ملفات وتقارير

فتح على مفترق طرق في مؤتمرها السابع

سيكون دحلان الموضوع الأبرز في مؤتمر فتح السابع - أرشيفية
سيكون دحلان الموضوع الأبرز في مؤتمر فتح السابع - أرشيفية
باحتفال حركة "فتح" بانطلاقتها الـ50، وعلى مشارف مؤتمرها السابع الذي أعلنت لجنتها المركزية أنه سيعقد في أسرع وقت ممكن وأن التحضيرات متواصلة لعقده، تجد الحركة نفسها على مفترق طرق وملفات ساخنة ومصيرية ينتظرها أعضاء مؤتمرها العام الذين يمثلون أقاليم الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والشتات الفلسطيني.

وأبرز هذه الملفات، هو رفض مشروع قرار إنهاء الاحتلال في مجلس الأمن، وتواصل الاستيطان والتصعيد الإسرائيلي في القدس والضفة، ومدى إمكانية الاستفادة من رفع مكانة تمثيل فلسطين في الأمم المتحدة، إضافة لملف الأجنحة المختلفة في حركة فتح، وضخ دماء جديدة في قيادة الحركة، والمصالحة مع حركة حماس، والاستعداد لأي استحقاقات انتخابية قادمة، سواء الرئاسية منها أم التشريعية أم انتخابات منظمة التحرير.

ونجاح المؤتمر أو إخفاقه سينعكس ليس على مستقبل الحركة فقط، وإنما على المشهد الفلسطيني بشكل عام.

هل ينتج قيادات شابة؟

عضو المجلس الاستشاري الفلسطيني تيسير نصر الله، اعتبر أنه من الصعب التنبؤ بمجريات سير أعمال المؤتمر ومخرجاته، فهناك مواقف بحاجة لتعديل في النظام الداخلي لحركة فتح، كانتخاب اللجنة المركزية من المجلس الثوري مباشرة وليس من المؤتمر العام كما حدث في المؤتمرات الست السابقة.

وأضاف نصر الله في حديثه لـ"عربي21"، أنه في حال موافقة الغالبية على هذا القرار، فإن من شأنه أن يحدث نقلة نوعية في هيكلية الحركة، وسيتم بموجبه تعزيز اللجنة المركزية بكفاءات قيادية، وسيأخذ المجلس الثوري دورا قياديا ورقابيا أفضل من ذي قبل، وهذا سيعزز من دور الحركة بشكل عام.

وعبر عن أمله بأن يكون هناك "تمثيل للقيادات الشابة للحركة من أولئك الذين أمضوا سنوات عمرهم في سجون الاحتلال، ومن المناضلين الذين لديهم خبرة في إدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي".

أما أستاذ العلوم السياسية الدكتور أيمن يوسف، فقال إن أمام المؤتمر السابع تحديات عدة، أبرزها المصالحة مع حركة حماس، وترسيخ الديمقراطية الداخلية، والتغول الاستيطاني، والخلافات الداخلية وأبرزها ظاهرة محمد دحلان.

ودعا يوسف في حديثه لـ"عربي21"، حركة فتح، إلى تبني استراتيجية تحرير في ظل فشل المفاوضات، والتعنت الإسرائيلي.

من جهته، أكد المحلل السياسي جهاد حرب، أهمية إنتاج قيادات شابة لقيادة الحركة.

وقال لـ"عربي21": "يعتمد إنتاج قيادات شابة لقيادة حركة فتح في المؤتمر السابع أولا على تعريف القيادات الشابة، ففي المؤتمر السادس اعتبرت القيادات الشابة الحرس الجديد من هم في بداية الخمسينيات والسيتينات مثل مروان البرغوثي ومحمد دحلان وجبريل رجوب، وثانيا: بنية المؤتمر العام وعدد الأعضاء ونوعيتهم والمراكز التنظيمية التي يشغلونها، فكلما كان محصورا بعدد قليل قلت إمكانية انتخاب الشباب بسبب غياب إمكانية بروز وجوه جديدة من فئات عمرية صغيرة وبقاء صراع الأجيال في حركة فتح يطحن الشباب ويمنع إمكانية بروزهم".

