء عبد الغفار مستشار الدكتور محمود أبو النصر وزير التعليم، إن الوزير أمر بإضافة خطاب الوداع لمنصور لكتاب القيم والأخلاق والمواطنة، المقرر تدريسه في العام المقبل، باعتبارها أول حالة تداول سلطة في مصر من رئيس إلى رئيس عقب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، على حد قوله. 

ويُذكر أنه في خلال فترة تولي منصور الرئاسة، أصدر  قرارات رئاسية عدة، أثار أغلبها الكثير من الجدل.

وأبرز قراراته كان الإعلان الدستوري الصادر بحل مجلس الشورى في تموز/ يوليو 2013، وقرار فرض حالة الطوارئ في البلاد في آب/ أغسطس 2013، وقرار تمرير قانون تنظيم حق التظاهر، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وقراره في أيار/ مايو 2014 بإلغاء قرارات العفو الرئاسي الصادرة من قبل الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي، وقراراته قبل رحيله عن الرئاسة بأيام بإقرار قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، وتقييد الخطابة في المساجد، وغيرها من القوانين المثيرة للجدل.
التعليقات (0)

خبر عاجل