كتاب عربي 21

مبادرة موسكو.... من الرابح ومن الخاسر؟

إحسان الفقيه
1300x600
1300x600
شكراً لتعاطف الدبّ الروسي مع أهل سوريا..

شكراً للتفاهم الذي أبداه الفُرس حول ضرورة المفاوضات والحل السلمي

لوقف نزيف الدم بسوريا.....

شكراً لقلب الأسد الرحيم الذي استجاب لنداء العقل والسلمية والحفاظ على سوريا من التفكُّك...

وعن مبادرة موسكو أتحدث..

في الوقت الذي انشغل المجتمع الدولي بقيادة أمريكا بالحرب العالمية على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وترك القضية السورية لمزيد من التعقيدات والدماء وانسداد الأفق، برزت فجأة دعوة روسية إلى مبادرة تجمع المعارضة السورية ونظام الأسد على طاولة مفاوضات، بشأن التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية.

لماذا تقدم روسيا على مبادرة للتسوية السلمية وهي التي طالما طوّعت الفيتو لإنقاذ الأسد من الجنائية الدولية وتبعات استخدامه الأسلحة الكيماوية ضد شعب سوريا؟

لماذا قبل الأسد بالجلوس على طاولة المفاوضات وهو الذي يرفض فكرة التخلي عن كرسيه بكل حال ولو كلّفه ذلك فناء الدولة السورية؟
لماذا قبلت إيران بالمبادرة، وهي صاحبة المشروع المصيري الذي لن يكتمل بناؤه إلا بسوريا الأسد؟
وما بين الفواصل الضيقة يبرز السؤال الأهم: 

مالذي سيجنيه الشعب السوري؟ 

وما الذي تملكه المعارضة من أوراق لعب على الطاولة؟

ولنبدأ من أول السطر:

الدب الروسي:

ترعى موسكو تلك المفاوضات بخلفية من الأزمات التي أحدثتها واستحدثتها، فالأزمة الأوكرانية ما زال رمادها ساخنا، بعد أن انتزع بوتين القرم من أوكرانيا متحديا أمريكا ودول أوروبا، ما جعله يدخل في عزلة عن الغرب.

وموقفه الداعم لنظام الأسد -كحليف استراتيجي- عسكريا ولوجوستيا وعبر المحافل الدولية، وتناغمه مع السياسة الإيرانية في المنطقة، جعله يتقاسم مع طهران آثار أزمة اقتصادية عنيفة بعد انخفاض أسعار النفط.

لذا استغلت روسيا انشغال أمريكا وحلفائها بالحرب على داعش وإهمال القضية السورية، للحصول على دور البطولة في تحريك القضية.

وتأمّل روسيا في ظل رعايتها للمبادرة، أن تخفف من تداعيات الأزمة الاقتصادية عليها، ودعم أطراف المعارضة السورية المرتبطة بها.

كما تهدف روسيا من خلال ذلك الدور إلى ملاعبة أمريكا وأوربا بعد العقوبات التي فرضت عليها على خلفية الأزمة الأوكرانية.

* إن روسيا لا يعنيها إنهاء القتال في سوريا، بل هي حريصة على إذكاء نيرانه، لأن هذه الجوهرة الشامية تمثل سوقا رائجا لبيع السلاح الروسي منذ عهد حافظ الأسد، إضافة إلى ما أشار إليه بعض المحللين بأن روسيا تخشى أن يكون انتهاء الصراع في سوريا بوابة لثورة عظيمة تمتد إلى روسيا والصين وإيران.

ومن ناحية أخرى فإن روسيا أهم ما يعنيها على أي مائدة مفاوضات تجمع هذه الأطراف أن يظل النظام الموالي لها قائما حتى لو استُبدل الرأس (بشار الأسد)، وحتما فواتير صفقات السلاح ستحصل عليها على كل حال من تحت العمائم الصفوية.

المعسكر الإيراني:

وهو المعسكر الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله، فهم أطراف في مشروع بمركزية ومنطلق إيرانيين، ولكل من حليفيها (سوريا وحزب الله) دور يؤديه.

تقبل إيران بهذه المبادرة أيضا بخلفية من الأزمات الحادة المرهقة، ابتداءً بمشروعها النووي الذي تناور وتساوم من أجل إكماله.

مرورا بالأزمة الاقتصادية التي سبق وأن أوضحنا أنها تتقاسم وروسيا آثارها جراء انخفاض أسعار النفط، وسبقه قبل ذلك العقوبات الاقتصادية والتي لا ننكر أنها خاضعة في تطبيقاتها إلى علاقة لتفويت وتبادل المصالح بين إيران وأمريكا والغرب.

كما تقبل إيران بمبادرة موسكو في ظل حالة من الإعياء والإرهاق، جراء نشاطها المحموم في المنطقة، حيث تتحمل أعباء دفع فواتير الحرب في سوريا، ودعم الحوثيين في اليمن، ودعم حزب الله في لبنان، ودعم الأقليات الشيعية التي تعتمد عليها في خطتها الخمسينية لفرض الهيمنة الفارسية وإقامة الهلال الشيعي، ودعم أنشطة الترويج للفكر الشيعي في كل دول العالم.

