صحافة إسرائيلية

هآرتس تفتح ملف "من يمد إسرائيل بالسلاح"

سيصل لإسرائيل 19 طائرة إف 35 (الشبح) الأمريكية بنهاية 2016 - أرشيفية
سيصل لإسرائيل 19 طائرة إف 35 (الشبح) الأمريكية بنهاية 2016 - أرشيفية

أكد الكاتب الإسرائيلي غيلي كوهين أنّه قد ظهر في الآونة الأخيرة مسار يعرض استيراد إسرائيل للسلاح من دول أجنبية للخطر؛ مستدلا على ذلك بوقف شحنة من صواريخ هيل فاير الأمريكية التي كان من المقرر إرسالها لإسرائيل.

وأظهر بحث أجرته صحيفة "هآرتس"، الإثنين، أنه إلى جانب الأهمية الكبيرة لصفقات السلاح مع الولايات المتحدة وبضع دول مفردة أخرى، لا تكثر إسرائيل من شراء سلاح من دول العالم ولا سيما ذاك الذي يستعمل في العمليات. وتساءل الكاتب ما الذي يوجد في قائمة المشتريات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة؟ وأجاب: مئات صواريخ الكتف من صنع روسي ومنظومة لإطلاق القذائف الصاروخية من أوكرانيا.

وأضاف الكاتب بحسب معطيات وزارة الدفاع، يخصص نحو من ربع الصناعة الأمنية الإسرائيلية كلها لاستعمال قوات الجيش الإسرائيلي، ويصدر ما بقي إلى دول العالم.

ويستدرك بالقول: ولكن إسرائيل ووزارة الدفاع المسؤولة عن الاستيراد والتصدير الأمنيين لا تنشران معطيات عما يجري في الاتجاه المعاكس، أي من دول أجنبية إلى إسرائيل، ويُعلم مع ذلك أن معظم السلاح الذي تستعمله قوات الجيش الإسرائيلي هو من صنع إسرائيلي أو سلاح يشترى بأموال مساعدة أمريكية، ولهذا يتناول خبراء بالأمن وبالسلاح -بجدية- الخطوة الأمريكية وهي وقف شحنة الصواريخ المرسلة، ويصنفونها على أنها إشارة تحذير لإسرائيل.

ونوه الكاتب إلى أنّه وبرغم أنهم قالوا في إسرائيل في الأيام الأخيرة أنه يبدو أن الحواجز التي أفضت إلى وقف شحنة السلاح، التي شملت أيضا وسائل قتالية أخرى عدا صواريخ هيل فاير، قد أزيلت، فليس من الواضح إلى الآن متى سترسل هذه الشحنة إلى إسرائيل. 

وأكد أنّ الولايات المتحدة تبذل في السنوات الأخيرة لإسرائيل مساعدة سنوية ثابتة، 3.1 مليار دولار.

وأضاف أنّ التقرير الصحفي الذي نشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أسبوعين وجاء فيه أن إدارة أوباما أوقفت شحنة صواريخ هيل فاير إلى إسرائيل بسبب أزمة العلاقات بين الدولتين، يمكن أن يشير الى اتجاه في هذا المجال برغم أنهم في إسرائيل متفائلون بشأن خروج شحنة السلاح مجددا.

ونوه إلى أنه وبرغم الغموض الذي تحتفظ به إسرائيل بشأن صفقات سلاحها، يمكن أن نستدل من تقارير دول في العالم على نظام تسجيل الأمم المتحدة بشيء قليل عن السلاح الذي تشتريه إسرائيل، فعلى سبيل المثال يظهر في تقارير أوكرانيا الرسمية أنها باعت إسرائيل قبل سنتين 193 صاروخ كتف روسي من طراز إغلا (اس.إي 16)، و32 قاعدة إطلاق أيضا. وفي 2010 باعت أوكرانيا إسرائيل بحسب تقاريرها أسلحة روسية وهي: 4 صواريخ ستريلا (اس.إي7)، وقاعدتا اطلاق ونحو من 75 صاروخ إغلا من طرز مختلفة و10 قواعد اطلاق لهذه الصواريخ.

وشدد الكاتب على أنّه ليس واضحا لماذا اشترت إسرائيل هذا العدد الكبير جدا من صواريخ الكتف المضادة للطائرات من صنع روسي. ومن المنطق أن نفرض أن ذلك لم يتم لغايات عملياتية بل من أجل تطوير منظومات مضادة مثل منظومات حماية للطائرات. 

وأوضح أنّه في شهر شباط الأخير فقط أعلنت وزارة الدفاع وشركة إلبت أنهما أتمتا بنجاح سلسلة تجارب لمنظومة "ذرع السماء"، التي تحمي وسائل طيران مدنية من صواريخ الكتف. وقدر خبراء سلاح أنه قد تكون تلك الصواريخ من صنع روسي قد استعملت لتجريب المنظومة، ومع ذلك فإن عدد الصواريخ التي أدت أوكرانيا تقارير عنها كبير نسبيا حتى لهذه الغايات. ورفضوا في وزارة الدفاع التطرق إلى هذا الموضوع.

