أصبحوا جزءا من معبر "باب الهوى" الفاصل بين
سوريا وتركيا ويقع تحت سيطرة الجيش الحر.
يتقافزون بين العابرين، يصافحونهم، وأغلبهم يعرفونهم بالاسم.
هم سبعة
أطفال سوريين، ومعبر "باب الهوى" مكان تجارتهم البسيطة منذ ثلاث سنوات، يتجولون وهم يحملون علب "البسكويت والمحارم"، وفي المساء يعودون إلى
مخيم أطمة حيث ذووهم موجودون.
سبعة أطفال تتراوح أعمارهم بين السابعة والثانية عشر.
"النمس" هو الاسم الذي أطلقه أحد الأطفال على المنظمة الإنسانية التي اختار أن ينتمي إليها، عندما سأله أحد عناصر الجيش الحر الموجود على المعبر مازحا: "أنت مع أي منظمة؟".
عشرات المنظمات الإنسانية تدخل سوريا كل يوم، وهؤلاء الأطفال هم معظم العاملين فيها، وأصبحت تربطهم علاقة جيدة معهم.
تقول إحدى العاملات التابعة لمنظمة دولية في مخيم "أطمة"، فضلت عدم ذكر اسمها، لـ "عربي21"، إن هؤلاء الأطفال "كبروا على هذا المعبر، فقد كان أهلهم من أوائل النازحين من قرى بريف إدلب"، متابعة بأن "أصدقائي الذين عملوا في المنظمات الإغاثية منذ بداية الثورة كانوا يرونهم على المعبر قبل 3 سنوات، والآن كبروا وما زالوا يبيعون البسكويت والمحارم بعيدا عن مقاعد الدراسة".
وتضيف: "عشرات المنظمات الدولية تدخل إلى إدلب لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، لكنها غير قادرة على شراء أحذية لهؤلاء الأطفال، فبعضهم حفاة وبعضهم الآخر تمزقت أحذيتهم من كثرة الاستعمال".
ومع ذلك، فهم يملكون من "الكرامة" ما لا يملكها غيرهم من البالغين، على حد قولها، مشيرة إلى أنها عندما اشترت من أحدهم ذات مرة "علكة" وأعطته "ليرتين" قال إن سعرها ليرة، لكنها رفضت أن تأخذها لتتفاجأ بعد قليل بأنه عاد إليها حاملا قطعة "آيس كريم" وقدمها لها.
وتروي هذه العاملة في أحد المنظمات الإنسانية: "في إحدى المرات كان طفل منهم يبيع البسكويت، وعندما جاء إلي كي أشتري منه قلت له: أحب البسكويت بالشوكولا وليس بالحليب. ولم تمض دقائق قبل أن يعود يحمل علبة من البسكويت المغطى بالشكولا كي يبيعني". وتقول مبتسمة: "شعرت بالفرح لذكائه، لكنني حزنت جدا لأنه ليس في المدرسة".
وتمضي ساعات والعاملون في المنظمات ينتظرون دورهم للمرور من معبر "باب الهوى"، وخلال هذا الوقت يقضي الأطفال وقتهم بالتسلية معهم.
تقول إحدى العاملات في المجال الإغاثي: "في بعض الأحيان يحملون معنا الحقائب، ويتسللون إلى الجانب التركي بحجة مساعدتنا، فلديهم فضول ليروا ما هو موجود على الطرف الآخر لبلادهم، وذلك قبل أن يكتشف أحد عناصر الجيش الحر أمرهم ويضربهم "طيارة" على رقبتهم ويطلب منهم العودة".
وتتابع: "في إحدى المرات طلبت من أحدهم أن يجلب لي "ملوخية" لعدم توافرها في تركيا، وفعلا عندما مررت في اليوم التالي على المعبر وجدته قد جلب "الملوخية" وابتسامة الرضا مرسومة على وجهه. إنهم أطفال تجّار"، على حد قولها.
وأضافت: "لانستطيع إجبارهم على الذهاب إلى المدرسة في حال رفض أهلهم، بالإضافة إلى أن اختصاصنا كمنظمة ليس هو العمل مع الأطفال".
ولا يختلف حال هؤلاء الأطفال الذين اضطروا للعمل عن وضع الأطفال المقيمين في المخيمات الأخرى، لكن بحسب إحدى العاملات في "أطمة" فإن المخيم أكثر عشوائية من غيره لأنه من أول المخيمات التي أقيمت على الحدود السورية التركية.
ويقدر عدد سكان المخيم حسب إحصائية العام الماضي بحوالي 25 ألف شخص، مشيرة إلى أن المخيم غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة، ما اضطر العديد من اللاجئين السوريين إلى نصب خيام في المنطقة الحدودية الممتدة بين المخيم ومعبر "باب الهوى" الحدودي القديم الذي يبعد عن المعبر الحالي مسافة خمسة كيلو مترات.