كتاب عربي 21

عباس يُلَّمع سيفه

سيف الدين عبد الفتاح
1300x600
1300x600
إنها حكاية عباس الذي لا يحترف سوى تلميع سيفه، وتنميق كلامه، لكنه لا يفعل غير ذلك في مواجهة عدوه رغم أن هذا العدو قد احتل الوطن واغتصب كل شيء يتعلق بساحاته ومساحاته، اغتصب المقدس، واغتصب البيوت، واغتصب الأرض، واعتدى على كل شيء بشرًا وحجرًا وشجرًا، عدو غاصب استيطاني يعد في خبرة التجارب الاستعمارية العنصرية والاستيطانية النموذج الأقبح في مثل هذه الممارسات، إنه الكيان الصهيوني الغاصب الذي زُرع وُسند من الحضارة الغربية التي جعلت منه امتدادًا لها؛ تسلحه وتحميه وتسانده عند اللزوم، بعد "اتفاقات أوسلو" أتت ما تسمى السلطة الفلسطينية والتي جعلت من "عرفات" رأسا لها بما له من رصيد مقاوم لهذا الكيان الصهيوني ما جعله رمزا مهما في معركة الوجود والدفاع عن الكيان، صحيح أن البعض قد اختلف عليه وعلى بعض سياساته إلا أن كافة الأطراف حافظت ، وبشكل عرفي ،على "رمزية عرفات" للكفاح الفلسطيني.

عباس وراء المتراس،
 يقظ منتبه حساس،
 منذ سنين الفتح يلمع سيفه،
ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه، 

ثم أتت حقبة عباس، عباس لا يملك شيئا من رصيد الكفاح سوى الدندنة بالكلمات وكثيرا ما يتحدث بالقول وبالنقيض في آن واحد، يعبر عن حالة من التشتيت في الخطاب لا تعرف هل هو معك أم عليك، بدا هذا ديدنه، وبدا مفروضا بشخصه وبخطابه على الفلسطينيين ليعبر عن حال التناقض حينما يتحدث عن التفاوض والحقوق المغتصبة في آن واحد، فجعل من التفاوض هدفا بدلا من كونه وسيلة وصار يغطي كل مواقفه بسلوك لا يخرج عن أن عباس  يُلَّمع سيفه.

بلع السارق ضفة، 
قلب عباس القرطاس، 
ضرب الأخماس بأسداس، 
بقيت ضفة
لملم عباس ذخيرته والمتراس، 
ومضى يصقل سيفه، 
عبر اللص إليه، وحل ببيته، 
أصبح ضيفه 
قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه؛ 

وشتان بين لغة المفاوضة الواهنة، ولغة المقاومة الناهضة، وشتان بين معارك العزة والكرامة التي تنتزع الحقوق ومفاوضات تعقبها لا تقل عن ضراوة المعركة شدّة أو قوة ولكنها تدار كالمعارك، تعرف أن اللغة مع المغتصب لا تكون بإقراره على اغتصابه أو احتلاله أو استيطانه أو السكوت عليه، ولكنها تكون بمقاومته وإن استطاع من كل طريق .. إذلاله وإرغامه.

 صرخت زوجة عباس: 
ضيفك راودني، عباس، 
قم أنقذني ياعباس،
أبناؤك قتلى، عباس،
عباس ــ اليقظ الحساس ــ منتبه لم يسمع شيئا، 
زوجته تغتاب الناس
صرخت زوجته: "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا، 
قلب عباس القرطاس، ضرب الأخماس بأسداس، 
أرسل برقية تهديد،
فلمن تصقل سيفك ياعباس؟
وقت الشدة
إذا، اصقل سيفك ياعباس.

 وكانت تصريحاته خاصة بعد هذا النصر المؤزر الذي حققته المقاومة في غزة العزة في مواجهة آلة الحرب الصهيونية وبما حققته من نموذج لردع ضمن معادلة جديدة تقوم على قاعدة إرغام العدو على الدخول ضمن هذه المعادلة بحيث لا يتمادى في عدوانه أو في استخدام ألته العسكرية، ومن ثم كانت تصريحاته بعد ذلك وأفعاله تارة بتقديم خريطة إيضاحية لأنفاق المقاومة إلى أمين عام الجامعة العربية ليس هذا بدور الرئيس ولكنه دور مشبوه لا نعرف ما الذي يحركه لفعل ذلك ثم بعد ذلك واصل تصريحاته بالحديث مهددا بإنهاء المصالحة أو ما أسمي بالشراكة لحماس إذا لم تعترف بسلطة واحدة وقانون واحد وسلاح واحد.
عباس شد المخصرة
ودس فيها خنجره
واستعد للجولة المنتظرة
اللص دق بابه
اللص هدّ بابه
وعابه وانتهره
يا ثور أين البقرهْ؟
عباس دس كفه في المخصره
واستل منها خنجره

نعرف ما هي السلطة التي يمثلها عباس وقد نودي عليه المرة تلو المرة من فلسطينيين لا ينتمون إلى حماس بل يشكلون تيارا مستقلا من مثل مصطفى البرغوثي وكذلك مروان البرغوثي (الممثل لفتح) القابع في سجون العدو منذ زمن يدليان بضرورة أن يقوم عباس وحكومة الوفاق بما هو ضروري من الناحية القانونية لملاحقة الإجرام الصهيوني بكل أشكاله خاصة في تلك الحرب الأخيرة، وتعددت المطالبات ولكنه يزوغ ويروغ كمراوغات عباس مدعيا بأنه يصقل سيفه أو يعد نفسه لجولة قادمة، وفي كل مرة يتهرب من ذلك خدمة للعدو الصهيوني ذاته أو ضغطا عليه لكنه لا يمارس ذلك باعتباره يعضد مطالبات ومصالح شعبه.

