كتاب عربي 21

لم أعلّق.. بقيتُ صامتًا!!

عبد العزيز آل محمود
1300x600
1300x600
في 2001 بدأت تظهر على سطح الإعلام قضية الاعتداءات الجنسية التي كان يقوم بها الكهنة الكاثوليك ضد الأطفال، وهي قصة كبيرة غطتها وسائل الإعلام الغربية بشكل موسع وتفصيلي، حتى إن الكنيسة احتجت على تلك التغطيات واعتبرتها مبالغا فيها بشكل كبير. عمت المظاهرات الكثير من العواصم الغربية واللاتينية مطالبة بكشف المشاركين في هذه الاعتداءات والمتسترين عليها، وشكلت الكنيسة لجانا للتحقيق ونشرت الكثير من التقارير كان من نتائجها أن الاعتداءات الجنسية التي قام بها الكهنة الكاثوليك على أطفال تتراوح أعمارهم من 11 إلى 14 سنة كانت تمارس منذ عقود طويلة، وبعضها يرجع إلى 1930، وأن هناك حوالي 10 آلاف شخص تعرضوا لهذا الاعتداءات الجنسية.

كانت الولايات المتحدة الأميركية من أكثر الدول التي حققت في هذا الموضوع، ونشرت مقاطع لرجال في الأربعين والخمسين وهم يبكون أمام الصحفيين متذكرين الفترات التي تم الاعتداء فيها عليهم جنسيا من قبل شخصيات دينية كان الجميع يثق فيها على أنها ممثلة للرب على الأرض، وجهت أصابع الاتهام إلى حولي 3000 كاهن ووضع موقع Bishop-accountability.org قائمة بأسمائهم على حسب الولايات التي يعملون بها، والكثير من هؤلاء القساوسة تم نقلهم من مناطق عملهم إلى مناطق أخرى تسترا على تلك الفضائح.

لم تشارك وسائل الإعلام العربية بتلك الحملة، بل إنها كانت تنقل ماتنقله وسائل الإعلام الغربية ووكالات الأنباء على استحياء احتراما لمعتنقي الديانة الكاثوليكية في بلادهم ومجتمعاتهم.

وبتاريخ 30 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة Jylands-posten الدنماركية رسوما مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، فقامت قائمة الدنيا ولم تقعد حينها، وقتل خلال المظاهرات التي عمت عواصم الدول المسلمة حوالي 200 شخص، وغطت وسائل الإعلام الغربية هذا العنف والغضب بنوع من الاستغراب غير المفهوم، فقد سألتني مراسلة وكالة أنباء عالمية عن سبب هذه الغضب، ولماذا يغضب الناس على رسومات كرتونية بهذا الشكل؟ 

قد يكون اختلاف الثقافات يشكل عائقا ومانعا أمام فهم الغربيين لغضب المسلمين من هذه الرسومات المسيئة، مع أن هذه الرسومات تعبر عن صراع تاريخي وحضاري أكثر منه اختلافا حضاريا، وأذكر أني سألت ذات المراسلة عما إذا كانت مؤسستها تستطيع أن تنشر ذات الشيء عن اليهود أم لا، فقالت لي: لا، بالتأكيد.

يجب أن نعترف أن هناك متطرفين غربيين كما أن لدينا متطرفين إسلاميين، ويجب أن لا تبقى كلمة التطرف حكرا على المسلمين فقط، فهناك تطرف مسيحي وتطرف بوذي وتطرف شيعي وتطرف يساري ليبرالي وتطرف قومي.. الخ.

إن لم نعترف بوجود هذا التطرف بكل أنواعه وأشكاله وجنسياته فنحن أمام تطرف مقصود يشير إلى كل مسلم سني على أنه متطرف محتمل يجب أن يحقق معه ويراقب ويسجن.

قال لي صحافي غربي بنبرة تعاطف عندما نشرت الصحيفة الدنماركية تلك الرسومات: هل يعلم هؤلاء الناس كيف يسيئون لكم بهذه الرسومات؟ كيف لو رسمت صحيفة عربية صورة كاريكاتيرية للبابا وهو يعتدي على أحد الأطفال جنسيا؟ هل سيعتبرون ذلك حرية رأي أيضاً؟ 

لم أعلق بقيت صامتاً. 
التعليقات (0)