وأضاف تبين تقارير سجل الأمم المتحدة التي فحص عنها في السنوات الأخيرة عن بضع صفقات شراء أخرى تثير الاهتمام أكثرها لسلاح من صنع روسي لا يعتبر من التقنية المتقدمة، فقد أبلغت أوكرانيا في 2008 مثلا أنها باعت لإسرائيل قاعدة إطلاق قذائف صاروخية من طراز "بي.إم 21"، وهو سلاح استعمله الجيش الإسرائيلي آخر مرة في حرب لبنان الأولى بعد أن أُخذ غنيمة في حرب يوم الغفران. 

ويستعمل حزب الله اليوم هذا السلاح لإطلاق صواريخ غراد. وعلى حسب تقرير آخر باعت جمهورية التشيك إسرائيل في 2006 منظومة صواريخ تكتيكية تسمى "توشكا"، لم تستعمل في العمليات هي أيضا. وقبل ذلك بسنتين باعت بلغاريا إسرائيل 6 منظومات مدفعية عيار 130 ملم، لم تؤدَ عنها تفاصيل أخرى، بحسب الكاتب.

وقال الكاتب إن شراء هذه الأسلحة وأكثرها بأعداد صغيرة، اذا استثنينا صفقة الصواريخ مع أوكرانيا في 2012، لا يلائم من جهة المقدار المُبلغ عنه تزويد قوات الجيش الإسرائيلي بالوسائل القتالية، ولهذا فمن الأصوب أن نفرض أن الحديث عن شراء وسائل ترمي إلى أن تستعمل لتطوير منظومات تقنية إسرائيلية أو في اطار شراء سلاح لاستعمال استخباري. وليست هذه الظاهرة غريبة في العالم، وقد فتحت على مر السنين سوق بيع أسلحة مستعملة، أي منظومات سلاح غير متقدمة للدول الغربية، لهذه الغايات بالضبط.

وأشار إلى أنّه على خلفية الأنباء في بريطانيا وإسبانيا عن الحد من بيع إسرائيل سلاحا، عرف خبير بالسلاح تحدث إلى صحيفة "هآرتس" استيراد السلاح إلى إسرائيل من دول أجنبية ليست الولايات المتحدة بأنه "غير ذي بال". وقال إن إسرائيل تطور تقنيات وأسلحة كثيرة وتعتبر واحدة من الدول المتقدمة في هذا المجال بحيث لا تحتاج إلى شراء كثيف لأكثر الأسلحة من الخارج.

واستدرك بالقول إنّ إسرائيل تفضل أحيانا أن تنفق هي نفسها على تطوير منظومات تقنية في داخل أسلحة كي لا تفرض عليها قيود إذا أرادت أن تبيعها في المستقبل حتى لو كانت النفقة المالية أكبر من نفقة شراء المنظومات من دول أخرى. ويمكن أن تصبح القيود من هذا القبيل ذات موضوع على نحو خاص حينما يكون الحديث عن سلاح أمريكي لأن واشنطن تريد الفحص عن كل نقل تقنية حساسة أو سلاح يُشترى منها إلى دولة ثالثة.

وبحسب الكاتب فقد أثارت تصريحات إسبانيا وبريطانيا في الأسابيع الأخيرة الخوف من أن تخضع إسرائيل في المستقبل لقيود سلاح من الدول الأوروبية، وبريطانيا كما جاء في صحيفة "الغارديان" ستفحص مجددا عن ترخيص بيع إسرائيل سلاحا وتقنية عسكرية تشمل في الأساس تقنيات تشفير ومعدات اتصال. بل قالت بريطانيا هذا الشهر إنها تصدر إلى إسرائيل أجزاء طائرات بلا طيارين من طراز هيرمز ولدبابات المركباه.

وباعت إسبانيا، التي أعلنت هي أيضا تجميدا مؤقتا لبيع إسرائيل السلاح، في السنة الماضية معدات عسكرية لإسرائيل بلغت قيمتها 5 ملايين يورو. ونشر في صحيفة "هآرتس" في مطلع الشهر أن مدريد تصدر إلى إسرائيل أجزاء للصواريخ، وفتائل للقنابل اليدوية وأجزاء لقذائف الهاون ومعدات إلكترو– بصرية ومنظومات رقابة نارية. بيد أن يفتاح شبير – رئيس مشروع التوازن العسكري في الشرق الاوسط في معهد بحوث الامن القومي – يقول إن الدول الأوروبية التي تبيع إسرائيل أسلحة حقا معدودة. إن إسرائيل تشتري في الحقيقة مركبات لمنظومات سلاح من دول في أوروبا لكنها تشترى أكثر من مرة من اتحادات شركات دولية لها مصانع في أنحاء أوروبا.

