صحافة دولية

ميدل إيست آي: معركة حكومتي ليبيا على موانئ النفط

ميدل إيست آي: معركة شرسة بين حكومتي ليبيا على موانئ النفط لتأكيد الشرعية - أ ف ب
ميدل إيست آي: معركة شرسة بين حكومتي ليبيا على موانئ النفط لتأكيد الشرعية - أ ف ب
يقول ستيف كوك من موقع" ميدل إيست آي" إن العملية التي يقوم بها مقاتلو "فجر ليبيا" للسيطرة على موانئ النفط الرئيسية في ليبيا، تعدّ الأكبر من نوعها ضد الحكومة المنافسة، منذ أكثر من ستة أشهر، ويمكن أن تكون الأكثر حسما.

ويشير الموقع إلى أن المعركة بدأت يوم السبت، بقوة مكونة من 300 عربة، عبارة عن سيارات بيك أب وشاحنات، حيث توجهت من قواعدها العسكرية في مدينة سرت باتجاه موانئ النفط.

ويبين التقرير أنها تمضي في الطريق السريع على الشاطئ، حيث تهدف الحملة للسيطرة على ميناء السدرة النفطي، الذي يعد أضخم مناطق تصدير النفط، والسيطرة على رأس لانوف ومصفاة نفطه العملاقة، التي يسيطر عليها المجلس التأسيسي في طبرق، الذي تعترف به الأمم المتحدة.

ويجد الكاتب أنه رغم أن التقارير حول طبيعة المعارك تظل غامضة، إلا أن التحالف العسكري الذي تقوده فصائل مصراتة، بقيادة المجلس الوطني العام في طرابلس، يقول إنه على أبواب السدرة، في الوقت الذي تقوم فيه طائرات حكومة طبرق باستهداف قوافل "فجر ليبيا" بمقاتلات ومروحيات قرب بن جواد، التي تبعد 20 ميلا عن الميناء. وقامت الحكومة في طبرق بإغلاق الميناءين؛ بسبب ظروف قاهرة، ما يحللها من المساءلة القانونية على إغلاق الميناءين.

ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي يناقض فيه كل طرف رواية الآخر في من يربح المعركة التي دخلت يومها الثالث، إلا أن أحدا منهما لا يناقش أهمية الموانئ النفطية، خاصة أن 90% من نفط البلاد يصدر عبرها، ومن يسيطر على النفط يتحكم بالنفط.

ويقول كوك إن الهجوم الذي شنته قوات فجر ليبيا يبدو ردا على تصريحات أطلقها رئيس وزراء حكومة طبرق عبدالله الثني، وأنه سينقل أموال النفط بعيدا عن حكومة طرابلس.

ويذكر الموقع أنه حتى هذا الوقت كانت أموال النفط الليبي تذهب للمصرف المركزي، الذي لا يزال في طرابلس. لكن الثني قال إن التحرك هو محاولة للتأكد من دفع أموال العملاء الأجانب بطرق أخرى.

ويرى الكاتب أنه يمكن للثني تنفيذ تهديداته؛ لأن حكومته هي المعترف بها دوليا، وهي بالتالي المالكة لعائدات النفط. وفي المقابل تعرف حكومة "فجر ليبيا" أنها لا تستطيع بيع النفط الليبي، حتى لو سيطرت على موانئ النفط، إلا إذا غيرت الأمم المتحدة اعترافها. ومع ذلك فوجود "فجر ليبيا" يعطيها دورا للتحكم في كيفية تصديره. 

ويستدرك كوك أن الهجوم ليس سهلا كما يتصور، فقوات "فجر ليبيا" مقيدة بطريق سريع واحد يقع شرق- غرب الموانئ، وتفتقد للغطاء الجوي، ما يعرّض وحداتها للضربات الجوية. وتحمي موانئ النفط قوات خاصة، وهي "حرس المنشآت البترولية"، وهي قوة تابعة لوزارة الدفاع.

ويفيد التقرير أن الحراسات أنهت في حزيران/ يونيو إضرابا امتد لمدة عام، ما أدى لإغلاق الموانئ النفطية الأربعة، وهذا العمل أدى لتخفيض إنتاج النفط من 1.5 مليون برميل نفط إلى  200.000 برميل في اليوم، وقد أقيمت هذه الحمايات لتوفير الحماية للموانئ، وفي الوقت نفسه أبعدت نفسها عن محاولات حكومة الثني العسكرية لوقف تقدم "فجر ليبيا".

ويضيف التقرير أنه من أجل شن الهجوم قامت قوات "فجر ليبيا" بحشد وحدات من الجبهات، أو ما أطلق عليها "القوة الثالثة"، التي تم فيها تحريك الكتائب من قواعدها في سبها، عاصمة ولاية فزان في الجنوب، التي انضمت لوحدات المدرعات المعروفة "بمدرعات حلبوص"، إلى جانب قوات القبائل في غرب ليبيا.

ويورد الموقع اتهام حكومة الثني قوات "فجر ليبيا" بضم كتائب من حركة أنصار الشريعة، وهي ميليشيا وضعت الشهر الماضي على القائمة السوداء التابعة للأمم المتحدة وصنفت بالإرهابية، وهو ما لم تؤكده قوات "فجر ليبيا".

