سياسة دولية

استعدادات لمناقشة الملف الحقوقي المصري بالأمم المتحدة

الأمن المصري اعتدى على طلبة الجامعات المصرية - (أرشيفية) الأناضول
الأمن المصري اعتدى على طلبة الجامعات المصرية - (أرشيفية) الأناضول
يستعد المقر الأوروبي للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، الأربعاء المقبل، لاستقبال حشد هائل من المنظمات الحقوقية الراغبة في حضور ومناقشة الملف الحقوقي لمصر خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة التي يعقدها مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة.

وستتواصل الجلسة لثلاث ساعات ونصف الساعة، في حالة أشبه بحوار تفاعلي بين الوفد الرسمي المصري من جهة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة وممثلي المنظمات غير الحكومية من جهة ثانية.

وتعتمد المراجعة الدورية على ثلاث وثائق أساسية؛ أولها: التقرير الوطني الذي يتضمن المعلومات المقدمة من السلطات المصرية حول ما حققته من إنجازات في مجال تعزيز حقوق الإنسان منذ عام 2010 (تاريخ آخر مراجعة دورية للملف الحقوقي في مصر أمام مجلس حقوق الإنسان)، وثانيها: المعلومات المضمنة في تقارير خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وفرق الخبراء المستقلين والمعروفين باسم "الإجراءات الخاصة"، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان وهيئات أممية أخرى، وثالثا: تقرير يتضمن المعلومات المقدمة من جهات أخرى معنية بحقوق الإنسان بما فيها المؤسسات المصرية الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية ومنظمات المجتمع المدني الدولية.

وسجلت حتى الآن 125 دولة رغبتها في توجيه أسئلة وتوصيات إلى الحكومة المصرية، أثناء جلسة المراجعة الدورية الشاملة، وهو عدد يفوق عدد الدول التي مارست نفس الحق في الدورة السابقة عام 2010 لاستعراض ملف مصر حيث سجلت الأمم المتحدة حينها مداخلات من 51 دولة.

كما تسعى منظمات حقوقية أخرى إلى الإدلاء بدلوها أيضا في هذا المجال، وبعضها انتقد وجود السعودية ضمن البلدان الثلاثة التي تتولى مهمة مقرري عملية الاستعراض الشامل لملف مصر مع كوت ديفوار والجبل الأسود، حيث تتشكك تلك المنظمات في حياد المملكة، بسبب موقفها الداعم للحكومة المصرية الحالية.

وفي هذا السياق، دعت منظمة "الشبكة الدولية للحقوق والتنمية" (دولية غير حكومية) إلى عقد مؤتمر صحفي، يوم الثلاثاء، بعنوان "كفاح مصر من أجل حقوق الإنسان وضد الإرهاب"، تستضيف فيه حقوقيين مصريين بارزين هم: منى ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الانسان (حكومي)، حافظ أبو سعدة مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، ايهاب يوسف مدير منظمة الشرطة والشعب (غير حكومية)، تماضر جوهر رئيسة منظمة "مواطنون من أجل بناء السلام" (غير حكومية)، مصطفى عباس مدير منظمة "عيون مصر" (غير حكومية)، داليا زيادة مديرة مركز ابن خلدون لدراسات حقوق الإنسان.

فيما فضلت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو" الدوليتين عقد مؤتمرهما الصحفي داخل الأمم المتحدة وعقب جلسة المراجعة الشاملة لملف مصر يوم الأربعاء بحضور ممثل عن الاتحاد الدولي لممثلي منظمات حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة في جنيف وممثل عن منظمة التحالف الدولي من أجل مشاركة المواطنين، وخصصت تلك المنظمات دعوتها إلى الصحفيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة فقط.

ومن بين القضايا التي أثارتها الدول والمنظمات غير الحكومية التي تقدمت مسبقا بتساؤلاتها إلى الحكومة المصرية "مدى تطبيق مصر لالتزاماتها بآليات ومعاهدات قانون حقوق الإنسان الدولي، عقوبة الإعدام، الخطوات المتخذة لمنع التعذيب والاستخدام المفرط للقوة، مكافحة العنف المنزلي والتمييز ضد المرأة، الخطوات المتخذة لمكافحة الاتجار بالبشر، الاحتجاز قبل المحاكمة، والمحاكمة العادلة، استقلال القضاء، الحق في الخصوصية، حرية الدين والمعتقد، حرية التجمع والتنظيم والتعبير، حقوق المعاقين، حقوق اللاجئين والهجرة والمهاجرين، مكافحة الإرهاب، احترام وحماية حقوق الإنسان على المستوى الوطني، والتعاون مع الهيئات الدولية لحقوق الإنسان.

في المقابل، قام "الائتلاف العالمي للمصريين في الخارج" (معارض) بتوزيع تقارير متخصصة على عدد من الدول حول ما وصفها بـ"انتهاكات حقوق الإنسان في مصر منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013".

وقال أحد أعضاء الائتلاف طالبا عدم الإفصاح عن هويته، إن "الائتلاف خاطب الدول التي تحترم حقوق الإنسان (لم يذكرها) لتوضيح ما يحدث في مصر من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛ سعيا الى توعية المجتمع الدولي بالجرائم التي تقوم بها حكومة الانقلاب"، وفق قوله.

