سياسة عربية

حزب الله يتكتم على خسائره خلال هجوم للنصرة الأحد

إحدى الصور التي وزعتها جبهة النصرة للهجوم على مواقع حزب الله الأحد
إحدى الصور التي وزعتها جبهة النصرة للهجوم على مواقع حزب الله الأحد

تفيد المؤشرات التي برزت حتى الآن بأن حزب الله تعرض لخسائر كبيرة خلال هجوم مفاجئ شنته جبهة النصر على مواقع له قرب الحدود السورية، ففي حين أشارت مصادر مقربة من الحزب إلى مقتل 10 على الأقل من مقاتلي الحزب، تقول مصادر أخرى إن الخسائر تتجاوز ذلك لتفوق العشرين قتيلا.

وهاجم مئات من مقاتلي جبهة النصرة عددا من قواعد حزب الله على طول سلسلة جبلية في شرق لبنان، قرب الحدود السورية مساء الأحد.

ونشرت الجبهة تسجيل فيديو للعملية، كما وزعت صورا لجثث شبان بلباس عسكري في منطقة جبلية جرداء قالت إنها لقتلى الحزب.

وحتى إن صح أن عدد قتلى الحزب لا يتجاوز العشرة، وفق مصادر الحزب التي نقلت عنها وكالة رويترز، فإن هذه الخسارة تعدالأكبر خلال اشتباك واحد منذ تورط الحزب في القتال إلى جانب النظام في سورية، كما أنها إحدى أكثر المعارك دموية بين مقاتلي حزب الله والمقاتلين القادمين من سورية على الأراضي اللبنانية.

وكان مقاتلو جبهة النصرة قد نفذوا هجوما كبيرا شارك فيه المئات من المقاتلين على عدد من قواعد الحزب في الجبال القريبة من الحدود السورية، واستمر ساعتين، واستخدم فيها الجانبان قذائف المورتر والقذائف الصاروخية.

وهاجم مقاتلو جبهة النصرة منطقة واسعة تمتد من جنوبي مدينة بعلبك إلى المناطق القريبة من بلدة عرسال الحدودية.

ونأى الجيش اللبناني بنفسه عن الاشتباكات بين حزب الله وجبهة النصرة، لكنه اشتبك فيما سبق مع مقاتلين مسلحين في المنطقة.

من جهته، قال قيادي في جبهة "النصرة" بالقلمون لوكالة الأناضول؛ إن مقاتلي الجبهة شنوا "هجوما مباغتاً" الأحد ضد مواقع "حزب الله" العسكرية في المناطق الحدودية الشرقية اللبنانية – السورية، بعدما "رصدنا تعزيزات" تحضيرا لهجوم عليهم، في حين أكد مصدر مسؤول في الحزب الهجوم قائلا انه "ليس الأول ولن يكون الأخير".

وتضاربت المعلومات حول أعداد القتلى من الطرفين، ففي حين تحدث القيادي في "النصرة" عن "شهيد وجريح مقابل 21 قتيلا للحزب"، شدد المصدر المسؤول في "حزب الله" على أن "عدد شهدائنا أقل بكثير مما يذكره الإعلام، بينما المسلحون سقط منهم الكثيرين".

وقال المصدر في حزب الله "المسلحين السوريين هم من قاموا بالهجوم على مواقعنا"، وعلّل ذلك إلى "وضعهم الصعب في جرود القلمون، وبالتالي لديهم مشكلة تتفاقم مع قدوم الشتاء ولذا هم يبحثون عن موطئ قدم في أي قرية أو مدينة مأهولة" حسب قوله.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنه نتيجة هذا العامل الضاغط "شن المسلحون هجوما واسعا من القلمون ضد نقاط تمركزنا لضربها لكنه فشل بالكامل". وقال إن "غالبية المعارك دارت في مواقعنا داخل الأراضي السورية، لكن جزءا منها حصل في جرود يونين اللبنانية"، شارحا في الوقت نفسه أن المنطقة حدودية هي غير مرسمة بشكل يسمح دائما بتحديد المناطق اللبنانية والسورية.

وأقر المصدر في حزب الله بأن المسلحين "سيطروا على نقطة رصد متقدمة لنا في عين الساعة خارج جرود بريتال داخل الحدود السورية"، موضحا أنهم "سيطروا عليها لساعتين وسقط فيها عدد من الشهداء لنا، لكن طوقناها واستعدنا السيطرة عليها بعد ذلك" وفق المصدر.

