مقالات مختارة

السيسي وعبدالناصر.. والإعلام

عماد الدين حسين
1300x600
1300x600
كتب عماد الدين حسين: «عبدالناصر كان محظوظا لأن الإعلام كان وراه».. عبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي عرضا خلال حديثه في احتفال بدء حفر قناة السويس الجديدة.

كثيرون توقفوا عند هذه العبارة، البعض رآها عادية والبعض رآها رغبة من الرئيس فى إعادة إنتاج نموذج الإعلام الذى كان سائدا أيام الرئيس الراحل عبدالناصر رحمه الله، والبعض الآخر، اعتبرها رؤية للسيسى خلاصتها أن الإعلام ينبغى أن يكون داعما للدولة وبقائها خصوصا فى ظل التحديات الصعبة والعاتية التى تواجهها مصر الآن.

فى مرات كثيرة تحدث الرئيس السيسى عن أهمية الإعلام وهو يرى أن دوره خطير بصورة تفوق تخيل الإعلاميين أنفسهم، وخلال

لقاءاته مع الصحفيين طالبهم بضرورة إعادة تنظيم مهنتهم بحيث تصبح فعلا أداة للبناء وليس الهدم.

نعود إلى السؤال الجوهرى وهو: ماذا يريد الرئيس من الإعلام؟!

لن ندخل فى عقل الرئيس لنخمن أو نجول فى نواياه، لكن دعونا نبحث عن حل أو رؤية ترضى الجميع.

أولا: الإعلام يستحيل أن يعود إلى أى عهد سابق سواء كان أيام صحيفة الوقائع فى عصر محمد على أو حتى آخر أيام حسنى مبارك وما بينهما من نماذج لأن ثورة الإعلام والاتصال انفجرت والدنيا تغيرت للأبد.

ثانيا: حتى لو افترضنا أن الدولة أو الحكومة أقنعت أو أجبرت كل وسائل الإعلام الرسمية والمعارضة والمستقلة أن تكون صوتا واحدا يردد نغمة واحدة، فهناك وسائل أخرى على مواقع التواصل الاجتماعى يستحيل السيطرة عليها.

مثال ذلك: هل يمكن للحكومة أن توقف موقع الكترونى تابع للإخوان أو الإرهابيين أو أى جهة أخرى يتم بثه من الخارج؟

الحل بسيط من وجهة نظرى وهو أن تلتزم وسائل الإعلام بالقيم المهنية ومواثيق الشرف الإعلامية، ويكون الفيصل بينها وبين الحكومة والمجتمع هو القانون.

سمعت من أكثر من مسئول حكومى بارز أن إحدى الشكاوى المستمرة من الوزراء هى أنهم باتوا يخشون هجوم الإعلام أكثر من أى شىء آخر، وهو الأمر نفسه الذى يكرره كبار رجال الأعمال وبعضهم قال للرئيس انه صار يشعر بالخجل من افراد اسرته بسبب ما ينشر عنهم من افتراءات والبعض رفض تولى مناصب حكومية فقط بسبب حملات الاغتيال الإعلامية.

حل ذلك أن يلجأ أى مسئول يتعرض للسب والقذف إلى القضاء حتى يحصل على حقه ويكون هذا الأمر عبرة للآخرين، طبعا الأمور ليست بهذه السهولة ونحتاج بيئة محيطة ترفض الابتزاز وتلفظ المبتزين.

هناك نماذج إعلامية فاجرة، تتخذ المهنة ستارا للابتزاز بل وجعلت نفسها سلاحا فى يد من يدفع أكثر، وللأسف فإن افراد هذه الفئة ليسوا فقط صحفيين مغمورين بل صار منهم من كنا نعتقد أنهم أساتذة كبار.

ليس الحل أن نغلق صحف هذه النوعية «المنحطة» من الصحافة، بل أن نطبق عليهم القانون.

ميثاق الشرف يضعه الإعلاميون وليس الحكومة، وأعتقد أن هناك محاولات جادة من شخصيات إعلامية بارزة ومحترمة لتقديم مبادرات تعظم من الأداء المهنى الجاد وتحييه وتحارب البلطجة الإعلامية. مثل هذه المبادرات هى التى ستضبط الأداء الإعلامى المنفلت وتمنع محاولات السلطة وأجهزتها من المس بالإعلام وحرياته.

الكرة فى ملعب الصحفيين وعليهم العض بالنواجذ على مهنيتهم حتى لا يتسبب انفلات بعضهم فى نسف هامش الحرية الذى حصلوا عليه بتضحيات جسيمة.

(بوابة الشروق المصرية)
0
التعليقات (0)

خبر عاجل