وأضاف أن الائتلاف "عبر لممثلي تلك الدول لدى الأمم المتحدة عن قلقه من الانتهاكات الممنهجة التي تتم في مصر لأنها ستؤدي إلى مزيد من العنف الذي يعاني منه العالم الآن بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص، ولذلك فإن الضمير العالمي يحتم عليهم التحرك الآن قبل تضخم المشكلة وعدم المقدرة على حلها".

وأعرب عن أمل الائتلاف في أن يقوم مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وممثلي الدول بالضغط على الحكومة الحالية لمنع "الانتهاكات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والنشطاء وأن يشارك المجلس عبر آليات خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تحقيقات نزيهة في المجازر التي أعقبت الانقلاب حتى لا يفلت الجناة من المحاسبة"، على حد قوله.

كذلك، يستبق حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، جلسة مجلس حقوق الإنسان حول مصر بالدعوة إلى مؤتمر صحفي يوم الاثنين المقبل في "نادي الصحافة السويسري" بمدينة جنيف بعنوان "مراجعة نقدية لسجل حقوق الانسان في مصر"، يشارك فيه وزير التخطيط والتعاون الدولي الاسبق وعضو المكتب التنفيذي للحزب عمرو دراج، ومها عزام ممثلة عن منظمة ديمقراطيون من أجل الديمقراطية في بريطانيا، وخبير القانون الدولي المحامي البريطاني رودني ديكسون أحد مستشاري جماعة الاخوان، والمحامي البريطاني توبي كادمان.

وبدأ العمل بالمراجعة الشاملة لملفات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من خلال مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اعتبارا من عام 2008 في دورة استمرت 4 سنوات تم خلالها مراجعة ملفات جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتقديم توصيات من المنظمات الحقوقية، وخبراء الأمم المتحدة لتحسينها، وتقوم الدورة الثانية الحالية المتواصلة منذ عام 2012 بمتابعة مدى التزام الدول بما تعهدت به في الدورة الأولى.

إلى ذلك قال مسؤول مصري إن إلغاء حالة الطوارئ التي كان معمولا بها، وعدم وجود معتقلين داخل السجون المصرية، يتصدران تقريرا رسميا سيتم تقديمه، لمسؤولين في مجلس حقوق الإنسان الدولي بمدينة جنيف السويسرية، في إطار المراجعة الدورية الأممية حول الحريات بمصر، المقررة الأربعاء المقبل.

وقال محمود فوزي، المتحدث باسم وزارة العدالة الانتقالية إن "وفدا مصريا برئاسة وزير العدالة الانتقالية إبراهيم هنيدي سيتوجه إلى جنيف يوم الأحد المقبل، وذلك قبل انعقاد جلسة الأمم المتحدة الأربعاء المقبل لعرض تقرير رسمي بشأن آخر تطورات ملف الحريات بمصر، وذلك خلال اجتماعات المراجعة الدورية الأممية".

وحول أهم ملامح التقرير المصري، أوضح فوزي أنه يتضمن الحديث عن نجاح بلاده في تنفيذ الغالبية العظمى (أكثر من 70%) من المراجعات الدورية الأممية، من بينهما إنجاز الدستور وإلغاء حالة الطوارئ (تم العمل بها في آخر مرة لمدة 3 أشهر انتهت في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 ) وعدم وجود معتقلين بمصر.

وتقدر مصادر تابعة لـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، الداعم للرئيس السابق محمد مرسي، وجود أكثر من 20 ألف "معتقل" في السجون المصرية أغلبهم من جماعة الإخوان، منذ الانقلاب على مرسي في يوليو/ تموز 2013، لكن الحكومة المصرية تنفي وجود أي معتقلين في السجون، مؤكدة أن من تم القبض عليهم بعد الانقلاب على مرسي يحاكمون على ذمة قضايا جنائية.

ورداً على ما إذا كان التقرير الرسمي يتضمن توضيحات بشأن ملف فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر بالقاهرة الكبرى في أغسطس/ آب 2013، قال فوزي: "إذا أثير هذا الملف فنحن لدينا الردود المناسبة".

في المقابل، قال هيثم أبو خليل، مسؤول اللجنة الحقوقية بالمجلس الثوري المصري (أسسه معارضون بالخارج)، لـ"الأناضول" إنه تم مخاطبة 27 دولة (أعضاء في مجلس حقوق الإنسان) التي أعدت بيانا ضد الانتهاكات في مصر في دورة مارس/ آذار الماضية، بغرض تقديم استجوابات للوفد المصري".

وأضاف أبو خليل أنه "تم مخاطبة بعثات هذه الدول في مجلس حقوق الانسان في جنيف بالأمم المتحدة للقيام بتلك المهمة، لاسيما أن أعضاء المجلس لن يتمكنوا من حضور الجلسات".

وقالت مصادر مقربة من المجلس الثوري إنه "سيقوم بعمل توجه مضاد داخل أروقة مجلس حقوق الانسان، من خلال تواجد القيادات في المقر بجنيف، ومحاولة لقاء مسؤولين لعرض رأيهم ووجهة نظرهم في قضايا حقوق الإنسان والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب".

والمراجعة الدورية الشاملة، هي آلية ينفذها مجلس حقوق الإنسان العالمي (وفق قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة)، يقوم من خلالها باستعراض دوري شامل لحالة حقوق الإنسان في الدول الأعضاء البالغ عددهم 47 دولية.

وخضعت مصر للمراجعة الدورية الشاملة للمرة الأولى عام 2010، وقبلت الحكومة المصرية خلالها 140 توصية لحماية وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان.
التعليقات (0)