ووفقا لهآرتس يذكر العميد أغمون، وكان في الماضي ملحقا للجيش الإسرائيلي ومندوب وزارة الدفاع في اليابان وكوريا الجنوبية، يذكر أن كل تعاون مع دول العالم مهم لإسرائيل من اجل تبادل المعلومات والتقنية ومن اجل الاستمرار على التصدير الأمني الواسع النطاق. ويقول رئيس معهد فيشر إنه في احاديث مع ملحقين عسكريين من عدة دول في العالم مؤخرا عبر هؤلاء عن اهتمام كبير بنشاط إسرائيل العسكري وقت الحرب، سواء كان ذلك في منظومتي الاعتراض القبة الحديدية ومعطف الريح أم كان في صورة استعمال مطار بن غوريون تحت تهديد القذائف الصاروخية.

ومع ذلك أكد الكاتب أنّ الولايات المتحدة ما زالت هي الدولة الأبرز في صفقات السلاح مع إسرائيل، وتخصص أموال المساعدة الممنوحة لإسرائيل لشراء منظومات سلاح ومعدات أمنية كالصفقة التي تمت في الشهر الماضي لبيع صواريخ جو– جو للطائرات الحربية (إم.إي.آي – 9 سايد وندر) بقيمة تقدر بـ 544 مليون دولارا وتشمل صفقة الشراء 600 صاروخ جو – جو من هذا الطراز مع نحو من 50 صاروخ تدريب وقطع غيار ودعم تقني. وهناك صفقة أخرى وردت تقارير عنها في 2013 وهي بيع 6 وحدات من المروحية – الطائرة في 22 تزيد قيمتها على 1.1 مليار دولار. وفي إطار التقرير عن الصفقة طلبت إسرائيل أن تشتري أيضا محركات ومنظومات رادار ومنظومات أخرى من صنع الولايات المتحدة.

وأضاف الكاتب أنّ إسرائيل تشتري أيضا من الولايات المتحدة بأموال المساعدة الأمريكية وقود طائراتها ووقودا لمركبات عسكرية، ففي 2013 مثلا باعت الولايات المتحدة إسرائيل وقودا بـ 2.67 مليار دولار – 864 مليون غالون من وقود الطائرات والديزل. وقبل ذلك بسنة أدت الوكالة الأمريكية للتعاون الأمني تقريرا عن صفقة لشراء 6900 قنبلة ذكية من طراز "جدام" تستعملها الطائرات الحربية الإسرائيلية بقيمة 647 مليون دولار. وهناك مشترى أمريكي آخر سيصل إسرائيل في نهاية 2016 وهو الطائرة الحربية المتقدمة إف35 (الشبح). فقد اشتريت 19 طائرة كهذه تقدر قيمة كل طائرة منها بـ 145 مليون دولار.

ووقعت إسرائيل، بحسب هآرتس، عددا من صفقات شراء كبيرة نسبيا مع دول أجنبية في السنوات الأخيرة. فعلى سبيل المثال تزود ألمانيا إسرائيل بغواصات من الأحواض الألمانية (اتش.دي. دبليو) الموجودة في كيل، وقد اشتريت 6 غواصات إلى الآن ويستعمل سلاح البحرية اليوم 3 منها في عملياته. ونقلت غواصتان: تنين و راهف إلى عهدة الجيش الإسرائيلي وهما في طور الاستيعاب. وقد تنضم الغواصة الرابعة، تنين، إلى عمليات سلاح البحرية في خلال هذه السنة، أما الغواصة الخامسة، راهف، فستصل في 2015 فقط، وسيكون موعد استيعاب الغواصة السادسة في 2019 فقط.

ونوهت الصحيفة إلى أنّ هناك دولة أخرى تمد إسرائيل بالوسائل القتالية وهي إيطاليا التي باعت الجيش الإسرائيلي في السنة الماضية طائرات التدريب إم346، التي حصلت على الاسم العبري "لافي" (ولا صلة لها البتة بمشروع لافي الذي ألغي في ثمانينيات القرن الماضي). وستصل إلى سلاح الجو الإسرائيلي في المحصلة العامة 30 طائرة تدريب من هذا الطراز، وقد هبطت الأوائل منها في إسرائيل وتنفذ الآن طلعات جوية أولى. وفي اطار هذه الصفقة التي تقدر قيمتها بملياري دولار، باعت إسرائيل إيطاليا عددا من الوسائل الأمنية منها قمر صناعي من صنع إسرائيلي وطائرة استخبارية من إنتاج الصناعات الجوية.

ويختم الكاتب مقاله بالقول في الشهر الماضي فقط أصدرت وزارة الدفاع مناقصة دولية لشراء 4 "سفن دفاعية" لحماية طوافات التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط بقيمة 100 مليون دولار لكل سفينة. وأثيرت في الماضي أسماء عدة أحواض بناء سفن أجنبية، من ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، باعتبارها منتجة ممكنة للسفن التي ستحمي مخزونات الغاز، وقد انطلقت المناقصة في طريقها حقا، لكن لا خوف في هذا الوقت من أن تشوش عليها أحداث الأسابيع الأخيرة.
التعليقات (0)