نعرف الحديث عن سلطة واحدة وحكومة وفاق ومصالحة اعتبرها الجميع خيارا استراتيجيا يؤكد على وحدة الوطن في مقاومته وفي مساراته وفي تقرير مصيره إلا أنه للأسف يجعل من هذه الكلمات التي في ثوب الحق يُراد بها باطل يحاول أن يفرض مساره في تلميع السيف إلى ما لا نهاية ويصقله إلى وقت الشدة، وأوقات الشدة تجيء يوما بعد آخر ولكنه يواصل تلميع سيفه.

وصاح في شجاعة:
في الغرفة المجاورة
اللص خط حوله دائرة
وأنذره
إياك أن تُجاز هذي الدائرهْ
علا خوار البقرة
خفت خوار البقرة
خار خوار البقرة
ومضى اللص بعدما قضى لديها وطره
وصوت عباس يدوي خلفه
فلتسقط المؤامرة
فلتسقط المؤامرة.

نقول ذلك في إطار حديث الوحدة والوفاق والمصالحة والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بالخصم من المواجهة والمقاومة لهذا الكيان الغاصب واسترداد الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، وأما عن السلاح الواحد فدع الحديث عن السلاح لأهله، يتحدثون عنه، ودع للمقاومين أن يحددوا أمره لكن أن تكون مقولتك تلك ليس إلا غطاء زائفا لمحاولة تمرير مطالب صهيونية ودول كبرى تساند هذا الكيان الغاصب بنزع سلاح المقاومة؛ دعك من هذه الألاعيب وهذه التغطية فإن سلاح المقاومة لا يقبل المساومة، ولا يتحمل كل أعمالك أو خطابك في المقاولة. انصرف عباس في تلميع سيفك أو في الحديث عن مطالبات أراها موهومة أو انتصارات فى خيالك مزعومة، بما تمثله من خطاب يحمل كثير من عناصر الوهن والمهانة والإهانة. أفعالك وأقوالك "عباس" لن تهمش نصرا أنجزته المقاومة. 

عباس:
والخنجر ما حاجته؟
ينفعنا عند الظروف القاهرة
وغارة اللص؟
قطعت دابره
ألم تشاهدوني وقد غافلته
واجتزتُ خط الدائرة!

إذا أردت أن تخرج من دائرة تلميع سيفك لوقت الشدة فيا هذا لا تساوم على بيع سيف المقاومة، لأن سيف المقاومة هو الذي يحميهم ويحميك، ويعبر عن مصالح الوطن واسترداد حقوقه المغتصبة، لا رضوخا لآلة صهيونية أو عالمية أو إقليمية بدت عليها أمارات التصهين فتجعلك بل وتبتزك لتفعل ما لا يمكن قبوله من أعمال المساومة والمقاولة. وإن لم تستطع  دع من يقاوم بسيفه يستخدم سيفه وانصرف أنت إلى تلميع سيفك لوقت شدتك، كم نشعر بمزيد من التقدير ل "أحمد مطر" وكأنه يقرأ بظهر الغيب فألف قصيدته "عباس وراء المتراس" ، "عباس" لا تمارس عنترتك فى مواجهة "حماس" ، أو فلتمكث خلف المتراس.
التعليقات (4)
د عطية فريج
الأحد، 14-09-2014 09:47 ص
لقد اشفيت غليلي باسلوب راق
الفلسطينيابو مراد
السبت، 13-09-2014 10:03 ص
مقال رائع واصاب كبد الحقيقة التي طالما حاول الكثيرون من حاشية عباس انيطوسوها وقلبها ولكن الشمس لا تغطى بغربال والحق يعلوا ولا يعلى عليه ولا بد لكل الشعب الفلسطيني ان يعرف حقيقة هذا الخائن عباس وزمرته التي لا يهمها سوى تحقيق مصالح شخصية لها ومكاسب على حساب الشعب والقضية الفلسطينيه برمتها ولمن خسئوا وستقول المقاومة وحركاتها المناضلة كلمتها وسيسقط عباس هذا لأنه غث وليس سمين ولا ذا قيمة عند الشعب واحرار فلسطين وان غدا لناظره قريب (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )صدق الله العلي العظيم
طارق أمين
الأربعاء، 10-09-2014 05:37 ص
لا فض فوك يا سيف الدين وفتح الله عليك يابن عبد الفتاح
فراس النابلسي
الأربعاء، 10-09-2014 04:49 ص
هذا هو عباس الذي لم يحمل مسدس في حياته ولم يطلق رصاصة واحدة فكيف يعتبره بعض الفتحاويين رمزا من رموزهم التاريخية ,