وتحدث المصدر المسؤول في الحزب عن سقوط "عدد كبير منهم (المسلحين) لكني لا أملك رقما محددا"، رافضا في الوقت نفسه الكشف عن العدد الفعلي لمقاتلي الحزب الذين سقطوا في معارك أمس، لكنه شدد على ان "لكن العدد هو أقل بكثير مما تذكره وسائل الإعلام والذي تراوح بين 5 و9 شهداء" حسب قوله.

وأضاف أن الوضع "هادئ اليوم، لكن المسلحين يستمرون في ضرب مواقع الحزب المدافعة في جرود القلمون والجرود اللبنانية". ولفت إلى أنهم "الاسبوع الماضي شنوا هجوما على عسال الورد لكنه فشل، وبالتالي  سيستمرون في محاولة تحقيق هدفهم وهو فتح ممرات قبل الشتاء". وأكد المصدر المسؤول في حزب الله "هجوم أمس لم يكن الأول ولن يكون الأخير".

من جانبه، وردا على سؤال حول اشتباكات أمس ومن بادر الى الهجوم، أوضح قيادي في جبهة النصرة في اتصال عبر الانترنت أنه "من خلال مراقبتنا الدقيقة لنقاط الحزب الإيراني (حزب الله) لاحظنا تعزيزه لبعض النقاط ومنها نقطة ام خرج قرب بريتال". وأضاف القيادي، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأناضول: "علمنا من مصادرنا كذلك أنهم (حزب الله) ينوون شن هجوم موسع من عدة نقاط بمساعدة الجيش اللبناني والنظام السوري فقررنا مفاجأتهم بالهجوم لإحباط مخططهم".

وأشار إلى أنه نتيجة لذلك "استعددنا جيدا حتى عرفنا ان الحزب يتسلل من جرد نحلة فأعطينا ا?مر بالتصدي لهم وأعددنا لهم كمينا وبدأنا الهجوم عليهم"، لافتا إلى أنه "ولزيادة الضغط على الحزب أرسلنا مجموعة صغيرة إلى جرد بريتال فاقتحمت النقطة (العسكرية للحزب)".

وأضاف المصدر في جبهة النصرة أن "الإخوة (مقاتلي النصرة) شاهدوا 11 جثة (لمقاتلي حزب الله) بأم أعينهم في نقطة أم خرج، بالإضافة الى سقوط أكثر من 10 (قتلى للحزب) في جرود نحلة"، مضيفا: "هناك بالتأكيد 21 قتيلا للحزب ولكن حجم المعركة والإصابات المباشرة والاشتباك القريب يمكن أن يجعل العدد أكثر".

وفي المقابل، قال المصدر ذاته إنه سقط لجبهة النصرة "شهيد وجريح.. استطعنا سحب جثة الشهيد" من مناطق المعارك، نافيا الأنباء التي تحدثت عن مقتل أو إصابة القيادي في "النصرة" أبو صهيب. ونفى أيضا أن يكون هناك أسرى لدى أي من الطرفين، موضحا: "لم يأسر حزب الله منا أحد ولم نأسر منه أحدا، ولا نحتفظ بأي جثة من جثث قتلاه".

وكشف القيادي في "النصرة" أنه "حاولنا ان ندخله (الجريح) إلى عرسال فمنعتنا حواجز الجيش (اللبناني) وتواصلنا مع (مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء) عباس (إبراهيم الذي يتولى التفاوض لإطلاق سراح العسكريين اللبنانيين الأسرى) فاشترط إفراجنا عن 3 عسكريين أسرى لدينا ليسمح بإدخاله إلى عرسال للعلاج". وأضاف: "رفضنا وأبلغناه أننا كنا نحاول حقن الدماء كي لا نفتح معركة ضدكم، فما كان به إلا الرد بأنه سيمنعنا من إدخال أي جريح".

وأوضح المصدر أن الاتصال بإبراهيم تم "عبر وسيط"، رافضا الكشف عن هويته، معتبرا ان مدير عام الأمن العام "لا ينوي خيرا ولم يحاول التهدئة. اعتقدنا أنه أعقل من ذلك".

وقال القيادي في النصرة إن "كل المناطق التي حصلت فيها الاشتباكات من جرود نحلة وجرود بريتال هي مناطق لبنانية"، مشددا على "أننا (النصرة) ليس لدينا نية في دخول لبنان، لكن حماقات الحزب والجيش اللبناني ربما ستضطرنا لتغيير نيتنا". ورأى أن ما حصل أمس هو "رسالة تحذير" الى "حزب الله"، موضحا ان "بريتال كانت أمامنا. لو أردنا إكمال المعركة لاستهدفنا بريتال بالرشاشات الموجودة في النقطة (ام خرج)".