وإضافة إلى ما سبق فإن إيران تقبل بالمفاوضات في ظل تعاقب الأيام نحو نهاية الأمد المضروب للمفاوضات بشأن النووي الإيراني، والذي حصلت بشأنه مؤخرا على تمديد للمهلة من أمريكا وحلفائها.

لذا تجني من الاستجابة للمبادرة عدة مكاسب، أهمها التخفيف من حدة الصدام في المنطقة لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية وإيجاد جسور للتفاهم مع دول المنطقة.

كما تمهد إيران من خلال ذلك للتفاهم مع أمريكا بشأن النووي، بالإضافة إلى إيجاد فترة كافية لالتقاط الأنفاس عبر توجيه القضية السورية –وهي لب أزماتها-إلى مسار المفاوضات.

وأما الأسد فهو يرغب مزيد من التأكيد على أهمية بقائه للحفاظ على سوريا عبر مفاوضات يجلس فيها وهو ينوي إفشالها، ومن جهة أخرى لشق صفوف المعارضة السورية، وهو قبل ذلك أداة في يد طهران التي تدير له عملياته العسكرية وتحافظ على عرشه من السقوط.

المعارضة السورية:

أو بالأحرى أطراف المعارضة التي دُعيت للتفاوض، حيث تم تجاهل الائتلاف الوطني السوري، وحققت إيران مآربها بأن يجلس الجناح الذي ترغب على طاولة موسكو.

تدخل المعارضة المفاوضات وهي تعلم يقينا أن الأسد خط أحمر لدى إيران، وفق تأكيدات إيرانية وأخرى من ذراعها حزب الله، وهو الذي جعل الأسد يقبل التفاوض وفق هذه الحقيقة الساطعة، فما الذي تنشده المعارضة؟

إن أقصى ما يقدم لها انتخابات هزلية أخرى معروفة النتيجة سلفا ثم يبقى الدوران في الحلقة المفردة، لكنها ستكون ضربة للمعارضة في تعميق الخلافات بينها، وبينها وبين القادة الميدانيين في جبهات القتال.

ستربح روسيا، وتربح إيران، ويربح الأسد، والخاسر الوحيد هو الشعب السوري...

[email protected]
التعليقات (20)
خالد الصالح
الخميس، 22-01-2015 10:47 م
أكاذيب السياسة بيناتٍ تكيدُ بها " الحكومة " ما تُكيدُ وعودٌ كلها كذبٌ و زورُ فكم و كم تخدعنا الوعودُ
خلدون
الأربعاء، 14-01-2015 11:26 م
يأتي المغرضون السطحيون تاركين ضمائرهم خلف الستائر بداخل الغرف المظلمة يحيكون خيوط الغدر مرتدين رداء الزيف والظلم وانتهاك الحرمات ...هؤلاء نسوا بل وتناسوا الأخلاق والنبل والشرف ولبسوا رداء الذل والمهانة لأن الغدر ليس فيه رجولة بل هو الجبن والخسة والرذيلة والخداع والارتداد والعار والشنار وقد نسو أن الرجولة تقتضي منهم ومن يقف ورائهم أن يعلنوها صريحة وان لا يتمترسوا خلف اسماء وهميه زائفة .. واعلم يا ( اثينا ) كائنا من كنت رجلا او امراة .. أن الشجرة الطيبة اليانعة هي التي يقذفها الناس بالحجارة لتسقط من ثمارها عليهم وأما الشجرة الجرداء القاحلة والماء العكر فلا يقربة الناس .. فالكاتبة احسان الفقيه المتسربلة باكاليل الحق الشائكة المتلألأه بصولجان الايمان المنحازة الى المظلومين والتصدي للباغين ابواق الشياطين .. .. (شجرة طيبّة أصلها ثابت وفرعها في السماء )
خميس النجار
الأربعاء، 14-01-2015 12:24 م
ستربح روسيا، وتربح إيران، ويربح الأسد، والخاسر الوحيد هو الشعب السوري... تحليل واقعي ومقنع
قذائف الحق
الثلاثاء، 13-01-2015 09:00 ص
وحوش ضارية تجتمع لتلغ من دم الفريسة السورية واطالة عمر الفرعون السوري
اوراق الخريف
الإثنين، 12-01-2015 01:18 م
نقول, شتان بين من يهرف بما لايعرف وينعق في كل واد بالبهتان وبلا بيان وبين من يفصل ويوضح وبالأدلة البينة الواضحة. مقال أقل ما أقول أنه جندي يفتح الله به من العقول ماتكدس خلف هرطقات محللي الفضائيات التي تحبب السذج من المسلمين بالدولة المجوسية الفارسية والذب الروسي وتمجدهما كما لو كانتا من سيخلص الأمة من ذلها. خسئت وخاب مسعاها , بل العدو هم الأول للإسلام نسأل الله أن يمكننا من رقابهم. ...رفع الله قدرك ايتها الكاتبة الاصيله وغفر ذنبك وسدد قلمك وفكرك