مقالات مختارة

هل نقول إنه فعل إرهابي.. ونمضي؟

هاشمت بابا أوغلو
1300x600
1300x600
كتب هاشمت بابا أوغلو: بعد قليل ستنطلق آخر طائرة شحن من مطار "واشنطن دالاس" المتجهة إلى "لوندرا".

عدد معين من الرجال الذين يعرفون عملهم جيداً.. يدخلون قسم الشحن عالي الأمان، ويضعون بضاعة شحن ويخرجون.

المسافرون يأخذون مقاعدهم.. الأبواب تُغلَق.

يطلب المضيف من الرجال الشرقيين أصحاب البزّات الرسمية في الدرجة الأولى أن يٌغلِقوا أجهزة الحاسوب أمامهم.

يعتذر المسافر عن إغلاق جهازه وهو يضحك، وبعدها يضغط زر "enter" في الجهاز، وهكذا نفهم أن المتفجّرات التي في الصناديق بدأت بالعمل.

المشهد الذي قصصته في الأعلى هو من أحد مسلسلات "بي بي سي"..

المسلسل يحكي أنّه رغم اتفاق كل من الولايات المتحدة وإنجلترا، إلا أن هناك أعمال إرهاب أدّت إلى سلسلة من الأحداث الصعبة فيما بينهم. المسلسل اسمه "The State Within ذي ستيت وذ إن" (ضمن حدود الدولة) تم عرضه عام 2006.

لماذا أذكّركم الآن بهذا المسلسل، وهذا المشهد أيضاً؟

أولا: يتشكّل مفهوم الإرهاب من خلال آثار يومية واضحة نتجت عن حدث واحد، ما هو؟
.. العنف. 

لكن هناك بعض الأفعال التي عجز هذا المفهوم عن تفسيرها؛ مثلاً "هجوم 11 أيلول"، عندما نقول عنه إرهابي ونمضي، كم من الأشياء ستبقى عالقة بلا تفسير.. تخيّل !

لو ننظر من زاوية أوسع، فإنّ هجوم "تشارلي إبدو"* هو أيضاً مختلف.

إنّها قبل كل شيء "عمليات عميقة".

بلا شك، فإن عمليات القتل كانت واضحة، لكن لا يُمكن أن نعرّفه بلفظ "إرهاب" فقط، وكذلك الحال مع عنف النُشطاء في شارع أي دولة.. في أي مكان في العالم، لا يُمكن أن يُشبّه بالإرهاب، ثم نمضي.

ثانيا: إنّ سؤال "من هو الإرهابي؟"، أو "من هو مخرج مشهد الإرهاب؟"، أصبح من أكثر الأسئلة المهمة التي تواجهنا.. وعلينا المواجهة.

لنعد إلى مشهد الفيلم الذي كتبته في الأعلى.. إن الرجل الذي ضغط الزر من أجل تشغيل المتفجرات هو شرقي مؤمن بالعمل الانتحاري.. هذا صحيح، لكن من وضع المتفجرات في مخزن الشحن لا يُمكن أن يكون هكذا، ولا باحتمال صغير حتى!

هذا السؤال تُرك وسط باريس لسبب ما!

وكذلك الحال ينطبق على ثوّار "إبدو" حاملي السلاح في الشوراع، سواء بهدف القتل أم الاستعراض.

*تشارلي إبدو: هي صحيفة سياسية هزلية أسبوعية فرنسية؛ والمقصود هنا بحادثة "إبدو" هو حادثة نشر المجلة للكاريكتيرات الساخرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تعرض مكتبها في باريس للحرق، واخترق موقعها الإلكتروني في تشرين الثاني، وغيرها من الأعمال ردّا على الرسومات التي وصفها الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" بأنها إرهابية.

(عن صحيفة الصباح التركية، ترجمة وتحرير "عربي21").
التعليقات (0)