وأشار إلى أنه من الصعب التكهن بمن سيخلف الرئيس محمود عباس في قيادة الحركة.

وقال: "من الواضح أنه لا أحد في حركة فتح يجرؤ على منافسة عباس، عدا النائب مروان برغوثي. ويبدو أن تجربة السنوات الخمس الأخيرة التي حملت الكثير من الخلافات بين أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح أضرت في تشكيل خليفة للرئيس محمود عباس على مستوى الحركة، وقلل من إمكانيات أي من أعضاء اللجنة المركزية، بالإضافة إلى الضعف في استنهاض الحركة وإعادة الزخم الجماهيري لها".

انتخاب المثقفين

وكانت حركة فتح أنهت بداية الأسبوع انتخابات الإقليم في محافظة نابلس كبرى محافظات شمال الضفة الغربية، حيث كانت آخر المناطق التي عقدت فيها الانتخابات الداخلية تمهيدا للانتخابات الكبرى في المؤتمر السابع.

ولاحظ حرب خلال رصد الأجواء الانتخابية في نابلس، مشاركة "الأجيال المتتابعة لحركة فتح المتنوعة في التجارب وساحات العمل الوطني والتنظيمي، والتنوع الملاصق لهذه المحافظة بمدينتها ومخيماتها وريفها، والمفاصل المختلفة في كل تقسيم ديمغرافي كما هو الجغرافي".

واعتبر أن هذا التنوع أكسب الانتخابات "نكهة الاختلاف الفتحاوية؛ فتجد مقاتلي السبعينيات ومناضلي الثمانينيات وشباب التسعينيات من القرن الماضي، في تفاعل خلاق حول مستقبل حركتهم وقدرتها على حمل المسؤولية وأعبائها، وإن كان الاختلاف هو في اختيار الأشخاص المرشحين لحملها وهي مسألة لا حرج فيها، بل هي سنة كافة الأحزاب في انتخاب شخوص قياداتها من المؤتمرات القاعدية أو العامة".

بدوره قال الدكتور يوسف ذياب، إن "انتخابات آخر إقليم لفتح في نابلس يعد تجربة ديموقراطية رائدة، ونتمنى أن تحقق الانتخابات أهدافها، وأن يتقبل الجميع نتائجها لينعكس ذلك بالإيجاب على سلوك الحركيين أولا والمواطنين ثانيا".

وأضاف أن "التجربة الديمقراطية المعطلة منذ سنوات لأسباب عدة يجب أن نسترجعها فكرا وممارسة، فهي أقصر الطرق لحل إشكالاتنا المجتمعية على أقل تقدير، والمأمول أيضا أن يستجيب الفائزون لطموحات إخوتهم وأحبائهم في سلوكياتهم وقدرتهم وإنجازاتهم التي يحتاجها المواطنون على عجل، وتلك التي ينبغي توفرها كمقومات لمرحلة تالية".

وأكد أن "التجديد والدماء الجديدة إذا ابتعدت عن التأثيرات والتجاذبات وعملت لمقتضيات المرحلة بأمان وصدق فسوف يتحقق أمن وأمان ونمو وازدهار، وهي حاجات أساسية يتطلع لها الناس".

وشارك وزير الحكم المحلي السابق الدكتور سائد الكوني تفاؤل ذياب وقال: "من خلال قراءة نتائج انتخابات إقليم فتح في نابلس أستذكر مقالةً لجريدة "جروسالم بوست" الإنجليزية، يعزو فيها كاتبها الخسارة الكبيرة التي منيت بها حركة فتح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية للعام 2006 إلى فشل هذه الحركة في إخراج مثقفيها ومتعلميها لصفها القيادي الأول، في حين نجحت الحركة المنافسة لها (حماس) بذلك".

