كتاب عربي 21

بعد ثلاثين سنة على الرسالة المفتوحة: حزب الله والمراجعة المطلوبة؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
في العام 1985 وبعد مضي ثلاثة سنوات على تأسيسه عام 1982 أطلق حزب الله ما أسماه "الرسالة المفتوحة إلى المستضعفين" وقد تلاها في حسينية الشياح (في ضاحية بيروت الجنوبية)، الناطق الرسمي باسم الحزب آنذاك رئيس المجلس السياسي الحالي السيد إبراهيم أمين السيد، وقد حددت الرسالة رؤية الحزب ومواقفه من الأوضاع في لبنان والمنطقة وتميزت بلغة واضحة وصريحة وبرؤية رسولية وخطاب إسلامي عالي النبرة، وفي العام 2009 أطلق الحزب وثيقة سياسية جديدة حدد فيها مواقفه من الأوضاع وتميزت الوثيقة الجديدة بلغة واقعية وخطاب فكري وسياسي قريب من الأدبيات اليسارية وحركات مناهضي العولمة.

واليوم وبعد مضي 33 سنة تقريبا على تأسيس الحزب و30 سنة على إطلاق الرسالة المفتوحة وبعدما تحول الحزب إلى قوة إقليمية وصار دوره أكبر من بعض الدول كما قال مؤخرا رئيس مجلس الشورى الإيراني الدكتور علي لاريجاني، ها هو الحزب يواجه تحديات جديدة ومشكلات غير متوقعة وأخطرها حصول اختراقات أمنية عالية المستوى مرة من قبل المخابرات الأميركية والثانية من المخابرات الصهيونية، إضافة إلى أن البيئة القريبة من الحزب واجهت بعض مظاهر الفساد، كما أن الحزب دخل في صراعات على مستوى المنطقة أثارت حول دوره الكثير من الأسئلة والإشكالات.

ومع أن مسؤولي الحزب يؤكدون أن ما يقوم به الحزب من قتال في أكثر من ساحة وخصوصا في سوريا هو دفاع عن مشروع المقاومة وفي مواجهة المشروع الأميركي – الصهيوني المعادي، فان ذلك لا يلغي وجود العديد من الأسئلة والإشكالات حول دور الحزب ومستقبله تتطلب نوعا من المراجعة الشاملة الفكرية والسياسية والتنظيمية من أجل تجديد بنية الحزب والرد على التحديات الفكرية والسياسية الجديدة ومواجهة حالة التضخم التي أصابت بنيته التنظيمية والعسكرية والأمنية والشعبية والتي تؤدي إلى تعرضه للكثير من الإشكالات والتحديات.

وقد سعى بعض قياديي الحزب ومسؤوليه لإصدار عدد من الكتب والدراسات حول مواقف الحزب ورؤاه الفكرية والسياسية ومنها كتب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، وأبرزها كتابه حول حزب الله: الرؤية والمنهج والمستقبل، وكتب النائب حسن فضل الله وآخرها كتابه حول "حزب الله والدولة والمقاومة، وكتاب القيادي الدكتور حسين أبو رضا (المعروف باسم الحاج ساجد) حول التعبئة التنظيمية في الحزب، وهذه الكتب تقدم بعض الإجابات الفكرية والتنظيمية والسياسية حول مواقف الحزب وأوضاعه وأدواره.

لكن المتابع لمسيرة الحزب وأوضاع البيئات القريبة منه وما تواجهه من إشكالات فكرية وسياسية وأخلاقية وأمنية وتنظيمية يلحظ الحاجة اليوم إلى ورشة فكرية وتنظيمية متكاملة يحتاجها الحزب لتجديد بنيته ودوره ولمواجهة الأعراض السلبية التي يعاني منها والتي عانت منها الكثير من الأحزاب والحركات النضالية كالثورة الفلسطينية والأحزاب الشيوعية واليسارية وبعض الأحزاب القومية والناصرية والبعثية.

إن تضخم أي حزب وامتداد دوره خارج حدود البلد الذي ينشط فيه ووجود قوة شعبية وعسكرية وأمنية وتنظيمية ضخمة تابعة للحزب تضعه أمام تحديات متعددة وقد تؤدي إلى حصول اختراقات أمنية وبروز بعض حالات الفساد، وهذا يتطلب إعادة تقييم مسيرة الحزب وتحديد الثغرات والأخطاء والإشكالات.

والمعروف عن حزب الله أنه يجري دوما مراجعات فكرية وتنظيمية وسياسية ويتمتع بمرونة كبيرة ويبحث دوما عن الخيارات الأفضل للعمل، لكن ذلك لا يمنع بروز مشكلات غير عادية وغير متوقعة كما حصل مؤخرا من خلال حالة الاختراق الأمني الخطيرة من قبل العدو الصهيوني والتي وصلت إلى مستوى عال في جهاز الأمن الخارجي، وهذا يستدعي استنفارا حزبيا وفكريا وتنظيميا من اجل اكتشاف السبب الحقيقي وراء هذا الخرق ووضع خطة للمعالجة.

حزب الله تحول اليوم وبعد 33 عاما على التأسيس و30 عاما على اطلاق رسالته المفتوحة إلى قوة إقليمية كبرى تعادل قوة بعض الدول، وهذا ما يجعله يواجه تحديات جديدة تتطلب مراجعة شاملة كي لا يسقط حيث سقط غيره من التنظيمات والحركات الحزبية والنضالية.
التعليقات (0)