مقالات مختارة

هل يوجد مكان للأحزاب الجديدة في السياسة التركية

فهمي كورو
1300x600
1300x600
كتب فهمي كورو: يبدو أن هناك أحزابا جديدة تتصاعد في الأفق، بدأت المجموعة المنشقة عن حزب العدالة والتنمية مرحلة تأسيس حزب سياسي؛ ويُعتقد بأن المنشقين عن حزب الشعب الجمهوري سيتبعون نفس الطريق.

الجانب الذي لفت انتباهي، هو أن حكومة العدالة والتنمية كانت تشجع من انشقوا ليشكلوا حزباً سياسياً؛ وكأن إدارة حزب الشعب الجمهوري تشجع أيضاً المنشقين عنها على تأسيس حزب "قومي".
 لماذا ترى؟

لا يقدر البقاء للأحزاب الجديدة التي أسسها المنشقون عن أحزاب دائمة والتي لها جذور ثابتة، ولن يلتفت اليهم الشعب كثيراً، الاستثناء الوحيد في ذلك، هو الحزب الديموقراطي الذي انشق عن حزب الشعب الجمهوري؛ فهناك أسباب لوجود هذا الاستثناء نتيجة الخصائص التي تعود إلى تلك الفترة.
وفي المقابل، كانت الأحزاب التي تشكلت من نقطة الصفر كحزب اليسار الديموقراطي وحزب العدالة والتنمية الأكثر حظاً في البقاء. فمن يريد النجاح عليه ألا يعلق ذهنه أكثر على تلك الجذور.

ومن الواضح أن من يحاولون وضع أنفسهم على الساحة السياسية، تأثروا من الأحداث التي وقعت في بعض البلدان في الوقت الحالي. ومن الواضح أيضاً أنهم اعتقدوا بأن "ما يحدث في تلك البلدان، لماذا لا يتكرر عندنا؟".

وعلى سبيل المثال، هناك جو سياسي في انجلترا يشبه الجو السياسي الذي في تركيا؛ أو بالأحرى كان يشبهه في وقت من الأوقات. فالآن هناك طالب جديد للسلطة يتردد بين أحزاب المحافظين والأحزاب العمالية: مثل حزب استقلال المملكة المتحدة.

فقد ارتفع دعم حزب استقلال المملكة المتحدة الذي كان 15% في الشهر الماضي، إلى مستوى يمكن أن يحصل فيه على 19% من عدد الأصوات، حتى وإن كانت الانتخابات ستجري اليوم، بل من المرجح أنه لا يتوقف عند هذا الحد. كما خرج هذا الحزب بمثابة الحزب الأول من الأحزاب التي عقدت في شهر مايو/ آيار للبرلمان الأوروبي.

دعونا ألا ننسى: أن هذا الحزب الجديد وقبل فترة وجيزة، تم تمثيله في البرلمان بعضو برلماني وحيد فاز في انتخابات التجديد النصفي.

وكنا على مقربة من صدى المفاجأة التي فجرها حزب "بوديموس" (قادرون) اليساري الراديكالي في استطلاعات الرأي بشأن الانتخابات التشريعية، حيث أسسه البروفيسور الشاب الذي أنتج برنامجاً تليفزيونياً بالإسبانية:  "بابلو ايغلسياس"، فقد نجح هذا الحزب قبيل الانتخابات التشريعة في مايو/ أيار في حصد 8% من الأصوات في تلك الانتخابات. وفي حين أنه الحزب الثاني في إسبانيا من ناحية ترتيبه في قائمة الدعم الشعبي الحالية، ويمكن الحديث عن فرصته في الوصول إلى السلطة عند إجراء أول انتخابات عامة.

ودعوني أذكر أن حزب بوديموس لا يتجاوز عمر تأسيسه العام حتى الآن، ويحمل حزب بوديموس معنى "نعم ، قادرون أن نفعل".

ويمكن أن يكون بابلو إيغلسياس قد تحمل شجاعة الدخول في محاولة مثل هذه معلقاً نظره بإيطاليا.
وكان "بيبي غريللو" ممثلاُ كوميدياً وناشطاً سياسياً، أسس قبل أربع سنوات ما يسمي بـ "حركة خمس نجوم"، وحول الحركة السياسية التي كونها إلى حزب سياسي بهدف التقاء وتبادل الأفكار، وخلق حركة تتمتع بالجانب السياسي. كما نجح في الحصول على 25% من نسبة الأصوات في أول انتخابات عامة خاضها.

تحدثت عن ثلاثة نماذج كل منها تشكل على أرضية سياسية مختلفة في ثلاث دول أوروبية استطاعت توطيد الديموقراطية في بلدنها. ولعل السمة الوحيدة المشتركة بين كل من حزب استقلال المملكة المتحدة " اليوكيب" وحزب البوديموس في إسبانيا وحزب حركة الخمس نجوم في إيطاليا، هو ظهورهم في نظام مستقر ولديهم قبول كبير في الشارع.

لذلك يمكننا القول إن من اجتمعوا تحت سقف حزب العدالة والتنمية، كانوا قد حظوا بنفس الفرصة في تركيا في عام 2002. ولعل من كانوا يقفون خلف هذا التشكيل الجديد، يبدو أنهم تأخروا كثيراً في اتخاذ مثل هذه الخطوة.

كانت هناك حاجة إلى معارضة تعطي انطباع أنها يمكن أن تصل إلى سدة الحكم في تركيا يوماً ما. والآن فإن حزب العدالة والتنمية يعطي انطباعا أنه سوف لا يغادر السلطة أبداً؛ كأنه غادر في 2023 ويخطط لعام 2071. ومقابل ذلك، مهما فعل حزب الشعب الجمهوري كحزب معارض، فإنه لن يحظى يوماً بالوصول إلى سدة الحكم؛ رغم كل محاولاته الانفتاح خارج القاعدة التقليدية الخاصة به.

لعل من السهل تأسيس حزب جديد؛ ولكن الأصعب هو إمكانية جعل الشعب يتبنى فكر هذه الأحزاب التي تتشكل هنا وهناك.

*عن خبرترك

التعليقات (0)