مقالات مختارة

نفط صخري وحشد شعبي

سرمد الطائي
1300x600
1300x600
كتب سرمد الطائي: إن صحف الخليج مشغولة بـ"النفط الصخري"، وأثره في انهيار أسعار نفطنا، أما نحن فمحتارون في حل "الإشكال الجزئي" بين الطوائف حول "المندسين" في تشكيلات الحشد الشعبي.

وسأعود لكم للحديث المهم عن نفط أخطر من الصخري، هو "الرملي"، لكنني قبل ذلك أريد الفراغ من قصة الحشد. وإنما أقول إنه إشكال"جزئي"، لأن عقلاء الشيعة يقولون: نعم، بعض عناصر الحشد ارتكبوا أخطاء رهيبة، ويجب محاسبتهم، لكن مع الاعتراف بدور هذه المجموعات وتضحياتها في ردع داعش.

أما"متطرفو"السنة فيصرون على أن"كل الحشد ميليشيا إيرانية يجب ردعها". وبين"البعض والكل "مساحة وطنية للنقاش الفاعل الصريح، لا ينبغي أن تتحول إلى تبادل للشتائم وإنكار للحقائق، فالأخطاء لدى الطرفين، ولذلك نحن نغطس في الدم حتى أنوفنا، ويتشرد الملايين من أهلنا في البرد، واللهم انصر الاعتدال.

إنكم تعرفون بقية النقاش، أما أنا فأجهل كل شيء عن البترول الصخري الذي تكتشفه أميركا وتطوره بديلاً، والذي يتسبب بخفض ثلث سعر نفطنا "العادي" ويهدد مستقبله، وفي أثناء البحث اكتشفت أن هناك ما هو أخطر منه، ويدعى "النفط الرملي" الكندي، مما يعني أن المستقبل يخبئ لنا الكثير والكثير.

ونتائج البحث المتاحة على غوغل كانت غالباً من الصحف السعودية، بينما نحن حائرون بتصريحات السيد إبراهيم الجعفري عن "عقلنة الشهوة وشهونة العقل".

ولا أتمنى طبعاً أن تنفتح قريحة السيد وزير الخارجية على "صخرنة البترول أو رملنة النفتة"؛ لأنها ستكون مصيبة كبيرة على دول أوبك وأوابك معاً.

لقد دفعنا انهيار الأسعار إلى القراءة كثيراً عن النفط، ومستقبله، وفي أثناء ذلك فكرنا مرات في أننا أمضينا 100 عام نستخرج النفط ونشتري بثمنه سلاحاً للحروب النفطية، ولأننا غير عقلاء فقد استخدمنا السلاح في التسبب بهدم بيوتنا وبنانا التحتية، حتى ظهر لنا بديل من صخر ورمل، يهدد كل الثروة.

ثم أجدني أسأل نفسي: لو أصبح النفط بسعر ماء البحر يوماً، فقد يمكن لإيران أن تعيش من إنتاج سيارة السايبا، وسيتاح للسعودية أن تزيد من إنتاج لبن"أكتيفيا"، بل إن الكويت تحاول اليوم منافسة دبي في الملاحة والشحن البحري، أما نحن فمصيبتنا مصيبة، منشغلون بالتناحر، وحماقتنا جعلتنا نخسر ساحلنا الصغير، ونخسر الثروة الزراعية، كما أن ضعف دولتنا قد يسمح بزوال دجلة والفرات، ولا شك أن الاستثمار السياحي، لن يكون مسموحاً في أور وبابل حتى مطلع القرن المقبل، حين يصبح أحفاد المتشددين ربما، براغماتيين مرنين، وفقراء محتاجين، يتقبلون"الانفتاح السياحي".

إن السجال حول الحشد الشعبي أمر صحي، رغم حرجه، بشرط أن توكل مناقشته لحكماء، من طراز القيادي في التيار الصدريأمير الكناني (اقرأوا تصريحاته في الجريدة في عدد الأحد)، حيث سنتفاوض حينها بشأن مشاكلنا ونقترب من تطويقها، وحينها سنتفرغ للتفكير بمستقبل التحديات التنموية، وتهديد النفط الرملي وكل بدائل الطاقة.

وقد قلت في المقال السابق إن المقاتلين الأبطال يستحقون أن يخضعوا لضوابط تحمي سمعتهم، وتوجههم كي ينتصروا على داعش أخلاقياً، قبل أن يهزموها على الأرض، سواء تحدثنا عن مقاتلي العشائر أو متطوعي الحشد، أو البيشمركة، أو حتى قواتنا الحكومية التي ترتكب أخطاء لا تحصى. ومن شاء ألا يسيء فهمي، يمكنه مراجعة مقالي السابق بعنوان"أخطر من اجتثاث: مسؤولية الكرد والشيعة".

عائلة مصلاوية استوقفوني صباح اليوم، وكانوا تابعوني على الشاشات مؤخراً ولديهم بعض الملاحظات على ظنوني. ثم سألوا:متى تحل أزمتنا؟ أجبت: حين يعلو صوت العقل! فسألوا: ومتى يعلو صوت العقل؟ أجبت: هذه تحتاج إلى"بخت"مثل بخت عمالقة النفط، فشركاتهم استثمرت فلوسها في حقول النفط العادي والصخري والرملي، بحيث جرى تأمين مستقبلهم وفق كل الاحتمالات.

(عن صحيفة المدى العراقية 1 كانون الأول/ ديسمبر 2014)
التعليقات (0)