مقالات مختارة

يا نمر من نمَّرك؟

محمد المزيني
1300x600
1300x600
كتب محمد المزيني: كنا -ولا نزال- نتمنى ألا ينظر إلينا إلا علي أننا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، وإن اختلفنا في المذاهب والطوائف والأعراق. وقد كتبنا وما زلنا نكتب رؤيتنا عن واقعنا كمجتمع يفترض فيه أن يكون متآلفاً ومتكاتفاً ومتسقً في لُحمة وطنية واحدة، واستشرفنا واقعنا بين أيدي كل المعطيات، وحلمنا أن نخرج عن حيز الطائفية الكريهة، والعرقية البغيضة، والتطرف الممقوت، إزاء كل هذا لا تفتأ تصدمنا الأحداث وتوجع قلوبنا جداً العمليات الإرهابية التي بات الوطن هدفاً لعرَّابيه وسدنته لتتتالى علينا أهوال الهجمات الإرهابية التي لا تعرف للوطن غايةً ولا للدم حرمةً، فباتت تقيس الوطن وفق أهوائها الخاصة وإيماناتها الخاطئة المسبغ عليها بكثير من الأحادية والأنانية.

فما أوجعنا وصدم عقولنا ونحن في الألفية الثالثة تجاوز فيه العالم المتحضر كوابيس التطرف الديني إلى صناعة الغد! وهي اليوم وكأننا في دياجير العصور المظلمة يخرج من بيننا ثلة متطرفة تقتل الناس تحت لواء الدين، وليس بمقدورنا إيقاف تعنتها وصلافة تعاملها مع الآخرين إلا بردع مماثل، بعدما فشلت كل أدوات التقويم، ويحق لنا أن نتساءل: هل يمكن أن يتحول ديننا فاشياً إلى هذا الحد المتطرف؟ كيف يمكن أن نجيب عنه ونحن مثخنون بدماء أبرياء قضوا نحبهم على أيدي هؤلاء الفاشيين الإسلاميين؟ ثم كيف نكافح ويلات كل تلك المفاهيم الخاطئة؟ أكثر من 20 سنة انصرمت كتبت أحداثها بخط دموي أحمر عريض، والوطن متأهب بقلق لكل الاحتمالات الأشد إرهاباً ومأسويةً.

فكان رد الفعل مساوياً للفعل، وقد نجح رجال الأمن في تثبيت كثير منهم وحُكم على عدد ليس باليسر بالقتل حرابةً، على ما اقترفته أيديهم من جرائم، قد لا يكون القتل عقاباً مكافئاً للفعل، فما جنوه بحق أنفسهم وبحق غيرهم وبحق وطنهم أكبر، لذلك فإن القتل بحقهم صيانة لكل هؤلاء من أفكارهم الضالة المنحرفة وحماية لأرواح أبرياء محتملين فيما لو تركوا بلا رادع وتصفية أبدية.

ومع ذلك لم تكن تثور ثائرة المنافحين عن حقوق الإنسان كما لم يناهض السنة ولا غير السنة هذه الأحكام الحازمة التي تضع في الاعتبار قوامة الدولة وسلامة الوطن من عبث العابثين بمثل ما ثارت ثائرة المناهضين والرافضين والمستنكرين للحكم الصادر حرابةً بحق المدعو نمر النمر يجيء في مقدمها إيران المنددة بالحكم الصادر، وهي بذلك عن علم ودراية تذكي نار الفتنة الطائفية في وطننا الذي تجاوز تقريباً لوثة الطائفة، وتواشجت عرى الأخوة والصداقة بين مختلف أطيافه، وقد لا نحتاج إلى معلومات ودلائل إضافية لنفهِّم الناسَ المصالح والغايات التي تسعى لها حكومة الملالي بتثوير المواطنين السعوديين من الشيعة، وقد نجحت فقط مع المغفلين منهم، كما نجح بن لادن في تثوير بعض الشباب السعوديين السنة ضد وطنهم، فإيران -باختصار- استغلت السذَّج من ذوي الاتجاه الديني الجياش؛ لتنفيذ مخططها، وهكذا هم ملاليو طهران ينصبون المناحات تلو المناحات؛ حتى يستدرُّوا عواطف الأغبياء، ثم يحركونهم بغوغائية جارفة إلى محرقة لن تأكل سواهم.

