حقوق وحريات

مطالب بمعاقبة المسؤولين عن العنف وسوء سجون مصر

صورة مسربة لسجناء تعرضوا للتعذيب - عربي 21
صورة مسربة لسجناء تعرضوا للتعذيب - عربي 21
 حمّلت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" الدولة المسؤولية الأساسية عما قد يكون أسوأ أعمال عنف في تاريخ مصر الحديث من حيث عدد الضحايا الذي تجاوز آلاف القتلى والجرحى. وأدانت صعوبة حصول السجناء على خدمات الرعاية الصحية الجيدة والمُرضية، وغياب آليات واضحة تمكن السجناء من الحصول على هذه الرعاية داخل السجون المصرية.
 
وأكدت المبادرة -في تقرير أولي- مسؤولية الدولة الأساسية عن انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة التي تلت عزل الرئيس السابق المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013، "سواء لمشاركة قوات الأمن بشكل مباشر في هذه الانتهاكات أو لامتناعها وتقصيرها عن حماية أرواح، وممتلكات المواطنين من الاعتداءات الواقعة عليهم من أطراف غير رسمية".
 
وكشفت المبادرة -في تقرير ثان- عن تدهور الأوضاع المعيشية والصحية داخل السجون المصرية، بشكل لا يتماشى مع الحد الأدنى من مكونات الحق في الصحة، على مستوى إتاحة الخدمات الصحية، وجودتها، وكفاءة القائمين عليها.
 
أسابيع القتل
 
فقد أصدرت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" الأربعاء تقريرا بعنوان: "أسابيع القتل: عنف الدولة والاقتتال الأهلي والاعتداءات الطائفية في صيف 2013" في أربعة أجزاء تناول أحدها فض اعتصاميِّ ميدانيِّ رابعة العدوية والنهضة، الذي وقع في يوم 14 آب/ أغسطس، وقد تم إفراد جزء خاص بهاتين الواقعتين، باعتبارهما الأكبر من حيث عدد الضحايا، والاستخدام المفرط للقوة،  وحجم الانتهاكات.
 
رابعة والنهضة: قوة مفرطة دون داع
 
يرى التقرير -الذي حصل "عربي 21" على نسخة منه- أن عدد ضحايا فض اعتصام رابعة، الذي استمرت اشتباكاته لمدة 11 ساعة على ا?قل، يتراوح ما بين 499 (وفقا لمصلحة الطب الشرعي)، و932 وفقا لبيانات "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، وهو الرقم ا?كثر دقة، ويقترب من تقدير رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي الذي تحدث في الإعلام بصورة تقريبية عن ألف قتيل. وفي ميدان النهضة جوار جامعة القاهرة استغرق فض الاعتصام نحو ساعتين، وأسفر عن وفاة 87 شخصا، بحسب التقرير.
 
وأكد التقرير أن قوات الأمن "فشلت في التخطيط لعملية فض الاعتصام بغية تقليل حجم الخسائر البشرية، وأنزلت عقابا جماعيّا على كل من تواجد داخل منطقة الاعتصام، وبخاصة بعد أن قام عدد قليل ـفي أغلب التقديرات- من المعتصمين باستخدام الرصاص، وتبادل النيران مع الشرطة. "
 
وأوضحت مصادر التقرير أن قوات الأمن استخدمت القوة المميتة بغير وجه حق في أكثر من حالة، واستهدفت عددا كبيرا من المعتصمين دون دليل على وجود سلاح معهم، ولم تكن هناك -معظم الوقت مخارج- آمنة فعليا تحمي المعتصمين الراغبين في مغادرة المكان دون التعرض لمحاولات سكان المباني المجاورة البطش بهم.
 
وطبقًا للتقرير يبدو أن "عددا من المعتصمين استخدموا الطوب والزجاجات الحارقة والأسلحة البدائية (المقاريط)، وأن عددا أقل استخدم الذخيرة الحية، وأطلق منها على قوات الشرطة، ونجح في إسقاط عدد من القتلى في صفوف الشرطة، إلا أن الواضح من شهادات شهود العيان والصحفيين وبمقارنة عدد الضحايا من الجانبين أن الأغلبية العظمى من المعتصمين كانوا من العُزل، وأن اعتصام رابعة ـتحديداـ لم يكن اعتصاما مسلحا على الطريقة التي كان عليها اعتصام النهضة".
 
