ملفات وتقارير

"عربي 21" تعاين حياة الثوار في ريف دمشق

النظام السوري يستخدم سلاح الحصار والتجويع ضد المدن الثائرة - ارشيفية
النظام السوري يستخدم سلاح الحصار والتجويع ضد المدن الثائرة - ارشيفية

يعد الريف الدمشقي من أوائل المدن التي ثارت ضد النظام السوري سلميا وعسكريا رغم ما ناله من بطش النظام.

فبعد ثلاثة أعوام على بداية الثورة تعيش المدن الثائرة في دمشق وريفها أقسى حالات الظلم والحصار حتى اليوم، فالنظام الذي يقاتل بشراسة لتأمين العاصمة يضع جل إمكانياته في سبيل دحر الثوار عن أطرافها وإخضاعها لسيطرته مستخدما كافة أشكال الحصار والتجويع والقصف.

الحصار المفروض من قبل النظام ليس بالأمر السهل ومحاولات المعارضة المستمرة والمتكررة لكسره قد تكلف الكثير من الأرواح وخاصة في المدن التي يحيط بها النظام إحاطة السوار بالمعصم كداريا والمعضمية ومدن جنوب دمشق كالقدم والعسالي والتضامن والحجر الاسود ومخيم اليرموك ومدن الغوطة الشرقية. 

وفي حديث خاص مع ناشط ميداني من ريف دمشق أوضح "ان الثورة تتجلى بكامل فصولها في ريف دمشق أما باقي المدن السورية فقد عاشت بعض فصول الثورة لا أكثر فلكل شيء على مشارف دمشق قصة".

وأضاف الناشط الذي شارك بالثورة بكافة أشكالها أن "المقاتل في ريف العاصمة يتمنى الموت على الإصابة لمعرفته بمصير المصاب الذي يموت ألف مرة قبل حصوله على العلاج أو وصوله لمنطقة آمنة أو منطقة حدودية ينفذ منها إلى بلد مجاور مشيا على الأقدام بين الجبال والوديان مع حالة خوف شديدة من خطر كمين قد يودي بحياة المجموعة بأكملها" .

يقول الناشط  الذي خاض رحلة طويلة بين الغوطتين إلى درعا فالشمال السوري أن "التنقل من منطقة إلى أخرى أخطر ما يواجه الثوار، فالكثير من الشهداء سقطوا نتيجة الكمائن التي يقعون فيها أثناء خروجهم من الغوطة الشرقية".

فمع شدة الحصار وتضييق النظام على هذه المدن أصبح المشي على الأقدام ليلا وسيلة التنقل الوحيدة بين المناطق المحررة.
وتابع الناشط "هذه الطرق فيها من الخطر الكثير ولكن لا بديل لها، وأغلبها طرق طويلة وعرة لا يقدر على عبورها الا القوي الشديد، كما أنها السبيل الوحيد لإدخال الذخيرة والطعام والدواء إضافة لكل ما تحتاجه المنطقة رغم الظروف الصعبة والخطرة فأغلب الطرق قد يتم اكتشافها من قبل النظام بعد استعمالها لعدة مرات بسبب وجود بعض ضعاف النفوس ممن اتخذوا منها تجارة يستفيدون منها لتزيد من معاناة الحصار" .

وبين الناشط أن النقص الشديد في الذخيرة وندرتها لدى المقاتلين لا مثيل له خارج بلدات الريف الدمشقي، ويضيف "فكم من مقاتل خرج إلى معركة وليس في جعبته سوى مخزن أو اثنين، وكم من قناص شاهد هدفه بأم عينه وتركه حرصا على ذخيرة بندقيته النادرة وتوفيرا لها لساعة الأزمة ".

موضحا أن هذا غير موجود في أغلب جبهات سوريا وخاصة القريبة من المنافذ الحدودية، "فجبهات درعا مثلا حالها أفضل بكثير من جبهات دمشق وريفها".

معاناة أخرى تمتاز بها مدن ريف دمشق عن المحافظات الأخرى، فهناك الجوع والحصار، فبعد نفاد كل شيء في المنطقة بسبب الحصار الذي اضطر المقاتلين لأكل أوراق الصبار والحشائش التي لم تعد متوفرة، ومع ذلك فمطلوب من المقاتل القيام بالواجبات كثيرة، حيث لا تتجاوز وجبة المقاتل اليومية في جنوب دمشق (200غ) من الماء المغلي مع قليل من التوابل .

وفي سياق متصل تحدث الناشط عن الحالة المقاتلين النفسية التي تلعب دورا كبيرا في أدائهم، مبينا أن الكثير منهم يقاتل وهو يفكر بأهله وعائلته التي مازالت تسكن الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام، وأن احتمال اعتقال أحد افراد العائلة في أي لحظة يسبب مزيدا من القلق والتوتر لديهم إضافة لاشتياق الكثير لعائلتهم التي لم يروها منذ عام أو أكثر.

أما المقاتل التي بقيت عائلته ضمن المناطق المحررة فحاله ليس بأفضل من سابقه، فهو تائه بين تأمين طعام عائلته والتزاماته مع الفصيل المنتسب إليه الأمر الذي تجاوزه الكثير من ثوار الشمال والجنوب السوري مع اتساع رقعة المناطق المحررة وتوفر أغلب مستلزمات الحياة فيها .
التعليقات (0)