وردت حكومة الثني بشن هجومها في الجانب الآخر من البلاد، حيث حاولت قواتها السيطرة على مناطق واقعة تحت سيطرة "فجر ليبيا" في رأس جدير على الحدود مع تونس. ويعد رأس جدير ميناء مهما لحكومة طرابلس، وفق الموقع.

ويبين التقرير أن الهجومين يأتيان في ظل حرب تشتد على جبهات متعددة. ففي شرق ليبيا تسيطر حكومة الثني على معظم برقة، حيث تقع معظم حقول النفط الليبي، وتحاصر قواتها الفصائل الأخرى في بنغازي وفي درنة، التي تقول الولايات المتحدة إن تنظيم الدولة الإسلامية له حضور فيها.

ويوضح الكاتب أنه في الغرب تبدو الصورة مشوشة أكثر، فقد سيطرت قوات "فجر ليبيا" على طرابلس في الصيف، بعد انسحاب كتائب الزنتان منها في آب/ أغسطس. ومنذ ذلك الوقت يقاتل الطرفان على جبهات غير واضحة، تمتد من جنوب طرابلس بالتوازي مع الشاطئ والحدود. ولقيت قوات "فجر ليبيا" دعما من فصائل عدة، مثل كتائب الزاوية وسبراة وزويرة، فيما دعمت قبائل الورشفانة في قلب الغرب حكومة الثني، وكذلك كتائب الزنتان التي تعد الأقوى. وتركز القتال خلال عدة أسابيع حول بلدة كيكلة جنوب طرابلس، حيث انسحبت منها قوات "فجر ليبيا" الشهر الماضي.

ويذكر الموقع أن "قاعدة الوطية الجوية" تعد من أهم النقاط الاستراتيجية، وهي منشأة عسكرية واسعة في جنوب الصحراء، تقع على جبهة القتال وتسيطر عليها وحدات من كتائب الزنتان. وترابط بها مقاتلات تقوم بغارات على ميناء طرابلس الرئيسي، وحاولت قوات "فجر ليبيا" السيطرة عليها، لكنها لم تنجح، وتقوم المقاتلات الصغيرة في القاعدة بغارات يومية على مواقع "فجر ليبيا".

وفي الوقت نفسه قامت قوات الزنتان بهجمات خاصة ضد "فجر ليبيا" في رأس جدير وسبراطة الواقعة في منتصف الطريق على حدود طرابلس.

ويشير الموقع إلى أنه في بداية المعارك هذا الشهر سادت إشاعات عن انشقاق فصيل في "فجر ليبيا" في الزاوية لقوات موالية لحكومة طبرق، وسيطر على بلدة العجلات القريبة من سبراطة، ولكن "فجر ليبيا" سيطرت عليها.

ويجد كوك أنه بناء على التقارير العرضية، فالصورة غير واضحة، لكن على ما يبدو هناك مئات القتلى في الأسابيع السابقة، فيما هرب آلاف المدنيين وأصبحوا جزءا من 400.000 مشرد داخل ليبيا، كما تقول تقارير الأمم المتحدة.

ويذهب التقرير إلى أن القادة من الطرفين يشعرون بالإحباط؛ بسبب محدودية قواتهما، وما يمكنهما عمله؛ فمعظم الوحدات هي من الميليشيات، ولديها تدريب قليل وتفتقد الانضباط والتنسيق العملياتي. ولدى كل فريق من طرفي النزاع عدد قليل من المدرعات والعربات، وهناك غياب كامل للإمداد اللوجيستي، وبسبب قلة الذخائر تنتهي المواجهات في أيام. أما  الدعم المدفعي فيعتمد على صواريخ "غراد" المعروفة بعدم دقتها. وفي الغرب تبدو القوات متساوية عدديا، حيث تتراوح الوحدات القتالية بين 10 -20 ألف مقاتل.

ويتناول الموقع اعتقاد القوات التابعة لحكومة الثني أن الغطاء الجوي هو ورقتها الرابحة، ومن خلال تأمل لإجهاد قوات "فجر ليبيا" وتدمير قواعد الإمداد لها. وزادت قوات سلاح الجو الليبي خلال الأشهر الماضية من ست إلى عشرين مقاتلة، حيث تقول قوات "فجر ليبيا" إن مصر تقوم بتزويدها بالمعدات وقطع الغيار، وتظل القوة الجوية صغيرة والزمن سيحكم إن كانت ستهزم قوات "فجر ليبيا". 

ويرى كوك أن أهم مشكلة تعاني منها قوات "فجر ليبيا" هي الدفاعات الصاروخية؛ وذلك بسبب جمع الولايات المتحدة كل الصواريخ المحمولة على الكتف "مانباد"، بعد انهيار نظام القذافي عام 2011.

ويخلص الموقع إلى أنه في الوقت الذي تواصل فيه الأمم المتحدة جهودها لحل الأزمة، وتحذير مسؤولين من مخاطر استمرار الأزمة على استقرار دول الساحل والصحراء، وتفاؤل المبعوث الأممي لليبيا بيرناندينو ليون، إلا أن الحكومتين المتنافستين لا تزالان تصران على حق الاعتراف بهما ممثلين لليبيين. والقتال متركز الآن على موانئ النفط لتأكيد شرعية كل طرف.
التعليقات (0)