هل قدّرت إيران وملاليها جيداً حجم السعودية وقدرتها الفذة وخبرتها العريضة علي التعامل مع مثل هذه القضايا، قبل أن تأتي العمائم لاعتلاء سدة الحكم فيها؟ هل تعتقد بأن العالم قد صم آذانه وغض الطرف عن كل الجرائم الماحقة التي ارتكبها الملالي بحق شعبهم، لاسيما السنة منهم في الأهواز وفي غيرها وعمليات التصفيات التي تقوم بها، بمؤازرة مخابراتها القمعية؟ هل رأونا يوماً ما نشحذ قوى الانفصاليين السنة بالأسلحة؛ كي يُسقطوا نظامهم البائس؟

حتماً إيران لا تجهل ذلك، لكنها تعمل علي استثمار العصب الملتهب في وطننا بما يحقق له موقعاً تعاطفياً من لدن بعض السعوديين المغفلين من الطائفة الشيعية الذين تتخذهم حطباً لسياستها التعسفية، فقط من أجل تقويض أمننا وإشغالنا عن تدخلاتها في مناطق متعددة من الشرق الأوسط واللعب مع القوى الخارجية، واتخاذها ورقة لعب مع كل الأطراف المتناحرة في عالمنا العربي.

ألمْ يعِ هؤلاء السذَّج أنهم لو كانو مواطنين إيرانيين لقضوا نحبهم باكراً تحت أيادي القمع، والإقصاء كما فعلوا بعرب الأهواز، ثم ماذا لو حدثت فوضى نمر النمر في مدينة من المدن الإيرانية؟ حتما ولكي تأمن علي نفسها داخلياً ستضرب ليس بيد من حديد بل بنار مستعرة ليس على فرد منهم، بل على كل المحيطين بهم ومن يهدد وجودها، ومع كل ما قام به المدعو نمر النمر من أعمال مشينة بحق الوطن فقد حُكم عليه شرعاً مثله مثل كل المعتدين علي الوطن من أبناء السنة ولن يكون أكرم ولا أعز أمام الأحكام القضائية من الآخرين، مهما علا شأنه عند بعض السذَّّج من مريديه، فالحكم الشرعي ليس حكماً عسكرياً مسيساً، بل وفق قواعد شرعية دقيقة لا تخضع لأي مزايدات مهما كان هدفها، ولو كان كذلك لأعدم النمر فور القبض عليه، وهو أشبه بجثة هامدة، إلا أن من الفضيلة أن يقدم إلى محاكمة عادلة، وقد صدرت بإجماع القضاة.

فمن اللائق اليوم بكل الأصوات المغرضة الناعقة مع إيران وأذنابها أن تلملم فضيحتها وتواري سوأتها، أما المواطنون الصادقون من شيعة وسنة في ظل هذا الاحتدام العربي بفوضى هدامة قذرة فعليهم أن ينأوا بوطننا عن كل ما يلحق به من أذى، وعلى الخارجين من ربقة العقل تحمل أوزار خطاياهم. فلا خوارج الظواهري ولا خوارج إيران يستطيعون زعزعة ثقتنا بوطننا وحبنا له والتضحية من أجله.


(الحياة اللندنية)
التعليقات (2)
احمد اسامة
الأربعاء، 22-10-2014 04:53 م
لو تم العفو عنه غدا سوف تمدح من عفا عنه و تنسى ما كتبت عن عدالة الحكم عليه.
محمد
الأربعاء، 22-10-2014 11:01 ص
لو بحثت عن الحقيقة فستكتشف ان القاعدة بل وداعش عند هؤلاء ماهم الا حمامة سلام فكم اسرة عراقية تم حرقها وكم من عفيفة تم اغتصابها في سجون المالكي ولا يزالون والتهمه "سنية" !!! اين اعلامنا عن هؤلاء لابراز وحشيتهم وحقدهم على كل ماهو سني ام ان اعلامنا متخصص بتركيز بؤرته على داعش والقاعدة وكان غيرهم بريء مما اقترفته ايديهم بحق اهل السنة من مجازر يندى لها الجبين؟!! هل من الممكن ان يركز اعلامنا على الحوثيين ويفضحهم ام ان بوصلته متجهة لافغانستان وشمال العراق فقط؟!!

خبر عاجل