وشدد على أن مقاتلي "النصرة "لم يتوغلوا في الأراضي اللبنانية، بل كانت هناك نقطة (عسكرية) للحزب اقتحمناها وانسحبنا ولم نكمل التقدم"، مشيرا الى انه "لو أردنا لأكملنا الى بريتال، ولكن كحسن نية لم نكمل".

وقال: "وجدنا في هذه النقطة أسلحة أمريكية لا تزال مغلفة بأكياسها بينها منصة صواريخ تاو (الأمريكية المضادة للدروع)، فمن أين حصل عليها حزب إيران؟". كما ذكرت الجبهة في تسجيل فيديو أنها اغتنمت أسلحة أتوماتيكية وقاذفات من المواقع التي هاجمتها.

وفي سياق متصل، نقل مراسل "الاناضول" في مدينة بعلبك شرق لبنان، عن مصدر إعلامي في "حزب الله" أن عددا من عناصر الحزب الذين قتلوا في اشتباكات الأمس سيتم تشييعهم في وقت لاحق اليوم.

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مصادر قريبة من حزب الله أن "هناك 16 قتيلا على الأقل من جبهة النصرة" مضيفا أن مقاتلين لحزب الله من مناطق أخرى بلبنان توجهوا للدفاع عن المنطقة. وتابع المصدر ومسؤولون أمنيون أن حزب الله وجه الدعوة لمقاتليه للدفاع عن المنطقة.

وذكرت قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله في وقت متأخر الأحد أن الحزب تصدى للمسلحين عبر الحدود وانتهت الاشتباكات.

في المقابل، قال سكان من بلدة النبي سباط اللبنانية فروا من المعارك والوكالة الوطنية للاعلام الرسمية ووسائل إعلام لبنانية ان الهجوم استهدف موقعا للحزب في نقطة لبنانية حدودية.

وقال المصدر الرسمي في الحزب لوكالة فرانس برس: "تعرضت مواقع الحزب في منطقة القلمون (الأحد) لهجوم شامل تم صده، وفشلت المجموعات المسلحة في تحقيق أي تقدم".

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية) ان المسلحين شنوا الهجوم "انطلاقا من عسال الورد في سورية"، وهي بلدة في القلمون مواجهة لجرود النبي سباط وبريتال اللبنانية.

وقال شهود فروا من النبي سباط لفرانس برس؛ إنهم شاهدوا حزب الله ينقل عددا من الجرحى في سيارات بيك أب. وذكر مراسل وكالة فرانس برس الذي وصل الى البلدة أن هناك حواجز عدة لحزب الله وللجيش اللبناني في المنطقة.

وشاهد المراسل ناقلات جند تقل عسكريين لبنانيين تتجه نحو الجرود. كما أشار إلى أن عشرات السيارات الرباعية الدفع تقل مدنيين مسلحين قالوا إنهم من القرى المجاورة وأنهم في طريقهم لمساندة حزب الله.

وحصلت خلال الأشهر الأخيرة مواجهات عدة محدودة في جرود منطقة بريتال- بعلبك بين حزب الله ومجموعات من المعارضة المسلحة في الجانب السوري. ويتواجد الحزب في نقاط عسكرية عدة في مناطق جبلية عالية على الحدود يصعب الوصول إليها. ونادرا ما يعطي الحزب أو الأجهزة الأمنية تفاصيل عن هذه المواجهات.

وجرت في آب/ أغسطس معارك عنيفة في بلدة عرسال الواقعة على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا، بين الجيش اللبناني ومجموعات مسلحة قدمت من سورية ومن مخيمات للاجئين السوريين موجودة في عرسال.

وتسببت المعارك بمقتل عشرين عسكريا لبنانيا و16 مدنيا وعشرات المسلحين. وخطف مسلحون انسحبوا إلى سورية عناصر من قوى الأمن والجيش، ثم أقدموا على قتل ثلاثة منهم وأفرجوا عن آخرين. ولا تزال "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) يحتجزان أكثر من 25 عسكريا لبنانيا.

ويطالب الخاطفون بالإفراج عن رفاق لهم في مجموعات إسلامية موقوفين لدى السلطات اللبنانية مقابل الإفراج عن الجنود وعناصر الأمن، إلا أن الحكومة اللبنانية التي وافقت على وساطة قطرية مع الخاطفين، ترفض المقايضة. كما يطالب الخاطفون بانسحاب حزب الله من سورية.

سقوط صواريخ في الهرمل:

وفي سياق متصل، أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، اليوم الاثنين، بسقوط صاروخين على أحياء سكنية في الهرمل، شرقي لبنان، مصدرهما سلسلة جبال لبنان الشرقية.

ولم توضح الوكالة مزيد من التفاصيل عن مكان السقوط، وتوقيته، وما إذا كان هناك خسائر بشرية أم لا.
التعليقات (0)