كما أن تصريح وزارة الداخلية الرسمي، الذي قالت فيه إن قوات الشرطة عثرت على عشر قطع من السلاح الآلي و29 بندقية خرطوش يؤكد أن التعامل مع اعتصام رابعة لم يتطلب هذه الدرجة من التدخل العنيف، والاستخدام المفرط للقوة المميتة، بحسب التقرير.
 
ويظهر من مقاطع فيديو لعملية فض الاعتصام أن عددا من القتلى لم يكن يشكل أي تهديد على الإطلاق، وأن "إطلاق الرصاص بصورة عشوائية لفترات طويلة من جانب قوات الشرطة أسقط الكثير من الأبرياء، كان بعضهم في أثناء محاولته الهرب أو الاختباء."
 
الصحة في سجون مصر
 
في السياق نفسه، كانت المبادرة أصدرت الثلاثاء، تقريرا بعنوان: "الصحة في سجون مصر.. بحث ميداني عن محددات الصحة داخل عالم السجون المغلق"، تلقى "عربي 21" نسخة منه، ورصدت فيه المبادرة صعوبة حصول السجناء على خدمات الرعاية الصحية الجيدة والمُرضية، وغياب آليات واضحة تمكن السجناء من الحصول على هذه الرعاية داخل السجون.
 
وذكرت هبة ونيس، الباحثة بالمبادرة، أن البحث قيَّمَ الأوضاع الصحية في 16 سجنا ومركزا للشرطة في مصر عن طريق إجراء مقابلات مع سجناء سابقين، وأشخاص معنيين بالاحتجاز من أطباء ومحامين وخبراء، وكانت أداة التقييم هي: استبيان مفصل عن جميع عناصر الصحة داخل أماكن الاحتجاز.
 
وأوضح التقرير أن مستوى الخدمات الصحية يتفاوت بشكل كبير بين السجون في مصر، من حيث البنية الأساسية، والتجهيزات، والموارد البشرية.
 
كما أظهرت النتائج أن هناك قصورا في توفير الخدمات العاجلة في حالات الطوارئ، وبطئا في سير الإجراءات، واتخاذ القرارات للتدخل في الحالات الصحية الحرجة، خصوصا أن الأطباء في أماكن الاحتجاز لا يعدون تابعين لوزارة الصحة، بل يتبعون إدارة مصلحة السجون تبعية كاملة من حيث الإشراف والرقابة وتوقيع الجزاء، وأيضا يحملون رتبا شرطية تابعة لوزارة الداخلية، وهو ما يؤثر سلبا على استقلال الرأي الطبي داخل السجون، خصوصا في الحالات التي تحتاج إلى قرار بالإفراج الصحي.
 
وطبقا للتقرير، غاب عنصر الصحة النفسية عن منظومة الخدمات الصحية لأماكن الاحتجاز بالكامل بالرغم من أهميتها، كما ظهر في شهادات المحتجزين السابقين. وأوضح التقرير أن الخدمات الصحية الخاصة بالنساء والأطفال تتفاوت مستوياتها، إلا أنها ـدائماـ غير كافية وأحيانا غير مناسبة في السجون المختلفة.
 
وأضاف التقرير أن التكدس الشديد وغياب النظافة والصيانة للعنابر والزنازين ودورات المياه، كان لها ـجميعاـ دور سلبي في التأثير على صحة السجناء. وفي بعض السجون، وصل الاكتظاظ إلى درجة أنه يتم تقسيم مساحة الغرفة على السجناء بالسنتيمتر، في غرف لا يوجد بها أسِرَّة للنوم.
 
بالإضافة إلى ذلك، فسوء التهوية مع دخان سجائر المدخنين من السجناء، وهم الغالبية، إلى جانب الحرارة والرطوبة صيفا، تشكل بيئة مساعدة لانتقال عدوى الأمراض الجلدية والصدرية التي عانى منها غالبية.
 
وكشفت النتائج أيضا أنه ليس هناك رقابة تضمن إنفاذ القوانين التي تحمي صحة وحياة المحتجزين، وأن التزام المؤسسات العقابية بالنصوص القانونية المتعلقة بصحة المسجونين، وغيرها، مرتبط في الأغلب بأهواء المسئولين عن إدارة السجن.
التعليقات (0)