وأضاف بقوله لـ"عربي21": "بعد مرور أكثر من ثماني سنوات على ذلك الحدث أقول بكل ثقة ويقين إن الفتح نهضت من جديد بقيادة ليست فقط شابة ومثقفة ومتعلمة، بل ووحدوية، لتتبوأ من جديد مركز القيادة وصنع القرار التاريخي لدى الشعب الفلسطيني المعاصر، وإنني أرى التغير الذي كُنا ننشده، كشبيبةٍ فتحاوية، منذ زمن بعيد في الفتح، قادما على أيدي هذه الكوكبة الخيرة الطيبة من أبنائها، وأن الأمل معقود بنواصيهم لقيادة هذا التغير في كافة المواقع القيادية بالوطن".

ومن المقرر أن يلتئم المجلس الثوري لحركة فتح، في الرابع من شهر كانون الثاني/ يناير القادم في مدينة رام الله، وذلك من أجل بحث التحضيرات والاستعدادات الجارية لانعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح والذي تم تأجيله لأسباب قالت مصادر متعددة إنها تتعلق "بالجانب الفني واللوجستي.. وإن موعد المؤتمر لم يحدد حتى الآن، وفي انتظار قرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتحديد الموعد النهائي والرسمي لانعقاد المؤتمر".

وكانت حركة فتح عقدت مؤتمرها السادس عام 2009، بعد نحو عشرين عاما من آخر مؤتمر، وقد عقدت فتح مؤتمرها الأول في دمشق عام 1967، بعد أيام من هزيمة حزيران/ يونيو، التي منيت بها الجيوش العربية؛ حيث قررت الحركة البدء بشن حرب العصابات.

وجاء المؤتمر الثاني في تموز/ يونيو في الزبداني قرب دمشق عام 1968، بعد عام واحد تقريبا، تقرر فيه إنشاء إطار المجلس الثوري؛ ليستوعب الكوادر القيادية التي برزت، وليسهم في إعادة ترتيب البناء الداخلي لفتح، خصوصا مع حالة التوسع الكبير التي شهدتها إثر معركة الكرامة، وفي ظل قيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وجرى المؤتمر الثالث عام 1971، بعد نحو ثلاث سنوات، على وقع أحداث أيلول في الأردن، وتزايد الانتقادات الموجهة إلى القيادة.

وانعقد المؤتمر الرابع، عام 1980، بعد تسع سنوات؛ في ظل ظروف داخلية وإقليمية متأزمة بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية بضرب البنية الأساسية لمنظمة التحرير في لبنان، وكان من أبرز التغيرات التنظيمية هو انتخاب أعضاء جدد للجنة المركزية لحركة فتح بعد القرار بتوسيعها، وعقد المؤتمر الذي ضم 500 عضو، ليقر أن الولايات المتحدة هي العدو الرئيس لفلسطين، ودعا لتحالف وثيق مع الاتحاد السوفيتي، وكان من أبرز التعديلات النظامية تخصيص ما لا يقل عن 50% من المقاعد للعسكريين وتوسيع المجلس الثوري.

وتأخر المؤتمر حتى عام 1988، وسبق ذلك اجتياح إسرائيل لبيروت، وخرجت قوات الثورة من لبنان، وانشقت فتح الانتفاضة بقيادة "أبو موسى"، واندلعت الانتفاضة، وانعقد المجلس الوطني الـ19، الذي أعلن استقلال فلسطين واعترف بالقرار 242.

ودعا المؤتمرون إلى تصعيد "الكفاح المسلح" في مقابل الاستمرار في "هجوم السلام الفلسطيني"، وتكليف الرئيس الراحل ياسر عرفات بمنصب "القائد العام".

وظهرت في عام 2004 بوادر انعقاد المؤتمر السادس، عندما أوصى المجلس الثوري للحركة بعقده، وذلك بطلب من "القائد العام"، وتم تشكيل لجنة تحضيرية، إلا أن اجتماعات اللجنة سارت بوتيرة بطيئة دون تحقيق أي تقدم.
التعليقات (0)